أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
السنة 26 - صـ 187

جلسة 16 من يناير سنة 1975

برياسة السيد المستشار الدكتور حافظ هريدي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: علي صلاح الدين، وأحمد صفاء الدين، وعز الدين الحسيني، وعثمان الزيني.

(44)
الطعن رقم 624 لسنة 39 القضائية

(1) حكم "الأحكام الجائز الطعن فيها". استئناف "الأحكام الجائز استئنافها". قوة الأمر المقضي.
الأحكام المنهية للخصومة في جزء منها. عدم اعتبارها مستأنفة باستئناف الحكم الموضوعي الصادر في الدعوى. المادة 404 مرافعات سابق. نطاق تطبيقها. قضاء حكم ندب الخبير في أصل الحق المتنازع عليه. جواز استئنافه على استقلال في الميعاد. المادة 378 مرافعات سابق. عدم مراعاة ذلك. أثره. اكتساب الحكم قوة الأمر المقضي.
(2) التزام "العرض الحقيقي".
استعداد الطاعنة في دفاعها لتسليم قطعة الأرض المبيعة مقابل سداد كامل الثمن دون طلب تعيين حارس لحفظها. عدم اعتبار ذلك عرضاً حقيقياً. مادتان 339 مدني، 489 مرافعات. التفات الحكم عن هذا العرض وعدوله عن التنفيذ العيني إلى التنفيذ بطريق التفويض. لا خطأ.
1 - الأحكام المنهية للخصومة في جزء منها لا تعتبر مستأنفة باستئناف الحكم الموضوعي الذي يصدر بعد ذلك في الدعوى, وذلك طبقاً للمادة 404 من قانون المرافعات السابق التي لا تنصرف عباراتها - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - إلا إلى الأحكام القطعية الصادرة قبل الفصل في الموضوع ولا تنتهي بها الخصومة كلها أو بعضها، وإذ كان الحكم الصادر بندب الخبير قد قضى قضاء قطعياً في أصل الحق المتنازع عليه، هو المسئولية عن توقف العمل، وأنهى النزاع بين الطرفين في هذا الخصوص، وحصر الخصومة بعد ذلك في بيان مقدار التعويض، فإنه يكون من الجائز استئنافه على استقلال وفقاً لنص المادة 378 من قانون المرافعات السابق, وإذ لم تستأنفه الطاعنة في الميعاد فإنه يكون قد اكتسب قوة الشيء المحكوم فيه.
2 - متى كان ما أبدته الطاعنة في دفاعها من مجرد الاستعداد لتسليم قطعة الأرض المبيعة مقابل سداد كامل الثمن فوراً لا يعتبر عرضاً حقيقياً يقوم مقام الوفاء، لأن الطاعنة لم تتبع استعدادها لتسليم العين المبيعة بطلب تعيين حارس لحفظها طبقاً لما توجبه المادتان 329 مدني, 489 مرافعات، فإن الحكم المطعون فيه إذ التفت عن هذا العرض، وعدل عن التنفيذ العيني إلى التنفيذ بطريق التعويض لا يكون قد خالف القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر, والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المرحوم......... (مورث المطعون عليها عن نفسها وبصفتها) أقام الدعوى 309 سنة 1959 تجاري كلي القاهرة ضد الشركة المصرية للتعمير والإنشاءات السياحية (الطاعنة) بطلب الحكم بإلزامها بأن تدفع له مبلغ 50555 ج و500 م وقال في شرحها إن الشركة المدعى عليها تعاقدت معه على أن ينفذ لحسابها - طبقاً لأصول الفن ودون تأخير - أعمال تمهيد الشوارع بمدينة المقطم مقابل 35 مليماً لكل متر مربع وتتم المحاسبة وسداد نصف ما يستحقه عن ذلك نقداً على الوجه المبين بالعقد، على أن يختار في مقابل النصف الباقي قطعة أرض بمدينة المقطم بتخفيض مقداره 25% عن سعرها المحدد، وتعهدت الشركة المدعى عليها بعدم إسناد هذه العملية إلى غيره وإلا التزمت بتعويض ما يفوته من ربح كما اتفق على أن يبدأ العمل في أكتوبر سنة 1956 وينتهي منه خلال أربعة وأربعين شهراً بالتقريب, ولكنه حين شرع في إجراء أعمال التمهيد، تبين وجود صخور بارزة يتعين إزالتها على نفقة الشركة وفقاً للاتفاق فلما طلب إليها ذلك أخذت تتعلل بأعذار شتى وإذ طال الأمد وقام بإنذارها ليعرف موقفه منها تبين أنها عهدت بالمقاولة إلى شركة أخرى فنبه عليها بضرورة إبداء رأيها في إتمام العمل أو عدولها عنه حتى يبت في الرابطة القانونية القائمة بينهما وأمهلها أسبوعاً لتكشف عن مقصدها ولكنها لزمت الصمت ولم تحرك ساكناً، وأنه لذلك يكون عليها أن تعوضه بوصفه مقاولاً عن جميع ما أنفقه من مصروفات وما أنجزه من أعمال وكذلك عما فاته من كسب, وأن صافي ربحه من العملية فيما لو قام بها يزيد على الأربعين ألف جنيه، كما أن ربحه من قطعة الأرض التي اختارها والتي اتفق على تخفيض الربع من ثمنها لا يقل عن عشرة آلاف جنيهاً أخرى, فإن ما فاته من كسب يكون خمسين ألف جنيه يضاف إليه مبلغ 555 ج و500 م لم تقم الشركة بسداده من قيمة ما قام به من أعمال، فيكون مجموع ما يستحقه المبلغ المطالب به وبتاريخ 31/ 1/ 