أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
السنة 27 - صـ 1345

جلسة 14 من يونيه سنة 1976

برئاسة السيد المستشار: أحمد فتحي مرسي؛ وعضوية السادة المستشارين: محمد صالح أبو راس، وحافظ رفقي، وجميل الزيني، وسعد العيسوي.

(256)
الطعن رقم 31 لسنة 42 القضائية

(1) دعوى "انقطاع سير الخصومة". بطلان. "بطلان الإجراءات".
بطلان الإجراءات التي تتم أثناء انقطاع سير الخصومة. نسبي.
(2) بنوك. فوائد. أعمال تجارية.
جواز الجمع بين العمولة والفائدة المتفق عليها ولو زاد مجموعهما عن الحد الأقصى المقرر قانوناً للفائدة. شرطه. قيام الدائن بخدمة حقيقية مقابل العمولة المشترطة.
(3) كفالة. "كفالة الالتزام المستقبل".
كفالة الالتزام. المستقبل أثره. اعتبار الكفيل ضامناً لالتزامات المدين خلال مدة الكفالة على ألا تتجاوز الحد الأقصى المتفق على كفالته.
1 - بطلان الإجراءات التي تتم أثناء انقطاع سير الخصومة لوفاة أحد الخصوم وفقاً لنص المادة 132 مرافعات - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة [(1)] هو بطلان نسبي قرره القانون لمصلحة من شرع الانقطاع لحمايتهم وهم خلفاء المتوفى تمكيناً لهم من الدفاع عن حقوقهم وحتى لا تتخذ الإجراءات دون علمهم ويصدر الحكم في الدعوى في غفلة منهم.
2 - مفاد نص الفقرة الثانية من المادة 227 مدني، أن القانون لا يحظر على الدائن أن يجمع بين تقاضي العمولة والفائدة المتفق عليها، ولو زاد مجموعهما عن الحد الأقصى المقرر قانوناً للفائدة إلا إذا كانت العمولة المشترطة لا تقابلها خدمة حقيقية يكون الدائن قد أداها. وإذا كان الحكم قد انتهى إلى أن العمولة التي اقتضاها البنك المطعون ضده من الطاعن الأول كانت مقابل خدمات حقيقية ومشروعة قام بها تنفيذاً لعقد التفويض بالبيع المبرم بينهما ولم تكن فوائد ربوية مستترة، فإن ما ينعاه الطاعنان في هذا الصدد يكون على غير أساس [(2)].
3 - إذا عين الكفيل في الالتزام المستقبل مدة الكفالة فإنه يكون ضامناً لما ينشأ في ذمة المدين من التزامات خلال هذه المدة بشرط ألا تجاوز هذه الالتزامات الحد الأقصى المتفق على كفالته وإذا كان الطاعن الثاني قد تمسك في دفاعه أمام محكمة الاستئناف بأنه ضمن الديون التي تنشأ في ذمة الطاعن الأول حتى.. في حدود مبلغ... جنيهاً كما هو ثابت من عقد الكفالة المعقود بينه وبين البنك المطعون ضده في... وأن الطاعن الأول قد ورد للبنك خلال تلك المدة أقطاناً تزيد قيمتها عن المبلغ المكفول فبرئت ذمته بذلك من هذا المبلغ وكان الحكم المطعون فيه لم يحقق هذا الدفاع الجوهري أو يرد عليه فإنه يكون معيباً قاصر البيان.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن (البنك المطعون ضده) بنك الإسكندرية قد أقام الدعوى رقم 646 سنة 67 مدني كلي سوهاج طلب فيها الحكم بإلزام الطاعن الأول بأن يؤدي له مبلغ 918 مليم و17363 جنيه والملحقات والفوائد بواقع 5.5% من تاريخ 27/ 2/ 1966 حتى تمام السداد، من ذلك مبلغ 2000 جنيه بضمانه وتضامن الطاعن الثاني وأسس البنك دعواه على أنه في خلال موسم قطن 62/ 63 طلب الطاعن الأول فتح حساب جار لدى البنك تم بموجب عقد تفويض مؤرخ 30/ 8/ 1966 عهد إلى البنك ببيع أقطانه التي سيوردها نظير عمولة. وتحديد أقصى رصيد مدين لحسابه الجاري بمبلغ مائة ألف جنيه بفائدة 5.5% سنوياً وقد ضمنه الطاعن الثاني متضامناً فيه في حدود مبلغ 2000 جنيه بخلاف الفوائد وعمولة البنك بموجب عقد ضمان مؤرخ 28/ 8/ 1943 وقد أقر الطاعن بمقتضى إقرار مؤرخ 27/ 2/ 1966 بأنه مدين للبنك في مبلغ 235 مليم و17406 جنيه ووافق البنك على التنازل عن 50% من هذا الرصيد وتقسيط الباقي على خمسة أقساط بحيث إذا تخلف الطاعن الأول عن سداد أي قسط في موعده، فإن أصل الدين بما في ذلك المبلغ الذي تنازل