أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 8 - صـ 132

جلسة 7 من فبراير سنة 1957

برياسة السيد عبد العزيز محمد رئيس المحكمة، وبحضور السادة الأساتذة: اسحق عبد السيد، وأحمد قوشه، ومحمد متولي عتلم، وإبراهيم عثمان يوسف المستشارين.

(16)
القضية رقم 169 سنة 23 القضائية

( أ ) دعوى. خصومة. سقوط الخصومة. إجراءات. نقض "أثره". صدور حكم النقض لمصلحة المستأنف في الحكم المنقوض. إهماله في تعجيل الدعوى أمام محكمة الإحالة خلال سنة من تاريخ صدور حكم النقض. حق صاحب المصلحة في التمسك بسقوط الخصومة. متى تبدأ السنة المقررة لسقوط الخصومة في هذه الحالة؟ م 301 مرافعات.
(ب) دعوى. خصومة. سقوطها. إجراءات. تنفيذ الأحكام. نقض "أثره". إعلان حكم النقض لإيفاء ما قضى به من مصروفات الطعن وأتعاب المحاماة. عدم اعتباره إجراء من إجراءات التقاضي تبدأ منه مدة سقوط الخصومة. عدم وجوب إعلان حكم النقض قبل تعجيل الدعوى أمام محكمة الإحالة. المادتان 301، 460 مرافعات.
(ج) دعوى. خصومة. سقوطها. إجراءات. نقض "أثره". قضاء محكمة الإحالة بسقوط الخصومة بعد نقض الحكم. عدم جواز اعتبارها ممتنعة عن الفصل في الموضوع.
(د) نقض. إعلان الطعن. إجابة أحد الخفراء المحضر الذي قام بإعلان تقرير الطعن بأن المطعون عليه توفى. عدم توجيه الطعن إلى ورثة المطعون عليه. بطلان الطعن.
(هـ) نقض. الخصوم في الطعن. شفعة. تجزئة. اختصام أحد المطعون عليهم بادئ الأمر في دعوى الشفعة أمام محكمة الموضوع على أساس أنه من البائعين وظهور أنه لم يوقع على العقد واقتصار الشفيع على طلب أخذ القدر الذي باعه من وقع على عقد البيع واقتصار منازعة المطعون عليه المذكور على تحديد القدر المبيع. أخذ محكمة الموضوع بوجهة نظره. عدم امتداد أثر بطلان الطعن بالنسبة له إلى باقي المطعون عليهم.
1 - إنه وإن كان الحكم الصادر من محكمة الاستئناف من شأنه أن ينهي الدعوى إلا أن نقض هذا الحكم يزيله ويفتح للخصومة طريق العودة إلى محكمة الإحالة لمتابعة السير فيها بناء على طلب الخصوم ويجري عليها من تاريخ صدور حكم النقض أحكام سقوط الخصومة وانقضائها شأنها في ذلك شأن القضايا المتداولة بالجلسات - فإذا كان حكم النقض قد صدر لمصلحة المستأنف في الحكم المنقوض فيجب عليه إذا ما أراد متابعة السير في الخصومة أمام محكمة الإحالة أن يعجلها خلال سنة من صدور حكم النقض فإذا أهمل القيام بهذا الإجراء كان لكل صاحب مصلحة التمسك بسقوط الخصومة عملاً بالمادة 301 مرافعات. وتبدأ مدة السنة في هذه الحالة من تاريخ صدور حكم النقض باعتبار أنه آخر إجراء صحيح في الدعوى.
2 - لا يعد من إجراءات التقاضي في الخصومة إعلان حكم النقض الموجه لإيفاء ما قضى به ذلك الحكم من مصروفات الطعن وأتعاب المحاماة. ولا يصح الاعتداد بالقول بأن تعجيل الدعوى أمام محكمة الإحالة لا يتم إلا بعد إعلان حكم النقض تأسيساً على أن التعجيل ما هو إلا تنفيذ لحكم النقض وأنه لا يجوز تنفيذ الأحكام إلا بعد إعلانها، وأن مدة السقوط المنصوص عليها في المادة 301 مرافعات لا تبدأ إلا من تاريخ هذا الإعلان - ذلك لأن القانون لم يوجب إعلان حكم النقض قبل تعجيل الدعوى أمام محكمة الإحالة وأن تنفيذ الأحكام الذي يوجب القانون أن يسبقه إعلانها في حكم المادة 460 مرافعات هو التنفيذ الجبري.
3 - ليس لمحكمة الإحالة أن تعمل مقتضى حكم محكمة النقض إلا إذا اتصلت بموضوع الدعوى فإذا كانت قد طبقت القانون وقضت بسقوط الخصومة فإن حكم سقوط الخصومة يكون قد حال بينها وبين الاتصال بالموضوع ولا تكون قد امتنعت عن الفصل فيه لأن الذي منعها من ذلك هو حكم القانون.
