أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
السنة 27 - صـ 1444

جلسة 28 من يونيه سنة 1976

برياسة السيد المستشار إبراهيم السعيد ذكرى وعضوية السادة المستشارين: محمد صدقي العصار، ومحمود عثمان درويش؛ وزكي الصاوي صالح، ومحمد إبراهيم الدسوقي.

(275)
الطعن رقم 502 لسنة 42 القضائية

(1) حكم "الطعن في الحكم". ملكية.
الأصل أن الطعن في الحكم لا ينتج أثراً إلا بالنسبة لمن رفعه من الخصوم ولا يحتج به إلا بالنسبة لمن وجه إليه. عدم استفادة غيره من هذا الطعن ولو كانت مصلحتهم واحدة. الاستثناء حالاته م 218 مرافعات. مثال في دعوى ملكية.
(2)إثبات "قواعد الإثبات". قانون.
نشوء التصرف في ظل قواعد الإثبات المنصوص عليها في القانون المدني قبل إلغائها بقانون الإثبات 25 لسنة 1968. خضوعه من حيث إثباته للأحكام الواردة في القانون المدني دون قانون الإثبات.
(3)إثبات "الإثبات بالبينة".
فقد الدائن سنده الكتابي بسب أجنبي لا يد له فيه. جواز إثبات ما ورد فيه بالبينة. شرطه. أن يكون الفقد نتيجة حادث جبري أو قوة قاهرة. عدم قبول تمسك الدائن بأي سبب يرجع إلى فعله ولو كان مجرد إهمال أو تراخ. م 403 مدني قبل إلغائها بقانون الإثبات.
(4) حكم "حجية الحكم". قوة الأمر المقضي.
الحكم الصادر في دعوى سابقة. عدم فصله بصفة صريحة أو ضمنية حتمية في المنطوق أو الأسباب المرتبطة به في النزاع موضوع الدعوى الحالية. أثره. عدم اكتسابه قوة الأمر المقضى في هذا النزاع.
(5) إثبات.
جواز إثبات العقد بالبينة في حالة فقده. شرطه. تدليل الحكم المطعون فيه على سبق وجود المجرد ومضمونه، دون التحقق من أن فقده كان بسبب أجنبي. خطأ في القانون.
1 - النص في المادة 218 من قانون المرافعات، يدل على أن الأصل أنه في الدعاوى التي يكون فيها الخصوم متعددين، فإن الطعن لا ينتج أثراً إلا بالنسبة لمن رفعه منهم ولا يفيد منه غيره من الخصوم، إذ أن الطعن الذي يرفع ضد أحد الخصوم لا يحتج به إلا بالنسبة لذلك الخصم ولا يصح التمسك به ضد الخصوم الآخرين الذين لم يوجه إليهم ولو كانت مصلحتهم واحدة في الاستفادة من الحكم الصادر ضد الطاعن وقد استثنى القانون من هذه القاعدة حالتين (أولها) حالة الحكم في موضوع لا يقبل التجزئة أو في التزام بالتضامن أو في دعوى يوجب القانون فيها اختصام أشخاص معينين فأجاز لمن فوت ميعاد الطعن من المحكوم عليهم أو قبل الحكم أن يطعن فيه أثناء نظر الطعن المرفوع في الميعاد من أحد زملائه منضماً إليه في طلباته، فإن لم يقبل أمرت المحكمة الطاعن باختصامه في الطعن، وإذا رفع الطعن على أحد المحكوم لهم في الميعاد وجب اختصام الباقين ولو بعد وفاته بالنسبة إليهم (ثانيهما) حالة الحكم في دعوى يكون الضامن وطالب الضمان خصوماً فيها بشرط أن يتحد دفاعهما فيها فإذا رفع طعن على أيهما جاز اختصام الآخر فيه. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بإلغاء الحكم المستأنف ورفض دعوى الطاعن التي رفعها على المطعون عليه وعلى الشريك الآخر بطلب تثبيت ملكيته لثلث الجرار موضوع النزاع، وكان الحكم لم يصدر في إحدى الحالات التي استثناها القانون من قاعدة نسبية الأثر المترتب عليه، وإذ قام الطاعن برفع الطعن ضد المطعون عليه دون الشريك الآخر فإنه لا ينتج أثره بالنسبة لهذا الأخير، ويكون النعي على الحكم المطعون فيه - بأنه جاوز طلبات الخصوم في الدعوى - غير مقبول.
