أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
السنة 26 - صـ 331

جلسة 5 من فبراير سنة 1975

برياسة السيد المستشار أنور أحمد خلف وعضوية السادة المستشارين: محمد أسعد محمود، وجلال عبد الرحيم عثمان، وسعد الشاذلي، وعبد السلام الجندي.

(71)
الطعن رقم 445 لسنة 38 القضائية

(1) نقض "الخصوم في الطعن".
الطعن بالنقض لا يرفع إلا على من كان طرفاً في الحكم المطعون فيه. لا يكفي أن يختصم الشخص أمام محكمة أول درجة.
(2) استئناف "الخصوم في الاستئناف".
عدم وجوب شمول الاستئناف كل من كان خصماً أمام محكمة أول درجة.
(3) حكم "إصدار الحكم". دعوى "نظر الدعوى". ضرائب.
الدعاوى التي ترفع من الممول أو عليه. وجوب نظرها في جلسة سرية. النطق بالحكم. وجوب أن يكون في جلسة علنية.
(4) استئناف "الحكم في الاستئناف". حكم "تسبيب الحكم".
لمحكمة الاستئناف أن تستند في قضائها لصالح المستأنف إلى أدلة غير التي أوردها متى كانت مستمدة من أوراق الدعوى.
(5) إثبات. محكمة الموضوع.
لمحكمة الموضوع سلطة تقدير ما يقدم لها من الأدلة.
(6) عرف. نقض "السبب الجديد".
عدم جواز التحدي لأول مرة أمام محكمة النقض بوجود عرف معين.
1 - الطعن بالنقض - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا يرفع إلا على من كان طرفاً في الحكم المطعون فيه، ولا يكفي لاعتبار الشخص طرفاً في الحكم أن يكون قد اختصم أمام محكمة أول درجة دون أن يختصم في الاستئناف بل يعد خارجاً عن الخصومة، ولما كان الثابت أن المطعون عليه الثاني اختصم فقط أمام المحكمة الابتدائية ولم يمثل في الخصومة بمرحلة الاستئناف، فإن الدفع بعدم قبول الطعن بالنسبة له يكون في محله.
2 - لم يوجب القانون شمول الاستئناف لكل من اختصم في الدعوى أمام محكمة أول درجة.
3 - إنه وإن كانت المادة 94 من القانون رقم 14 لسنة 1939 تنص على أن الدعاوى التي ترفع من الممول أو عليه تنظر في جلسة سرية، إلا أنه يتعين طبقاً للمادة 345 من قانون المرافعات السابق النطق بالحكم في علانية ولو نظرت الدعوى في جلسة سرية.
4 - لا على محكمة الاستئناف إن هي استندت في قضائها - لصالح المستأنف - إلى أدلة وأسانيد أخرى غير التي أوردها المستأنف، متى كان ما استندت إليه مستمداً من أوراق الدعوى، لأن الاستئناف ينقل إلى المحكمة الاستئنافية - في حدود طلبات المستأنف - الدعوى بعناصرها الواقعية وأداتها القانونية.
5 - محكمة الموضوع هي صاحبة الحق في تقدير ما يقدم لها من الأدلة ولا تثريب عليها في الأخذ بأي دليل تكون قد اقتنعت به ما دام هذا الدليل من طرق الإثبات القانونية.
6 - متى كان الطاعن لم يدع أمام محكمة الموضوع بوجود عرف يمنع أن يتقاضى ابن فوائد من والدته وشقيقته فإنه لا يجوز التحدي بهذا العرف لأول مرة أمام محكمة النقض.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن مأمورية ضرائب المحلة الكبرى أخطرت الطاعن بسداد مبلغ 368 ج و942 م ضريبة على فوائد الدينين المحرر بهما السندين الإذنيين بمبلغي 2500 ج و1500 ج الصادرين لصالحه على والدته وشقيقته، فأقام الدعوى رقم 47 لسنة 1966 تجاري طنطا الابتدائية ضد المطعون عليهما طالباً القضاء بإلغاء ربط الضريبة عليه تأسيساً على أن الدينين مجرد هبة من والدته وشقيقته عدل عنها ولم تؤد عنهما فوائد، وبتاريخ 9/ 5/ 1967 أحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق لإثبات دفاع الطاعن وبعد سماع شاهديه حكمت بتاريخ 31/ 10/ 1967 بطلباته استأنفت مصلحة الضرائب هذا الحكم بالاستئناف رقم 182/ 17 ق تجاري طنطا وبتاريخ 3/ 8/ 1968 حكمت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف واستحقاق الضريبة طبقاً لتقدير المأمورية. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة دفعت فيها بعدم قبول الطعن شكلاً بالنسبة للمطعون عليه الثاني وأبدت الرأي في موضوع الطعن بالنسبة للمطعون عليه الأول برفضه، وعرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر، وبالجلسة المحددة أصرت النيابة على رأيها.