4 - إذا تبين من صورة تقرير الطعن أن أحد الخفراء أجاب المحضر الذي قام بإجراء الإعلان بأن المطعون عليه توفى ولم يقم الطاعن بتوجيه الطعن إلى ورثة المطعون عليه فإن الطعن يكون باطلاً.
5 - متى تبين أن أحد المطعون عليهم قد اختصم بادئ الأمر في دعوى الشفعة أمام محكمة الموضوع على أساس أنه من بين البائعين ولما تبين أنه لم يوقع على عقد البيع وأنكر هو من ناحيته صدور البيع منه قصر الشفيع الدعوى على طلب أخذ القدر الذي باعه من وقع على عقد البيع بالشفعة كما اقتصرت منازعة المطعون عليه المذكور أمام محكمة الموضوع على تحديد القدر الوارد بعقد البيع فأخذت تلك المحكمة بوجهة نظره فإن بطلان الطعن بالنسبة له لا يمتد أثره إلى الطعن بالنسبة لباقي المطعون عليهم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الوقائع - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليه الأول أقام الدعوى رقم 337 سنة 1947 كلي دمنهور على الطاعن وباقي المطعون عليهم طلب فيها الحكم بأحقيته لأن يأخذ بالشفعة 5 فدادين و20 قيراطاً 20 سهماً على اعتبار أن الطاعن اشترى هذا القدر من المطعون عليهم عن الثاني إلى الخامسة - وعند نظر الدعوى تبين أن عقد البيع الصادر إلى الطاعن غير موقع عليه من المطعون عليهما الرابعة والخامسة اللتين أنكرتا صدور البيع منهما فقصر المطعون عليه الأول طلباته على أحقيته في أن يأخذ بالشفعة أربعة أفدنة شيوعاً في العدد المبين بالعقد على اعتبار أنها حصة من وقع عن البائعين على العقد ومقابل ما تساويه من الثمن بالنسبة لمجموع الثمن المبين بالعقد - وفي 10 من يونيه سنة 1948 قضت المحكمة للمطعون عليه الأول بطلباته المعدلة فاستأنف الطاعن الحكم وطلب إلغاءه ورفض دعوى المطعون عليه الأول كما استأنفه المطعون عليهما الثاني والثالث واستأنفه كذلك المطعون عليهما الرابعة والخامسة وطلب هؤلاء الأربعة في استئنافهم رفض دعوى المطعون عليه الأول فيما زاد على 3 فدادين و21 قيراطاً و21 ونصف سهماً وهو القدر الذي بيع للطاعن، وفي 17 من إبريل سنة 1949 قضت محكمة استئناف الإسكندرية برفض استئناف الطاعن وفي الاستئنافين المرفوعين من المطعون عليهم الثاني والثالث والرابعة والخامسة بتعديل الحكم المستأنف وبأحقية المطعون عليه الأول في أخذ 3 فدادين و21 قيراطاً و21 ونصف سهماً بالشفعة. فطعن في هذا الحكم بطريق النقض وفي 8 من نوفمبر سنة 1951 نقضت هذه المحكمة الحكم وأحالت القضية على محكمة استئناف الإسكندرية وألزمت المطعون عليه بالمصروفات وأتعاب المحاماة.
وفي 16 من يوليه سنة 1952 أعلن الطاعن إلى المطعون عليه الأول صورة الحكم الصادر من هذه المحكمة ونبه عليه في الإعلان بدفع مبلغ ثمانية جنيهات قيمة مصروفات الطعن ومبلغ عشرة جنيهات أتعاب المحاماة المحكوم بها للطاعن. ثم في 27 من ديسمبر سنة 1952 أعلن الطاعن المطعون عليهم بالحضور أمام محكمة الإحالة لجلسة 27 من يناير سنة 1953 ليسمعوا الحكم بطلباته التي أوردها في صحيفة الاستئناف المرفوع منه فدفع المطعون عليه الأول بسقوط الخصومة في الدعوى لانقضاء أكثر من سنة على تاريخ آخر إجراء صحيح في الدعوى وهو الحكم الصادر من محكمة النقض وانضم إليه المطعون عليهما الرابعة والخامسة في هذا الدفع.
وفي 15 من إبريل سنة 1953 قضت محكمة الإحالة بسقوط الخصومة في الدعوى. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون وأبدت النيابة رأيها بعدم قبول الطعن شكلاً بالنسبة للمطعون عليها الخامسة وبرفضه موضوعاً بالنسبة لباقي المطعون عليهم وقررت دائرة فحص الطعون بجلسة 26 من ديسمبر سنة 1956 إحالة الطعن إلى الدائرة المدنية لجلسة 24 من يناير سنة 1957 وفيها صممت النيابة على رأيها.
