أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 8 - صـ 42

جلسة 10 من يناير سنة 1957

برياسة السيد عبد العزيز محمد رئيس المحكمة، وبحضور السادة: اسحق عبد السيد، وأحمد قوشه، ومحمد متولي عتلم، وإبراهيم عثمان يوسف المستشارين.

(2)
القضية رقم 35 سنة 23 القضائية

رسوم بلدية. مجالس بلدية. تقسيم المحال التجارية والصناعية إلى درجات عند فرض الرسوم البلدية. العبرة فيه. اعتبار القيمة الإيجارية عنصراً من عناصر التقسيم إلى جانب أهمية المحل.
العبرة في تقسيم المحال التجارية والصناعية إلى درجات عند فرض الرسوم البلدية عليها حسبما يبين من نص المادة الأولى من المرسوم الصادر في 30 من أكتوبر سنة 1945 - هي بالأهمية النسبية لكل محل تجاري أو صناعي على حدة في البلدة - أما القيمة التجارية فليست إلا عنصراً من العناصر التي تراعى في التقسيم إلى جانب أهمية المحل. ومن ثم فالقول بأن القيمة الإيجارية للمحل هي عنصر التقدير الوحيد لهذه الأهمية هو قول مخالف للقانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن الوقائع - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن مجس بلدي بنها - الطاعن - أعلن شركة إيسترن كمباني المطعون عليها - في أغسطس سنة 1947 بأنه بناءً على قرار وزارة الصحة الصادر في 24 من فبراير سنة 1947 أصدر قراراً اعتبر فيه محل الشركة بالمدينة ضمن توكيلات الدخان والسجائر من الدرجة الأولى مما يخضع لرسم سنوي مقداره خمسون جنيهاً فتظلمت الشركة من هذا القرار ولكن لجنة التظلمات المختصة بالنظر في التظلم رفضته ثم طالب المجلس البلدي الشركة بسداد مبلغ 91 جنيهاً و667 مليماً وهو قيمة الرسوم المستحقة له عن المدة من أول مايو سنة 1946 حتى آخر فبراير سنة 1948. فدفعت الشركة المبلغ وحفظت لنفسها الحق في المطالبة برد ما دفعته بغير حق ثم رفعت الدعوى رقم 680 سنة 73 ق محكمة القاهرة الابتدائية المختلطة طالبة الحكم باعتبار محلها في مدينة بنها مستودعاً للدخان والسجاير من الدرجة الثانية لا يتجاوز الرسم المستحق عنه مبلغ خمسة عشر جنيهاً سنوياً، فقضى في 10 من مايو سنة 1949 باعتبار محل المطعون عليها توكيلاً من الفئة التي يستحق عنها رسم قدره عشرون جنيهاً مصرياً وبإلزام الطاعن بأن يرد إليها المبالغ التي حصلها زائداً عن ذلك وفقاً للمرسوم الصادر في 30 من أكتوبر سنة 1945 وقرار وزارة الصحة الصادر في 24 من فبراير سنة 1947. استأنفت المطعون عليها هذا الحكم وقيد استئنافها برقم 967 سنة 66 القضائية محكمة استئناف القاهرة، كما استأنفه الطاعن استئنافاً مقابلاً طالباً الحكم أصلياً بعدم قبول الدعوى واحتياطياً الحكم برفضها. وفي 26 من فبراير سنة 1951 قضي في موضوع الاستئنافين برفضهما وتأييد الحكم المستأنف. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون وطلب الحاضر عن الطاعن كما طلبت النيابة إحالة الطعن إلى الدائرة المدنية فقررت المحكمة إحالته لنظره بجلسة 8 من نوفمبر سنة 1956 وصممت النيابة أمام هذه الهيئة على رأيها بنقض الحكم.
ومن حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه خطأ في تطبيق القانون ذلك أنه أقام قضاءه على أن القيمة الإيجارية للمحل الذي يستأجره المطعون عليه هي العنصر الوحيد لتقدير أهميته الذاتية وفقاً للمادة الأولى من المرسوم الصادر في 30 من أكتوبر سنة 1945 ورتب على ذلك أن المحل يعتبر ضمن فئة توكيلات الدرجة الثالثة التي يستحق عنها رسم قدره عشرون جنيهاً سنوياً إذ أن إيجاره لا يتجاوز ثلاثة جنيهات شهرياً ووجه مخالفة ذلك للقانون هو أن المادة الأولى من المرسوم الصادر في 30 من أكتوبر سنة 1945 الخاص بتحديد الرسوم البلدية إذ أشارت في سياقها إلى إيجار المحل لم تجعل من هذا الإيجار العنصر الوحيد لتقدير درجة المحل وتقدير الرسم المستحق عليه بل على العكس من ذلك جعلت المقام الأول في هذا التقدير لأهمية المحل ولم تكن الإشارة لقيمة الإيجار إلا باعتبارها عنصراً منضماً إلى الأصل وهو الأهمية النسبية للمحل ونشاطه واتساع دائرة معاملاته في المنطقة أو المدنية.
ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على الحكم المستأنف المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه على أن قيمة إيجار المحل هي المعول عليها وحدها في تقدير أهميته فقال "وحيث إن المحكمة ترى أن عنصر القيمة الإيجارية هو في حالتنا هذه عنصر التقدير الوحيد للأهمية الذاتية لكل محل وذلك وفقاً للمادة الأولى من المرسوم الصادر في 30 أكتوبر سنة 1945 التي تنص على أن يراعى في الترتيب إيجار المكان الذي يشغله المحل وأن قيمة إيجار المكان هي بالفعل العنصر الوحيد لتقدير أهمية المحل عند إدراجه داخل كل فئة وإلا كان تحديد هذه الأهمية الذاتية مجحفاً ودون قاعدة ثابتة".
ومن حيث إن هذا الذي أقام الحكم قضاءه عليه غير صحيح في القانون ذلك أن المادة الأولى من مرسوم 30 من أكتوبر سنة 1945 تنص على أن "تقسيم المحال التجارية إلى درجات يكون حسب الأهمية النسبية لكل منها في البلدة" ثم جاء في سياق النص بعد ذلك أنه "يراعى في التقسيم المذكور القيمة الإيجارية للمكان الذي تشغله وتحدد لكل درجة فئة معينة من الرسوم" وإعمال هذا النص يقتضي حمله على جملة مفهومه والتزام ما قضى به أولاً من أن يكون التقسيم حسب الأهمية النسبية للمحل التجاري في البلدة باعتبار هذه الأهمية هي العنصر الأول في تحديد درجته، أما القيمة الإيجارية فليست إلا عنصراً من العناصر التي تراعى في التقسيم إلى جانب أهمية المحل ومن ثم فقول الحكم المطعون فيه إن القيمة الإيجارية لمحل المطعون عليها هي عنصر التقدير الوحيد لهذه الأهمية قول مخالف للقانون يستوجب نقضه.


ملاحظة: صدر حكم مماثل في الجلسة ذاتها في القضية رقم 36 سنة 23 ق.