أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
السنة 27 - صـ 1199

جلسة 26 من مايو سنة 1976

برئاسة السيد المستشار محمد أسعد محمود، وعضوية السادة المستشارين: سعد الشاذلي، وحسن مهران حسن، والدكتور عبد الرحمن عياد، ومحمد الباجوري.

(228)
الطعن رقم 476 لسنة 42 القضائية

(1) إيجار "إيجار الأماكن".
المتجر في معنى م 594/ 2 مدني. عناصره. بيع التاجر متجره الكائن بعقار يملكه. عدم شموله للحق في الإجارة. عقد إيجار العين المبيعة الصادر من هذا البائع للمشتري. خضوعه لأحكام قانون إيجار الأماكن.
(2) إيجار "إيجار الأماكن" "أجرة المثل". محكمة الموضوع.
أجرة المثل المنصوص عليها في القانون 121 لسنة 1947. ماهيتها. اتحاد نوع الاستعمال غير لازم لقيام التماثل بين المكانين متى كانت المغايرة فيه غير مؤثرة على القيمة الإيجارية تأثيراً جوهرياً. تقدير ذلك مما يستقل به قاضي الموضوع.
(3) إيجار "إيجار الأماكن". نظام عام.
تحديد الأجرة القانونية إعمالاً للمادة 6 ق 121 لسنة 1947. متعلق بالنظام العام.
1 - المتجر في معنى المادة 594/ 2 من القانون المدني - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - [(1)] يشمل جميع عناصره من ثابت ومنقول ومن مقومات مادية ومعنوية كالعملاء والسمعة التجارية والحق في الإجارة، ولئن كانت هذه المقومات المعنوية هي عماد فكرته وأهم عناصره إلا أنه لا يلزم توافرها جميعاً لتكوينه، بل يكتفي بوجود بعضها. ويتوقف تحديد العناصر التي لا غنى عنها لوجود المحل التجاري على نوع التجارة التي يزاولها والتي توائم طبيعته. لما كان ذلك وكان المقصود بالحق في الإدارة كأحد مقومات المحل التجاري هو حق صاحب المتجر المستأجر في الانتفاع بالمكان المؤجر الذي يزاول فيه تجارته وفي التنازل عن عقد الإيجار للغير فإن بيع المحل التجاري يتم مجرداً من هذا العنصر إذا كان التاجر يمارس تجارته في عقار مملوك له. وإذ كان الثابت أن المطعون عليه الثاني كان يملك العقار الواقع به المحل التجاري الذي باعه للمطعون عليه الأول فإنه هذا البيع لا يتضمن الحق في الإجارة أصلاً، لا يقدح في ذلك ما ورد بعقد بيع المتجر من أن البيع يشمله ضمن المقومات المادية والمعنوية لأنه يقع على غير محل، ويكون ما ورد بالعقد المشار إليه من تحرير عقد إيجار العين المبيعة تأكيداً لاستقلال البيع بمقوماته من الإجارة بشروطها، ولا ينفي أن المكان المؤجر يخضع لأحكام قانون إيجار الأماكن وهي أحكام آمرة لا يجوز للمتعاقدين مخالفتها، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وقرر أن عقد الإيجار مستقل عن عقد البيع فإنه لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
2 - أجرة المثل المنصوص عليها في المادة الرابعة من القانون رقم 121 لسنة 1947 هي أجرة مكان مماثل للمكان موضوع النزاع بقدر الإمكان ولنفس المنفعة المتفق علي تأجيرها مع مراعاة تقييم الفروق بين المكانين بالزيادة أو بالنقص في الأجرة، إلا أنه ليس من المحتم لقيام التماثل اتحاد نوع الاستعمال في المكانين إذا كانت المغايرة فيه ليست بذات تأثير جوهري على القيمة الإيجارية، ويترك ذلك لتقدير قاضي الموضوع بحسب ظروف كل قضية. وإذ كان الثابت أن عين النزاع لم تشيد أصلاً لتكون معملاً وإنما هي شقة عادية في العمارة بالدور الأرضي منها ظلت على حالها منذ إنشائها ولم يتطلب استعمالها كمعمل للأدوية أية تغييرات جوهرية، فإن اتخاذ شقة أخرى في ذات العمارة باعتبارها شقة مثل ودون احتساب زيادة تقابل الاختلاف في نوع الاستعمال تضاف لأجرة الأساس هو أمر يتعلق بالواقع يستقل به قاضي الموضوع ما دام استخلاصه سائغاً، ويكون النعي على الحكم بمخالفته للقانون على غير أساس.
