أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
السنة 26 - صـ 257

جلسة 27 من يناير سنة 1975

برياسة السيد المستشار محمود العمراوي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: أحمد فتحي مرسي، ومصطفى سليم، وأحمد سيف الدين سابق، وفاروق سيف النصر.

(58)
الطعن رقم 429 لسنة 38 القضائية

(1) محكمة الموضوع "سلطتها في تفسير المحررات". عقد "تفسيره". نقض.
سلطة محكمة الموضوع في تفسير المحررات. لا رقابة عليها من محكمة النقض متى كان تفسيرها مما تحتمله عباراتها.
(2) قوة الأمر المقضي. محكمة الموضوع. نقض.
قوة الأمر المقضي. استقلال محكمة الموضوع ببحث اتحاد الموضوع في الدعويين بغير معقب. حسبها الاعتماد على أسباب مؤدية إلى النتيجة التي انتهت إليها.
(3) حوالة "حوالة الحق". دعوى "الصفة في الدعوى". دفوع "الدفع بعدم القبول".
حوالة الحق. أثرها. توافر الصفة للمحال له في رفع الدعوى قبل المحال عليه بطلب الحق المحال به. أساس ذلك. هذه الدعوى تؤكد ذلك الحق فتعتبر من توابعه وتنتقل معه.
(4) تأميم "أثر التأميم". شركات.
تأميم بعض الشركات والمنشآت بمقتضى ق 117 لسنة 1961. مؤداه. عدم انقضاء المشروع المؤمم واحتفاظه بشخصيته المعنوية. مسئوليته كاملة عن جميع التزاماته السابقة على التأميم. لا يغير من ذلك أيلولة أسهم الشركات المساهمة أو حصص رأسمال الشركات ذات المسئولية المحدودة إلى الدولة مع تحديد مسئوليتها عن التزاماتها السابقة في حدود ما آل إليها من أموالها وحقوقها في تاريخ التأميم.
(5) التزام "التضامن".
المدين المتضامن. تحمله بالدين كله نحو الباقين متى كان وحده هو صاحب المصلحة في الدين. م 299 مدني.
(6) نقض "أسباب الطعن". حكم "قصور".
وجوب تبيان مواطن القصور في تقرير الطعن بالدقة والتفصيل. لا يغني عن ذلك الإحالة المجملة على ما حوته مذكرة الطاعن المقدمة لمحكمة الموضوع.
(7) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير عمل الخبير". خبرة.
أخذ محكمة الموضوع بتقرير الخبير محمولاً على أسبابه. مؤداه. عدم التزامها بالرد استقلالاً على الطعون الموجهة إليه.
1 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع - وعلى ما جرى به قضاء النقض [(1)] - السلطة المطلقة في تفسير الإقرارات والاتفاقات والمشارطات وسائر المحررات بما تراه أدنى إلى نية عاقديها أو أصحاب الشأن فيها مستهدية بوقائع الدعوى وظروفها دون رقابة لمحكمة النقض عليها في ذلك ما دامت لم تخرج في تفسيرها عن المعنى الذي تحتمله عبارات المحرر وما دام ما انتهت إليه سائغاً مقبولاً بمقتضى الأسباب التي بنته عليها.
2 - إذ كان بحث اتحاد الموضوع في الدعويين يعد فصلاً في مسألة موضوعية تستقل بها محكمة الموضوع بغير معقب عليها متى كانت قد اعتمدت على أسباب من شأنها أن تؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها، فإن ما تنعاه الطاعنتان على قضاء الحكم المطعون فيه برفض الدفع قبول الدعوى لسابقة الفصل فيها لا يعدو أن يكون مجادلة موضوعية لا تقبل أمام محكمة النقض.