وحيث إن النيابة دفعت بعدم قبول الطعن شكلاً بالنسبة للمطعون عليها الخامسة تأسيساً على أن الثابت من إعلان تقرير الطعن للمطعون عليهم أن أحد الخفراء أجاب المحضر الذي قام بإجراء الإعلان بأن المطعون عليها المذكورة توفيت ثم وقف الأمر عند هذا الحد فلم يوجه الطاعن الطعن إلى ورثتها.
وحيث إن هذا الدفع صحيح ذلك أنه يبين من صورة تقرير الطعن المعلنة للمطعون عليهم أن أحد الخفراء أجاب المحضر الذي قام بإجراء الإعلان بأن المطعون عليها الخامسة أم السعد بدر غانم توفيت. ولم يقم الطاعن بتوجيه الطعن إلى ورثة المطعون عليها المتوفاة ومن ثم يبطل الطعن بالنسبة للمطعون عليها المذكورة إلا أن أثر هذا البطلان لا يمتد إلى الطعن بالنسبة لباقي المطعون عليهم لأنه وإن كانت الدعوى من الدعاوى التي يوجب القانون توجيه الطعن فيها إلى جميع الخصوم الذين كانوا ماثلين في الخصومة أمام محكمة الموضوع وكانت المطعون عليها الخامسة قد اختصمت في النزاع في جميع مراحل التقاضي السابقة إلا أنه يبين من الأوراق أن المطعون عليها المذكورة اختصمت بادئ الأمر على أساس أنها من بين البائعين ولما تبين أنها لم توقع على عقد البيع وأنكرت هي من ناحيتها صدور البيع منها قصر المطعون عليه الأول الدعوى على طلب أخذ القدر الذي باعه من وقعوا على عقد البيع بالشفعة واقتصرت منازعة المطعون عليها الخامسة أمام محكمة الاستئناف على تحديد القدر الوارد بعقد البيع وأنه 3 أفدنة و21 قيراطاً و21 سهماً ونصف لا أربعة أفدنة على ما عدل إليه المطعون عليه الأول طلباته. ولما كانت محكمة الاستئناف قد أخذت بوجهة نظر المطعون عليها الخامسة فقضت بالحكم الذي نقض أن حق المطعون عليه الأول في الشفعة قاصر على 3 أفدنة و21 قيراطاً و21 سهماً ونصف وهو القدر الوارد بعقد البيع وكان هذا القضاء قد حاز قوة الأمر المقضي بالحكم المنقوض لأن الطعن عليه أمام هذه المحكمة كان قاصراً على حق المطعون عليه الأول في الشفعة لا على نطاق ذلك الحق الذي انحسم النزاع فيه بالحكم المنقوض - لما كان ذلك وكان الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية بالنسبة للمطعون عليهم عدا الخامسة فإنه يتعين الحكم بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون عليها الخامسة وبقبوله شكلاً بالنسبة لباقي المطعون عليهم.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب يتحصل أولها في النعي على الحكم المطعون فيه بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله تأسيساً على أن الحكم المطعون فيه قد أهدر حجية حكم محكمة النقض السابق والذي كان من حق الطاعن إعلانه وتنفيذه خلا خمس عشرة سنة لأن ذلك الحكم قد أكسب الطاعن حقاً مدنياً في رد دعوى الشفعة والتخلص من حق الشفيع - وأنه غير صحيح ما قرره الحكم المطعون فيه من اعتبار حكم النقض السابق مجرد إجراء من إجراءات التقاضي تسري عليه أحكام قانون المرافعات المتعلقة بسقوط الخصومة لأن تلك الأحكام لا تنطبق إلا على إجراءات المرافعات في الدعوى بعد إعلانه صحيفتها وقيدها وتولى إحدى المحاكم نظرها، فإذا ما حكمت فيها محكمة الاستئناف انتهت الدعوى وخرجت من يد المحاكم لأن الطعن بطريق النقض هو طريق طعن غير عادي شرع لنقض الحكم النهائي ومن ثم فإن الدعوى التي يحركها من حصل على نقض الحكم تعتبر افتتاحاً لإجراءات استئناف جديد وتكون صحيفة تحريك الاستئناف أمام محكمة الإحالة هي الإجراء الأول في ذلك الاستئناف وهو إجراء يقوم على حق جديد لمن كسب الطعن على مقتضى حكم النقض.