2 - النص في المادة التاسعة من القانون المدني على أنه "تسري في شأن الأدلة التي تعد مقدماً النصوص المعمول بها في الوقت الذي أعد فيه الدليل أو في الوقت الذي كان ينبغي فيه إعداده يدل على أن القانون الذي نشأ التصرف في ظله هو الذي يجب أن يحكمه من حيث إثباته". وإذ كان عقد البيع المؤرخ 26/ 7/ 1964 الذي استند إليه المطعون عليه في شراء حصة الطاعن في الجرار موضوع النزاع قد أبرم قبل صدور قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968 فإنه يخضع في إثباته للأحكام الواردة في القانون المدني.
3 - تنص المادة 400/ 1 من القانون المدني قبل إلغائها بالقانون رقم 25 لسنة 1968 على أنه "في غير المواد التجارية إذا كان التصرف القانوني تزيد قيمته على عشرة جنيهات أو كان غير محدد القيمة فلا تجوز البينة في إثبات وجوده أو انقضائه ما لم يوجد اتفاق أو نص يقضي بغير ذلك" كما تنص المادة 403 من القانون المذكور على أنه "يجوز أيضاً الإثبات بالبينة فيما كان يجب إثباته بالكتابة ( أ )... (ب) إذا فقد الدائن سنده الكتابي بسبب أجنبي لا يد له فيه" مما مفاده وعلى ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية للقانون أن هذا الاستثناء يفترض أن القواعد المتعلقة بالدليل الكتابي قد روعيت بيد أن الإثبات بالكتابة قد امتنع بسبب فقد هذا الدليل ويشترط في هذه الحالة أن يكون هذا الفقد راجعاً إلى سبب لا يد للمدعي فيه، "ومؤدى هذا أن يكون الفقد قد نشأ من جراء حادث جبري أو قوة قاهرة وترد علة هذا الشرط إلى الرغبة في استبعاد صور الفقد بسبب يتصل بفعل مدعي الدليل (كإعدام الورقة) لقطع السبيل على التواطؤ مع الشهود وبذلك لا يكون للمدعي أن يتمسك بأي سبب يرجع إلى فعله ولو كان هذا الفعل مجرد إهمال أو تراخ".
4 - إذا كان الحكم - الصادر في دعوى سابقة - لم يثبت أنه تناول بالبحث عقد البيع المؤرخ... أو أنه أثير بشأنه نزاع في تلك الدعوى وفصلت فيه المحكمة بصفة صريحة أو ضمنية حتمية سواء في المنطوق أو في الأسباب المرتبطة به، فإنه لا يحوز قوة الأمر المقضي في النزاع الماثل.
5 - متى كانت قيمة عقد البيع المؤرخ 26/ 7/ 1964 تجاوز العشرة جنيهات فإنه يتعين إثباته بالكتابة أو بما يقوم مقامها وإذ كان الثابت من الأوراق أن الطاعن تمسك أمام محكمة الاستئناف بعدم جواز إثبات عقد البيع المنسوب إليه بالبينة، وكان جواز إثبات العقد بالبينة في حالة فقده يلزم معه إقامة الدليل على سبق وجود المحرر ومضمونه وأن فقده كان لسبب أجنبي لا يد للمطعون عليه فيه، وإذا تبين من الحكم المطعون أن الذي سحب عقد البيع سند المطعون عليه من حافظته هو وكيل محاميه ولما كانت القرائن التي ساقها الحكم وإن صحت دليلاً على سبق وجود المحرر المذكور ومضمونه إلا أنها لا تؤدي إلى أن فقده كان بسبب أجنبي مما تعنيه المادة 403 فقرة "ب" من القانون المدني - المنطبقة على واقعة الدعوى - وإذ أقام الحكم قضاءه على خلاف هذا النظر، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر ذكرى والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 163 سنة 1969 مدني كفر الشيخ الابتدائية ضد المطعون عليه وإبراهيم..... بطلب الحكم بتثبيت ملكيته إلى ثلث الجرار الزراعي المبينة أوصافه بصحيفة الدعوى