3 - إذ كان من المقرر أن الحق المحال به ينتقل بالحوالة من المحيل إلى المحال له بصفاته ودفوعه كما تنتقل معه توابعه ومنها الدعاوى التي تؤكده، وكانت الدعوى الماثلة قبل المحال عليه بطلب الحق المحال به التي رفعها المطعون عليه الأول بوصفه محالاً له دعوى تؤكد الحق المحال به فتعتبر من توابعه وتنتقل معه، فإن قضاء الحكم المطعون فيه برفض الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة يصادف صحيح القانون.
4 - مؤدى القانون 117 لسنة 1961 بتأميم بعض الشركات والمنشآت ومذكرته الإيضاحية - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة [(2)] - أن الشارع لم يشأ انقضاء المشروع المؤمم بمقتضى هذا القانون بل رأى - مع الاحتفاظ له بشخصيته وبذمته المستقلتين عن شخصية الدولة وذمتها ومع استمراره في ممارسة نشاطه - إخضاعه للجهة الإدارية التي يرى إلحاقه بها وهذا الإشراف لا يعني زوال شخصية المشروع المؤمم بل تظل له شخصيته المعنوية التي كانت له قبل التأميم وذمته المالية المستقلة بما عساه يكون عالقاً بها من التزامات فيسأل المشروع مسئولية كاملة عن جميع التزاماته السابقة على التأميم كنتيجة حتمية لاستمرار شخصيته المعنوية، ولا يغير من ذلك أيلولة أسهم المشروع المؤمم أو حصص رأسماله في الشركات ذات المسئولية المحدودة إلى الدولة مع تحديد مسئوليتها عن التزاماته السابقة في حدود ما آل إليها من أمواله وحقوقه في تاريخ التأميم ذلك بأن مسئولية الدولة - وقد أصبحت المالك الوحيد لجميع الأسهم أو الحصص - لا تعدو أن تكون تطبيقاً للقواعد العامة في مسئولية المساهم أو مقدم الحصة الذي لا يسأل أثناء قيام الشركة عن التزاماتها وإنما تتحدد مسئوليته عند التصفية بما يملكه من أسهمها أو ما قدمه من حصص في رأس مالها.
5 - إذ كان من المقرر وعلى ما نصت عليه المادة 299 من القانون المدني أنه "إذ كان أحد المدينين المتضامنين هو وحده صاحب المصلحة في الدين فهو الذي يتحمل به كله نحو الباقين" فمن ثم تنتفي مصلحة الشركتين الطاعنتين - الدامجتين للشركة المحال عليها بالحق والمؤممة بعد فرض الحراسة عليها - في تعييب الحكم المطعون فيه، بإلزام تلك الشركة والحارس العام على من كان يمثلها متضامنين بالحق المحال به بتناقضه في أساس إلزام المحكوم عليهم بالدين أو إغفاله بيان سبب تضامنهم فيه.
6 - إذا كانت الطاعنتان لم تبينا في تقرير الطعن مواطن القصور على وجه الدقة والتفصيل فلا تعني عن ذلك الإحالة المجملة على ما حوته المذكرة المقدمة منهما إلى محكمة الموضوع.
