أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
السنة 27 - صـ 1218

جلسة 29 من مايو سنة 1976

برئاسة السيد المستشار نائب رئيس المحكمة محمد صادق الرشيدي؛ وعضوية السادة المستشارين أديب قصبجي؛ محمد فاضل المرجوشي؛ محمد صلاح الدين عبد الحميد؛ محمد عبد العظيم عيد.

(232)
الطعن رقم 9 لسنة 41 القضائية

عمل "عقد العمل". عقد.
عامل المياومة. القضاء برفض طلب احتساب أجره عند التعيين وفق الأسس المقررة لعمال المشاهرة. الاستناد في ذلك إلى اتفاق الطرفين على طريقة أداء الأجر فضلاً عن ظروف العمل بالمنشأة. صحيح في القانون.
عقد العمل من العقود الرضائية، وإذ كان ما نص عليه القانون المدني وقانون العمل رقم 91 لسنة 1959 من أحكام في خصوص هذا العقد تجيز أن تكون طريقة أداء الأجر أياً كان مشاهرة أو مياومة أو تبعاً لما يتفق عليه الطرفان، وكان لرب العمل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - السلطة المطلقة في إدارة منشأته وتنظيم العمل وتصنيف الوظائف بها على الوجه الذي يراه كفيلاً بتحقيق مصلحته ولا وجه للحد من سلطته في هذا الخصوص طالما كانت ممارستها مجردة عن أي قصد في الإساءة لعماله، كما له أن يميز في الأجر بين عماله لاعتبارات يراها، إذ كان ذلك وكان لا يصح الاحتجاج بنص المادة 53 من قانون العمل رقم 91 لسنة 1959 لأن التسوية المقصودة بهذا النص لا يسوغ أن تسلب صاحب العمل حقه في تنظيم منشأته على الوجه السالف الإشارة إليه، لما كان ما تقدم وكان الحكم المطعون فيه قد رفض حساب أجر الطاعن عند بدء تعيينه عاملاً باليومية على أساس المعاملة المعينين بالسلك الشهري من عمال المطعون ضدها أخذاً بما ارتضاه الطرفان عند التعيين وبما دعت إليه ظروف المنشأة، وأبان عن أنه إذ صدر القرار الجمهوري رقم 3546 لسنة 1962 بإصدار لائحة نظام العاملين بالشركات التابعة للمؤسسات العامة، قامت المطعون ضدها بتنفيذه وحولت عمال اليومية ومنهم الطاعن إلى عمال يتقاضون أجرهم شهرياً، وأنه لا حق للطاعن فيما طالب به في دعواه، فإنه يكون قد انتهى إلى نتيجة صحيحة في القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 939 سنة 1967 عمال جزئي أسوان ضد الشركة المطعون عليها طالباً الحكم بإلزامها بأن تدفع له مبلغ 150 جنيهاً وقال بياناً لها إنه في 25/ 7/ 1961 التحق بخدمة المطعون ضدها في وظيفة كاتب لقاء أجر يومي قدره 350 مليماً، ثم تبين له بعدئذ أن زملاءه في نفس العمل ممن يتساوون معه في المؤهل والكافية يتقاضون مرتباً شهرياً قدره 12 جنيهاً فضلاً عن علاوة العمل بأسوان وقدرها 6 جنيهات، وإذ رفضت الشركة المطعون ضدها مساواته بهم إعمالاً لنص المادة 53 من قانون العمل رقم 91 لسنة 1959 فقد أقام دعواه بقيمة ما استحق له من فرق في الأجر والعلاوة من بداية تعيينه وهو المبلغ المطالب به، وبتاريخ 29/ 4/ 1968 ندبت المحكمة الجزئية مكتب الخبراء بوزارة العدل لبيان عمل الطاعن وما يتقاضاه من أجر وعلاوات ومقارنته بزملائه في العمل فقدم خبير المكتب المنتدب تقريراً جاء به أن الطاعن التحق بالعمل بسلك المياومة بأجر يومي تطور على النحو المبين بالكشف المرفق بتقريره، وأنه طلب التماثل بزملاء يعملون بسلك المشاهرة، وأنه إزاء عدم إرشاد الطاعن عن أية حالة لعامل من عمال المياومة المتماثلين معه يزيد أجرها عن مرتبه فإنه لا يمكن تطبيق مبدأ المساواة بينه وبين موظفي الشهرية لاختلاف القواعد التي تحكم كلاً من نظام المشاهرة ونظام اليومية وخاصة بالنسبة لبدل أسوان الذي تقرر العمل