مجموعة القواعد القانونية التي قررتها محكمة النقض والإبرام في المواد الجنائية - وضعها محمود أحمد عمر باشكاتب محكمة النقض والإبرام
الجزء الثالث (عن المدة بين 7 نوفمبر سنة 1932 وبين 26 أكتوبر سنة 1936) - صـ 499

جلسة 18 نوفمبر سنة 1935

برياسة حضرة مصطفى محمد بك وكيل المحكمة وبحضور حضرات زكي برزي بك وأحمد أمين بك وعبد الفتاح السيد بك ومحمود سامي بك.

(398)
القضية رقم 1353 سنة 5 القضائية

تزوير:
( أ ) ختم. تقليده. مناط توفر هذه الجريمة.
(ب) ركن التقليد. متى يتوفر؟
(المادة 174 ع)
1 - إن العبرة في تقليد الأختام وما ماثلها مما نصت عليه المادة 174 من قانون العقوبات ليست بالجهة المأذونة باستعمال الختم وإنما هي بالختم المقلد نفسه. فمتى كان هذا الختم صادراً من جهة حكومية لأجل استعماله في غرض معين سواء بواسطة رجال الحكومة أنفسهم أم بواسطة غيرهم ممن تعهد إليه باستعماله كان تقليد هذا الختم جناية تزوير معاقباً عليها بالمادة 174 المذكورة، وكان استعماله جناية كذلك طبقاً لهذه المادة. فالختم الصادر من القسم البيطري التابع لوزارة الزراعة لكي تستعمله شركة الأسواق في سلخانة معينة يكون تقليده جناية واقعة تحت حكم المادة 174 السابقة الذكر.
2 - في جريمة تقليد الأختام يكفي لتوفر ركن التقليد إمكان انخداع الجمهور ببصمة الختم المقلد دون اقتضاء أي شرط آخر.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة هؤلاء الطاعنين بأنهم في يوم أوّل الحجة سنة 1350 الموافق 7 إبريل سنة 1932 بالإبراهيمية مركز ههيا بمديرية الشرقية: (أوّلاً) اشتركوا بطريق الاتفاق والتحريض مع مجهول في تقليد ختم صادر من جهة حكومية (ختم سلخانة الإبراهيمية). وذلك بأن اتفقوا معه وحرضوه على عمل الختم المزوّر فوقعت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وذلك التحريض. وكان القصد من ذلك استعماله في الختم على اللحوم التي تذبح خارج السلخانة وذلك مع علمهم بتقليده. (ثانياً) استعملوا ذلك الختم المزوّر بأن ختموا على اللحوم المذبوحة التي ضبط بعضها في الحوانيت التي يعرضون فيها اللحم للبيع. وطلبت من حضرة قاضي الإحالة إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهم بالمواد 40 و41 و174 من قانون العقوبات، فقرّر حضرته بتاريخ 4 فبراير سنة 1934 إحالتهم إليها لمحاكمتهم بالمواد سالفة الذكر. ومحكمة جنايات الزقازيق سمعت الدعوى وقضت فيها حضورياً بتاريخ 23 مارس سنة 1935 عملاً بالمادة 50 من قانون تشكيل محاكم الجنايات بالنسبة لتهمة الاشتراك في التقليد وبالمادتين 174 و17 من قانون العقوبات بالنسبة لتهمة الاستعمال بحبس كل من المتهمين عنها بالحبس مع الشغل لمدّة سنتين. فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض ثاني يوم صدوره وقدّم الأستاذ سابا حبشي أفندي المحامي عنهم تقريراً بالأسباب في 9 إبريل سنة 1935.


المحكمة

بعد سماع المرافعة الشفوية والاطلاع على الأوراق والمداولة قانوناً.
من حيث إن الطعن حاز شكله القانوني.
وحيث إن الوجه الأوّل يتحصل في أن بالحكم المطعون فيه خطأ في تطبيق القانون على الواقعة الثابتة بالحكم. ذلك لأن سلخانة الإبراهيمية المقول بتقليد ختمها ليست من الجهات الحكومية أو المصالح العامة وإنما هي سلخانة خاصة تابعة لشركة الأسواق، والأختام التي توضع على اللحوم إنما توضع لحساب الشركة وبمعرفة موظفيها، وما دامت الشركة هي التي تستعمل الختم فهذا الاستعمال يخرجه عن متناول المادة 174 من قانون العقوبات.
وحيث إن العبرة في تقليد الأختام وما ماثلها مما نصت عليه المادة 174 من قانون العقوبات ليست بالجهة المأذونة باستعمال الختم وإنما هي بالختم المقلد نفسه. فمتى كان هذا الختم صادراً من جهة حكومية لأجل استعماله في أغراض معينة سواء بمعرفة رجال الحكومة أنفسهم أو غيرهم ممن هي تعهد إليهم باستعماله كانت جريمة تقليد هذا الختم جناية تزوير معاقباً عليها بالمادة آنفة الذكر، وكان استعماله جناية كذلك طبقاً للمادة المذكورة. ويبين من الرجوع إلى الحكم المطعون فيه وحكمي الاختصاص الصادرين من محكمة الجنح ابتدائياً واستئنافياً في هذه الدعوى على أساس أنها جناية أن الختم المقلد صادر من جهة حكومية هي القسم البيطري التابع لوزارة الزراعة لكي تستعمله شركة الأسواق في سلخانة الإبراهيمية، ولهذه الجهة الحكومية استرداده منها في حالة ما إذا تخلفت الشركة عن إدارة السلخانات. وإذاً يمكن القول بأن التقليد للختم المذكور ليس بجناية مردوداً بنص القانون ووجه الطعن في غير محله.
وحيث إن مبنى الوجه الثاني هو أن الواقعة الثابتة بالحكم ليست تزويراً أو استعمالاً لختم مقلد لأن بصمة الختم المقلد ليست عليها كتابة أصلاً بل هي دوائر تقرب من حجم الختم الحقيقي وإن كانت تختلف عنه. فالتقليد إذاً منعدم ويكون الفعل المنسوب للطاعنين غير منطبق لا على المادة 174 ولا على المادة 176 من قانون العقوبات وتكون المحكمة قد أخطأت في التطبيق القانوني.
وحيث إن الطاعن تمسك بما احتوى عليه هذا الوجه لدى محكمة الموضوع فردّت عليه في حكمها المطعون فيه بما محصله أن القانون لم يشترط أن يكون التقليد بشكل خاص أو بالغاً حدّ الإتقان بحيث يصعب على الشخص الفني تمييزه عن الختم الحقيقي، بل يكفي أن يكون التقليد بحيث إنه يكفل رواج الشيء المقلد في المعاملة والتداول بين الناس. وقالت المحكمة إن هذا هو ما وقع بالنسبة لبصمات الختم المقلد إذ أن أحداً من الأهلين لم يميزها بل إن نفس الطبيب البيطري لم يدرك أنها مقلدة بمجرّد رؤيتها ولم يعرفها إلا بعد نقلها إلى نقطة البوليس على أثر شروع مفتش بيطري المديرية في التحقق من الأختام المبصومة على اللحوم لما أن بلغه وجود ختم مقلد بجهة الإبراهيمية. ومحكمة النقض لا يسعها سوى أن تقرّ محكمة الموضوع على ما قرّرته من أن انخداع الجمهور بالختم المبصوم - وهو ما حققته تلك المحكمة بنفسها في الدعوى الحالية بسلطتها الموضوعية المطلقة كما سلف - كاف لتوفر ركن التقليد في الجناية المقترفة دون اقتضاء أي شرط آخر.