أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 8 - صـ 98

جلسة 24 من يناير سنة 1957

برياسة السيد عبد العزيز محمد رئيس المحكمة، وبحضور السادة: محمد عبد الرحمن يوسف، وأحمد قوشه، ومحمد متولي عتلم، وإبراهيم عثمان يوسف المستشارين.

(11)
القضية رقم 78 سنة 23 القضائية

( أ ) إجارة. عقد "تفسيره". محكمة الموضوع. تموين. عقد إيجار مطحن. استخلاص الحكم لاعتبارات واقعية أن نية الطرفين انصرفت عند التعاقد إلى استمرار العقد مدة قيام نظام التموين. تقدير هذه الاعتبارات. موضوعي.
(ب) فسخ. عقد. دفاع. حكم "تسبيب كاف". متى يتم فسخ العقد وفقاً لنص المادة 117 مدني قديم؟ قول أحد المتعاقدين بقيام أسباب هي في نظره مبررة في الفسخ. لا يشفع له في الانفراد بالفسخ. نعيه على الحكم بعدم الرد على دفاعه المستند إلى ذلك. لا جدوى منه.
(ج) فسخ. ظروف طارئة. إجارة. تموين. تحديد أجرة طحن الغلال في التعاقد. تقرير وزارة التموين زيادة الأجر أو طروء ظروف جعلت تنفيذ العقد مرهقاً للمؤجر. اتخاذه ذلك ذريعة لفسخ العقد بإرادته. لا يسوغ.
1 - متى كان الحكم قد نهج في تكييف عقد إيجار مطحن من المطاحن صحيحاً ولم يخرج في تفسيره عما تحتمله نصوصه فاستخلص لاعتبارات واقعية أن نية المتعاقدين قد انصرفت عند التعاقد إلى استمرار العقد مدة قيام نظام التموين فإن تلك الاعتبارات مما تستقل محكمة الموضوع بتقديرها ولا رقابة لمحكمة النقض عليها.
2 - فسخ العقد لا يكون إلا نتيجة لاتفاق المتعاقدين عليه أو لصدور حكم به وفقاً لنص المادة 117 من القانون المدني القديم، ولا يشفع لأحد المتعاقدين في الانفراد بالفسخ قوله بقيام أسباب هي في نظره مبررة للفسخ وبالتالي فلا جدوى له من النعي على الحكم بعدم الرد على دفاعه المستند إلى هذا الأساس.
3 - إذا كانت أجرة الطحن قد تحددت في التعاقد بمبلغ معين لطحن الإردب من الغلال فإن الطرفين يكونان ملتزمين بهذا الاتفاق ولا يسوغ للمؤجر أن يتخذ ذريعة لفسخ العقد بإرادته أن وزارة التموين قررت زيادة الأجر أو أن ظروفاً طرأت جعلت تنفيذ العقد مرهقاً له.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
... من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن المطعون عليه الأول رفع الدعوى رقم 357 سنة 46 كلي الجيزة على الطاعن وباقي المطعون عليهم طالباً الحكم بصحة ونفاذ الاتفاق المؤرخ في 4 من أغسطس سنة 1942 والمحرر بينه وبين الطاعن وتسليم وابور الطحين المشار إليه في ذلك العقد إليه مع إلزام الطاعن والمطعون عليه الثاني متضامنين بأن يدفعا له مبلغ 3776 جنيهاً على سبيل التعويض مع حفظ حقه في التعويض عما لحقه من ضرر بعد شهر إبريل سنة 1947 وقال شرحاً لذلك إنه اتفق مع الطاعن بمقتضى عقد 4 من أغسطس سنة 1942 سالف الذكر على أن يستخدم مطحناً له بالجيزة في طحن غلال وحبوب أخرى يتراوح مقدارها بين سبعين وثمانين إردباً يومياً في نظير أجر مقداره 12 قرشاً عن الأردب الواحد وكان المطحن وقتئذ غير صالح للعمل في آلاته فدفع إلى الطاعن مبلغ مائتي جنيه ليقوم بإصلاحه إلا أن