أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
السنة 26 - صـ 222

جلسة 22 من يناير سنة 1975

برياسة السيد المستشار أنور أحمد خلف، وعضوية السادة المستشارين: محمد أسعد محمود، وجلال عبد الرحيم عثمان، وسعد الشاذلي، وعبد السلام الجندي.

(51)
الطعن رقم 399 لسنة 38 القضائية

1 - ضرائب "ضريبة الأرباح التجارية والصناعية". تقسيم.
عملية تقسيم الأراضي وبيعها. خضوعها للضريبة على الأرباح التجارية. شرطه. عدم لزوم توافر الاعتياد أو الاحتراف في هذا العمل. علة ذلك.
2 - حكم "تسبيب الحكم". نقض "سلطة محكمة النقض".
اعتماد محكمة الاستئناف أسباب الحكم الابتدائي وإحالتها إليها، بالإضافة إلى ما ورد بالحكم المطعون فيه من أسباب. ثبوت أن كلا الحكمين يقوم على أساس مغاير. اعتبار عبارة الإحالة على أسباب الحكم الابتدائي لغواً في هذا الخصوص.
1 - النص في المادة 32 من القانون رقم 14 لسنة 1939 بعد تعديلها بالقانون رقم 146 لسنة 1950 وقبل تعديلها بالقانون رقم 78 لسنة 1973 على أن تسري الضريبة كذلك على أرباح...... "الأشخاص والشركات الذين يجرون تقسيم أراضي البناء المملوكة لهم ويبيعونها بعد القيام بما يقتضيه ذلك من أعمال التمهيد" يدل على أن المشرع لم يوجب لسريان الضريبة سوى أن تكون الأرض المعدة للبناء مملوكة لنفس الشخص أو الشركة التي تتولى تقسيمها أياً كان سبب الملكية، وأن يقوم صاحب الأرض بأعمال التمهيد فيها ثم بيعها بالفعل سواء تم البيع في أوقات مختلفة أو دفعة واحدة دون أن يشترط الاحتراف في القائم بهذا العمل، يؤكد ذلك أن التشريع الفرنسي الصادر في 27 من ديسمبر سنة 1934 الذي استقيت منه هذه المادة أخضع هؤلاء الممولين لضريبة الأرباح التجارية ولو لم يكونوا محترفين لعمليات تقسيم أراضي البناء استناداً إلى طبيعة هذه العمليات وطول الوقت الذي تستغرقه وكثرة ما ينفق فيها من أموال في سبيل إعداد الأراضي وتنظيمها، ولهذه الاعتبارات تعمد المشرع المصري إغفال شرط الاعتياد في الحالة المنصوص عليها في الفقرة الرابعة من المادة المذكورة في حين أنه استلزم توافره حال شراء العقار بقصد بيعه المنصوص عليها في الفقرة الثانية من هذه المادة.
2 - من المقرر في قضاء هذه المحكمة ألا يقبل الطعن في الحكم بوقوع أخطاء في بعض التقريرات القانونية الواردة بأسبابه ما دامت النتيجة التي انتهى إليها صحيحة، ويكون لمحكمة النقض أن تقيم الحكم على ما صح من أسبابه وتطرح سائرها، ولما كان اعتماد محكمة الاستئناف أسباب الحكم الابتدائي واتخاذها أسباباً لقضائها بالإضافة إلى ما ورد في حكمها المطعون فيه من أسباب أخرى، مع أن كل منهما يقوم على أساس مغاير لما قام عليه الآخر، من شأنه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة [(1)] - أن يجعل الإحالة إلى أسباب الحكم الابتدائي ممتنعة، وكانت محكمة الاستئناف بعد أن ذكرت أن الحكم الابتدائي قد أصاب التطبيق الصحيح للقانون للأسباب التي قام عليها والتي تتحصل بحسب الظاهر من عبارتها في توافر شرط الاحتراف في العملية الواحدة - في تقسيم الأراضي وبيعها - التي قام بها الطاعن، أسست قضاءها على نظر حاصله عدم وجوب توافر ذلك الشرط أصل، فإن من شأن هذا التعارض البادي بين وجهتي النظر، أن تكون الإحالة الواردة في الحكم المطعون فيه - في خصوص التناقض المشار إليه - لغواً وتعتمد الإحالة فيما عداه، ويكون النعي المؤسس على تضمين الحكم المطعون فيه لتلك الأسباب، وارداً على غير محل.