أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 8 - صـ 45

جلسة 10 من يناير سنة 1957

برياسة السيد عبد العزيز محمد رئيس المحكمة وبحضور السادة: اسحق عبد السيد، وأحمد قوشه، ومحمد متولي عتلم، وإبراهيم عثمان يوسف المستشارين.

(3)
القضية رقم 38 سنة 23 القضائية

( أ ) استئناف. الاستئناف الوصفي. قضاة "عدم الصلاحية". اختصاص. حق نفس الهيئة الاستئنافية التي فصلت في الاستئناف الوصفي في الفصل في استئناف الموضوع. المادتان 313/ 5 و471 مرافعات.
(ب) دفاع. ريع. قوة الأمر المقضي. محكمة الموضوع. اقتصار المدعى عليه في دعوى الريع على الدفع بقوة الأمر المقضي دون أن تقيده محكمة الموضوع في دفاعه. الحكم في موضوع الدعوى واعتبار سكوته عن مناقشة قيمة الريع عدم منازعة منه فيها.
(جـ) حكم. بياناته. إجراءات التقاضي. تحضير. خلو الحكم من البيان الخاص بتلاوة تقرير التلخيص الذي أحال به قاضي التحضير الدعوى إلى المرافعة في الجلسة. التزام من يتمسك ببطلان الحكم بتقديم محاضر جلسات نظر الدعوى للتحقق من عدم تلاوة التقرير. م 116 و349 مرافعات.
(د) نقض. إجراءات الطعن "إيداع الأوراق والمستندات". إغفال الطاعن إيداع صورة من الحكم الابتدائي الذي أحال إليه الحكم المطعون فيه في أسبابه في المواعيد المقررة. بطلان الطعن. المادة 432/ 2 مرافعات.
(هـ) نقض. إجراءات الطعن "إيداع الأوراق والمستندات". توجيه أسباب الطعن إلى الحكم المطعون فيه دون أن تكون لها صله بما أحال فيه على أسباب الحكم الابتدائي. الدفع بعدم قبول الطعن شكلاً لعدم إيداع صورة من الحكم الابتدائي. في غير محله. أمثلة ذلك.
1 - طلب إلغاء وصف النفاذ هو طلب وقتي تابع للطلب الأصلي وحكم محكمة الاستئناف فيه لا تأثير له مطلقاً على استئناف الموضوع ولا يمنع المحكمة التي أصدرته من الفصل في استئناف الموضوع - ولهذا أجاز المشرع في المادة 471 مرافعات أن يكون التظلم من النفاذ أمام نفس الهيئة التي يرفع إليها الاستئناف عن الحكم - وعلى ذلك فلا محل للقول بأن رئيس الهيئة التي أصدرت الحكم في الاستئناف الوصفي أبدى رأيه في موضوع الدعوى بما جاء بأسباب هذا لحكم وأنه بذلك قد قام به سبب من أسباب عدم الصلاحية يمنعه من الفصل في استئناف الموضوع متى كان الحكم في الاستئناف الوصفي إنما يستند إلى ما يبدو للمحكمة من ظاهر مستندات الدعوى.
2 - إذا رفعت دعوى للمطالبة بريع أطيان واقتصر المدعى عليه في دفاعه على الدفع القانوني بقوة الأمر المقضي دون أن تكون محكمة الموضوع قد قيدته في دفاعه وجعلته قاصراً على البحث في قوة الأمر المقضي فلا على المحكمة إن هي حكمت في موضوع الدعوى واعتبرت سكوته عن مناقشة قيمة الريع عدم منازعة منه في تلك القيمة.
3 - إذا كان الحكم قد خلا مما يدل على أن تقرير التلخيص الذي أحال به قاضي التحضير الدعوى إلى المرافعة قد تلي بالجلسة - فيجب على من يتمسك ببطلان الحكم لهذا السبب أن يقدم صور محاضر الجلسات التي نظرت فيها الدعوى للتحقق من عدم تلاوة التقرير في الجلسة إذ أن تضمين الحكم هذا البيان أمر لم يوجبه القانون وكل ما فرضه القانون في المادة 116 مرافعات هو وجوب تلاوة التقرير وقد خلا نص المادة 349 مرافعات التي حددت البيانات التي يجب أن يتضمنها الحكم من النص على وجوب إثبات هذا البيان.
