مجموعة القواعد القانونية التي قررتها محكمة النقض والإبرام في المواد الجنائية - وضعها محمود أحمد عمر باشكاتب محكمة النقض والإبرام
الجزء الثالث (عن المدة بين 7 نوفمبر سنة 1932 وبين 26 أكتوبر سنة 1936) - صـ 521

جلسة 16 ديسمبر سنة 1935

برياسة حضرة مصطفى محمد بك وكيل المحكمة وبحضور حضرات زكي برزي بك وأحمد أمين بك وعبد الفتاح السيد بك ومحمود سامي بك.

(413)
القضية رقم 2127 سنة 5 القضائية

تخريب. الغرق. تعريفه. قطع مسقى ضئيلة المياه. المادة المنطبقة على هذا الفعل.
(المادتان 314 و316 ع)
إن الغرق المقصود في المادة 314 من قانون العقوبات هو الغرق الشامل الذي يغمر مساحات واسعة ويعرّض كيان البلاد وحياة السكان للخطر. ولئن كانت المادة 314 المذكورة قد أطلقت في بيان طريقة الإغراق فنصت على حالة الإغراق بكيفية أخرى غير قطع الجسور فإنه يجب على كل حال أن يكون الإغراق الذي يحصل بغير قطع الجسور مماثلاً للإغراق الحاصل من قطعها، أي إغراقاً شاملاً. فإذا ثبت من الوقائع أن شخصاً تسبب عمداً وبقصد الإساءة في حصول هذا الغرق فقد وجب عقابه بالمادة 314 من قانون العقوبات. وإذا كانت الوسائل التي استعملها لإحداث الغرق تؤدّي إليه ولكنه أوقف بسبب خارج عن إرادته كسدّ القطع عدّ هذا الفعل شروعاً منه في تلك الجريمة. ولكن إذا كان الثابت أن المتهم قطع عمداً وبقصد الإساءة حافة مسقى ضئيلة المياه فإن المادة المنطبقة على فعلته هي المادة 316 ع دون المادة 314، لأن ضآلة مياه تلك المسقى لا يمكن أن ينشأ عنها غرق ولا شروع فيه مما تعنيه المادة 314 ع.


المحكمة

بعد سماع المرافعة الشفوية والاطلاع على الأوراق والمداولة قانوناً.
من حيث إن الطعن حاز شكله القانوني.
ومن حيث إن محصل الطعن أن الحكم المطعون فيه طبق المادة 316 من قانون العقوبات على الواقعة المنسوبة للمحكوم عليه وهي أنه تسبب عمداً في حصول غرق بأراضي محمد عطا الله بأن قطع جسر المسقى الواقعة قبلي الأرض المذكورة فانسابت بها المياه وأغرقت جزءاً منها. وذكر الحكم أن المادة 314 من قانون العقوبات لا تنطبق إلا إذا حصل الغرق بقطع جسر فقط، وهذا خطأ لأن المادة 314 من قانون العقوبات نصت على حصول هذا الغرق بأية طريقة أخرى، ولا شك أن قطع حافة المسقى الملأى بالمياه مما يقع تحت نص المادة المذكورة. أما قول الحكم إن الضرر الذي حصل هو إغراق قيراط واحد فهو قول لا يتفق مع الثابت بالتحقيقات والمعاينة إذ قصر الضرر على قيراط واحد كان بسبب خارج عن إرادة المتهم وهو تدارك أحد الملاك الأمر قبل استفحاله وسدّه القطع الذي أحدثه المتهم، ولولا ذلك لأغرقت المياه الأرض كلها وتبلغ مساحتها نحو الفدانين، بل وربما أغرقت المياه باقي الأراضي المجاورة بسبب كثرة المياه في المسقى.
ومن حيث إن الواقعة الثابتة في الحكم هي أن المتهم قطع حافة المسقى بفأس فانسابت المياه منها إلى أرض المجني عليه فأغرقت قيراطاً منها كان قد هيئ لزراعة القطن فتعطلت زراعته بسبب هذا الغرق زمناً، وكان هذا الفعل بقصد الإساءة. وقد طبق الحكم على هذه الواقعة المادة 316 من قانون العقوبات دون المادة 314 من هذا القانون التي طلبت النيابة تطبيقها قائلاً إنه لا يمكن اعتبار الفعل الذي وقع من المتهم جناية منطبقة على المادة 314 من قانون العقوبات لأن هذه المادة إنما تنص على حالة قطع الجسور وإحداث الغرق، والحالة لم تبلغ هذا القدر من الخطورة فلم يقطع جسر بل قطعت حافة مسقى فأغرقت مياهها الضئيلة مساحة صغيرة لا تتجاوز القيراط، وليس هذا ما يسمى غرقاً بالمعنى المقصود من تلك المادة، فالغرق هو الذي يشمل مساحات واسعة ويحدث خسارة عظمى.
ومن حيث إن الغرق المقصود في المادة 314 من قانون العقوبات هو الغرق الشامل الذي يغمر مساحات واسعة ويعرّض كيان البلاد وحياة السكان للخطر، وقد ضرب القانون مثلاً بالغرق الذي يحدث عن قطع جسر من الجسور عمداً، ولا يكون الجسر إلا لمتسع عظيم من المياه كالنيل أو إحدى الترع. ثم أطلقت بعد ذلك المادة 314 المذكورة في بيان طريقة الإغراق فنصت على حالة الإغراق بكيفية أخرى، ولكن يجب على كل حال أن يكون الإغراق الذي يحصل بغير قطع الجسور مماثلاً للإغراق الحاصل من قطع تلك الجسور أي إغراقاً شاملاً. فإذا ثبت من الوقائع أن شخصاً تسبب عمداً وبقصد الإساءة في حصول هذا الغرق فقد وجب عقابه بالمادة 314 من قانون العقوبات؛ وإذا كانت الوسائل التي استعملها لإحداث الغرق تؤدّي إليه، ولكنه أوقف بسبب خارج عن إرادته كسدّ القطع عدّ هذا الفعل شروعاً منه في تلك الجريمة.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه إذ أثبت أن المتهم قطع عمداً وبقصد الإساءة حافة مسقى ضئيلة المياه فقد كان على حق في تطبيق المادة 316 من قانون العقوبات دون المادة 314 من ذلك القانون، لأن ما أثبته هذا الحكم من ضآلة كمية مياه المسقى التي قطعت حافتها لا يمكن أن ينشأ عنها غرق ولا شروع فيه مما تعنيه المادة 314 من قانون العقوبات السالفة الذكر. ولذلك يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه موضوعاً.