أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
السنة 27 - صـ 1222

جلسة 29 من مايو سنة 1976

برئاسة السيد المستشار نائب رئيس المحكمة محمد صادق الرشيدي، وعضوية السادة المستشارين: أديب قصبجي، ومحمد فاضل المرجوشي، ومحمد صلاح الدين عبد الحميد، وشرف الدين خيري.

(233)
الطعن رقم 41 لسنة 41 القضائية

عمل. شركات "شركات القطاع العام". اختصاص "اختصاص ولائي".
العاملون بالشركات التابعة للمؤسسات العامة. علاقتهم بها تعاقدية لا تنظيمية. اختصاص القضاء العادي بنظر الدعاوى التي يرفعونها للمطالبة بحقوقهم. نهائية قرار رئيس مجلس إدارة الشركة في تظلمات العاملين من تقارير النشاط الدورية لا يمنع من اختصاص المحاكم بنظر الدعاوى المتعلقة بها.
مفاد المادتين الأولى والثانية من لائحة نظام العاملين بالشركات التابعة للمؤسسات العامة الصادرة بقرار رئيس الجمهورية رقم 3546 لسنة 1962 والمادة الأولى من قرار رئيس الجمهورية رقم 3309 لسنة 1966 بإصدار نظام العاملين بالقطاع العام والذي ألغى العمل باللائحة السابقة - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة [(1)] - إن علاقة العاملين بالشركات التي تتبع المؤسسات العامة هي علاقة تعاقدية تخضع لأحكام اللائحة سالفة الذكر باعتبارها جزءاً متمماً لعقد العمل، مما مقتضاه أن تكون جهة القضاء العادي هي المختصة بنظر الدعاوى التي يرفعها العاملون بهذه الشركات للمطالبة بحقوقهم طبقاً لتلك القوانين، ولا يغير من ذلك ما تقضي به المادة 23 من ذات نظام العاملين بالقطاع العام من أن قرار رئيس مجلس إدارة الشركة في تظلمات هؤلاء العاملين من تقارير النشاط الدورية المقدمة عنهم يكون نهائياً، إذ أن نص هذه المادة إنما ينظم فقط سبيل التظلم من تلك التقارير أمام السلطة الرئاسية التي يتبعونها قبل اللجوء إلى القضاء.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 3983 لسنة 1969 عمال كلي القاهرة على الشركة المطعون ضدها وانتهى فيها إلى طلب الحكم بإلزامها بتنفيذ قرار ممثلها القانوني الخاص بتعديل درجة كفايته في سنتي 1964، 1965 إلى درجة جيد بأعلى حد لها وبأن تؤدي إليه مبلغ ثلاث جنيهات شهرياً اعتباراً من 1/ 1/ 1968 وحتى 30/ 9/ 1969 مع إضافة مثل هذا المبلغ إلى أجره الشهري، ومن باب الاحتياط إلزام الشركة بأن تؤدي إليه مبلغ ستمائة جنيه تعويضاً عن الأضرار التي لحقته من عدم تنفيذها قرار تعديل درجة كفايته، وقال بياناً لها إنه التحق بخدمة الشركة المطعون ضدها بتاريخ 22/ 6/ 1963 في وظيفة مدير الإدارة القانونية وحصل في سنة 1963 على أعلى درجة في تقدير جيد، إلا أنه نظراً لمقاومته انحراف رئيس مجلس إدارة الشركة آنئذ فقد قدر هذا الأخير كفايته بدرجة مقبول في سنة 1964 وبدرجة ضعيف في سنة 1965 فتظلم من هذا التقدير إلى لجنة الرقابة العليا للدولة والتي قررت في 13/ 3/ 1967 فصل رئيس مجلس الإدارة سالف الذكر وإلغاء إجراءاته التعسفية ضد الطاعن وأصدر رئيس المجلس الجديد قراراً بتعديل درجة كفايته في سنتي 1964، 1965 إلى درجة جيد بحدها الأعلى وأخطر المؤسسة العامة للمعادن التي تتبعها الشركة بأن هذه الأخيرة وافقت على هذا التعديل وما يترتب عليه من آثار مالية وطلب منها اعتماده وردت المؤسسة بأن الشركة وحدها هي المختصة بذلك، وإذ عين رئيس آخر لمجلس إدارة الشركة ومنع صرف متجمد علاواته فقد أقام الدعوى سالفة الذكر بطلباته المتقدمة. كما أقام الطاعن الدعوى رقم 3984 لسنة 1969 عمال كلي القاهرة على الشركة المطعون ضدها وانتهى فيها إلى طلب الحكم ببطلان التقريرين الدوريين الخاصين به عن سنتي 1967، 1968 وبإلزام الشركة بأن تؤدي إليه العلاوة الدورية كاملة عن هاتين السنتين ومقدارها 240 قرشاً شهرياً، وقال بياناً لها إنه بتاريخ 26/ 1/ 1968 أصدر رئيس مجلس إدارة الشركة قراراً بنقله إلى وظيفة رئيس الخدمات الطبية والتي تختلف عن وظيفته اختلافاً جوهرياً ثم