7 - متى كانت محكمة الموضوع - كما هو ثابت من مدونات الحكم المطعون فيه قد رأت في حدود سلطتها التقديرية الأخذ بتقدير الخبير لاقتناعها بصحة أسبابه فإنها - وعلى ما جرى به قضاء النقض [(3)] - لا تكون ملزمة من بعد بالرد استقلالاً على المطعون التي وجهت إلى ذلك التقرير إذ في أخذها به محمولاً على أسبابه ما يفيد أنها لم تجد في تلك الطعون ما يستحق الرد عليه بأكثر مما تضمنه التقرير.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده الأول رفع الدعوى 1749 سنة 1952 تجارى كلي القاهرة على........ بصفته ممثلاً لشركة أحمد عبود وشركاه للمقاولات العمومية وعلى المطعون ضده الخامس ووزير الشئون البلدية والقروية ومحافظ القاهرة بصفتهما عن مصلحة المجاري العمومية بطلب الحكم بإلزام أولهم في مواجهة الباقين بأن يدفع له مبلغ 13000 ج مؤسساً دعواه على أن المدعى عليه الأول المهندس......... بصفته كان قد أسند إلى المطعون ضده الخامس تنفيذ عملية رسا عطاؤها عليه من مصلحة المجاري وبعد أن أنفق عليها مبالغ طائلة وأوشك على إنجازها استولى عليها المدعى عليه المذكور وعلى كافة الأخشاب والمهمات والآلات التي كان قد اشتراها لتنفيذها وأحجم عن تسديد المبالغ المستحقة له مما حدا به إلى رفع الدعوى 206 لسنة 1949 مستعجل مصر لإثبات الحالة وقدم خبيرها تقريره الذي انتهى إلى أن تكاليف الأعمال التي نفذها المطعون ضده الخامس تقدر بمبلغ 8426 ج و760 م وأن قيمة مهماته 8587 ج، ولما كان هو الذي قام بإمداد المطعون ضده الخامس بالأموال التي أنفقها على هذه العملية فقد تنازل هذا الأخير له عن كافة الحقوق والمبالغ المستحقة له لدى المدعى عليه الأول في صورة خطاب تاريخه 7/ 9/ 1948 وثابت التاريخ في 2/ 10/ 1948 أرسله إلى المدعى عليه المذكور وطلب فيه صرف المبالغ المستحقة له والتي تستحق مستقبلاً إليه هو وتحرير شيكات الصرف باسمه مباشرة، ولما لم يجب إلى طلبه اضطر إلى رفع الدعوى 1948 لسنة 1951 تجاري كلي مصر بطلب الحكم بصحة ونفاذ التنازل المشار إليه وقد انتهت تلك الدعوى صلحاً على أساس ما تعهد به المدعى عليه الأول من أنه سيدفع له كافة المبالغ والحقوق المستحقة للمطعون ضده الخامس ولكنه رغم ذلك لم يدفع له إلا مبلغ 1994 ج دون تقديم حساب عن العملية وباقي المستحق وهو يزيد عما أثبته خبير دعوى إثبات الحالة ويقدره مبدئياً بمبلغ 13000 ج فقد رفع الدعوى بالطلبات السابقة، ثم طلب ندب خبير لتحقيق عناصر الدعوى وتكملة مأمورية خبير دعوى إثبات الحالة، وقدم المطعون ضده الخامس مذكرة طلب فيها قبول تدخله خصماً في الدعوى منضماً لرافعها المطعون ضده الأول في طلباته وندب خبير لأداء المأمورية سالفة الذكر، ودفع المدعى عليه الأول بعدم قبول الدعوى لسابقة الفصل فيها في الدعوى 1948 لسنة 1951 تجاري كلي القاهرة كما دفع بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة وطلب احتياطياً رفض الدعوى، وبتاريخ 21/ 1/ 1956 قضت محكمة أول درجة (أولاً) برفض الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها وبجواز نظرها (ثانياً) برفض الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة وقبولها (ثالثاً) وقبل الفصل في الموضوع بندب خبير. باشر الخبير مأموريته وقدم تقريراً انتهى فيه إلى أن للمطعون ضده الأول في ذمة المدعى عليه الأول بصفته مبلغ 4931 ج و328 م، وإذ فرضت الحراسة على المدعى عليه الأول وعلى جميع شركائه قام المطعون ضده الأول باختصام الحارس العام عليه واختصام الممثل القانوني لشركة أحمد عبود وشركاه للمقاولات العمومية طالباً الحكم بإلزامهما بالتضامن بالمبلغ المطالب به وفوائده في مواجهة باقي المدعى عليهم وبتاريخ 29/ 1/ 1964 قضت المحكمة (أولاً) بإثبات تنازل المدعي (المطعون ضده الأول) عن مخاصمة وزير الإسكان والمرافق (ثانياً) بإلزام كل من المدعى عليهما...... بصفته حارساً