به لأول مرة لعمال اليومية في 22/ 2/ 1962 في حين أنه كان معمولاً به بالنسبة لموظفي المشاهرة منذ سنة 1958. وبتاريخ 24/ 11/ 1969 أحالت المحكمة الجزئية الدعوى إلى محكمة أسوان الابتدائية لاختصاصها بنظرها قيمياً فقيدت بجدولها برقم 691 سنة 19 كلي، وفي 3/ 3/ 1970 قضت المحكمة الابتدائية برفض الدعوى. استأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف أسيوط بالاستئناف رقم 76 سنة 45 ق. وبتاريخ 5/ 11/ 1970 قضت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة رأت فيها نقض الحكم وبعرض الطعن على غرفة المشورة حددت لنظره جلسة 7/ 1/ 1976 وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطاعن ينعى بأسباب طعنه على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تفسيره وتطبيقه والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم أجاز لصاحب العمل تعيين عمال بأجر يومي وآخرين بأجر شهري مع تمييز ذوي الأجر الشهري في أجورهم على العمال اليومية استناداً إلى مفهوم قديم مؤداه أن الأصل هو حرية المتعاقدين في تحديد الأجر فلا يتدخل القضاء لتعديله إلا استثناء، وهو نظر يتنافى مع ما انتهى إليه التطور الاجتماعي والتشريعي من أن الأصل هو المساواة في الأجر، كما يخالف المادة 53 من قانون العمل رقم 91 لسنة 1959 فيما نصت عليه من مساواة بين العاملين، وإذ رفض الحكم المطعون فيه مساواة أجر الطاعن بغيره من العمال الذين يتقاضون أجورهم شهرياً فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تفسيره وتطبيقه، وإذ اعتقد الحكم خطأ أن الطاعن يطلب النقل من سلك المياومة إلى سلك المشاهرة، في حين أنه إنما يطلب مساواته مع زملائه ممن يتقاضون أجرهم شهرياً في مقدار الأجر عند بدء التعيين فإنه يكون فضلاً عما تقدم، قد أخطأ في استخلاص الوقائع فشابه قصور يبطله.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كان عقد العمل من العقود الرضائية و كان ما نص عليه القانون المدني وقانون العمل رقم 91 لسنة 1959 من أحكام في خصوص هذا العقد تجيز أن تكون طريقة أداء الأجر إما مشاهرة أو مياومة أو تبعاً لما يتفق عليه الطرفان، وكان لرب العمل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - السلطة المطلقة في إدارة منشأته وتنظيم العمل وتصنيف الوظائف بها على الوجه الذي يراه كفيلاً بتحقيق مصلحته ولا وجه للحد من سلطته في هذا الخصوص طالما كانت ممارستها مجردة عن أي قصد في الإساءة لعماله كما له أن يميز في الأجر بين عماله لاعتبارات يراها، لما كان ذلك وكان لا يصح الاحتجاج بنص المادة 53 من قانون العمل رقم 91 لسنة 1959 لأن التسوية المقصودة بهذا النص لا يسوغ أن تسلب صاحب العمل حقه في تنظيم منشأته على الوجه السالف الإشارة إليه، لما كان ما تقدم وكان الحكم المطعون فيه قد رفض حساب أجر الطاعن عند بدء تعيينه عاملاً باليومية على أساس معاملته معاملة المعينين بالسلك الشهري من عمال المطعون ضدها أخذاً بما ارتضاه الطرفان عند التعيين وبما دعت إليه ظروف المنشأة، وأبان عن أنه إذ صدر القرار الجمهوري رقم 3546 لسنة 1962 بإصدار لائحة نظام العاملين بالشركات التابعة للمؤسسات العامة، قامت المطعون ضدها بتنفيذه وحولت عمال اليومية ومنهم الطاعن إلى عمال يتقاضون أجرهم شهرياً، وأنه لا حق للطاعن فيما طالب به في دعواه، فإنه يكون قد انتهى إلى نتيجة صحيحة في القانون، ولا أساس للنعي عليه بالقصور في التسبيب.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.