أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 8 - صـ 126

جلسة 7 من فبراير سنة 1957

برياسة السيد عبد العزيز محمد رئيس المحكمة، وبحضور السادة: اسحق عبد السيد، وأحمد قوشة، ومحمد متولي عتلم، وإبراهيم عثمان يوسف المستشارين.

(15)
القضية رقم 105 سنة 23 القضائية

( أ ) وصية. إجازة الوصية. تسجيل "التصرفات المقررة". إثبات "الإقرار". إجازة المتصرف. صلح. وارث. إجازة الابن لوصية صادرة من المورث للزوجة والبنت في حدود ثلث التركة لكل منهما في صورة إقرار تضمنه عقد صلح أبرم فيما بينهم. قسمة عقارات التركة على أساس هذا الصلح. عدم لزوم تسجيل عقد الصلح ولا تحصيل رسم عليه عند تسجيل عقد القسمة طبقاً للقانون رقم 18 سنة 1923 والقرار الوزاري الصادر في 26 مايو سنة 1926.
(ب) نقض "التوكيل في الطعن". محاماة. تقرير محامي الطاعن بالطعن في قلم كتاب محكمة النقض بصفته وكيلاً عن وكيل الطاعن. عدم تقديم التوكيل الصادر من الطاعن إلى وكيله. عدم قبول الطعن شكلاً.
1 - لم تكن الوصية واجبة التسجيل طبقاً للقانون رقم 18 لسنة 1923 وإجازتها لا يجب تسجيلها كذلك لأن إجازة الوصية - على ما قرره فقهاء الحنفية - وإن كانت بالنسبة للوارث تبرعاً إلا أن التمليك لا يعتبر منه بل يعتبر من الموصي وذلك سيراً على أصلهم المقرر عندهم الثابت وهو أن الوصية للوارث مطلقاً ولغير وارث فيما زاد على الثلث تصح ولا تقع باطلة بل يتوقف نفاذها على إجازة الورثة فليست الإجازة إذن منشئة للحق حتى يستند التمليك إلى الوارث. وعلى ذلك فإذا كان الإقرار الوارد بعقد صلح أبرم بين الورثة إنما هو إجازة من الابن لوصية صادرة من المورث للزوجة والبنت في حدود ثلث التركة لكل منهما فهو إقرار مقرر صادر من الابن لهما ولا يلزم تسجيل عقد الصلح الذي تضمن هذا الإقرار، ولا يجوز تحصيل رسم عليه عند تسجيل عقد قسمة عقارات التركة الذي حرر على أساسه باعتبار أنه من العقود الواجبة التسجيل طبقاً للقانون رقم 18 لسنة 1923 والقرار الوزاري الصادر في 26 من مايو سنة 1926.
2 - إذا كان محامي الطاعن قد قرر بالطعن في قلم كتاب هذه المحكمة بصفته وكيلاً عن وكيل الطاعن دون أن يقدم التوكيل الصادر من الطاعن إلى وكيله فإن الطعن يكون غير مقبول شكلاً.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الوقائع تخلص كما يبين من الحكم المطعون فيه ومن سائر أوراق الطعن في أنه بتاريخ 26 من سبتمبر سنة 1944 توفى المرحوم عزيز ليفي دي بنزايون وانحصر إرثه في زوجته وابنته وابنه الطاعنين وكان المورث قد أصدر وصيتين في 30 من يونيه سنة 1932 و25 من إبريل سنة 1940 اختص بهما زوجته وابنته بالنصيب الأكبر وابنه بما لا يتجاوز 9000 جنيه من تركته