ندب مديراً للشئون القانونية بالمؤسسة المصرية العامة لفنون المسرح ولما انتهت مدة ندبه بها وعاد إلى عمله بالشركة المطعون ضدها وضع له رئيس مجلس إدارة الشركة تقريراً بدرجة متوسط عن سنة 1967 وآخر بدرجة ضعيف عن سنة 1968 ونسب إليه عدة اتهامات غير صحيحة وأمر بوقفه عن العمل اعتباراً من 31/ 8/ 1968 وحتى تنتهي النيابة الإدارية من تحقيقها، إلا أن المحكمة التأديبية لم تقر هذا الوقف وقضت بإعادته إلى عمله، وإذ كان التقريران المشار إليهما غير مسببين وبالتالي عديمي الأثر ولا يترتب عليهما حرمان الطاعن من علاواته الدورية فقد انتهى إلى طلب الحكم بطلباته سالفة البيان ودفعت الشركة المطعون ضدها بعدم جواز نظر الدعويين لسبق الفصل فيهما في الدعوى رقم 3958 لسنة 1966 عمال جزئي القاهرة واستئنافها رقم 950 لسنة 1968 عمال مستأنف القاهرة، وبعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظرهما. وبتاريخ 1/ 12/ 1969 قضت المحكمة الابتدائية بعد أن ضمت الدعويين (أولاً) برفض الدفع بعدم جواز نظر الدعويين لسبق الفصل فيهما (ثانياً) وفي الدعوى رقم 3984 لسنة 1969 بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظرهما (ثالثاً) وفي الدعوى رقم 4983 لسنة 1969 برفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظرها وباختصاصها، وبرفض الدعوى. استأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 2108 سنة 86 ق طالباً إلغاءه والحكم في الدعوى رقم 3983 لسنة 1969 بطلباته الأصلية الختامية وفي الدعوى 3984 لسنة 1969 ببطلان التقريرين السنويين عن سنتي 1967، 1968 وتعديلهما إلى درجة جيد وبإلزام الشركة المطعون ضدها بأن تؤدي إليه مبلغ مائة وعشرين قرشاً اعتباراً من 1/ 1/ 1968 ومبلغ مائتين وأربعين قرشاً اعتباراً من 1/ 1/ 1969 وحتى 30/ 9/ 1969. وبتاريخ 12/ 11/ 1970 قضت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة رأت فيها نقض الحكم المطعون فيه في خصوص الوجه الثاني من السبب الثاني من أسباب الطعن. وعرض الطعن على غرفة المشورة وتحدد لنظره أخيراً جلسة 17/ 4/ 1976 وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب تنازل الطاعن في جلسة المرافعة عن أولها وتمسك بالآخرين فقط، وقال في بيان السبب الثالث إنه أوضح في دفاعه أمام محكمة الموضوع أنه حصل في سنة 1968 على تقدير ممتاز من مؤسسة المسرح وتقدير جيد من معهد الإدارة العامة إبان ندبه للعمل بهما من 1/ 1/ 1968 حتى 20/ 7/ 1968 وأوقف عن العمل بالشركة المطعون ضدها في 31/ 8/ 1968 وأنه لذلك يكون ادعاء الشركة باختصاصها في وضع التقرير السنوي عنه في سنة 1968 تغيير الحقيقة وادعاؤها بضعف مستوى كفاءته فيها واقعة مزورة، إلا أن الحكم المطعون فيه لم يلتفت إلى هذا الدفاع الجوهري ولم يرد عليه مما يعيبه بالقصور.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك أنه لما كان يبين من الأوراق أن الطاعن لم يتمسك بدفاعه هذا على هذه الصورة أمام محكمة الاستئناف، فإنه بذلك يكون سبباً جديداً لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
وحيث إن حاصل السبب الثاني أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون وتأويله، وفي بيان ذلك يقول الطاعن إنه بالنسبة لقضاء الحكم في الدعوى 3983 لسنة 1969 عمال كلي القاهرة فقد استجاب الممثل القانوني للشركة المطعون ضدها في إبريل سنة 1967 لقرار لجنة الرقابة العليا للدولة الصادر بإلغاء الإجراءات التعسفية التي اتخذت ضد الطاعن ووافقت الشركة على تعديل التقريرين عنه في سنتي 1964، 1965 إلى درجة جيد مع ما يترتب عليه من آثار مالية وأخطرت المؤسسة كتابة بأنها وافقت على هذا التعديل وطلبت منها اعتماده وردت المؤسسة بأن ذلك من اختصاص الشركة وحدها مما يقطع في وجوب نفاذ ذلك التعديل لصدوره من رئيس مجلس إدارة الشركة، إلا أن الحكم المطعون فيه فسر خطأ كتابي الشركة والمؤسسة