عاماً على المرحوم المهندس....... بالأمر 138 لسنة 1961 والممثل القانوني رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب لشركة المهندس أحمد عبود وشركاه للمقاولات العمومية بأن يدفعا للمدعي مبلغ 4981 ج و328 م بطريق التضامن وفوائده. استأنفت شركة النصر للأعمال المدنية والتجارية المندمج فيها "شركة المقاولات والكراكات (الشرق الأوسط - أحمد عبود وشركاه)" هذا الحكم بالاستئناف رقم 230 لسنة 81 قضائية القاهرة طالبة إلغاءه والقضاء أصلياً بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة وعلى غير ذي صفة واحتياطياً الحكم بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها ومن باب الاحتياط الكلي رفض الدعوى كما استأنفت وريثتا المرحوم المهندس....... هذا الحكم بالاستئناف رقم 247 لسنة 1 قضائية القاهرة بطلب إلغائه ورفض الدعوى، وبتاريخ 15/ 1/ 1965 قضت المحكمة بانقطاع سير الخصومة في الاستئنافين لزوال صفة المستأنف عليه الثاني الأستاذ...... الحارس العام على أموال المهندس...... وعجل المستأنف عليه الأول (المطعون ضده الأول) السير في الاستئنافين مختصماً مدير الأموال والممتلكات التي آلت إلى الدولة بمقتضى القانون 150 لسنة 1964، وبجلسة 21/ 5/ 1965 قرر الحاضر عن الشركة المستأنفة زوال صفة ممثلها وطلب الحكم بانقطاع سير الخصومة على أساس أن شركات أحمد عبود انقسمت إلى شركتين هما شركة وجه قبلي للأعمال المدنية وشركة مصر للكراكات والأشغال العامة وقضت المحكمة بانقطاع سير الخصومة وعجل المطعون ضده الأول السير فيها ضد الشركتين الطاعنتين وقد تمسكتا بما أبدته الشركة المستأنفة من أوجه الطعن على الحكم المستأنف وأضافتا دفاعاً جديداً مؤداه الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها قبل الأوان، وبتاريخ 28/ 5/ 1968 قضت المحكمة بقبول الاستئنافين شكلاً ورفضها موضوعاً. طعنت الشركتان الطاعنتان في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه في خصوص ما صح من السبب الثاني من أسباب الطعن، وعرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب حاصل أولها أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون وخالف الثابت في الأوراق وشابه الفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك تقول الشركتان الطاعنتان أن شركة أحمد عبود وشركاه للمقاولات العمومية دفعت الدعوى بعدم قبولها لسابقة الفصل فيها بالدعوى رقم 1948 لسنة 1951 تجارى كلي القاهرة التي انتهت صلحاً باتفاق أطرافها على أن تدفع الشركة للمطعون ضده الأول ما لديها للمطعون ضده الخامس، وإذ دفعت للمطعون ضده الأول مبلغ 1994 ج و730 م هو ناتج المستخلص الختامي للعملية، فلا يسوغ له أن يعاود النزاع بدعواه الحالية ولا أن يتحدى بالاحتفاظ بحق المطعون ضده الخامس في المحاسبة لأنه قاصر على هذا الأخير لكن المحكمة رفضت هذا الدفع بمقولة إن عبارات الصلح لا تفيد استقرار حقوق المطعون ضده الخامس وأن الإيصال الموقع عليه من المطعون ضده الأول احتفظ فيه للمطعون ضده الخامس بحق المحاسبة وما أورده الحكم من ذلك يخالف ما جاء بمحضر الصلح وإيصال السداد إذ تم الحساب والوفاء تنفيذاً لمحضر الصلح، كما دفعت شركة أحمد عبود وشركاه بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة على أساس أنه ليس للمطعون ضده الأول إلا حق قبض المستحقات دون المطالبة بالحساب وقد قبضتها فعلاً وأعطى مخالصة عنها، ولكن المحكمة رفضت هذا الدفع أيضاً استناداً إلى تدخل المطعون ضده الخامس خصماً منضماً إلى المطعون ضده الأول في طلباته، وهو من الحكم مخالفة للقانون لأن تدخل المطعون ضده الخامس كان تدخلاً انضمامياً لا هجومياً فلا يجعل للمتدخل حقوقاً أكثر من حقوق من انضم إليه، وما قاله الحكم من أن المطعون ضده الخامس لم يطلع على المستخلص الختامي ولم يوافق عليه يخالف الثابت في الأوراق.