4 - استقر قضاء هذه المحكمة على أن إيداع صورة من الحكم الابتدائي الذي أحال إليه الحكم المطعون فيه في أسبابه في المواعيد المقررة في المادة 432/ 2 مرافعات هو من الإجراءات التي يترتب على إغفالها بطلان الطعن.
5 - متى كانت أسباب الطعن موجهة إلى الحكم المطعون فيه ولا صلة لها بما أحال فيه على أسباب الحكم الابتدائي ولا يمكن أن يكون الحكم الابتدائي متمماً للحكم المطعون فيه في خصوصها فإنه لا محل للدفع بعدم قبول الطعن شكلاً بالنسبة لتلك الأسباب تأسيساً على عدم قيام الطاعن بإيداع صورة من الحكم الابتدائي في المواعيد المقررة في القانون. وهذا هو الشأن في سبب الطعن الذي يقوم على عدم صلاحية أحد قضاة محكمة الاستئناف أو خلو الحكم من إثبات تلاوة تقرير التلخيص أو الإخلال بحق الدفاع أمام محكمة الاستئناف.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أنه بمقتضى عقد بيع محرر في 23 من يناير سنة 1945 ومسجل في 30 منه باع الطاعن إلى ولديه المطعون عليهما 11 فداناً و8 قراريط مقابل ثمن قدره 1020 جنيهاً. وبعد ذلك أقام الطاعن الدعوى رقم 6 سنة 1945 مدني كلي الجيزة على المطعون عليهما طلب فيها الحكم ببطلان عقد البيع واعتباره وصية وقد قضى ابتدائياً برفض الدعوى. فاستأنف الطاعن الحكم وقضى استئنافياً برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف. وطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقضى برفض الطعن - وخلال ذلك كان المطعون عليهما قد أقاما الدعوى رقم 2332 سنة 1945 مدني كلي مصر على الطاعن وعلى حسنين إبراهيم حموده مستأجر الأطيان المبيعة طلباً فيها الحكم بإلزام المدعى عليهما المذكورين متضامنين بأن يدفعا إليها مبلغ 315 جنيهاً قيمة الريع عن سنة 1945 وقد أوقفت تلك الدعوى حتى يفصل في النزاع بشأن الملكية - وبعد أن فصل نهائياً في هذا النزاع عجل المطعون عليهما دعواهما ثم عدّلا طلباتهما إلى مبلغ 1716 جنيهاً مع إخلاء الأطيان المؤجرة للمدعى عليه الثاني في الدعوى وتسليمها إليهما. وفي 30 من ديسمبر سنة 1948 حكمت المحكمة حضورياً.
أولاً - بإلزام حسنين إبراهيم حموده بأن يدفع إلى المدعيين "المطعون عليهما" مبلغ 150 جنيهاً والمصروفات المناسبة مع شمول الحكم بالنفاذ.
ثانياً - بإلزام الطاعن بأن يدفع إليهما مبلغ 1530 جنيهاً مع المصروفات المناسبة وشمول الحكم بالنفاذ بالنسبة لمبلغ 270 جنيهاً. ثالثاً - بإلزام المدعى عليهما "الطاعن وحسنين إبراهيم حموده" بإخلاء الأطيان وشمول الحكم بالنفاذ. استأنف المحكوم عليهما هذا الحكم بالنسبة لوصف النفاذ وبالنسبة للموضوع وقيد الاستئناف برقم 220 سنة 66 ق - وفي 30 من إبريل سنة 1949 حكمت محكمة استئناف القاهرة بقبول الاستئناف شكلاً وبتأييد الحكم بالنسبة لوصف النفاذ. وفي 11 من نوفمبر سنة 1951 حكمت المحكمة في موضوع الاستئناف برفضه وبتأييد الحكم المستأنف استناداً إلى الأسباب المبينة في حكمها وإلى ما لا يتعارض معها من أسباب الحكم المستأنف. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وبنى طعنه على ثلاثة أسباب وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون وأضاف الطاعن أمامها سبباً رابعاً للطعن وأبدت النيابة رأيها بعدم قبول الطعن شكلاً وقررت دائرة الفحص إحالة الطعن على الدائرة المدنية وصممت النيابة على وجهة نظرها. وبتاريخ 8 من نوفمبر سنة 1956 قررت هذه المحكمة ضم الدفع للموضوع وإعادة القضية للمرافعة لتبدي النيابة رأيها في موضوع الطعن فأبدت رأيها برفضه.