الطاعن لم ينفذ هذا الالتزام فاضطر إلى أن يرفع عليه دعوى وضع المطحن تحت الحراسة القضائية لإجراء الإصلاح المطلوب وإدارة المطحن فقضى له بما طلب ثم رفعت الحراسة بعد ذلك وسلم المطحن إلى الطاعن ليقوم هو بتنفيذ ما التزم به بمقتضى عقد الاتفاق، وكانت وزارة التموين وقتئذ تسلم أذونات صرف الغلال إلى المطعون عليه الأول فسعى الطاعن لدى وزارة التموين بعد صدور الحكم برفع الحراسة وتسليم المطحن إليه وتمكن من استلام الأذونات فعلاً ثم قام بعد ذلك في 5 من يوليه سنة 1947 بتأجير المطحن إلى المطعون عليه الثاني فخالف بذلك ما تقضي به نصوص الاتفاق المعقود بينهما في 4 من أغسطس سنة 1942 من استمرار العمل بذلك العقد حتى ينتهي نظام التموين المقرر، وفي 17 من مارس سنة 1949 قضي بإلزام الطاعن بأن يدفع إلى المطعون عليه الأول مبلغ 952 ج و650 م ورفض ما عدا ذلك من الطلبات استناداً إلى أن عقد الاتفاق المعقود بينهما هو عقد استصناع يحق فيه لصاحب العمل أن يلغيه قبل انقضاء مدته على أن يلتزم بالتعويض ومن ثم فلا محل للحكم بتسليم المطحن إلى المدعي - المطعون عليه الأول - أما عن التعويض الذي يستحقه هذا الأخير فقد قدرته المحكمة على أساس الفرق بين أجرة طحن الأردب المتفق عليه بينهما وهي 12 قرشاً والأجرة التي اتفق عليها الطاعن مع المطعون عليه الثاني في 5 من يوليه سنة 1949 وهي 18 قرشاً مضروباً في متوسط عدد الأرادب التي كان يقوم المطعون عليه الأول بطحنها فعلاً وهي 5/ 43 إردباً على ما جاء بكشوف الحساب التي قدمها وجملة ذلك المبلغ المحكوم به، استأنف الطاعن هذا الحكم - وقيد استئنافه برقم 130 سنة 67 ق استئناف القاهرة - طالباً الحكم بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى. كما استأنفه المطعون عليه الأول - وقيد استئنافه برقم 46 سنة 67 ق استئناف القاهرة - طالباً الحكم بتعديل الحكم المستأنف والقضاء له بطلباته التي طلبها أمام محكمة أول درجة، فضمت المحكمة الاستئنافين وقضت في 23 من ديسمبر سنة 1952 برفضهما وتأييد الحكم المستأنف مستندة في ذلك إلى أن عقد 4 من أغسطس سنة 1942 ليس عقد استصناع على ما ذهبت إليه محكمة أول درجة بل هو عقد إيجار محدد المدة ينتهي بانتهاء نظام التموين فلا يحق للطاعن الانفراد بفسخه أما وقد فعل وعمد إلى الإخلال بتعاقد إذ سعى لدى وزارة التموين فحصل على أذونات صرف الحبوب وقد كانت من حق المستأنف عليه الأول - المطعون عليه الأول - كما أخل بهذا التعاقد إذ قام بتأجير المطحن إلى المستأنف عليه الثاني - المطعون عليه الثاني - فإنه يكون مسئولاً عن التعويض وقد أقر الحكم المطعون فيه محكمة الدرجة الأولى على وجهة نظرها في تقديره والحكم به، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقد عرض الطعن على دائرة فحص الطعون فطلب الحاضر عن الطاعن إحالته على الدائرة المدنية وصممت النيابة على ما جاء بمذكرتها طالبة إحالته كذلك، فقررت المحكمة إحالته إلى هذه الدائرة لنظره بجلسة 10 من يناير سنة 957 وصممت النيابة أمام هذه الهيئة بقبول الطعن ونقض الحكم.