وحيث إن هذا النعي بكافة وجوهه مردود، ذلك أن البين من الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه برفض الدفع بعدم قبول الدعوى لسابقة الفصل فيها في الدعوى رقم 1948 لسنة 1951 تجارى كلي مصر على "أنه يستفاد من الاطلاع على محضر الصلح الذي انتهت به هذه القضية أن حقوق المطعون ضده الخامس لدى المحروم المهندس عبود لم تستقر نهائياً وأن الإيصال المأخوذ على المطعون ضده الأول بمبلغ 1994 ج و730 م والمؤرخ 22/ 12/ 1951 نفاذاً لهذا الصلح حفظ للسيد.... المطعون ضده الخامس "حق محاسبة" المهندس عبود إذ ذيل هذا الإيصال بعبارة "مع الاحتفاظ بحق المحاسبة لـ........." وهذا قاطع في الدلالة على أن المبلغ الوارد في الإيصال المذكور وإن شمل استحقاق السيد...... في ختام الأعمال التي قام بها من مبدأ العمل إلى نهايته إلا أنه لا يشمل ما قد يكون للسيد...... من أموال لدى شركة المهندس عبود احتفظ بالرجوع على الشركة بها كنص الإيصال ويؤيد ذلك ما ورد في محضر جلسة 10/ 12/ 1951 في القضية رقم 1948 لسنة 1951 تجارى كلي مصر من "إن الحاضر عن السيد أحمد عبود قرر أنه على استعداد لدفع ما قد يظهر أنه في ذمته للسيد....... وتم الصلح بين أطراف النزاع على هذا الأساس بما يستفاد منه...... أن حقوق السيد.... لم تكن قد استقرت نهائياً في الدعوى المذكورة" وهذا الذي أورده الحكم المطعون فيه لم تخرج فيه محكمة الموضع عن المعنى الذي تحتمله عبارات الإيصال سالف الذكر في ضوء ما استظهرته في استخلاص سائغ مقبول من أوراق الدعوى رقم 1948 لسنة 1951 تجاري كلي مصر التي انتهت صلح، ولما كان المقرر أن لمحكمة الموضوع - وعلى ما جرى به قضاء النقض - السلطة المطلقة في تفسير الإقرارات والاتفاقات والمشارطات وسائر المحررات بما تراه أدنى إلى نية عاقديها أو أصحاب الشأن فيها مستهدية بوقائع الدعوى وظروفها دون رقابة لمحكمة النقض عليها في ذلك ما دامت لم تخرج في تفسيرها عن المعنى الذي تحتمله عبارات المحرر وما دام ما انتهت إليه سائغاً مقبولاً بمقتضى الأسباب التي بنته عليها وكان بحث اتحاد الموضوع في الدعويين يعد فصلاً في مسألة موضوعية تستقل بها محكمة الموضوع بغير معقب عليها متى كانت قد اعتمدت على أسباب من شأنها أن تؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها، فإن ما تنعاه الطاعنتان على قضاء الحكم المطعون فيه برفض الدفع بعدم قبول الدعوى لسابقة الفصل فيها لا يعدو أن يكون مجادلة موضوعية لا تقبل أمام محكمة النقض، وأما تعييبها الحكم المطعون فيه باستناده في القضاء برفض الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة إلى تدخل المطعون ضده الخامس خصماً منضماً إلى رافعها في طلباته فمردود بأن المقرر أن الحق المحال به ينتقل بالحوالة من المحيل إلى المحال له بصفاته ودفوعه كما تنتقل معه توابعه ومنها الدعاوى التي تؤكده، والدعوى الماثلة التي رفعها المطعون ضده الأول بوصفه محالاً له دعوى تؤكد الحق المحال به فتعتبر من توابعه وتنتقل معه ومن ثم فإن قضاء الحكم المطعون فيه برفض الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة يصادف صحيح القانون، ولا جدوى مما تنعاه الطاعنتان على الحكم الابتدائي من إشارته في أسبابه إلى أن المستخلص الختامي لم يعرض على المطعون ضده الخامس ولم يوافق عليه إذ أن الحكم المطعون فيه لم يعتمد على أسباب ذلك الحكم في هذا الخصوص إنما أقام قضاءه فيه على ما سلف البيان على أسباب أخرى كافية لحمله.