وتعيين حارس قضائي لتشغيله لحساب الشركاء الثلاثة وتحت إشرافهم ومحاسبة كل منهم حسب نصيبه فيه، وقال شرحاً للدعوى إنه يملك بالاشتراك مع المطعون عليه والمدعى عليه الثاني الجرار المذكور مثالثة فيما بينهم بمقتضى فاتورة شراء مؤرخة 20/ 5/ 1964 صادرة إليهم من شركة...... للمحاريث الزراعية فرع كفر الشيخ مقابل ثمن قدره 1260 جنيه، وقد استقل شريكاه باستغلال الجرار دون محاسبته إلا أنه تمكن من وضع يده عليه في نوفمبر سنة 1968، وإذ استصدر المطعون عليه قراراً من النيابة العامة بإعادة الجرار إليه فقد أقام الدعوى للحكم له بطلباته. رد المطعون عليه بأن الطاعن تصرف ببيع نصيبه إلى شريكيه بمقتضى عقد بيع مؤرخ 26/ 7/ 1964 لاحق على فاتورة الشراء لقاء ثمن قدره 354 جنيهاً تسلم منه 300 جنيه وتحرر عليهما سند بالمبلغ الباقي تعهدا فيه بأن يدفعا قيمته إلى بنك التسليف الزراعي الذي سدد مبلغ 560 جنيهاً من ثمن الجرار إلى الشركة البائعة، ثم استصدر هو وشريكه فاتورة تاريخها 27/ 10/ 1968 من الشركة البائعة بملكيتها للجرار وقد أودع عقد البيع المشار إليه بملف الدعوى رقم 23 سنة 1965 جزئي كفر الشيخ إلا أن الشريك الآخر تواطأ مع الطاعن وسحباه من الملف ثم أخفياه. وبصحيفة معلنة في 19/ 4/ 1970 أدخل الطاعن الشركة البائعة في الدعوى لتقدم أصل فاتورة الشراء وملف الجرار. وبتاريخ 25/ 1/ 1971 حكمت المحكمة (أولاً): - بتثبيت ملكية الطاعن لثلث الجرار الزراعي المبين بصحيفة الدعوى وفاتورة الشراء المؤرخة 20/ 5/ 1964. (ثانياً): - بفرض الحراسة القضائية على الجرار وتعيين..... المدعى عليه الثاني - حارساً لأداء المهمة المبينة بمنطوق الحكم. استأنف المطعون عليه هذا الحكم بالاستئناف رقم 38 سنة 4 ق مدني طنطا (مأمورية كفر الشيخ)، وبتاريخ 23/ 5/ 1972 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى بشقيها. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم في خصوص الوجه الأول من السبب الأول من سببي الطعن. وعرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطاعن ينعى بالوجه الثاني من السبب الأول من سببي الطعن على الحكم المطعون فيه أنه قضى بما لم يطلبه الخصوم، ذلك أن الثابت أن الشريك الثالث..... أنكر في جميع مراحل النزاع أنه اشترى من الطاعن نصف ثلث الجرار، وقد قضى الحكم الابتدائي تثبيت ملكية الطاعن لثلث الجرار ولم يستأنفه الشريك المذكور فتكون ملكيته لنصف ثلث الجرار نهائية ويصبح النزاع أمام محكمة الاستئناف منحصر في نصف الثلث الآخر الذي يدعيه المطعون عليه ولا يكون مطروحاً عن النصف الآخر، وإذ قضى الحكم المطعون فيه بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى برمتها فإنه يكون قد جاوز طلبات الخصوم وهو ما يعيبه بمخالفة القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن النص في المادة 218 من قانون المرافعات على أنه "فيما عدا الأحكام الخاصة بالطعون التي ترفع من النيابة العامة لا يفيد من الطعن إلا من رفعه ولا يحتج به إلا على من رفع عليه. على أنه إذا كان الحكم صادراً في موضوع غير قابل للتجزئة أو في التزام بالتضامن أو في دعوى يوجب القانون فيها اختصام أشخاص معينين جاز لمن فوت ميعاد الطعن من المحكوم عليهم أو قبل الحكم أن