وحيث إن النيابة دفعت بعدم قبول الطعن شكلاً تأسيساً على أن الطاعن لم يودع صورة رسمية من الحكم الابتدائي طبقاً للمادة 432/ 2 من قانون المرافعات ذلك أن الحكم المطعون فيه بعد أن أحال في وقائع النزاع والأدوار التي مر بها إلى ما أورده الحكم المستأنف وبعد أن سرد وجهة قضاء الحكم المستأنف ووجهة الطاعن في استئنافه وفند الوجهتين واستقل عنهما في وجهته بشأن حجية الحكم بالملكية للمطعون عليهما للأسباب الواردة به قال في نهايتها: "ومن ثم يتعين تأييد الحكم المستأنف للأسباب المبينة آنفاً وما لا يتعارض معها من أسباب ذلك الحكم" - وأن مقتضى ذلك أن أسباب الحكم الابتدائي التي لا تتعارض مع أسباب الحكم المطعون فيه أصبحت أسباباً مكملة لأسباب هذا الحكم الأخير وكان لهذا يتعين على الطاعن أن يودع صورة رسمية من الحكم الابتدائي تنفيذاً لصريح نص الفقرة الثانية من المذكورة وأن هذا الإيداع إجراء من إجراءات الطعن يترتب على عدم مراعاته ما يترتب على عدم إيداع صورة رسمية من الحكم المطعون فيه إذ يعتبر الحكم الابتدائي جزءاً من الحكم المطعون فيه ولا يكون إيداع صورة الحكم المطعون فيه معتبراً إلا إذا كان شاملاً للجزء المتمم له. وأن الجزاء المترتب على عدم إيداع صورة الحكم الابتدائي المحال على أسبابه لا يمكن أن تختلف عن الجزاء المترتب على إيداع صورة الحكم المطعون فيه.
وحيث إن هذا الدفع صحيح في خصوص السبب الأول من أسباب الطعن - ومحصله أن الحكم المطعون فيه إذ اعتمد في قضائه بالريع للمطعون عليهما على أن النزاع في الملكية قد حسمه الحكم الصادر من محكمة الجيزة في القضية رقم 6 سنة 1946 كلي قد أخطأ في تأويل ذلك الحكم واستخلص منه نتيجة لا تؤدي إليها أسبابه التي ورد فيها "إن تمسك المدعي - الطاعن - بالشرط الخامس الوارد بالعقد وهو الذي منع المشترين من التصرف إلا بموافقته كتابة فإن هذا الشرط لا يفيد أن التمليك مضاف إلى ما بعد الموت - وإنما يعني أن التمليك حصل فعلاً ناجزاً وأن للمشتريين أن يتصرفا فيما اشترياه ولكن يجب أن يوافق هو كتابةً على هذا التصرف - وأن ظروف تحرير العقد تنادي بأن نية الطرفين كانت منصرفة وقت تحريره إلى أن يكون بيعاً ناجزاً صحيحاً ولا عبرة ببقاء الأطيان تحت يد البائع لأنه يجوز أن يحتفظ بوضع اليد حال حياته دون أن يؤثر ذلك على حق الملكية الذي انتقل فعلاً إلى المشتريين" وقد تأيد هذا الحكم استئنافياً لأسبابه ولما طعن فيه أمام محكمة النقض قضت المحكمة برفض بالطعن تأسيساً على أن الحكم "إذ استخلص من عبارات العقد أن مقصود العاقدين فيه هو التمليك المنجز لا التمليك المؤجل وقال إن اشتراط الطاعن الاحتفاظ لنفسه مدة حياته بحق الانتفاع بالمبيع ومنع المطعون عليهما من التصرف في العين المبيعة إلا بموافقته على ذلك لا يمنع من اعتبار التصرف بيعاً صحيحاً ناقلاً للملكية فقد أقام قضاءه على أسباب سائغة". وأن مؤدى حكم محكمة الجيزة أن المحكمة في سبيل استظهار قصد المتعاقدين فرقت بين عناصر الملكية وأسست قضاءها على عدم انتقال حق المنفعة للمطعون عليهما واحتفاظ الطاعن بذلك