وحيث إن الطعن أقيم على خمسة أسباب ينعى الطاعن على الحكم المطعون فيه بالسببين الأول والثاني منها إخلالاً بحق الدفاع ذلك أن دفاعه كان يقوم على أنه عندما تعاقد مع المطعون عليه الأول في 4 من أغسطس سنة 1942 انصرفت نيتهما وقتئذ إلى تحديد مدة العقد بأنها المدة التي يقتضيها طحن 20 ألف إردب من الغلال ذلك أنه نص في البند الخامس من بنود العقد على أن الدين البالغ مقداره مائتي جنيه الذي دفعه المطعون عليه الأول لحساب إصلاح آلات المطحن يسدد عن طريق خصم قرش واحد من أجر طحن كل إردب يطحن أي أن الدين يستهلك بأكمله عندما يتم طحن 20 ألف إردب، ونص في البند الثامن على أنه إذا انتهى نظام التموين الحالي في خلال مدة قريبة فلا يتمكن الطرف الثاني - المطعون عليه الأول - من إتمام عملية الطحن واستهلاك الدين فإن الطرف الأول - الطاعن - يلتزم بدفع الباقي عليه من الدين نقداً، وفي ذلك ما يدل على أنه والمطعون عليه الأول كانا يقدران سلفاً أن نظام التموين المعمول به وقت التعاقد هو نظام استثنائي قد ينتهي قبل استهلاك الدين فقصد إلى تحديد مدة التعاقد باستهلاك الدين أي بطحن 20 ألف إردب متى كان نظام التموين قائماً بظروفه وطحن ذلك المقدار ممكناً فالعقد في الواقع لم يكن إلا تأميناً لدفع الدين وينبني على ذلك أنه إذا تغيرت تلك الظروف اعتبرت المدة منتهية وحق لكل من المتعاقدين أن ينهي العقد بدون تنبيه أو إنذار للطرف الآخر وقد تغيرت ظروف ذلك النظام فعلاً بما أدخل عليه من تعديلات أضافت أعباء جديدة على كاهل الطاعن فمن ذلك زيادة أجر الطحن من 12 قرشاً إلى 18 قرشاً وصدور أوامر عسكرية تزيد أجور العمال عما كانت عليه ومن ثم فقد أصبح من حقه أن يعتبر العقد منتهياً، يقول الطاعن إنه أبدى هذا الدفاع أمام محكمة الدرجة الثانية وطلب إليها أن تفسر العقد بما يتفق وهذا النظر ولكنها لم تستجب إلى طلبه ولم يعن الحكم المطعون فيه بالرد على دفاعه كما أنه لم يبين متى ينتهي نظام التموين فجاء الحكم مشوباً بالقصور والخطأ في تطبيق القانون فضلاً عن إخلاله بحق الدفاع.
وحيث إنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه في خصوص ما ينعاه الطاعن بهذين السببين على أن العقد المؤرخ في 4 من أغسطس سنة 1942 المعقود بينه وبين المطعون عليه الأول ليس عقد استصناع على ما ذهبت إليه محكمة الدرجة الأولى بل هو عقد إيجار أشياء تنطبق عليه أحكام المواد 362 وما بعدها من مواد القانون المدني القديم ومنها المادة 388 التي تنص على أن عقد الإيجار ينفسخ لعدم وفاء أحد المتعاقدين بما التزم به للآخر... بغير إخلال بالتضمينات التي يستحقها كل منهما قبل الآخر ثم رتب الحكم على ذلك أن الطاعن قد أخل بالتزاماته قبل المطعون عليه الأول منذ تاريخ التعاقد إذ لم ينفذ ما قضى به البند الثالث من بنود العقد وهو الخاص بإصلاح المطحن وإعداده لطحن الحبوب المتفق بينهما على طحنها مما أدى بالمطعون عليه الأول إلى رفع دعوى الحراسة رقم 103 سنة 43 فقضي فيها بإقامة حارس قضائي على المطحن فرفع الطاعن دعوى بإنهاء الحراسة لم يقض فيها بإنهائها إلا بتاريخ 23 من يوليه سنة 1945 بعد أن أقر الطاعن بأنه "مستعد لتنفيذ العقد عيناً" ثم قام بتنفيذ العقد حتى 25 من إبريل سنة 1946 حيث تنكر له فقدم طلباً إلى مراقب التموين طلب فيه تسليم أذونات صرف حبوب إليه بدلاً من المطعون عليه الأول مستنداً في ذلك إلى أن حكم إنهاء الحراسة يخوله هذا الحق وسلمت إليه الأذونات على الرغم من اعتراض المطعون عليه الأول بإنذار وجهه إلى مراقب التموين، وانتهى الحكم المطعون فيه من ذلك إلى قوله "وحيث إن هذه المحكمة ترى أن حكم إنهاء الحراسة المذكور لا يتعارض مطلقاً مع وجوب قيام محمد الليثي الحكيم - الطاعن - بتنفيذ عقد الإيجار المحرر بينه وبين كمال محمد علي - المطعون عليه الأول - طوال مدة قيام نظام التموين