أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
السنة 26 - صـ 244

جلسة 25 من يناير سنة 1975

برياسة السيد المستشار محمد صادق الرشيدي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: أديب قصبجي، ومحمد فاضل المرجوشي، وحافظ الوكيل، وممدوح عطيه.

(55)
الطعن رقم 75 لسنة 39 القضائية

(1) عمل "انتهاء عقد العمل".
تحديد رب العمل سن الستين لتقاعد عماله. تصرف منه بما له من سلطة في تنظيم المنشأة. عدم الاعتماد بما كان معمولاً به من قبل في تحديد سن أخرى. علة ذلك. اعتبار إنهاء خدمة العامل مبرراً ببلوغه تلك السن.
(2) عمل "نفقات العلاج". حكم "قصور".
استخلاص الحكم من تقرير الخبير عدم وجود لائحة أو نظام ثابت لعلاج الموظفين. القضاء بعدم أحقية العامل في طلب نفقات العلاج. لا قصور.
1 - ما رأت الدار المطعون ضدها تقريره في اللائحة التي أصدرتها في عام 1963 من تحديد سن الستين لتقاعد موظفيها إنما هو - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - تصرف صادر من صاحب العمل بما له من سلطة مطلقة في إدارة منشأته وتنظيم العمل فيها على الوجه الذي يراه كفيلاً بتحقيق مصالحه ولما كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على أن إحالة الطاعن إلى التقاعد لبلوغه سن الستين تمت في ظل أحكام اللائحة المشار إليها وما نصت عليه من أحكام تنظيمية سارية المفعول منذ تقريرها وأنه لا اعتداد بما كان معمولاً به من قبل في خصوص تحديد سن أخرى لإحالة موظفي الدار إلى التقاعد إذ ليس من شأن ذلك أن يرتب حقاً مكتسباً للطاعن، وأن إنهاء خدمته كان مبرراً ببلوغه سن الإحالة إلى المعاش طبقاً لتلك اللائحة فإن الحكم المطعون فيه لا يكون قد خالف القانون.
2 - إذ كان الخبير المنتدب قد أورد في تقريره في خصوص بحثه لما جرى عليه العمل بالنسبة لعلاج موظفي الدار (المطعون ضدها)، أنه اتضح له من مناقشة طرفي الخصومة في الدعوى أنه لم يكن للمطعون ضدها أي نظام مكتوب يحكم علاج موظفيها، وأنها إنما كانت تتبع في ذلك الشأن ما يصدره المركز الرئيسي في الخارج من تعليمات توجه إلى كافة الفروع في أنحاء العالم، وكان الحكم المطعون لم يعول على ما رآه الخبير في نتيجة التقرير من استحقاق الطاعن لنفقات العلاج وانتهى إلى رفض هذا الطلب تأسيساً على أن البين من أعمال الخبير عدم وجود لائحة أو نظام ثابت في خصوص علاج الموظفين وأن الطاعن لم يقدم دليلاً على وجود قاعدة مطردة متبعة في هذا الشأن، فإن الحكم المطعون فيه لا يكون فيما قرره قد ناقض ما ثبت بتقرير الخبير، ولما كان ما حصله الحكم على هذا النحو من عدم استحقاق الطاعن لنفقات العلاج هو من قبيل تحصيل فهم الواقع في الدعوى، فإن النعي عليه - بالقصور - يكون على غير أساس [(1)].