الحق مدى حياته على عكس ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أن قضاء محكمة الجيزة قد انصب على تنجيز انتقال الملكية بجميع عناصرها - وأن محكمة النقض إذ رفضت الطعن الموجه إلى حكم محكمة الجيزة قد فهمت ذلك الحكم على أساس أنه فرق بين عناصر الملكية وأن ما انتقل منها إلى المطعون عليهما هي ملكية الرقبة دون حق الانتفاع ومن ثم أصبحت أسباب حكم محكمة الجيزة في هذا الخصوص مرتبطة بمنطوقة ارتباطاً وثيقاً تكون معه وحدة لا تتجزأ تنبسط عليها قاعدة الأمر المقضي وأنه لا محل بعد ذلك لتحدي الحكم المطعون فيه عقد البيع من شرط احتفاظ الطاعن بالمنفعة - هذا هو محصل السبب الأول من أسباب الطعن ويبين منه أنه قد انصب على ما قضى به الحكم المطعون فيه في موضوع الدعوى ولما كان الحكم المطعون فيه بعد أن أورد وقائع النزاع ووجهة نظر الحكم المستأنف ووجهة نظر المستأنف "الطاعن" عقب على ذلك ببيان الأسباب التي استند إليها في خصوص حجية حكم الملكية الصادر في الدعوى رقم 6 سنة 1946 كلي الجيزة وأن تلك الحجية تشمل الملكية بجميع عناصرها ومقوماتها انتهى إلى أنه "من ثم يتعين تأييد الحكم المستأنف للأسباب المبينة آنفاً وما لا يتعارض معها من أسباب ذلك الحكم". ومؤدى هذا أن أسباب الحكم الابتدائي التي لا تتعارض مع أسباب الحكم المطعون فيه أصبحت جزءاً من أسباب هذا الحكم الأخير ومكملة لها - ولما كانت المادة 432/ 2 من قانون المرافعات توجب على الطاعن أن يودع قلم كتاب محكمة النقض خلال عشرين يوماً من تاريخ الطعن صورة من الحكم المطعون فيه وصورة من الحكم الابتدائي إذا كان الحكم المطعون فيه قد أحال إليه في أسبابه. وكان الطاعن لم يودع في المواعيد المقررة في القانون صورة من الحكم الابتدائي وكان قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن هذا الإيداع من الإجراءات التي يترتب على إغفالها بطلان الطاعن فإنه يتعين القضاء بعدم قبول الطعن شكلاً في خصوص السبب الأول من أسباب الطعن.
وحيث إنه فيما يتعلق بباقي أسباب الطعن فإنها واردة على الحكم المطعون فيه فيما لا يتصل بالحكم الابتدائي ذلك أن السبب الثاني يتحصل في النعي على الحكم المطعون فيه بالإخلاء بحق الدفاع أمام محكمة الاستئناف كما يتحصل السبب الثالث في قيام سبب من أسباب عدم الصلاحية برئيس الهيئة التي أصدرت الحكم المطعون فيه. ويتحصل السبب الأخير الذي أبداه الطاعن أمام دائرة فحص الطعون في مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون إذ خلا من إثبات تلاوة تقرير المستشار المقرر وهذه الأسباب موجهة إلى الحكم المطعون فيه ولا صلة لها بما أحال فيه على أسباب الحكم الابتدائي. ولما كان الحكم الابتدائي لا صلة له إطلاقاً بتلك الأسباب ولا يمكن أن يكون متمماً للحكم المطعون فيه في خصوصها فإن الدفع بعدم قبول الطعن شكلاً بالنسبة لتلك الأسباب يكون في غير محله ويتعين رفضه. وإذ كان الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية في خصوص الأسباب الثلاثة الأخيرة فيتعين الحكم بقبول الطعن شكلاً بالنسبة لها.