كما هو مشترط في العقد إذ أن هذا الحكم إنما هو رجوع إلى الحالة السابقة على الحراسة التي كانت في الواقع إجراءً لجأ إليه كمال محمد علي إزاء عدم تنفيذ البند الثالث من العقد... هذا وبمقتضى البند الثالث من العقد وبمقتضى الشرط المذيل به قد تعهد محمد الليثي الحكيم للطرف الثاني كمال محمد علي بأن جميع أذونات صرف الغلال والحبوب وخلافه الصادرة من وزارة التموين باسم وابور الحكيم هي من حق الطرف الثاني كما تعهد الطرف الأول بأنه لا يشرك أي شخص آخر في كل هذه العمليات... ومع صراحة هذه الشروط ومع تسليم محمد الليثي الحكيم بها وبالعقد وتنفيذه شروطه حتى بعد حكم إنهاء الحراسة عند تسليم المطحن إليه كما تدل على ذلك إيصالات قبضه أجرة طحن الغلال المشترطة في العقد من كمال محمد علي في المدة من 10 من أغسطس سنة 1945 حتى 25 من إبريل سنة 1946 فإنه قد عمد إلى الإخلال بشروط العقد بالحصول من وزارة التموين على أذونات صرف الغلال لنفسه مخالفاً في ذلك تعهده في العقد بتركها لكمال محمد علي، ثم قام بتأجير المطحن إلى المستأنف عليه السيد سلطان خراش - المطعون عليه الثاني - بتاريخ 5 من يوليه سنة 1946 مما أدى إلى رفع هذه الدعوى"...
وحيث إنه يبين من ذلك أن الحكم المطعون فيه قد عنى بتكييف عقد 4 من أغسطس سنة 1942 المتنازع على تكييفه بين الطاعن والمطعون عليه الأول فانتهى من ذلك إلى أنه عقد إيجار أشياء ثم قام بتفسير النصوص المتعلقة بمدته والتي اختلفا على تفسيرها فانتهى من ذلك إلى أن هذه المدة هي مدة قيام نظام التموين بمعناها العام وليست المدة اللازمة لطحن عدد معين من الأرادب على ما ذهب الطاعن في دفاعه أمام المحكمة ثم رتب الحكم على ذلك أن الطاعن أخل بالتزاماته التي التزم بها قبل المطعون عليه الأول، وقد نهج الحكم في تكييف العقد نهجاً صحيحاً لا مخالفة فيه للقانون كما لم يخرج في تفسيره عما تحتمله نصوصه - إذ استخلص أن نية المتعاقدين قد انصرفت عند التعاقد إلى استمرار العقد مدة قيام نظام التموين للاعتبارات التي تضمنتها أسباب الحكم وهي اعتبارات واقعية تستقل محكمة الموضوع بتقديرها ولا رقابة لهذه المحكمة عليها، ولا يعيب الحكم بعد ذلك أنه لم يتعقب الطاعن في جزئيات دفاعه أمام المحكمة فيرد على كل جزئية منها إذ فيما تضمنته أسبابه من الرد جملة غناء عن الرد على تلك الجزيئات، ويخلص من ذلك أن النعي على الحكم المطعون فيه بهذين السببين في غير محله.
وحيث إن السبب الثالث يتحصل في أن الحكم المطعون فيه أغفل الرد على دفاع جوهري آخر للطاعن ذلك أن الطاعن قال أمام المحكمة إنه لو صح أن مدة العقد لم تنته فإن كان من حقه فسخ العقد لأن المطعون عليه الأول قد استغل المطحن لحسابه الخاص دون مراعاة لصالح الطاعن فقد تجاوزت كمية الغلال المطحونة المقدار المتفق عليه فتجاوزت هذه الكمية 1221 إردباً في مدة 21 يوماً بواقع 84 إردباً يومياً في حين أن المتفق على طحنه هو 80 إردباً فقط - كما يدل على ذلك المستند الذي قدمه للمحكمة - ولكن الحكم المطعون فيه قال إنه لم يقدم دليلاً على أن كمال محمد علي - المطعون عليه الأول - كان يطحن أكثر من 80 إردباً في اليوم، وقال الطاعن في دفاعه أيضاً إن المطعون عليه الأول أخل بالتزامه إذ أنه عندما زادت وزارة التموين أجرة الطحن من 12 قرشاً إلى 18 قرشاً استولى على الفرق لنفسه مع أن الزيادة في أجر الطحن كان ملحوظاً فيها زيادة المصروفات فترتب على ذلك عجز الطاعن عن قيامه بالتزاماته فبلغت خسارته مبلغ أربعة آلاف جنيه رفع به دعوى على المطعون عليه الأول قضى برفضها استناداً إلى أن الطاعن لا يستفيد من نظرية الظروف الطارئة. فاستأنف هذا الحكم وطلب من المحكمة أن توقف الدعوى الحالية حتى يفصل في تلك الدعوى إذ يتوقف على الفصل فيها إعفاؤه من التعويض ولكن المحكمة لم تستجب إلى هذا الطلب كما أنها لم ترد على باقي دفاعه.