1961 حكمت المحكمة قبل الفصل في موضوع الدعوى بندب خبير لتقدير ما قام به المدعي من أعمال وما فاته من ربح لعدم إتمام تنفيذها وعدم إتمام بيع قطعة الأرض إليه ثم تصفية الحساب في ضوء ما يظهر وبعد أن قدم الخبير تقريره حكمت في 28/ 11/ 1967 بإلزام الشركة بمبلغ 5429 ج و532 م. استأنفت الشركة هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة طالبة تعديله والحكم برفض الدعوى فيما زاد على مبلغ 450 ج و292 م وقيد استئنافها برقم 55 سنة 85 ق، وبتاريخ 28/ 10/ 1969 حكمت المحكمة بتعديل الحكم المستأنف إلى إلزام الشركة بأن تدفع للمطعون عليها عن نفسها وبصفتها مبلغ 4407 ج و822 م طعنت الشركة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة برأيها وطلبت رفض الطعن.
وحيث إن الشركة الطاعنة تنعى على الحكم بالسبب الأول الخطأ في القانون, وفي ذلك تقول إنها تمسكت في دفاعها أمام محكمة الموضوع بعدم مسئوليتها عن توقف العمل وأن هذا التوقف يرجع إلى خطأ مورث المطعون عليها الذي آثر إنهاء العقد فأجابته إلى طلبه ولكن محكمة الاستئناف بعدت عن هذا النظر ظناً منها بامتناع هذا البحث عليها لنهائية الحكم الصادر من محكمة أول درجة بتاريخ 31/ 1/ 1961 فيما ارتآه من مسئولية الشركة الطاعنة عن التعويض، في حين أن هذا الحكم قبل الفصل في الموضوع وغير منه للخصومة ويعتبر مستأنفاً حتماً بقوة القانون تبعاً لاستئناف الحكم الصادر في موضوع الدعوى عملاً بنص المادة 404 من قانون المرافعات السابق الذي أقيم الاستئناف في ظله وبذلك يكون ما رآه الحكم المطعون فيه من خروج ذلك الحكم السابق عن نطاق ما تملك محكمة الاستئناف النظر فيه مخالفاً للقانون.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أن الأحكام المنهية للخصومة في جزء منها لا تعتبر مستأنفة باستئناف الحكم الموضوعي الذي يصدر بعد ذلك في الدعوى, وذلك طبقاً للمادة 404 من قانون المرافعات السابقة التي لا تنصرف عباراتها - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - إلا إلى الأحكام القطعية الصادرة قبل الفصل في الموضوع ولا تنتهي بها الخصومة كلها أو بعضها، فمتى كان الحكم الصادر من محكمة أول درجة بتاريخ 31/ 11/ 1961 قد انتهى في أسبابه إلى أن مورث المطعون عليها "قد قام بتنفيذ التزاماته وفقاً لعقد الاتفاق موضوع المداعاة وأن المدعى عليه (ممثل الطاعنة) هو الذي تسبب في توقف العمل بعدم تنفيذه التعاقد حتى النهاية الأمر الذي يستوجب التعويض للمدعي عما قام به من أعمال وعما أصابه من خسارة نتيجة إخلاله بالتزاماته" وقضى في منطوقه بندب خبير لتقدير ما أتمه المدعي من أعمال ومقدار ما كان يعود عليه من ربح لو قام بإتمام العمل جميعه وما أصابه من خسارة نتيجة عدم إتمام بيع قطعة الأرض إليه وتصفية الحساب على ضوء ما يظهر من هذا التحقيق, فإن الحكم بذلك يكون قد قضى قضاء قطعياً في أصل الحق المتنازع عليه وهو المسئولية عن توقف العمل, وأنهى النزاع بين الطرفين في هذا الخصوص وحصر الخصومة بعد ذلك في بيان مقدار التعويض ويكون من الجائز استئنافه على استقلال وفقاً لنص المادة 378 من قانون المرافعات السابق, وإذ لم تستأنفه الطاعنة في الميعاد فإنه يكون قد اكتسب قوة الشيء المحكوم فيه ولما كان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر فإنه لا يكون قد خالف القانون.
وحيث إن حاصل السبب الثاني أن الحكم المطعون فيه رفض الأخذ بما تمسكت به الطاعنة من وجوب تنفيذ العقد في شقه المتعلق ببيع قطعة الأرض تنفيذاً عينياً، وقضى بتنفيذه بمقابل تعويضاً نقدياً مخالفاً بذلك ما تنص عليه المادة 203 من القانون المدني التي تجبر المدين على تنفيذ التزامه عيناً متى كان ممكناً، ومن ثم يكون ما عمد إليه الحكم مجاراة لحكم محكمة الدرجة الأولى من الانصراف عن التنفيذ العيني الذي عرضته وتمسكت به في إصرار إلى التنفيذ بطريق التعويض أمراً مخالفاً لصحيح القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه لما كان ما أبدته الطاعنة في دفاعها من مجرد الاستعداد لتسليم قطعة الأرض المبيعة مقابل سداد كامل الثمن فوراً لا يعتبر عرضاً حقيقياً يقوم مقام الوفاء, لأن الطاعنة لم تتبع استعدادها لتسليم العين المبيعة بطلب تعيين حارس لحفظها طبقاً لما توجبه المادتان 339 مدني و489 مرافعات فإن الحكم المطعون فيه إذ التفت عن هذا العرض، وعدل عن التعويض العيني إلى التنفيذ بطريق التعويض لا يكون قد خالف القانون.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.