عنه البنك يكون مستحق السداد في الحال. وإذ تخلف الطاعن الأول وضامنه المتضامن (الطاعن الثاني) عن السداد فقد أقام البنك دعواه بطلباته سالفة الذكر. وفي 28/ 3/ 1968 قضت محكمة سوهاج الابتدائية بندب خبير لمراجعة مفردات الحساب ورصيده النهائي. وتصفية العلاقة بين الطرفين. وبعد أن قدم الخبير تقريره قضت في 15/ 5/ 1969 بإلزام الطاعن الأول بأن يؤدي للبنك مبلغ 918 مليم و17363 جنيه والفوائد بواقع 5.5% في 28/ 2/ 1966 حتى السداد، ومن ذلك مبلغ 2000 جنيه بضمانه وتضامن الطاعن الثاني استأنف الطاعنان هذا الحكم بالاستئناف رقم 149 لسنة 44 ق ومحكمة استئناف أسيوط (مأمورية سوهاج) قضت في 13/ 1/ 1970 بندب خبير للاطلاع على دفاتر البنك وبيان قيمة ما ورده الطاعن الأول من أقطان في موسم 62/ 63 وقدر العمولة التي تقاضاها البنك ومراجعة مفردات الحساب وتصفيته بين الطرفين، وبعد أن أودع الخبير تقريره قضت في 6/ 12/ 1971 في موضوع الاستئناف برفضه وتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه. وعرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب ينعى الطاعنان بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه البطلان ومخالفة القانون، وفي بيان ذلك يقولان إن المدعى عليه "......." الذي كان مختصماً أمام محكمة الموضوع، توفى أثناء سير الدعوى أمام محكمة الدرجة الأولى ومع ذلك لم تقض المحكمة بانقطاع سير الخصومة مما يترتب عليه بطلان الإجراءات بما في ذلك الأحكام التي تصدر في الدعوى وهو بطلان يستفيد منه جميع الخصوم، حيث جاء نص المادة 131 مرافعات عاماً دون تخصيص.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك أن بطلان الإجراءات التي تتم أثناء القطاع سير الخصومة لوفاة أحد الخصوم وفقاً لنص المادة 132 مرافعات - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو بطلان نسبي قرره القانون لمصلحة من شرع الانقطاع لحمايتهم وهم خلفاء المتوفى تمكيناً لهم من الدفاع عن حقوقهم، وحتى لا تتخذ الإجراءات دون علمهم، ويصدر الحكم في الدعوى في غفلة منهم. وإذ كان ذلك، فإنه على فرض وقوع بطلان في الإجراءات لوفاة المرحوم "......" أثناء سير الدعوى، وعدم اختصام ورثته فإن هؤلاء الورثة وحدهم هم أصحاب الحق في التمسك بالبطلان، ولا يجوز للطاعنين التمسك به.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقولان إن الطاعن الأول قد تمسك أمام محكمة الموضوع بأن البنك المطعون ضده قد حرر معه اتفاقاً في 27/ 2/ 1966 تنازل بمقتضاه عن 50% من الدين، وهو اتفاق ملزم للجانبين وأن هذا التنازل من جانب البنك يعتبر إجراء لا يجوز له التحلل منه بإرادته المنفردة، ومع ذلك فإن الحكم المطعون فيه أخطأ في تكييف هذا التصرف فلم يعتبره إبراء نهائياً وقضى بكامل الدين فجاء مشوباً بالخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي في غير محله. ذلك أنه لما كان يبين من الاطلاع على الإقرار المؤرخ 27/ 2/ 1966 أن البنك المطعون ضده قد تنازل عن 50% من الرصيد المدين باسم الطاعن الأول وأنه في حالة تأخر المدين عن سداد الأقساط الباقية في موعدها، فإن أصل الدين بما فيه المبلغ الذي تنازل عنه البنك تكون جميعها مستحقة السداد بالكامل في الحال وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بعدم انقضاء الجزء الذي تنازل عنه البنك المطعون ضده على أساس أن هذا التنازل كان معلقاً على شرط سداد باقي الدين في المواعيد المتفق عليها، وأن هذا الشرط لم يتحقق مما يستحق معه كامل الدين، فإنه لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ويكون ما ينعاه عليه الطاعنان في هذا الصدد على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب. وفي بيان ذلك يقولان إن المحكمة الاستئنافية ندبت خبيراً للاطلاع على دفاتر البنك وبيان قيمة ما ورده الطاعن الأول من أقطان في موسم 62/ 63 وقيمة العمولة التي تقاضاها البنك، وبيان مفردات الحساب، وبرغم أن الخبير لم يقم بكامل المهمة التي عهد إليه بها، ولم يبين مفردات الحساب فقد استند الحكم إلى تقريره دون أن يرد على ما أثاره الطاعنان من طعون على هذا التقدير.