أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
السنة 27 - صـ 1228

جلسة 29 من مايو سنة 1976

برئاسة السيد المستشار نائب رئيس المحكمة محمد صادق الرشيدي، وعضوية السادة المستشارين أديب قصبجي، ومحمد فاضل المرجوشي، ومحمد صلاح الدين عبد الحميد، وشرف الدين خيري.

(234)
الطعن رقم 206 لسنة 41 القضائية

(1) دعوى "المصلحة". حكم "الطعن في الحكم". نقض.
الدفع بعدم قبول الطعن لانعدام مصلحة الطاعنين فيه لتنازلهما كتابة عن الدعوى الابتدائية، غير مقبول طالما أن الاتفاق المتضمن ذلك التنازل هو بذاته مدار الخصومة القائمة بين الطرفين.
(2) عمل. صلح. بطلان. نظام عام.
الاتفاق بين رب العمل وعماله على التنازل عن جزء من إعانة غلاء المعيشة المستحقة لهم. باطل وفقاً للمادة 6/ 3 ق 91 لسنة 1959 ومخالف للنظام العام.
1 - إذا كان الحكم المطعون فيه قد رمى بقضائه وبحسب صريح أسبابه إلى رفض دعوى الطاعنين موضوعاً، وكان الاتفاق المتضمن تنازلهما عن الدعوى الابتدائية هو بذاته مدار الخصومة القائمة بين الطرفين، فإنه يكون للطاعنين مصلحة في النعي على قضاء الحكم المطعون فيه ومن ثم يتعين رفض الدفع (المبدى من المطعون ضدهما بعدم قبول الطعن بدعوى انتقاء مصلحة الطاعنين فيه لسبق تنازلهما كتابة عن الدعوى الابتدائية).
2 - الاتفاق بالصلح أو التنازل بين رب العمل وعماله عن الحقوق الناشئة عن عقد العمل خلال سريانه يقع باطلاً وفقاً لنص المادة 6/ 3 من قانون العمل رقم 91 لسنة 1959 إذا خالف أحكام هذا القانون، وإذ كانت إعانة غلاء المعيشة قد فرضها الشارع للعمال لاعتبارات تتعلق بالنظام العام وينبني على ذلك وجوب دفعها لهم كاملة وفق النصاب الوارد بالأوامر العسكرية الصادرة بشأنها باعتباره الحد الأدنى لكل فئة، فإن الاتفاق بين رب العمل وعماله على التنازل عن جزء من هذه الإعانة يندرج تحت حكم هذه المادة فضلاً عن مخالفته للنظام العام. إذ كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أسس قضاءه برفض ما تمسك به الطاعنان من أن تلك التسوية التي تمت بينهما وبين المؤسسة المطعون ضدها وقعت باطلة بالتطبيق لتلك المادة على نفيه شبهة الإكراه عنها، وهو ما لا يصلح رداً على هذا الدفاع ولا يكفي لرفضه واستغنى بذلك عن بحث ما إذا كانت هذه التسوية تنطوي على تنازل الطاعنين عن جزء من تلك الإعانة أم لا، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه القصور في التسبيب.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن وفي حدود ما يتطلبه الفصل فيه - تتحصل في أن الطاعنين أقاما الدعوى رقم 4548 لسنة 1963 عمال جزئي القاهرة على المؤسسة المطعون ضدها وطلبا الحكم بإلزامها بأن تدفع للأول مبلغ 950 جنيهاً وما يستحق بواقع 150 مليماً يومياً اعتباراً من أول يوليو سنة 1963 وللثاني مبلغ 580 جنيهاً وما يستجد بواقع 200 مليم يومياً اعتباراً من أول يوليه 1963 قيمة فروق إعانة غلاء المعيشة المقررة لهما بالأمرين العسكريين 548 لسنة 1948 و99 لسنة 1950 وبتاريخ 16 إبريل سنة 1964 قضت المحكمة الجزئية بندب مكتب خبراء وزارة العدل لأداء المأمورية المبينة بمنطوق الحكم وبعد أن قدم الخبير تقريره قضت المحكمة في 2 يناير سنة 1969 بإحالة الدعوى إلى محكمة القاهرة الابتدائية لاختصاصها قيمياً بنظرها وقيدت بجدولها برقم 1000 لسنة 1969 عمال كلي. وفي 27 يناير سنة 1970 قضت المحكمة الابتدائية بإلزام المؤسسة المطعون ضدها بأن تدفع للطاعن الأول مبلغ 159 جنيهاً و523 مليماً وما يستحق بواقع 4 جنيهات و621 مليماً شهرياً اعتباراً من أول يوليو سنة 1970، وللطاعن الثاني مبلغ 600 جنيه و840 