التي قدرت بما يزيد على ثلاثة أرباع المليون من الجنيهات وقد تمسكت الزوجة والبنت بالوصيتين بينما طعن القيم على الابن فيهما فأقامت الزوجة الدعوى رقم 694 سنة 71 ق مصر المختلطة بطلب صحة ونفاذ الوصيتين وقد رأى القيم على المحجور عليه أن في ترك الأمر للقضاء استهدافاً لمخاطرة فاستأذن المجلس الحسبي في الصلح فأذن له به فتم صلح على اقتسام التركة مثالثة بين الورثة وقد أقر المجلس الحسبي هذا الصلح في 17 من إبريل سنة 1946 وصدقت وزارة العدل عليه في 5 من مايو سنة 1946 وعلى أساس هذا الصلح اقتسم الورثة عقارات التركة وبلغت قيمتها 507900 جنيه وقد اقتضى الحال لتعادل القسمة أن تأخذ الزوجة 7300 جنيه بصفة معدل، منها 5700 ج عن البنت و1600 ج عن الابن، وقد أقر المجلس الحسبي هذه القسمة في 14 من إبريل سنة 1948 ثم أعد المتقاسمون عقداً بها قدموه لمصلحة الشهر العقاري لتسجيله ولما كان القانون رقم 92 لسنة 1944 الخاص برسوم التسجيل بفرض رسماً نسبياً مقداره 1/ 4% على عقود القسمة فإذا وجد بها معدل استحق رسم مقداره 3 و1/ 2% على قيمته كذلك وتطبيقاً لذلك حصلت مصلحة الشهر العقاري مبلغ 1546 جنيهاً و155 م رسم تسجيل عن هذا العقد باعتبار 1/ 4% عن قيمة العقارات المقتسمة المقدرة بمبلغ 507900 ج و3 و1/ 2% عن معدل القسمة. فدفعه الطاعنون إلا أن المصلحة عادت فطالبت بمبلغ 4188 جنيهاً و255 مليماً زيادة على المبلغ المتقدم وإلا امتنعت عن تسجيل العقد مستندة في طلبها على أن التركة كان يجب أن توزع طبقاً للشريعة الإسلامية فتأخذ الزوجة ثمنها والبنت ثلث الباقي والابن ثلثيه. ولكن حصة كل من الزوجة والبنت ارتفعت إلى الثلث وأن الفرق بين نصيب كل منهما بالميراث الشرعي وبين هذا الثلث المتفق عليه يجب سداد رسم عنه مقداره
3 و1/ 2% من قيمته اضطر الطاعنون لسداده حتى يتم تسجيل العقد ورفعوا عنه الدعوى رقم 4962 سنة 1949 كلي القاهرة ورقم 2809 سنة 74 ق مصر المختلطة طالبين استرداد هذا المبلغ الذي دفع بغير وجه حق وبتاريخ 29 من يناير سنة 1951 قضت محكمة أول درجة برفض دعواهم. فاستأنفوا هذا الحكم وقيد استئنافهم برقم 388 سنة 68 ق القاهرة. وبتاريخ 13 من ديسمبر سنة 1952 قضت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف فقرر محامي الطاعنين في قلم كتاب هذه المحكمة الطعن بالنقض في الحكم المذكور بتاريخ 25 من إبريل سنة 1953 وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون فقررت بجلسة 26 من ديسمبر سنة 1956 إحالته على هذه الدائرة وقد رأت النيابة العامة عدم قبوله شكلاً بالنسبة للطاعنين الأخيرين ما لم يقدم التوكيل الصادر منهما وفي حالة تقديمه يقضي بالنسبة لهما وللطاعنة الأولى برفضه.