وحيث إن حاصل السبب الثاني من أسباب الطعن أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون إذ رفض الدفع المبدى من الشركتين الطاعنتين لأول مرة أمام محكمة الاستئناف بعدم قبول الدعوى لرفعها قبل الأوان إعمالاً للقانون رقم 117 لسنة 1961 المعدل بالقانون 149 لسنة 1962 وإذ قضى بإلزامهما وهما شركتان جديدتان بدين ترجع بشأنه إلى ما قبل التأميم وإذ جعل إلزامهما بالتضامن مع ورثة...... ممثلين في مدير إدارة الأموال التي آلت للدولة رغم تناقض أساس إلزامهما مع أساس إلزام الورثة ودون أن يبين سند هذا التضامن، وفي بيان ذلك تقول الشركتان الطاعنتان أن الدعوى رفعت على شركة.... وشركاه للمقاولات العمومية بطلب دين ناشئ عن تعاقد تم في سنة 1948 أي سابق على تأميمها بموجب القانون رقم 52 لسنة 1964 الصادر في 8/ 3/ 1964 بتأميم شركات المقاولات، وإلحاقها بالجدول المرافق للقانون 117 لسنة 1961 المعدل بالقانون 149 لسنة 1962 واختصمتا لأول مرة أمام محكمة الدرجة الثانية باعتبارها قد أدمجت فيهما الشركة المدعى عليها مع أنه لا محل لمسئوليتهما عن هذا الدين إذ المسئول عنه هو الدولة التي آلت ملكية المنشأة المؤممة إليها وذلك بعد التثبت من أن هذه المنشأة - التي تمسكا أمام محكمة الاستئناف بأنها كانت شركة مسئولية محدودة ولم تكن شركة مساهمة قد قومت وأن أصولها تفوق خصومها وأن الدين قد أقرته لجنة التقويم وحددت له مخصصاً ومع أن الرجوع على صاحب المنشأة المؤمن وهو المهندس...... يمنع من الرجوع على المنشأة أو الدولة مما يجعل الدعوى غير مقبولة لرفعها قبل الأوان وعلى غير ذي صفة، وما قاله الحكم المطعون فيه تبريراً لرفض هذا الدفع من أن الدعوى قد رفعت قبل صدور القوانين الاشتراكية وخضوع المهندس.... للحراسة وأن يسار المدين من عدمه مسألة متعلقة بتنفيذ الحكم كما أن بحث ذمة المدين وإمكانه سداد الدين لا يتأتى إلا بعد صدور الحكم بمديونيته وليس قبل ذلك - خطأ ومخالفة للقانون إذ الملكية آلت إلى الدولة وهذه الأخيرة لا تسأل إلا في حدود ما آل إليها في تاريخ التأميم بحيث لا يتأتى الحكم عليها إلا بعد التأكد مما آل إليها ومقداره وإمكانية الوفاء بذلك الدين.
