أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
السنة 27 - صـ 1215

جلسة 27 من مايو سنة 1976

برئاسة السيد المستشار نائب رئيس المحكمة الدكتور حافظ هريدي، وعضوية السادة المستشارين: أحمد صفاء الدين، عز الدين الحسيني، عبد العال السيد، عثمان الزيني.

(231)
الطعن رقم 520 لسنة 42 القضائية

وصية "رجوع الموصي". عقد.
الوصية عقد غير لازم. تصرف الموصي حال حياته في بعض ما أوصى به. اعتبار ذلك رجوعاً عن بعض الوصية. قصر نفاذها في هذه الحالة على ما تبقى مما أوصى به من مال.
مؤدي نص المادتين 18، 20 من قانون الوصية أن وجود الموصى به المعين في ملكية الموصي يجب أن يستمر من وقت صدور الوصية إلى وقت قبولها، لأن الوصية عقد غير لازم، فيما يكون شرطاً لإنشائه، يكون شرطاً لبقائه، حتى يتقرر ويلزم بالقبول بعد الوفاة، فإذا تصرف الموصي حال حياته في بعض ما أوصى به، كان ذلك منه رجوعاً عن بعض الوصية، فلا تنفذ إلا فيما تبقى مما أوصى به من مال. وإذ كان الثابت في الأوراق أن الموصي قد أوصى للمطعون عليهم الثلاثة الأول بمبلغ ستة آلاف جنيه من ماله المودع بنك الإسكندرية بفرعيه، وأن ما خلفه بعد وفاته من مال في هذين الفرعين لا يتجاوز.... وكان دلالة ذلك رجوع الموصي عن بعض الوصية، فإن الحكم المطعون فيه بتأييده قضاء الحكم الابتدائي بنفاذ الوصية فيما تضمنته من إيصاء الموصي للمطعون عليهم الثلاثة الأول بمبلغ.... يكون قد خالف القانون، وأخطأ في تطبيقه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون عليهم الثلاثة الأول أقاموا ضد الطاعنتين والمطعون عليها الرابعة.... والمطعون عليه الخامس (بنك الإسكندرية فرع قصر النيل بالقاهرة)، الدعوى رقم 7993 سنة 1969 مدني كلي القاهرة، بطلب الحكم بصحة ونفاذ الوصية الصادرة من المرحوم..... المؤرخة 27 يوليو 1951 والمتضمنة إيصاءه لهم بمبلغ ستة آلاف جنيه من أمواله المودعة بنك الإسكندرية وبأحقيتهم لهذا المبلغ أو ما دونه من المبالغ المودعة لدى المدعى عليه الأخير. وقدموا إثباتاً لدعواهم أصل الوصية محررة بخط الموصي وموقعاً عليها بإمضائه وتتضمن إيصاءه لهم بمبلغ ستة آلاف جنيه من ماله المدخر والمودع ببنك بأركليز بالقاهرة والإسكندرية (بنك الإسكندرية حالياً)، ولزوجته بمقدار الثمن في كل تركته ولابنه المطعون عليه الأولى بمتعلقاته الشخصية، كما قدموا النموذج رقم 8 تركات المؤرخ 28/ 2/ 1970 وثابت به أن صافي تركة الموصي 36280 جنيهاً بالإضافة إلى قيمة الوديعة الموجودة بنك الإسكندرية بفرعيه ومقدارها 2130 جنيهاً و631 مليماً، منها مبلغ 1155 جنيهاً و631 مليماً مودع بفرع القاهرة (المدعى عليه الأخير) والباقي بفرع الإسكندرية. وبتاريخ 11/ 11/ 1970 حكمت المحكمة بصحة ونفاذ الوصية المذكورة المتضمنة إيصاء الموصي للمدعين بمبلغ ستة آلاف جنيه من أمواله المودعة ببنك الإسكندرية وبأحقيتهم في مبلغ 1155 جنيهاً و631 مليماً المودعة لدى المدعى عليه الأخير (بنك الإسكندرية فرع قصر النيل بالقاهرة). استأنفت الطاعنتان.... هذا الحكم بالاستئناف رقم 3609 سنة 87 ق القاهرة وطلبن إلغاءه، وفي 18/ 5/ 1972 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنتان في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة برأيها وطلبت رفض الطعن.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين تنعى الطاعنتان بالسبب الأول منهما على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك تقولان، إن الموصي عين الموصى به إلى المطعون عليهم الثلاثة الأول بأنه مبلغ ستة آلاف جنيه من ماله المدخر والمودع ببنك باركليز (الإسكندرية حالياً) بفرعيه، فإذا ثبت أن كل ما خلفه من أموال بهذا البنك هو 2130 جنيهاً و631 مليماً منه مبلغ 1155 ج و631 مليماً بفرع القاهرة ومبلغ 975 جنيهاً بفرع الإسكندرية، فإن الوصية لا تكون نافدة إلا في حدود هذا المبلغ ويكون الحكم المطعون فيه بتأييد ما قضى به الحكم الابتدائي من نفاذ الوصية فيما تضمنته من الإيصاء للمطعون عليهم الثلاثة الأول بمبلغ ستة آلاف جنيه قد أخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي صحيح، ذلك أن النص في المادة 18 من قانون الوصية رقم 71 لسنة 1946 على أنه "يجوز للموصي الرجوع عن الوصية كلها أو بعضها صراحة أو دلالة ويعتبر رجوعاً عن الوصية كل فعل أو تصرف يدل بقرينة أو عرف على الرجوع عنها. ومن الرجوع دلالة كل تصرف يزيل ملك الموصي عن الموصى به" وفي المادة 20 منه على أن "تلزم الوصية بقبولها من الموصى له صراحة أو دلالة بعد وفاة الموصي........" مؤداه أن وجود الموصى به المعين، في ملكية الموصي يجب أن يستمر من وقت صدور الوصية إلى قبولها، لأن الوصية عقد غير لازم، فما يكون شرطاً لإنشائه يكون شرطاً لبقائه حتى يتقرر ويلزم بالقبول بعد الوفاة. فإذا تصرف الموصي حال حياته في بعض ما أوصى به، كان ذلك منه رجوعاً عن بعض الوصية فلا تنفذ إلا فيما تبقى مما أوصى به من مال وإذ كان الثابت في الأوراق أن الموصي قد أوصى للمطعون عليهم الثلاثة الأول بمبلغ ستة آلاف جنيه من ماله المودع بنك الإسكندرية بفرعيه، وأن ما خلفه بعد وفاته في هذين الفرعين لا يتجاوز 2130.631 ج، وكانت دلالة ذلك رجوع الموصي عن بعض الوصية، فإن الحكم المطعون فيه بتأييده، قضاء الحكم الابتدائي بنفاذ الوصية فيما تضمنته من إيصاء الموصي للمطعون عليهم الثلاثة الأول بمبلغ ستة آلاف جنيه، يكون قد خالف القانون، وأخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه، دون حاجة لبحث السبب الثاني من سببي الطعن.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه ولما تقدم، فإنه يتعين تعديل الحكم الصادر بتاريخ 11/ 11/ 1970 على هذا الوجه.