3 - تحديد الأجرة القانونية إعمالاً للمادة السادسة من القانون رقم 121 لسنة 1947 من الأمور المتعلقة بالنظام العام التي لا يجوز للأفراد الاتفاق على مخالفتها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليه الأول أقام الدعوى رقم 2630 لسنة 1958 أمام محكمة القاهرة الابتدائية ضد المطعون عليه الثاني بطلب تخفيض أجرة العين المبينة بالصحيفة إلى مبلغ عشرين جنيهاً، وقال بياناً لدعواه إنه استأجر من المطعون عليه الثاني بعقد مؤرخ 1/ 4/ 1958 شقة بأجرة شهرية قدرها 34 جنيهاً وإذ تبين له أنها تزيد على أجرة المثل في شهر إبريل سنة 1941 فقد أقام دعواه بطلبه سالف البيان. طلب الطاعن الأول قبوله خصماً متدخلاً في الدعوى منضماً إلى المطعون عليه الثاني استناداً إلى شرائه المبنى الواقعة به شقة النزاع. حكمت المحكمة في 22/ 1/ 1959 بقبول تدخل الطاعن الأول وبندب مكتب الخبراء لمعاينة شقة النزاع وإثبات حالتها وبيان تاريخ إنشائها وأجرتها الفعلية في شهر إبريل سنة 1941 أو أجرة مثلها وتقدير الزيادة القانونية. ثم اختصم المطعون عليه الأول باقي الطاعنين ومورثتهم باعتبارهم الملاك الجدد للمبنى مع الطاعن الأول طالباً الحكم بتخفيض أجرة الشقة إلى مبلغ 22 جنيهاً و545 مليماً وبإلزامه متضامنين بأن يدفعوا له مبلغ 601 جنيه و640 مليماً قيمة فروق الأجرة عن المدة من 1/ 11/ 1958 حتى 31/ 1/ 1963، وبعد أن قدم الخبير تقريره حكمت المحكمة بتاريخ 31/ 1/ 1971 بتخفيض الأجرة الشهرية للشقة إلى مبلغ 23 جنيهاً و680 مليماً وبإلزام الطاعنين والمطعون عليه الثاني بأن يدفعوا للمطعون عليه الأول مبلغ 493 جنيهاً و170 مليماً. استأنف الطاعنون هذا الحكم طالبين إلغاءه والقضاء برفض الدعوى وقيد الاستئناف برقم 1115 لسنة 88 ق القاهرة، وبتاريخ 28/ 5/ 1972 قضت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر، وبالجلسة المحددة تمسكت النيابة برأيها.
وحيث إن الطعن بني على ثلاثة أسباب، ينعى الطاعنون بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقولون إنهم تمسكوا أمام محكمة الموضوع بأن الأجرة المتفق عليها في عقد الإيجار لا تخضع للتحديد الوارد بالقانون رقم 121 لسنة 1947 لأن هذا العقد ليس عقد إيجار بحت قائم بذاته بل هو عنصر من عناصر عملية قانونية أشمل هي عملية عقد بيع المعمل الذي يشغل العين، وقد صدر هذا البيع من المطعون عليه الثاني المالك وقتئذ إلى المطعون عليه الأول، وأي مساس بتقدير الأجرة يخل بالميزان الاقتصادي للعملية كلها، وإذ كان بيع المحل التجاري يتضمن قانوناً عدة عناصر أساسية منها الحق في الإيجار المنصوص عليه في عقد البيع والذي لا يتأتى بيع المحل التجاري بغيره، فإن عقد الإيجار يكون جزءاً لا يتجزأ من عقد البيع بما يجعل الارتباط قائماً بين تقدير ثمن المحل المبيع وتقدير أجرة العين التي يشغلها المحل، إلا أن الحكم المطعون فيه أسس قضاءه على أن عقد الإيجار ليس عنصراً من عناصر البيع ذاته مستقل عنه، وهو منه خطأ في التكييف القانوني لعقد بيع المحل التجاري ومسخ لما تلاقت عليه إرادة طرفي العقد.
وحيث إن هذا النعي غير صحيح، ذلك أنه لما كان المتجر في معنى المادة 594/ 2 من القانون المدني - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - يشمل جميع عناصره من ثابت ومنقول ومن مقومات مادية ومعنوية كالعملاء والسمعة التجارية والحق في الإجارة، ولئن كانت هذه المقومات المعنوية هي عماد فكرته وأهم عناصره إلا أنه لا يلزم توافرها جميعاً لتكوينه، بل يكتفي بوجود بعضها. ويتوقف تحديد العناصر التي لا غنى عنها لوجود المحل التجاري على نوع التجارة التي يزاولها والتي توائم طبيعته، لما كان ذلك وكان يقصد بالحق في الإيجار كأحد مقومات المحل التجاري حق صاحب المتجر المستأجر في الانتفاع بالمكان المؤجر الذي يزاول فيه تجارته وفي التنازل عن عقد الإيجار للغير، فإن بيع المحل التجاري يتم مجرداً عن هذا العنصر إذا كان التاجر يمارس تجارته في عقار مملوك له. لما كان ما تقدم وكان الثابت أن المطعون عليه الثاني كان يملك العقار الواقع به المحل التجاري الذي باعه للمطعون عليه الأول فإن هذا البيع لا يتضمن الحق في الإجارة أصلاً، لا يقدح في ذلك ما ورد بالبند الأول من عقد بيع المتجر من أن البيع يشمله ضمن المقومات المادية والمعنوية لأنه يقع على غير محل، ويكون ما ورد بالبند الرابع عشر من العقد المشار إليه من تحرير