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه بعد أن أثبت اطلاعه للأسباب القويمة التي تضمنها، وتلتفت المحكمة عن الاعتراضات التي أبديت من المستأنفين بمذكراتهم الختامية، إذ أثبت الخبير انتقاله إلى البنك واطلاعه على الدفاتر، وما بها من حسابات أو مطابقة مفردات الحساب الجاري للمستأنف الأول (الطاعن الأول) عن موسم أقطان 62/ 63 حسبما وردت في الصورة الرسمية المقدمة من البنك وقام بالاطلاع على المستندات المؤيدة لقيود الحساب الجاري، وراجع مفردات الحساب الجاري للمستأنف الأول مراجعة مستندية كاملة وليس هذا فحسب بل إن المستأنف الأول وكذا وكيل المستأنفين ذكر أمام الخبير أنه من الناحية الحسابية لا اعتراض لهما على كشف الحساب المقدم صورته الرسمية من البنك "وإذ كان يبين من هذا الذي أورده الحكم أن محكمة الموضوع قد رأت - في حدود سلطتها التقديرية - الأخذ بتقرير الخبير لاقتناعها بصحة أسبابه فإنها لا تكون بعد ذلك ملزمة بالرد استقلالاً على الطعون التي وجهها الطاعنان إلى ذلك التقرير لأن في أخذها به محمولاً على أسبابه ما يفيد أنها لم تجد في تلك الطعون ما يستحق الرد عليها بأكثر مما ورد في التقرير.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب من وجهين: مؤدى أولهما أن المحكمة لم تناقض دفاع الطاعنين بأن البنك المطعون ضده قد تقاضى عمولة على عملياته في الوقت الذي كان يتقاضى فيه فائدة مما يجعل الفائدة التي تقاضاها تزيد على الفائدة القانونية. وحاصل الوجه الثاني أن المحكمة لم ترد على ما تمسك به الطاعن الثاني من دفاع جوهري من أن ذمته برئت من الضمان حيث ورد الطاعن الأول أقطاناً تزيد قيمتها عن قيمة الضمان في خلال المدة التي كفله فيها.
وحيث إن هذا النعي مردود في وجهه الأول بأن مفاد نص الفقرة الثانية من المادة 227 مدني أن القانون لا يحظر على الدائن أن يجمع بين تقاضي العمولة والفائدة المتفق عليها ولو زاد مجموعهما عن الحد الأقصى المقرر قانوناً للفائدة إلا إذا كانت العمولة المشترطة لا تقابلها خدمة حقيقية يكون الدائن قد أداها. وإذ كان ذلك وكان الحكم قد انتهى إلى أن العمولة التي اقتضاها البنك المطعون ضده من الطاعن الأول كانت مقابل خدمات حقيقية ومشروعة قام بها تنفيذاً لعقد التفويض بالبيع المبرم بينهما ولم تكن فوائد ربوية مستقرة، فإنه ما ينعاه الطاعنان بهذا الصدد يكون على غير أساس.
وحيث إن النعي بالوجه الثاني من هذا السبب في محله. ذلك أنه إذا عين الكفيل في الالتزام المستقبل مدة الكفالة فإنه يكون ضامناً لما ينشأ في ذمة المدين من التزامات خلال هذه المدة بشرط ألا تجاوز هذه الالتزامات الحد الأقصى المتفق على كفالته. وإذ كان ذلك وكان الطاعن الثاني قد تمسك في دفاعه أمام محكمة الاستئناف أنه ضمن الديون التي تنشأ في ذمة الطاعن الأول حتى 31/ 8/ 1969 في حدود مبلغ 2000 جنيه كما هو ثابت من عقد الكفالة المعقود بينه وبين البنك المطعون ضده في 28/ 8/ 1963 وأن الطاعن الأول قد ورد للبنك خلال تلك المدة أقطاناً تزيد قيمتها عن المبلغ المكفول فبرئت ذمته بذلك من هذا المبلغ وكان الحكم المطعون فيه لم يحقق هذا الدفاع الجوهري أو يرد عليه فإنه يكون معيباً قاصر البيان بما يوجب نقضه في خصوص هذا الوجه.


[(1)] نقض 20/ 2/ 1973 مجموعة المكتب الفني لسنة 24 ص 387.
[(2)] راجع نقض 21/ 5/ 1953 مجموعة المكتب الفني في 25 عاماً ص 266 قاعدة 54.