يطعن فيه أثناء نظر الطعن المرفوع في الميعاد من أحد زملائه منضماً إليه في طلباته فإن لم يفعل أمرت المحكمة الطاعن باختصاصه في الطعن. وإذا رفع الطعن على أحد المحكوم لهم في الميعاد وجب اختصام الباقين ولو بعد فواته بالنسبة إليهم. كذلك يفيد الضامن وطالب الضمان من الطعن المرفوع من أيهما في الحكم الصادر في الدعوى الأصلية إذا اتحد دفاعهما فيها، وإذا رفع طعن على أيهما جاز اختصام الآخر فيه" يدل على أن الأصل أنه في الدعاوى التي يكون فيها الخصوم متعددين فإن الطعن لا ينتج أثراً إلا بالنسبة لمن رفعه منهم ولا يفيد منه غيره من الخصوم إذ أن الطعن الذي يرفع ضد أحد الخصوم لا يحتج به إلا بالنسبة لذلك الخصم ولا يصح التمسك به ضد الخصوم الآخرين ما لم يوجه إليهم ولو كانت مصلحتهم واحدة في الاستفادة من الحكم الصادر ضد الطاعن، وقد استثنى القانون من هذه القاعدة حالتين (أولها) حالة الحكم في موضوع لا يقبل التجزئة أو في التزام بالتضامن أو في دعوى يوجب القانون فيها اختصام أشخاص معينين فأجاز لمن فوت ميعاد الطعن من المحكوم عليهم أو قبل الحكم أن يطعن فيه أثناء نظر الطعن المرفوع في الميعاد من أحد زملائه منضماً إليه في طلباته فإن لم يفعل أمرت المحكمة الطاعن باختصامه في الطعن. وإذا رفع الطعن على أحد المحكوم لهم في الميعاد وجب اختصام الباقين ولو بعد فواته بالنسبة إليهم. (ثانيهما) حالة الحكم في دعوى يكون الضامن وطالب الضمان خصوماً فيها بشرط أن يتحد دفاعهما فيها فإذا رفع طعن على أيهما جاز اختصام الآخر فيه، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بإلغاء الحكم المستأنف ورفض دعوى الطاعن التي رفعها على المطعون عليه وعلى الشريك الآخر بطلب تثبيت ملكيته لثلث الجرار موضوع النزاع، وكان الحكم لم يصدر في إحدى الحالات التي استثناها القانون من قاعدة نسبية الأثر المترتب عليه وإذ قام الطاعن برفع الطعن ضد المطعون عليه دون الشريك الآخر فإنه لا ينتج أثره بالنسبة لهذا الأخير ويكون النعي على الحكم المطعون فيه بهذا السبب غير مقبول.
وحيث إن الطاعن ينعى بالوجه الأول من السبب الأول على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، ذلك أن الحكم أقام قضاءه برفض الدعوى تأسيساً على أن الطاعن تصرف ببيع نصيبه في الجرار بمقتضى العقد المؤرخ في 26/ 7/ 1964 الذي ادعى المطعون عليه فقده، وقد عول الحكم في إثبات التصرف بالبيع على القرائن، في حين أن قيمة التصرف تزيد على عشرين جنيهاً مما يتعين معه إثباته بالكتابة، ولا يجوز الإثبات بالقرائن أو بشهادة الشهود إلا إذا أثبت المطعون عليه أن السند الكتابي فقد بسبب أجنبي لا يد له فيه، وإذ جرى الحكم المطعون فيه على غير هذا النظر فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي صحيح، ذلك أن النص في المادة التاسعة من القانون المدني على أنه "تسري في شأن الأدلة التي تعد مقدماً النصوص المعمول بها في الوقت الذي أعد فيه الدليل، أو الوقت الذي كان ينبغي فيه إعداده، يدل على أن القانون الذي نشأ التصرف في ظله هو الذي يجب أن يحكمه من حيث إثباته، وإذ كان عقد البيع المؤرخ في 26/ 7/ 1964 الذي استند إليه المطعون عليه في شراء حصة الطاعن في الجرار موضوع النزاع قد أبرم قبل صدور قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968 فإنه يخضع في إثباته للأحكام الواردة في القانون المدني وإذ تنص المادة 400/ 1 من القانون المذكور قبل إلغائها بالقانون رقم 25 سنة 1968 على أنه "في غير المواد التجارية إذا كان التصرف القانوني تزيد قيمته على عشرة جنيهات أو كان غير محدد القيمة فلا تجوز البينة في إثبات وجوده أو انقضائه ما لم يوجد اتفاق أو نص يقضي بغير ذلك." كما تنص المادة 403 من القانون المذكور على أنه يجوز أيضاً الإثبات بالبينة فيما كان يجب إثباته بالكتابة ( أ )... (ب) إذا فقد الدائن سنده الكتابي بسبب أجنبي لا يد له فيه مما مفاده وعلى ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية للقانون أن هذا الاستثناء يفترض أن القواعد المتعلقة بالدليل الكتابي قد روعيت، بيد أن الإثبات بالكتابة قد امتنع بسبب فقد هذا الدليل ويشترط في هذه الحالة أن يكون هذا الفقد راجعاً إلى سبب لا يد للمدعي فيه ومؤدى هذا أن يكون الفقد قد نشأ من جراء حادث جبري أو قوة قاهرة وترد علة هذا الشرط إلى الرغبة في استبعاد صور الفقد بسبب يتصل بفعل مدعي الدليل (كإعدام الورقة لقطع السبيل على التواطؤ مع الشهود) وبذلك لا يكون للمدعي أن يتمسك بأي سبب يرجع إلى فعله - ولو كان هذا الفعل مجرد إهمال أو تراخ، لما كان ذلك وكان يبين من الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه برفض الدعوى على قوله "... إنه تبين من الاطلاع على الدعوى رقم 23 سنة 65 جزئي كفر الشيخ أن بها أصل حافظة رقم 7 دوسيه مقدمة من المستأنف والمستأنف ضده الثاني - المطعون عليه....... - الشريك الثالث - باعتبارهما مدعى عليهما فيها يتضمن عقد بيع مؤرخ في 26/ 7/ 1964 بموجبه باع المستأنف ضده الأول - الطاعن - والمستأنف ضده الثاني الثلث في جرار "زيتو" بثمن قدره 454 جنيهاً دفع منه 300 جنيه والثاني قدره 154 جنيهاً تعهدا بسداده لبنك التسليف وموقع على هذه الحافظة باستلام المستندات التي تضمنتها من وكيل الأستاذ..... - محامي المطعون عليه - وثابت من الاطلاع على الحكم الصادر في هذه الدعوى أن المحكمة أبانت في حكمها أن المدعى عليهما بها وهما المستأنف والمستأنف ضده الثاني قدما حافظة بالمستندات عليه تحت رقم 7 دوسيه واطلعت على عقد بيع مؤرخ 26/ 7/ 1964 يتضمن شراء المدعى عليهما أي المستأنف والمستأنف ضده الثاني ثلث جرار زيتو بثمن قدره 454 جنيهاً دفع منه وقت التعاقد 300 جنيهاً وحرر الباقي وقدره 154 جنيهاً سند إذني والثابت من أوراق هذه الدعوى أن المستأنف والمستأنف ضده الثاني قد أدخلا المستأنف ضده الأول خصماً في الدعوى بصحيفة أعلنت إليه في 10/ 3/ 1975 ذكرا فيها أنهما قدما حافظة تنطوي على عقد البيع الصادر من المستأنف ضده الأول والذي باع بموجبه ثلث الجرار بثمن قدره 454 جنيهاً دفع منه 300 جنيه وقت التوقيع على العقد والباقي وقدره 154 جنيهاً تعهد المشتريان بسداده لبنك التسليف وفي ختامها طلبا الحكم على المستأنف عليه بما عساه أن يحكم عليهما... وبجلسة 27/ 5/ 1965 حضر المستأنف ضده ضمن الخصوم المدخلين في الدعوى ولم يبد دفاعاً ولم ينازع في عقد البيع المقدم بالحافظة...... وهو ما تستخلص منه المحكمة أن عقد البيع سند المستأنف قدم فعلاً في الدعوى رقم 23 سنة 65 جزئي