ومن حيث إن محامي الطاعنين قرر الطعن في قلم كتاب هذه المحكمة بصفته وكيلاً أصلياً عن أولاهم ووكيلاً عن إيزاك انكوتا الوكيل من ثانيتهم وعن ثالثهم دون أن يقدم هذا التوكيل الصادر من الأخيرين إلى إيزاك انكوتا ومن ثم يتعين عدم قبول الطعن شكلاً بالنسبة للاثنين الأخيرين.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية بالنسبة للطاعنة الأولى وقد بنته على سببين تنعى بأولهما على الحكم المطعون فيه الخطأ في القانون إذا اعتبر أن عقد القسمة مع عقد الصلح تضمناً إقراراً منشئاً للملك وأن قانون التسجيل رقم 18 سنة 1923 قد عناه وأوجب تسجيله بوصفه تصرفاً ناقلاً للملك ولا يجوز تسجيل عقد القسمة ما لم يسجل هذا الإقرار عملاً بالقرار الوزاري الصادر في 26 من مايو سنة 1926 وأن تسجيل المحرر الواحد الذي حوى تصرفين متعاقبين يتطلب تحصيل الرسم المقرر لتسجيل التصرفات المنشئة بالنسبة لهذين التصرفين وأنه لما كان الإقرار إما أن يكون إقرار حكاية أو إقراراً ابتداء وأن الإقرار الذي عناه قانون التسجيل هو الإقرار المنشئ للملك دون إقرار الحكاية فلم يوجب القانون تسجيله ولما كان الصلح والقسمة في النزاع الحالي كلاهما إقرار حكاية يؤيده الحكم المطعون فيه نفسه برده سبب ملك الطاعنين إلى الوصية والميراث فيكون الإقرار بهما غير واجب التسجيل بموجب قانون التسجيل والقرار الوزاري المذكورين.
ومن حيث إن وقائع النزاع الجوهرية كما سبق البيان تتحصل في أن المرحوم عزيز ليفي توفى في 26 من سبتمبر سنة 1944 عن أرملته وابنته وابنه الطاعنين وكان قد أوصى لزوجته وابنته بالنصيب الأكبر من تركته والابن بما لا يتجاوز 9000 جنيه ورفعت الزوجة دعوى بطلب نفاذ الوصية ورأى القيم على الابن إنهاء النزاع صلحاً وفعلاً تم صلح بينهم صدق عليه كما سبق البيان في 5 من إبريل سنة 1946 على أن تقسم التركة مثالثة بينهم ثم تحرر عقد قسمة بينهم عن عقارات التركة أقره المجلس الحسبي في 14 من إبريل سنة 1948 وتضمنت القسمة معدلاً مقداره 7300 جنيه يدفعه البنت والابن للزوجة ثم قدم الطاعنون عقد القسمة لمصلحة الشهر العقاري لتسجيله فقدر رسماً مقداره 1/ 4% عن عقد القسمة و3 و1/ 2% عن المعدل وبلغت تلك الرسوم 1546 جنيهاً و155 مليماً ثم عادت المصلحة إلى المطالبة بمبلغ 4188 جنيهاً و125 مليماً بصفة رسم تكميلي لتسجيل عقد الصلح باعتباره عقداً سابقاً على عقد القسمة وواجباً تسجيله تنفيذاً للقرار الوزاري الرقيم 26 من مايو سنة 1926 فقام الطاعنون بسداد الرسم التكميلي ثم رفعوا دعوى بطلب رده قضي ابتدائياً برفضها وقضت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف بالحكم المطعون فيه وقد أسست قضاءها على أنه وإن كان الورثة حينما أبرموا الصلح وأجروا القسمة على أساسه لم يستبعدوا الوصية بل جعلوها أساساً لاتفاقهم وإنه وإن كان مفاد هذا الصلح أن الابن إنما أجاز الوصية في جزء منها بالنسبة لكل من الزوجة والبنت وقد ذهب الحكم المطعون فيه إلى أنه متى كان عقد القسمة المطلوب تسجيله "لم يقتصر على مجرد فرز وتجنيب أنصبة المتقاسمين وإنما تضمن أيضاً إجازة الابن الوصيتين في حدود 8 ط لكل من الأرملة والبنت وتنازل هاتين عن جزء من الموصى به لهما للابن مقابل إجارته الوصية وذلك طبقاً للصلح الذي تم بينهم" وإن القرار الوزاري الصادر في 26 من مايو سنة 1926 أوجب تسجيل العقود السابقة على العقد المطلوب تسجيله إذا كانت هذه العقود واجبة التسجيل طبقاً للقانون رقم 18 لسنة 1923 وأن عقد الصلح الذي أبرم بين الورثة تضمن إقرارهم بملكية عقارات التركة فكان يجب تسجيله عملاً بالمادة الثانية من القانون سالف الذكر وإن الجدول الملحق بقانون رسوم التسجيل ورد به أن الإقرار للغير أو التصادق على ملكية العقارات تدفع عنه رسوم بواقع 3 و1/ 2%.