وحيث إن هذا النعي بكافة وجوهه في غير محله ذلك أن مؤدى القانون 117 لسنة 1961 بتأميم بعض الشركات والمنشآت ومذكرته الإيضاحية - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن الشارع لم يشأ انقضاء المشروع المؤمم بمقتضى هذا القانون بل رأى - مع الاحتفاظ له بشخصيته وبذمته المستقلتين عن شخصية الدولة وذمتها ومع استمراره في ممارسة نشاطه - إخضاعه للجهة الإدارية التي يرى إلحاقه بها وهذا الإشراف لا يعني زوال شخصية المشروع المؤمم بل تظل له شخصيته المعنوية التي كانت له قبل التأميم وذمته المالية المستقلة بما عساه يكون عالقاً بها من التزامات فيسأل المشروع مسئولية كاملة عن جميع التزاماته السابقة على التأميم كنتيجة حتمية لاستمرار شخصيته المعنوية ولا يغير من ذلك أيلولة أسهم المشروع المؤمم أو حصص رأسماله في الشركات ذات المسئولية المحدودة إلى الدولة مع تحديد مسئولتيها عن التزاماته السابقة في حدود ما آل إليها من أمواله وحقوقه في تاريخ التأميم ذلك بأن مسئولية الدولة وقد أصبحت المالك الوحيد لجميع الأسهم أو الحصص لا تعدو أن تكون تطبيقاً للقواعد العامة في مسئولية المساهم أو مقدم الحصة الذي لا يسأل أثناء قيام الشركة عن التزاماتها وإنما تتحدد مسئوليته عند التصفية بما يملكه من أسهمها أو ما قدمه من حصص في رأسمالها ومن ثم فإن قضاء الحكم المطعون فيه برفض الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها قبل الأوان يصادف صحيح القانون، كما أنه لا جدوى مما تثيره الطاعنتان في شأن تناقضه بإلزامهما متضامنين مع ورثة........ ذلك أن المقرر على ما نصت عليه المادة 299 من القانون المدني أنه "إذا كان أحد المدينين المتضامنين هو وحده صاحب المصلحة في الدين فهو الذي يتحمل به كله نحو الباقين" ومن ثم تنتفي مصلحة الشركتين الطاعنتين في تعييب الحكم المطعون فيه بتناقضه في أساس إلزام المحكوم عليهم بالدين أو إغفاله بيان سبب تضامنهم فيه.
وحيث إن حاصل السبب الثالث من أسباب الطعن القصور في التسبيب، وفي بيان ذلك تقول الطاعنتان إن المدعى عليه الأول قدم لمحكمة أول درجة مذكرة بملاحظاته على ما وقع فيه الخبير من أخطاء قلم تحاول المحكمة رغم جوهرية هذه الملاحظات وترديدها أمام الدرجة الثانية الرد عليها مما يعد قصوراً في التسبيب يعيب الحكم ويبطله بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك بأن الطاعنتين لم تبينا في تقرير الطعن مواطن القصور على وجه الدقة والتفصيل ولا تعني عن ذلك الإحالة المجملة على ما حوته المذكرة المقدمة منهما إلى محكمة الموضوع فضلاً عن أن هذه المحكمة كما هو ثابت في مدونات الحكم المطعون فيه قد رأت في حدود سلطتها التقديرية الأخذ بتقرير الخبير لاقتناعها بصحة أسبابه ومن ثم فإنها وعلى ما جرى به قضاء النقض لا تكون ملزمة من بعد بالرد استقلالاً على الطعون التي وجهت إلى ذلك التقرير إذ في أخذها به محمولاً على أسبابه ما يفيد أنها لم تجد في تلك الطعون ما يستحق الرد عليه بأكثر مما تضمنه التقرير.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن برمته في غير محله.


[(1)] نقض 9/ 12/ 1974 مجموعة المكتب الفني السنة 25 ص 1373.
[(2)] نقض 30/ 12/ 1974 مجموعة المكتب الفني السنة 25 ص 1506.
[(3)] نقض 12/ 12/ 1972 مجموعة المكتب الفني السنة 23 ص 1357.