وحيث إن مبنى دفع النيابة العامة بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون عليه الثاني - رئيس نيابة طنطا لشئون الضرائب - أنه لم يكن ضمن الخصوم في الاستئناف.
وحيث إن هذا الدفع صحيح، ذلك أن الطعن بالنقض - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا يرفع إلا على من كان طرفاً في الحكم المطعون فيه ولا يكفي لاعتبار الشخص طرفاً في الحكم أن يكون قد اختصم أمام محكمة أول درجة دون أن يختصم في الاستئناف بل خارجاً عن الخصومة، ولما كان الثابت أن المطعون عليه الثاني اختصم فقط أمام المحكمة الابتدائية ولم يمثل في الخصومة بمرحلة الاستئناف، فإن الدفع بعدم قبول الطعن بالنسبة له يكون في محله.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية بالنسبة للمطعون عليه الأول.
وحيث إن حاصل السبب الأول أن الحكم المطعون فيه شابه البطلان من عدة وجوه (الأول) إغفال المطعون عليه الثاني رغم أنه كان من بين الخصوم أمام محكمة أول درجة. (الثاني) صدوره من المحكمة وهي منعقدة بهيئة علنية بالمخالفة للمادة 94 من القانون رقم 14 لسنة 1939 (الثالث) استدلاله بالعريضة المقدمة من الطاعن إلى مراقبة الضرائب رغم أنها لم تكن محل بحث في درجتي التقاضي ولم تعتمد عليها مصلحة الضرائب في أسباب استئنافها ولم يواجه بها الطاعن (الرابع) تناقضه إذ بعد أن قرر أن شاهدي الطاعن شهدا بما يؤيد دعواه عاد وعيب ما انتهى إليه.
وحيث إن النعي مردود في الوجه الأول بأن القانون لم يوجب شمول الاستئناف لكل من اختصم في الدعوى أمام محكمة أول درجة ومردود في الوجه الثاني بأنه وإن كانت المادة 94 من القانون رقم 14 لسنة 1939 تنص على أن الدعاوى التي ترفع من الممول أو عليه تنظر في جلسة سرية إلا أنه يتعين طبقاً للمادة 345 من قانون المرافعات السابق النطق بالحكم في علانية ولو نظرت الدعوى في جلسة سرية ومردود في الوجه الثالث بأن الثابت أن العريضة المقدمة إلى مراقبة الضرائب كانت من بين أوراق الملف الفردي المقدم من مصلحة الضرائب أمام محكمة أول درجة وكان في ميسور الطاعن مناقشة دلالتها ولا على محكمة الاستئناف إن هي استندت في قضائها إلى أدلة وأسانيد أخرى غير التي أوردها المستأنف متى كانت ما استندت إليه مستمداً من أوراق الدعوى لأن الاستئناف ينقل إلى المحكمة الاستئنافية - في حدود طلبات المستأنف - الدعوى بعناصرها الواقعية وأدلتها القانونية ومردود في الوجه الرابع بأن الثابت أن الحكم المطعون فيه بعد أن أورد في أسبابه الواقعية مؤدى ما شهد به شاهدا الطاعن أطرح أقوالهما لعدم اطمئنانه إليها ومن ثم يكون النعي عليه بالتناقض في غير محله.