ومن حيث إن هذا الذي انتهى إليه الحكم غير صحيح في القانون. ذلك أن واقعة الدعوى محكومة بالقانون رقم 18 لسنة 1923 وطبقاً له ما كانت الوصية واجبة التسجيل وإجازتها لا يجب تسجيلها كذلك لأن الإقرار إما أن يكون منشئاً لحق أو مقرراً له فإذا كان منشئاً لحق أو مقرراً له فإذا كان منشئاً لحق عيني وجب تسجيله طبقاً للمادة الثانية من القانون رقم 18 لسنة 1923 وتدفع عنه رسوم بواقع 3 و1/ 2% طبقاً للجدول الملحق بالقانون رقم 92 سنة 1944 أما إذا كان الإقرار مقرراً فلا يلزم تسجيله. ولما كان يبين حسبما هو ثابت بالحكم المطعون فيه أن الإقرار موضوع النزاع الوارد بعقد الصلح المصدق عليه من وزارة العدل في 5 من مايو سنة 1946 إنما هو إجازة الابن لوصية كل من الزوجة والبنت في حدود ثلث التركة، ولما كان فقهاء الحنفية قد قرروا أن إجازة الوصية وإن كانت بالنسبة للوارث تبرعاً إلا أن التمليك لا يعتبر منه بل يعتبر من الموصي وذلك سيراً على أصلهم المقرر عندهم الثابت وهو أن الوصية للوارث مطلقاً ولغير وارث فيما زاد على الثلث تصح ولا تقع باطلة بل يتوقف نفاذها على إجازة الورثة. وذلك لأن الوصية مهما يكن مقدارها تصرف من الموصي في ملكه والأصل في تصرف الإنسان في ملكه النفاذ لصدور التصرف من أهله مضافاً إلى محله وإنما امتنع النفاذ فيما يحتاج لإجازة لحق الورثة إذ وقت تنفيذ الوصية تعلق حقهم فإذا أجازوا فقد زال المانع وبقى السبب المنشئ للملكية الموصى له قائماً وهو وصية الموصي فهو إذن يملك ما يملك فليست الإجازة إذن منشئة للحق حتى يسند التمليك إلى الوارث لأن الإجازة هي إزالة المانع الذي منع من إعمال السبب وهو حق الوارث وعلى ذلك يكون إقرار الصلح هو إجازة للوصية في حدود القدر المتصالح عليه وهو ثلث التركة لكل من الزوجة والبنت فهو إقرار مقرر صادر من الابن لهما وأما الملكية فقد تلقياها من المورث بالوصية من تاريخ وفاته في 26 من سبتمبر سنة 1944 قبل العمل بقانون الشهر العقاري الحالي. ولما كان القرار الوزاري الصادر في 26 من مايو سنة 1926 إنما أوجب تسجيل الإقرارات المنشئة للملكية والسابقة على المحرر المطلوب تسجيله طبقاً للقانون رقم 18 سنة 1923 فيكون الحكم المطعون فيه إذ أقر مصلحة الشهر العقاري على تحصيلها رسماً على عقد الصلح باعتبار أنه من العقود الواجبة التسجيل طبقاً للقانون رقم 18 لسنة 1923 والقرار الوزاري الرقيم 26 من مايو سنة 1926 يكون الحكم المذكور قد أخطأ في القانون ويتعين نقضه دون حاجة لبحث السبب الآخر من الطعن.