عقد إيجار عن العين المبيعة تأكيداً لاستقلال البيع بمقوماته من الإجارة بشروطها، ولا ينفي أن المكان المؤجر يخضع لأحكام قانون إيجار الأماكن وهي أحكام آمرة لا يجوز للمتعاقدين مخالفتها، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وقرر أن عقد الإيجار مستقل عن عقد البيع فإنه لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ويكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون وفي بيان ذلك يقولون إنهم تمسكوا أمام محكمة الموضوع بأن شرط الأخذ بأجرة المثل أن يكون التماثل كاملاً بين العين المقيسة والعين المقاس عليها وعلى الأخص في نوع الاستعمال إلا أن الحكم المطعون فيه أجرى التقدير على أساس أجرة شقة سكنية في حين أن عين النزاع تستعمل كمعمل، ومع ذلك فإنه إذا جاز اتخاذ الشقة السكنية كشقة مثل فإنه كان يتعين على الحكم احتساب زيادة مقابل اختلاف نوع الاستعمال تضاف إلى أجرة الشقة السكنية دون الاكتفاء بالنسب المقررة في المادة الرابعة في القانون رقم 121 لسنة 1947 مما يعيب الحكم بمخالفة القانون.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن أجرة المثل المنصوص عليها في المادة الرابعة من القانون رقم 121 لسنة 1947 هي أجرة مكان مماثل للمكان موضوع النزاع بقدر الإمكان ولنفس المنفعة المتفق علي تأجيرها مع مراعاة تقييم الفروق بين المكانين بالزيادة أو بالنقص في الأجرة، إلا أنه ليس من المحتم لقيام التماثل اتحاد نوع الاستعمال في المكانين إذا كانت المغايرة فيه ليست بذات تأثير جوهري على القيمة الإيجارية، ويترك ذلك لتقدير قاضي الموضوع بحسب ظروف كل قضية، لما كان ذلك وكان الثابت أن عين النزاع لم تشيد أصلاً لتكون معملاً وإنما هي شقة عادية في العمارة بالدور الأرضي منها ظلت على حالها منذ إنشائها ولم يتطلب استعمالها كمعمل للأدوية أية تغييرات جوهرية، فإن اتخاذ شقة أخرى في ذات العمارة باعتبارها شقة مثل ودون احتساب زيادة تقابل الاختلاف في نوع الاستعمال تضاف لأجرة الأساس، هو أمر يتعلق بالواقع يستقل به قاضي الموضوع ما دام استخلاصه سائغاً، ويكون النعي على الحكم بمخالفته للقانون على غير أساس.
وحيث إن حاصل السبب الثالث أن الحكم المطعون فيه قد شابه القصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول الطاعنون إنهم ساقوا عدة دلائل على أن الأجرة الإنفاقية لا تجاوز أجرة المثل في شهر إبريل سنة 1941، منها إقرار المطعون عليه الأول في صحيفة الدعوى بأن أجرة المثل لشقة النزاع عشرون جنيهاً وأن الشقة التي اتخذها الحكم أساساً لتقدير أجرة المثل تختلف عن شقة النزاع اختلافاً جوهرياً وأن أجرة شقة المثل المكونة من أربع حجرات سبعة جنيهات ونصف في حين أن شقة النزاع تتكون من تسع حجرات وصالتين مما كان يدعو إلى تقدير أجرتها بالضعف كما وأن الخبير قدر أجرة المخزن الكبير الملحق بالمعمل بجنيهين ونصف والمخزن الصغير بثلاثين قرشاً في حين قدم الطاعنون عقد إيجار مخزن مجاور بأجرة شهرية قدرها عشرة جنيهات مساحته ضعف مساحة المخزن الكبير، وإذ لم يرد الحكم على هذا الدفاع فإنه يكون معيباً بالقصور.
وحيث إن النعي مردود، ذلك أنه لو صح صدور إقرار من المطعون عليه الأول بأن أجرة المثل لعين النزاع عشرون جنيهاً فإنه لا يعتد به لأن تحديد الأجرة القانونية إعمالاً للمادة السادسة من القانون رقم 121 لسنة 1947 من الأمور المتعلقة بالنظام العام التي لا يجوز للأفراد الاتفاق على مخالفتها، والنعي مردود في باقي ما تضمنه، فإنه يبين من الحكم أنه اعتمد التقدير الذي انتهى إليه الخبير والمؤسس على ما أجراه من معاينته لعين النزاع وشقة المثل مراعياً ما بينهما من فروق في المساحة والموقع والمواصفات، وإذ اقتنعت المحكمة بكفاية الأبحاث التي أجراها الخبير وسلامة الأسس التي بني عليها رأيه، فإن ما يثيره الطاعنون لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في كفاية الدليل مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.


[(1)] نقض جلسة 10/ 5/ 1972 مجموعة المكتب الفني س 23 ص 835.