وحيث إن حاصل السبب الثاني من أسباب الطعن أن محكمة الاستئناف قد أخلت بحق الطاعن في الدفاع ذلك أن مرافعته الشفوية ومذكرته الختامية أمامها كانت قاصرة على الدفع بقوة الشيء المقضى به فكان خلقياً بها وقد رأت رفض هذا الدفاع أن تتيح للطاعن فرصة إبداء دفاعه في الموضوع سواء ما اتصل منه بتفسير نصوص عقد البيع نفسه من جديد أو ما تعلق بمناقشة قيمة الريع ولكنها لم تفعل وفصلت في الموضوع دون أن تسمع دفاعه في خصوصه بدليل ما أوردته في نهاية حكمها من أنه لا الطاعن ولا المطعون عليهما أثاروا نزاعاً في شأن الريع وقصروا منازعتهم على الأساس القانوني الذي تقوم عليه الدعوى - وكان من نتيجة ذلك أن قضى الحكم المطعون فيه للمطعون عليهما بالريع عن سنة 1945 الزراعية أي ابتداء من أكتوبر سنة 1944 مع أن حقهما على فرض ثبوته لا ينشأ إلا من يوم إبرام العقد الرسمي في 18 من يناير سنة 1945.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن الطاعن لم يأخذ على محكمة الاستئناف أنها قيدته في دفاعه وجعلته قاصراً على البحث في قوة الأمر المقضي ولما كان الطاعن هو الذي آثر أن يقتصر في دفاعه على الدفع القانوني بقوة الأمر المقضي وكان وحده صاحب الشأن في إبداء ما يرى من أوجه الدفاع في الدعوى فلا على المحكمة إن هي حكمت في موضوع الدعوى واعتبرت سكوته عن مناقشة قيمة الريع عدم منازعة منه في تلك القيمة - ولا محل بعد ذلك لما أثاره الطاعن عن خطأ الحكم المطعون فيه بالقضاء للمطعون عليهما بالريع كاملاً عن سنة 1945 الزراعية مع أن عقد ملكيتهما محرر في 18 من يناير سنة 1945 لأنه لا سبيل إلى المجادلة أمام هذه المحكمة فيما لم يسبق عرضه على محكمة الموضوع.
وحيث إن السبب يتحصل في قيام سبب من أسباب عدم الصلاحية برئيس الهيئة التي أصدرت الحكم المطعون فيه ذلك أن هذا الرئيس سبق أن اشترك في الحكم الصادر في الاستئناف الوصفي المرفوع عن الحكم المستأنف وأن المحكمة إذ فصلت في الاستئناف الوصفي لم تقتصر في أسباب حكمها على بيان وجهة نظرها في أمر هذا الاستئناف بل أبدت رأيها في الموضوع بما ذكرته من "أن الطاعن أصبح لا يمكنه المنازعة من جديد في الملكية لصدور حكم فصل في هذا النزاع وأن هذا الحكم أصبح نهائياً وله حجيته وما دام أن هذا الحكم قائم لم ينقض فاعترافه "أي الطاعن" بقبض ال 270 جنيهاً هو اعتراف بالإلزام على أساس ذلك الحكم". وأنه لما كانت المادة 313/ 5 من قانون المرافعات تنص على أن "يكون القاضي غير صالح لنظر الدعوى ممنوعاً من سماعها ولو لم يرده أحد الخصوم... إذا كان قد أفتى أو ترافع عن أحد الخصوم في الدعوى أو كتب فيها ولو كان ذلك قبل اشتغاله بالقضاء أو كان قد سبق له نظرها قاضياً أو خبيراً أو محكماً أو كان قد أدى شهادة فيها". وكان رئيس الهيئة التي أصدرت الحكم المطعون فيه قد أبدى رأيه في موضوع الدعوى بما جاء بأسباب الحكم في الاستئناف الوصفي فإنه يكون قد قام به سبب من أسباب عدم الصلاحية ويكون الحكم المطعون فيه قد عاره البطلان عملاً بحكم المادة 314 من قانون المرافعات.