مليماً وما يستجد بواقع 125 مليماً يومياً اعتباراً من أول يوليه سنة 1970 فاستأنف الطاعنان هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 444 سنة 87 ق كما استأنفته المؤسسة بالاستئناف رقم 482 سنة 87 ق تقدمت المؤسسة للمحكمة باتفاق تم بينها وبين الطاعنين يتضمن تسوية إعانة الغلاء التي يستحقها كل منهما قبلها بمبالغ دون المقضى بها وتخالصهما عما تجمد لهما من فروق على هذا الأساس وتنازلهما عن الدعوى الابتدائية، بينما تمسك الطاعنان ببطلان هذا الاتفاق طبقاً للمادة السادسة من قانون العمل رقم 91 لسنة 1959. وبتاريخ 31 ديسمبر سنة 1970 قضت المحكمة بعد أن ضمت الاستئنافين بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى. طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض وأودعت المطعون ضدها مذكرة دفعت فيها بعدم قبول الطعن لانتفاء مصلحة الطاعنين فيه بمقولة إنهما سبق أن تنازلا كتابة عن الدعوى الابتدائية وقدمت النيابة العامة مذكرة رأت فيها رفض هذا الدفع ونقض الحكم وعرض الطعن على غرفة المشورة فحددت لنظره جلسة 17 إبريل سنة 1976 وفيها التزمت النيابة رأيها السابق.
وحيث إن الدفع الذي أبدته المطعون ضدها بعدم قبول الطعن مردود ذلك أنه لما كان الحكم المطعون فيه قد رمى بقضائه وبحسب صريح أسبابه إلى رفض دعوى الطاعنين موضوعاً، وكان الاتفاق المتضمن تنازلهما عن الدعوى الابتدائية هو بذاته مدار الخصومة القائمة بين الطرفين فإنه يكون للطاعنين مصلحة في النعي على قضاء الحكم المطعون فيه ومن ثم يتعين رفض هذا الدفع.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن يقوم على سببين حاصلهما أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون وشابه القصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول الطاعنان إنهما تمسكا في دفاعهما أمام محكمة الاستئناف بأن المؤسسة المطعون ضدها حملتهما على الصلح والتنازل عن معظم فروق إعانة الغلاء المستحقة لهما، وأن هذا التنازل وقع باطلاً طبقاً لنص المادة السادسة من قانون العمل رقم 91 لسنة 1959، غير أن الحكم لم يعرض لهذا الدفاع الجوهري ولم يرد عليه وقضى برفض الدعوى استناداً إلى أن تلك التسوية تمت في حضور ممثلي النقابة والاتحاد الاشتراكي مما ينفي عنها شبهة الإكراه مع أن هذا ليس من شأنه أن يجعل التصرف الباطل تصرفاً صحيحاً وهو ما يعيب الحكم بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي صحيح ذلك أنه لما كان الاتفاق بالصلح أو التنازل بين رب العمل وعماله عن الحقوق الناشئة عن عقد العمل خلال سريانه يقع باطلاً وفقاً لنص المادة 6/ 3 من قانون العمل رقم 91 لسنة 1959 إذا خالف أحكام هذا القانون، وكانت إعانة غلاء المعيشة قد فرضها الشارع للعمال لاعتبارات تتعلق بالنظام العام وينبني على ذلك وجوب دفعها لهم كاملة وفق النصاب الوارد بالأوامر العسكرية الصادرة بشأنها باعتباره الحد الأدنى لكل فئة، فإن الاتفاق بين رب العمل وعماله على التنازل عن جزء من هذه الإعانة يندرج تحت حكم هذه المادة فضلاً عن مخالفته للنظام العام، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أسس قضاءه برفض ما تمسك به الطاعنان من أن تلك التسوية التي تمت بينهما وبين المؤسسة المطعون ضدها وقعت باطلة بالتطبيق لتلك المادة على نفيه شبهة الإكراه عنها، وهو ما لا يصلح رداً على هذا الدفاع ولا يكفي لدفعه، واستغنى بذلك عن بحث ما إذا كانت هذه التسوية تنطوي على تنازل الطاعنين عن جزء من تلك الإعانة أم لا فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه القصور في التسبيب بما يستوجب نقضه.