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 693 لسنة 1965 عمال كلي القاهرة بطلب الحكم بإلزام المطعون ضدها (دار الكتاب المقدس) بأن تدفع له مبلغ 7278 ج وفوائده القانونية، وقال بياناً لها إنه في 28/ 9/ 1927 التحق بالعمل لدى الدار المطعون ضدها، وترقى فيه حتى وصل إلى وظيفة وكيل فرع الدار بالقاهرة بأجر قدره 103 ج شهري، إلا أن المطعون ضدها فصلته اعتباراً من 5/ 12/ 1965 لبلوغه سن الستين، وأنه لما كان يحق للطاعن طبقاً لنظام الإحالة إلى المعاش الخاص بالدار الاستمرار في العمل حتى سن الخامسة والستين فإن فصله قبل ذلك التاريخ يكون تعسفي، ولذا فهو يستحق المبلغ المطالب به، منه 7000 ج تعويضاً عن الفصل التعسفي و103 ج مقابل مهلة الإنذار و95 ج قيمة المكافأة السنوية المستحقة له عن سنة عمله الأخيرة و80 ج نفقات عملية جراحية أجريت له. وبتاريخ 27/ 3/ 1967 قضت محكمة أول درجة بإلزام المطعون ضدها بأن تدفع إلى الطاعن مبلغ 95 ج قيمة مكافأته السنوية الأخيرة ورفضت باقي الطلبات، استأنف الطاعن هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة وتقيد الاستئناف برقم 742 لسنة 84 ق، وبتاريخ 31/ 1/ 1968 قضت المحكمة بندب مكتب خبراء وزارة العدل ليعهد إلى أحد خبرائه الحسابيين بيان ما جرى عليه العمل لدى المطعون ضدها بالنسبة لسن الإحالة إلى التقاعد سواء قبل العمل بلائحة عمل الدار الصادرة في سنة 1963 أم بعده، وما إذا كانت المطعون ضدها قد التزمت بنصوص اللائحة بالنسبة لسن التقاعد أم أن العمل جرى على اعتبار أن سن التقاعد هو الخامسة والستون، وكذا معرفة ما جرى عليه العمل بالنسبة لعلاج الموظفين ومدى أحقية الطاعن في المطالبة بنفقات علاجه وبعد أن باشر الخبير المنتدب مهمته وقدم تقريره قضت المحكمة بتاريخ 26/ 12/ 1968 بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة طلبت فيها نقض الحكم نقضاً جزئياً في خصوص السبب الثامن، وبعرض الطعن على غرفة المشورة قصرته على السببين الثالث والثامن منه وحددت لنظره جلسة 28/ 12/ 1974 وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه مخالفته للقانون، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم إذ التزم بما نصت عليه لائحة الدار المطعون ضدها والصادرة في عام 1963 من تحديد سن التقاعد بالنسبة لموظفيها بستين سنة ميلادية، ولم يعتد بما كان سارياً قبول صدور تلك اللائحة من اعتبار سن التقاعد الخامسة والستين، فإنه يكون قد أخل بما للطاعن من حق مكتسب في التقاعد في هذه السن الأخيرة.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن ما رأت الدار المطعون ضدها تقريره في اللائحة التي أصدرتها في عام 1963 من تحديد سن الستين لتقاعد موظفيها إنما هو - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - تصرف صادر من صاحب العمل بما له من سلطة مطلقة في إدارة منشأته وتنظيم العمل فيها على الوجه الذي يراه كفيلاً بتحقيق مصالحه، ولما كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على أن إحالة الطاعن إلى التقاعد لبلوغه سن الستين تمت في ظل أحكام اللائحة المشار إليها وما نصت عليه من أحكام تنظيمية سارية المفعول منذ تقريره، وأنه لا اعتداد بما كان معمولاً به من قبل في خصوص تحديد سن أخرى لإحالة موظفي الدار إلى التقاعد، إذ ليس من شأن ذلك أن يرتب حقاً مكتسباً للطاعن، وأن إنهاء خدمته كان مبرراً ببلوغه سن الإحالة إلى المعاش طبقاً لتلك اللائحة، فإن الحكم المطعون فيه لا يكون قد خالف القانون، ومن ثم فالنعي عليه بهذا السبب في غير محله.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثامن على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب، وأورد في بيان ذلك أن الحكم رفض القضاء له بما أنفقه في إجراء عملية جراحية قولاً بأن أعمال الخبير أظهرت عدم وجود لائحة أو نظام ثابت لعلاج موظفي الدار، ولما كان الخبير المنتدب قد أثبت في تقريره أن الدار المطعون ضدها تقوم بعلاج موظفيها وفق ما تتلقاه من تعليمات في هذا الشأن من مركزها الرئيسي في خارج البلاد ورتب على ذلك استحقاق الطاعن لنفقات العلاج، فإن الحكم المطعون فيه إذ رفض هذا الطلب يكون قد ناقض ما أثبته الخبير في تقريره مما يشوب الحكم بالقصور.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كان الخبير المنتدب قد أورد في تقريره في خصوص بحثه لما جرى عليه العمل بالنسبة لعلاج موظفي الدار، أنه اتضح له من مناقشة طرفي الخصومة في الدعوى أنه لم يكن للمطعون ضدها أي نظام مكتوب يحكم علاج موظفيها، وأنها إنما كانت تتبع في ذلك الشأن ما يصدره المركز الرئيسي في الخارج من تعليمات توجه إلى كافة الفروع في أنحاء العالم، وكان الحكم المطعون فيه لا يعول على ما رآه الخبير في نتيجة التقرير من استحقاق الطاعن لنفقات العلاج وانتهى إلى رفض هذا الطلب تأسيساً على أن البين من أعمال الخبير عدم وجود لائحة أو نظام ثابت في خصوص علاج الموظفين وأن الطاعن لم يقدم دليلاً على وجود قاعدة مطردة متبعة في هذا الشأن، فإن الحكم المطعون فيه لا يكون فيما قرره قد ناقض ما ثبت بتقرير الخبير، ولما كان ما حصله الحكم على هذا النحو من عدم استحقاق الطاعن لنفقات العلاج هو من قبيل تحصيل فهم الواقع في الدعوى مما ينأى به عن رقابة محكمة النقض، فإن النعي بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إنه يتعين لما تقدم رفض الطعن.


[(1)] نقض 20/ 11/ 1963 مجموعة المكتب الفني السنة 14 ص 1056.