وحيث إن حاصل الأسباب الثاني والثالث والرابع والخامسة أن الحكم أخطأ في القانون وشابه قصور في التسبيب لأنه قضى باستحقاق ضريبة على فوائد الديون دون أن يقيم دليلاً على تحصيل الطاعن لتلك الفوائد في حين أن المادة 18 من القانون رقم 14 لسنة 1939 تستوجب لسريان الضريبة أن يتم الأداء الفعلي للفوائد وقد استدل الحكم على ذلك بما لا يصلح لإثباته إذ استند إلى أن سندي الدينين ثابتاً التاريخ وإلى أن العريضة المقدمة من الطاعن إلى مراقبة الضرائب تدل على أن حقيقة الدين قرض لا هبة، وأهدر الحكم عقد الصلح المؤرخ 13/ 8/ 1958 كما خالف العرف الذي لا يقر قبض الفائدة من الأم والأخت الشقيقة.
وحيث إن هذا النعي مردود، إذ أقام الحكم المطعون فيه قضاءه في هذا الخصوص على قوله "إن الثابت أن سندي المديونية أثبت تاريخهما في مأمورية الشهر العقاري بتاريخ 12/ 2/ 1958 برقمي 72، 73 لسنة 1958 في حين أن عقد الصلح المؤرخ 13/ 8/ 1958 غير ثابت التاريخ وهو لا يعدو أن يكون ورقة عرفية لا حجية لها على المستأنفة ويمكن اصطناعها لخدمة الدعوى كما يمكن تلقين الشاهدين ما شهدا به سيما وأن الاثنين من أقارب المستأنف عليه وليس من الطبيعي أن الواهب لمبلغ من النقود يهب أيضاً فوائد ذلك المبلغ ومما يؤكد عدم صحة ادعاء المستأنف عليه بشأن السندين أنه تقدم بعريضة طعن للسيد مراقب المحلة الكبرى شعبة فوائد الديون قال فيها حرفياً "وبما أن المحرر 72 سنة 58 قد تخالصت فيه مع السيدة....... بموجب مخالصة موجودة تحت يدي مؤرخة 15/ 2/ 1958 وقد قبضت المبلغ المذكور بدون فوائد إطلاقاً كما أن المحرر رقم 73 سنة 58 قد تخالصت فيه كذلك مع....... وقبضت قيمته بدون فوائد هي الأخرى وتحت يدي مخالصة مؤرخة 13/ 2/ 1958" فهو في عريضة طعنه لمراقبة الضرائب يقول إنه تخالص أي قبض دينه الثابت بالسندين بدون فوائد وإن التخالص تم بمخالصتين مؤرختين 15، 13/ 2/ 1958 وقد عدل هذا القول عندما أفهم أن قوله هذا لا يعفيه من دفع ضريبة على فوائد الديون وادعى أن الدينين هبة عدل عنها وهذه المحكمة تأخذه بإقراره الكتابي الذي حرره كله بخطه ووقع عليه بإمضائه ومؤدى إقراره أنه حصل التخالص عن الدينين بأن قبضهما أما ادعاؤه بأنه لم يتقاض فوائد فادعاء لا دليل عليه وينقضه اشتراط الفوائد في الدينين، ولما كانت المادة 18 من القانون 14 لسنة 1939 تنص على أن "تحصل الضريبة على المجموع الكلي للفوائد ويستحق أداؤها بمجرد الوفاء مهما تكن الصورة التي يتم بها الوفاء"، وكانت محكمة الاستئناف في حدود سلطتها التقديرية خلصت إلى أن الدينين قد تسددا للطاعن وتم حصوله على فوائدها وأقامت قضاءها في هذا الخصوص على ما استخلصته من القرائن الماثلة في الدعوى استخلاصاً سائغاً ويؤدي على النتيجة التي انتهى إليها وفيه الرد الضمني برفض ما يخالفها وكانت محكمة الموضوع هي صاحبة الحق في تقدير قيمة ما يقدم لها من الأدلة وأنه لا تثريب عليها في الأخذ بأي دليل تكون قد اقتنعت به ما دام هذا الدليل من طرق الإثبات القانونية، وكان يبين من الأوراق أن الطاعن لم يدع أمام محكمة الموضوع بوجود عرف يمنع أن يتقاضى ابن فوائد من والدته وشقيقته فإنه لا يجوز التحدي بهذا العرف لأول مرة أمام محكمة النقض لما كان ذلك فإن النعي على الحكم بالخطأ في القانون والقصور في التسبيب يكون على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.