وحيث إن هذا النعي مردود: ذلك أن طلب إلغاء وصف النفاذ طلب وقتي تابع للطب الأصلي والمحكمة التي لها ولاية الحكم في الطلب الأصلي تملك الحكم في الطلب الوقتي عملاً بقاعدة أن قاضي الأصل هو قاضي الفرع. فإذا ما فصلت المحكمة في الطلب الوقتي فإن ذلك لا يمنعها من الفصل في الطلب الأصلي لاختلاف موضوع الطلبين وسببهما. والقضاء الوقتي لا يحوز قوة الأمر المقضي ومن ثم فللمحكمة عند الفصل في الطلب الأصلي أن تعدل عن رأي رأته عند الحكم في الطب الوقتي لأن الحكم في هذا الطلب الأخير يستند إلى ما يبدو للمحكمة من ظاهر مستندات الدعوى. وحكم محكمة الاستئناف فيما يتعلق بالنفاذ المعجل لا تأثير له مطلقاً على استئناف الموضوع إذ هو يعتبر متمماً لحكم محكمة الدرجة الأولى إن كان حكمها قد أغفل النفاذ المعجل في حالة يوجبه فيها القانون أو ملغياً للنفاذ إن كان حكمها قد أمر به في غير الأحوال المنصوص عليها فيه على ما قضت به هذه المحكمة في الطعن رقم 9 سنة 1 ق. ولما كان يبين من الحكم الصادر في الاستئناف عن طلب إلغاء شمول الحكم بالنفاذ الذي اشترك في إصداره رئيس الهيئة التي أصدرت الحكم المطعون فيه أنه أورد في أسبابه "إن المستأنف الأول "الطاعن" لا يمكنه المنازعة من جديد في الملكية لصدور حكم فصل في هذا النزاع وهذا الحكم أصبح نهائياً وله حجيته وما دام هذا الحكم قائماً لم ينقض فاعترافه بقبض ال 270 ج هو اعتراف بالإلزام على أساس ذلك الحكم". وهذا الذي أورده الحكم ما هو إلا ما بدا للمحكمة من ظاهر حكم محكمة الجيزة الذي فصل في الملكية وليس من شأن هذا القضاء الوقتي أن يمنع المحكمة من العدول عن المدلول الظاهر لذلك الحكم إذا ما استبان لها عند الفصل في الموضوع أن حجيته قاصرة على ملكية الرقبة - كما أن ما أورده الحكم من اعتراف الطاعن بقبض ال 270 جنيهاً وربط هذا الاعتراف بالمدلول الظاهر لحكم الملكية لا يدل على أن المحكمة قد تعرضت لموضوع الطلب الأصلي أو أبدت رأيها، ولهذا أجاز المشرع في المادة 471 مرافعات أن يكون التظلم من النفاذ أمام نفس الهيئة التي يرفع إليها الاستئناف عن الحكم بقوله "ويجوز إبداء هذا التظلم في الجلسة أثناء نظر الاستئناف المرفوع عن الحكم ويحكم فيه على وجه السرعة مستقلاً عن الموضوع".
وحيث إن السبب الأخير الذي أبداه الطاعن أمام دائرة فحص الطعون يتحصل في النعي على الحكم المطعون فيه بالبطلان إذ خلا الحكم من إثبات تلاوة تقرير المستشار الملخص فجاء بذلك مخالفاً لما تقضي به المادة 116 من قانون المرافعات.
وحيث إن هذا النعي مردود - ذلك أنه وإن كان يبين من الحكم المطعون فيه أنه خلا مما يدل على أن تقرير التلخيص قد تلي في الجلسة إلا أن تضمين الحكم هذا البيان أمر لم يوجبه القانون وكل ما فرضه القانون في المادة 116 مرافعات هي وجوب تلاوة التقرير الذي يحيل به قاضي التحضير الدعوى إلى المرافعة وقد خلا نص المادة 349 مرافعات التي حددت البيانات التي يجب أن يتضمنها الحكم في النص على وجوب إثبات هذا البيان بالحكم - لما كان ذلك وكان الطاعن لم ينف واقعة عدم تلاوة التقرير في الجلسة إذ لم يقدم صور محاضر الجلسات التي نظرت فيها الدعوى للتحقيق من عدم تلاوة التقرير تأييداً لهذا السبب من أسباب الطعن فإن النعي على الحكم المطعون فيه في هذا الخصوص يكون عارياً عن الدليل.