وحيث إن هذا النعي مردود بأنه لا يعيب الحكم المطعون فيه إغفاله الرد على هذا الدفاع ذلك أنه لم يكن يحق للطاعن أن ينفرد بفسخ العقد استناداً إلى ما يزعمه من إخلال المطعون عليه الأول بالتزامه إذ لا يكون الفسخ إلا نتيجة لاتفاق المتعاقدين عليه أو لصدور حكم به وفقاً لنص المادة 117 من القانون المدني القديم الذي يحكم واقعة الدعوى ومن ثم فقول الطاعن بقيام أسباب هي في نظره مبررة للفسخ لا يشفع له في الانفراد بالفسخ وبالتالي فلا جدوى له من النعي على الحكم بعدم الرد على دفاعه المستند إلى هذا الأساس.
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه بالسبب الرابع أن الحكم وهو بصدد بيان الأساس الذي بني عليه التعويض التفت عن دفاعه المستند إلى أن زيادة أجر الطحن من 12 قرشاً إلى 18 قرشاً كان بسبب زيادة المصروفات التي يتحملها وأن المستفاد من شهادة وزارة التموين التي قدمها للمحكمة أن أجرة الطحن وقد زيدت بعد إلى 20 قرشاً ليس فيها من ربح لصاحب المطحن سوى أربعة قروش وبذلك يكون قد خسر قرشين في كل إردب عندما قبل تأجير المطحن إلي المطعون عليه الثاني على أساس أجرة طحن الأردب 18 قرشاً ولكن المحكمة التفتت عن هذا الدفاع وقضت بإلزامه بالتعويض على أساس أن المطعون عليه الأول خسر ستة قروش عن كل إردب وهي الفرق بين الأجر المتفق عليه بينهما، والأجر المتفق عليه بين الطاعن والمطعون عليه الثاني وبذلك يكون الحكم قد أخطأ في تقدير واقعة من وقائع الدعوى.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن أجرة الطحن قد تحددت في التعاقد الحاصل بين الطاعن والمطعون عليه الأول باثني عشر قرشاً أجراً لطحن الإردب من الغلال فهما ملتزمان بهذا الاتفاق ولا يسوغ للطاعن أن يتخذه ذريعة لفسخ العقد بإرادته بحجة أن وزارة التموين قررت زيادة الأجر أو أن ظروفاً طرأت جعلت تنفيذ العقد مرهقاً له ومن ثم لا يكون الحكم قد أخطأ في شيء إذ قرر مسئولية الطاعن عن التعويض استناداً إلى هذا الأساس.
وحيث إن السبب الخامس يتحصل فيما ينعاه الطاعن من أن الحكم المطعون فيه نسب له وقائع غير صحيحة حين قال إنه استمر تنفيذ العقد بعد تعهده في دعوى الحراسة رقم 891 سنة 1945 مستأنف مصر بأنه مستعد لتنفيذ العقد دون أن يشير الحكم إلى التحفظ الذي اقترن به هذا التعهد وهو أنه سيتخذ الإجراءات للمحافظة على حقه، وهذا النعي مردود بما سبق الرد به من أن الطاعن ما كان يحق له على أية حال أن يستقل بفسخ العقد ولا يجديه القول بعد ذلك بأن الحكم قد أغفل تحفظه إذ لا عبرة بهذا التحفظ ولا محل للرد عليه طالما أن اللجوء إلى القضاء للحكم بفسخ العقد كان واجباً لم يلتزمه الطاعن ويترتب على إهماله تقرير مسئوليته ومن ثم يتعين رفض هذا السبب أيضاً.