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن مأمورية ضرائب الفيوم قدرت صافي أرباح الطاعن الخاضعة للضريبة على الأرباح التجارية والصناعية خلال السنوات من 1960 حتى 1963 من نشاطه في عملية تقسيم أراضي مملوكة له وبيعها بعد تمهيده، وإذ اعترض وأحيل الخلاف على لجنة الطعن التي أصدرت قرارها في 8 من مارس 1967 (أولاً) بتأييد تقدير المأمورية عن نشاطه في سنة 1960 بمبلغ 12880 ج (ثانياً) بتخفيض التقديرات عن السنوات من 1961 حتى 1963 بمبلغ 8347 ج عن كل سنة، فقد أقام الدعوى رقم 53 لسنة 1967 تجاري أمام محكمة الفيوم الابتدائية طعناً على هذا القرار طالباً إلغاءه والقضاء بعدم خضوعه للمحكمة، وبتاريخ 28 من يناير 1968 حكمت المحكمة بتأييد قرار اللجنة. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 12 لسنة 4 ق بني سويف، وبتاريخ 9 من يونيو سنة 1968 قضى بتأييد الحكم المستأنف، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. وعرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر، وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين، وينعى الطاعن بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم انتهى إلى إخضاع عملية بيع الأراضي المملوكة له بعد تقسيمها وتمهيدها للضريبة على الأرباح التجارية، على سند من القول إنه لا يشترط لسريان الضريبة على الأرباح التجارية مزاولة هذا العمل على سبيل التعدد والامتهان، وأنه يكفي إجراء عملية التقسيم مرة واحدة، في حين أن المشرع استلزم احتراف النشاط الذي يخضع لتلك الضريبة، وإذ لم يتخذ الطاعن من عملية التقسيم حرفة بل أذعن لمنطق الواقع وقسم الأرض الموروثة باعتبارها من أراضي البناء فإن إخضاعه للضريبة وإسقاط شرط الاحتراف ينطوي على خطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن النص في المادة 32 من القانون رقم 14 لسنة 1939 بعد تعديلها بالقانون رقم 146 لسنة 1950 وقبل تعديلها بالقانون رقم 78 لسنة 1973 على أن "تسري الضريبة كذلك على أرباح...... الأشخاص والشركات الذين يجرون تقسيم أراضي البناء المملوكة لهم ويبيعونها بعد القيام بما يقتضيه ذلك من أعمال التمهيد" يدل على أن المشرع لم يوجب لسريان الضريبة سوى أن تكون الأرض معدة للبناء مملوكة لنفس الشخص أ والشركة التي تتولى تقسيمها أياً كان سبب الملكية، وأن يقوم صاحب الأرض بأعمال التمهيد فيها ثم ببيعها بالفعل سواء تم البيع في أوقات مختلفة أو دفعة واحدة، دون أن يشترط الاحتراف في القيام بهذا العمل. يؤكد ذلك أن التشريع الفرنسي الصادر في 27 من ديسمبر سنة 1934 الذي استقيت منه هذه المادة أخضع هؤلاء الممولين لضريبة الأرباح التجارية ولو لم يكونوا محترفين لعمليات تقسيم أراضي البناء استناداً إلى طبيعة هذه العمليات وطول الوقت الذي تستغرقه وكثرة ما ينفق فيها من أموال في سبيل إعداد الأراضي وتنظيمها. ولهذه الاعتبارات تعمد المشرع المصري إغفال شرط الاعتياد في الحالة المنصوص عليها في الفقرة الرابعة من المادة المذكورة في حين أنه استلزم توافره حال شراء العقار بقصد بيعه المنصوص عليها في الفقرة الثانية من هذه المادة، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر القانوني السليم فإن النعي عليه يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعي بالشق الأول من السبب الثاني ببطلان الحكم المطعون فيه لتهاتر أسبابه وتناقضها. وفي بيان ذلك يقول الطاعن إنه على الرغم من إحالة الحكم إلى أسباب الحكم الابتدائي والقائمة على اعتبار الاحتراف شرطاً من شروط الخضوع للضريبة وأنه يتوافر في العملية الواحدة لتقسيم الأراضي، فإنه أضاف أسباباً جديدة مغايرة، قوامها عدم ضرورة هذا الشرط، وهو ما يجعل الحكم خلواً من الأسباب التي يحمله في معنى المادة 349 من قانون المرافعات السابق.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أنه لما كان المقرر في قضاء هذه المحكمة ألا يقبل الطعن في الحكم بوقوع أخطاء في بعض التقريرات القانونية الواردة بأسبابه ما دامت النتيجة التي انتهى إليها صحيحة، ويكون لمحكمة النقض أن تقيم الحكم على ما صح من أسبابه وتطرح سائرها، وكان اعتماد محكمة الاستئناف أسباب الحكم الابتدائي واتخاذها أسباباً لقضائها بالإضافة إلى ما ورد في حكمها المطعون فيه من أسباب أخرى مع أن كلاً منهما يقوم على أساس مغاير لما قام عليه الآخر من شأنه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن يجعل الإحالة إلى أسباب الحكم الابتدائي ممتنعة، لما كان ذلك وكانت محكمة الاستئناف بعد أن ذكرت أن الحكم الابتدائي قد أصاب التطبيق الصحيح للقانون للأسباب التي قام عليها والتي تتحصل بحسب الظاهر من عباراتها في توافر شرط الاحتراف في العملية الواحدة التي قام بها الطاعن، أسست قضاءها على نظر حاصله عدم وجوب توافر ذلك الشرط أصل، فإن من شأن هذا التعارض البادي بين وجهتي النظر أن تكون الإحالة الواردة في الحكم المطعون فيه - في خصوص التناقض المشار إليه - لغواً وتعتمد الإحالة فيما عداه، فإن النعي المؤسس على تضمن الحكم المطعون فيه لتلك الأسباب يكون وارداً على غير محل.
وحيث إن الطاعن ينعى بالشق الثاني من السبب الثاني قصور الحكم المطعون فيه في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك أمام محكمة الاستئناف بدفاعه الموضوعي الذي أوضح فيه أن عدد القطع المبينة يقل كثيراً عن العدد الذي افترضته المأمورية وأن الربح ينبغي احتسابه على أساس قيمة الأرض باعتبارها أرض بناء لا أرضاً زراعية، وأن المأمورية أخذت المساحات المخصصة للمرافق العامة ونفقات إنشائها غير أن الحكم التفت عن هذا الدفاع رغم جوهريته.
وحيث إنه لما كان البين من الاطلاع على الحكم الابتدائي الذي أحال إليه الحكم المطعون فيه أنه أورد في هذا الخصوص قوله... "إنه بالنسبة لما أثاره الطاعن عن موضوع الطعن ومغالاة المأمورية ومن ورائها اللجنة في تقدير أرباح الطاعن تقديراً جزافياً لعدم تقديمه المستندات، ثم مغالاتهما في تقدير عدد القطع المبيعة وسعر البيع اعتماداً على عدم تحديد عددها وسعرها في حين أن الممول حددها، ثم مغالاتهما أيضاً في تقدير نسبة صافي الربح بمعدل 60% دون سند من الثابت أو حالات المثل - فإنه بالنسبة لذلك كله فقد تناوله القرار المطعون فيه وأصاب هدف الصواب لما استند إليه من أوجه قويمة ترى هذه المحكمة الأخذ بها.."، وكان الطاعن لم يقدم ضمن مستنداته صورة من قرار لجنة الطعن تأييداً لما يدعيه من إغفال الحكم المطعون فيه لدفاعه، فإن نعيه يصبح عارياً عن دليله.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.


[(1)] نقض 28/ 12/ 1960 مجموعة المكتب الفني السنة 11 ص 635.