كفر الشيخ....... ولم يجحد المستأنف ضده صدوره منه فإذا أضيف إلى ذلك أن سند المستأنف ضده في إثبات ملكيته لثلث الجرار هو فاتورة الشراء الأولى الصادرة باسم الشركاء الثلاثة صادرة قبل عقد البيع سالف الذكر وأن الفاتورة التي يستند إليها المستأنف المقدمة لمحكمة أول درجة والمؤرخة في 27/ 10/ 1968 صادرة بعد عقد البيع سالف الذكر ومثبتة لملكيته مناصفة بين المستأنف والمستأنف ضده الثاني ثابت من المحضر رقم 3783 سنة 1967 جنح كفر الشيخ أن مفتش العمل أثبت في محضره في 14/ 3/ 1967 أن مالكي الجرار المستأنف والمستأنف ضده الثاني لم يدفعا أجر سائق الجرار عن شهري يناير وفبراير سنة 1967 وذلك بناء على الشكوى من سائق الجرار...... وقضى فيها بتغريم المتهمين...... وحيث إن المحكمة ترى أن الثابت لمحكمة كفر الشيخ الجزئية اطلاعها على عقد البيع سند المستأنف وحضور المستأنف ضده دون أن ينازع في هذا العقد بالإضافة إلى القرائن الأخرى المستمدة من الفاتورة المقدمة من المستأنف ومحضر الجنحة سالفا الذكر كل هذه أدلة تخص الدليل المستمد من الفاتورة المقدمة من المستأنف ضده الأول وسنده الوحيد في الدعوى وتخلص من ذلك إلى أن دعواه بغير سند ويتعين لذلك القضاء بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى". لما كان ذلك وكان الحكم قد استند في ثبوت ملكية المطعون عليه لنصف حصة الطاعن في الجرار إلى ما تبين للمحكمة من الاطلاع على الحكم الصادر في الدعوى رقم 23 سنة 1965 مدني جزئي كفر الشيخ أن المطعون عليه قدم العقد المؤرخ 26/ 7/ 1964 والذي تبين أنه صدر من الطاعن متضمناً بيعه إليه وإلى الشريك الثالث........ حصته في الجرار موضوع النزاع، وأن الطاعن لم يجحد العقد وأن الثابت بالفاتورة المؤرخة 27/ 10/ 1968 المقدمة من المطعون عليه أن الشريكين سالفي الذكر هما مالكا الجرار، وأنه قضى بتغريمهما في الجنحة رقم 3783 سنة 1965 كفر الشيخ باعتبارهما مالكي الجرار لعدم أدائهما أجر سائقه عن شهري يناير وفبراير سنة 1967، وإذ كان لم يثبت أن الحكم رقم 23 سنة 1965 مدني جزئي كفر الشيخ قد تناول بالبحث عقد البيع المؤرخ 26/ 7/ 1964 أو أنه أثير بشأنه نزاع بين الخصوم في تلك الدعوى وفصلت فيه المحكمة بصفة صريحة أو ضمنية حتمية سواء في المنطوق أو في الأسباب المرتبطة به فإنه لا يحوز قوة الأمر المقضي في النزاع الماثل، وكانت قيمة عقد البيع المؤرخ 26/ 7/ 1964 تجاوز العشرة جنيهات فإنه يتعين إثباته بالكتابة أو بما يقوم مقامها، وكان الثابت من الأوراق أن الطاعن تمسك أمام محكمة الاستئناف بعدم جواز إثبات عقد البيع المنسوب إليه بالبينة، وكان جواز إثبات العقد بالبينة في حالة فقده يلزم معه إقامة الدليل على سبق وجود المحرر ومضمونه وأن فقده كان لسبب أجنبي لا يد للمطعون عليه فيه، وإذ تبين من الحكم المطعون فيه أن الذي سحب عقد البيع سند المطعون عليه من حافظته هو وكيل محاميه، وكانت القرائن التي ساقها الحكم وإن صحت دليلاً على سبق وجود المحرر المذكور ومضمونه إلا أنها لا تؤدي إلى أن فقده كان بسبب أجنبي مما تعنيه المادة 403 فقرة "ب" من القانون المدني المنطبقة على واقعة الدعوى فإن الحكم إذ أقام قضاءه على خلاف هذا النظر يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.