بأن نية الشركة لم تنصرف إلى إحداث أثر قانوني في مركز الطاعن إلا بعد اعتماد المؤسسة تعديل تقريريه وأن المؤسسة لم توافق على تعديلها، كما أنه بالنسبة للدعوى رقم 3984 لسنة 1969 عمال كلي القاهرة فقد قضى الحكم المطعون فيه بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظرها بمقولة إن القضاء العادي لا يختص بنظر طعون العاملين بالشركات في التقارير الدورية المقدمة عنهم واستند في ذلك إلى تفسير كلمة "نهائياً" الواردة بالمادة 23 من نظام العاملين بالقطاع العام تفسيراً يسلب القضاء ولايته بنظر تلك الطعون، في حين أنها لا تفيد ذلك، إذ المقصود بنهائية القرار في هذا الخصوص هو عدم جواز التظلم منه بالطريق الإداري وليس عدم قابليته للطعن فيه أمام القضاء، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله.
وحيث إن هذا النعي في شقه الخاص بقضاء الحكم المطعون فيه في الدعوى رقم 3983 لسنة 1969 عمال كلي القاهرة مردود بأنه لما كان يبين من الحكم الابتدائي الذي أيده الحكم المطعون فيه وأحال إلى أسبابه أنه واجه طلب الطاعن الخاص بتعديل التقريرين المقدمين عنه في سنتي 1964، 1965 وسجل أن كتاب الشركة المطعون ضدها إلى المؤسسة التابعة لها والمؤرخ 23/ 4/ 1967 والمتضمن إجراء هذا التعديل وطلب اعتماده من المؤسسة قد قطعت عباراته بأن نية الشركة لم تنصرف إلى إحداث أثر قانوني في مركز الطاعن إلا بعد اعتماد التعديل من المؤسسة، وكان هذا الذي حصله الحكم في حدود سلطته التقديرية سائغاً ومن شأنه أن يؤدي إلى ما رتبه عليه من أنه لم يصدر من الشركة قراراً بتعديل تقريري الطاعن سالفي الذكر، فإن النعي به يكون غير مقبول.
وحيث إن النعي على قضاء الحكم المطعون فيه في الدعوى رقم 3984 لسنة 1969 - بالشق الثاني من هذا السبب صحيح، ذلك أنه لما كانت المادة الأولى من لائحة نظام العاملين بالشركات التابعة للمؤسسات العامة الصادرة بقرار رئيس الجمهورية رقم 3546 لسنة 1962 قد نصت على أنه "يسري على العاملين بالشركات الخاضعين لأحكام هذا النظام أحكام قوانين العمل والتأمينات الاجتماعية والقرارات المتعلقة بها فيما لم يرد بشأنه نص خاص في هذه اللائحة يكون أكثر سخاء بالنسبة لهم ويعتبر هذا النظام جزءاً متمماً لعقد العمل"، ونصت المادة الثانية من تلك اللائحة على أنه يجب أن يتضمن العقد المبرم بين الشركة والعامل النص على أن تعتبر أحكام هذه اللائحة والتعليمات التي تصدرها الشركة فيما يتعلق بتنظيم العمل جزءاً متمماً للعقد المبرم بين الشركة والعامل، وكان قرار رئيس الجمهورية رقم 3309 لسنة 1966 بإصدار نظام العاملين بالقطاع العام والذي ألغى العمل باللائحة السابقة قد نص في مادته الأولى على أن "تسري أحكام قانون العمل فيما لم يرد به نص في هذا النظام"، فإن مفاد ذلك - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن علاقة العاملين بالشركات التي تتبع المؤسسات العامة هي علاقة تعاقدية تخضع لأحكام اللائحة سالفة الذكر باعتبارها جزءاً متمماً لعقد العمل، مما مقتضاه أن تكون جهة القضاء العادي هي المختصة بنظر الدعاوى التي يرفعها العاملون بهذه الشركات للمطالبة بحقوقهم طبقاً لتلك القوانين، ولا يغير من ذلك ما تقضي به المادة 23 من ذات نظام العاملين بالقطاع العام من أن قرار رئيس مجلس إدارة الشركة في تظلمات هؤلاء العاملين من تقارير النشاط الدورية المقدمة عنهم يكون نهائياً، إذ أن نص هذه المادة إنما ينظم فقط سبيل التظلم من تلك التقارير أمام السلطة الرئاسية التي يتبعونها قبل اللجوء إلى القضاء. لما كان ما تقدم وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وقضى بعدم اختصاص جهة القضاء العادي ولائياً بنظر الدعوى رقم 3984 لسنة 1969 عمال كلي القاهرة، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون مما يستوجب نقضه في هذا الخصوص.


[(1)] نقض 14/ 4/ 1973 مجموعة المكتب الفني السنة 24 ص 602.