وحيث إن هذا النعي مردود - ذلك أن حكم محكمة النقض قد أكسب الطاعن حقاً مدنياً فيما قضى به من مصروفات الطعن وأتعاب المحاماة وهذا الحق وحده هو الذي كان للطاعن إعلانه وتنفيذه خمس عشرة سنة - كما أكسبه حقاً آخر هو التمسك أمام محكمة الإحالة إذا ما اتصلت بموضوع الخصومة بإعمال ما قضى به حكم النقض في المسألة القانونية التي فصل فيها - أما فيما عدا ذلك فإن حكم محكمة النقض فيما قضى به من إحالة الدعوى إلى محكمة الإحالة لا يخرج عن أن يكون آخر إجراء من إجراءات التقاضي فتح للطاعن طريق العودة بالخصومة الأصلية إلى محكمة الإحالة والسير فيها وإبداء ما لديه من أوجه الدفاع والدفوع لأن نقض الحكم يعيد الخصومة أمام محكمة الإحالة إلى ما كانت عليه قبل صدور الحكم المنقوض ويبقى المستأنف قبل هذا الحكم الأخير مستأنفاً والمستأنف عليه يبقى كذلك مستأنفاً عليه ويعود لأطراف النزاع ما كان لهم من حقوق قبل صدور الحكم المنقوض في خصوصية ما نقض فيه ذلك الحكم، كما أن نقض الحكم لا ينشئ خصومة جديدة بل هو يزيل الحكم المنقوض ليتابع الخصوم السير في الخصومة الأصلية أمام محكمة الإحالة - ولما كان تحريك الدعوى أمام هذه المحكمة الأخيرة بعد نقض الحكم لا يتم إلا بتعجيل من يهمه الأمر من الخصوم عملاً بالفقرة الثانية من المادة 444 مرافعات وكان الطاعن هو صاحب المصلحة في هذا التعجيل لأن حكم النقض صدر لمصلحته ولأنه كان هو المستأنف في الحكم المنقوض فكان عليه إذا أراد متابعة السير في الخصومة أمام محكمة الإحالة أن يعجلها خلال سنة من صدور حكم النقض فإذا أهمل القيام بهذا الإجراء كان لكل صاحب مصلحة التمسك بسقوط الخصومة عملاً بالمادة 301 من قانون المرافعات ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بسقوط الخصومة لعدم تعجيل الدعوى أمام محكمة الإحالة خلال سنة من حكم محكمة النقض لا يكون قد خالف القانون - أما ما ذكره الطاعن في المذكرة الشارحة وفي مرافعته من أن تعجيل الدعوى أمام محكمة الإحالة لا يتم إلا بعد إعلان حكم النقض - تأسيساً على أن التعجيل ما هو إلا تنفيذ لحكم النقض وأنه لا يجوز تنفيذ الأحكام إلا بعد إعلانها على ما تقضي به المادة 460 مرافعات وأنه قام من ناحيته بإعلان حكم النقض إلى المطعون عليه الأول وهو الخصم الأصيل في الدعوى بتاريخ 16 من يوليه سنة 1952 وأن مدة السنة المنصوص عليها في المادة 301 مرافعات لا تبدأ - على فرض أن حكم النقض يعتبر إجراء من إجراءات الخصومة - إلا من تاريخ ذلك الإعلان - فمردود بأن القانون لم يوجب إعلان حكم النقض قبل تعجيل الدعوى أمام محكمة الإحالة وأن تنفيذ الأحكام الذي يوجب القانون أن يسبقه إعلانها في حكم المادة 460 مرافعات هو التنفيذ الجبري بدليل ما نصت عليه تلك المادة من وجوب اشتمال الإعلان على تكليف المدين بالوفاء وبيان المطلوب - لما كان ذلك فإن مدة السنة المنصوص عليها في المادة 301 مرافعات تبدأ في خصوص هذه الدعوى من تاريخ صدور حكم النقض باعتبار أنه آخر إجراء صحيح في الدعوى أما إعلان الحكم المذكور إلى المطعون عليه الأول في 16 من يوليه سنة 1952 فلا يعد إجراء من إجراءات التقاضي في الخصومة لأنه على ما يبين من صورته قد وجه إلى المطعون عليه الأول لإيفاء ما قضى به ذلك الحكم من مصروفات الطعن وأتعاب المحاماة - والإجراء الصحيح الذي أشارت إليه المادة 301 مرافعات هو الإجراء الذي يتخذ لمتابعة السير في الخصومة - كما أن ما أثاره الطاعن في مرافعته - ومن أن الاستئناف ينقل الدعوى بحالتها التي كانت عليها قبل صدور الحكم المستأنف عملاً بالمادة 409 مرافعات وأن مؤدى ذلك أن يبقى المدعي أمام محكمة أول درجة مدعياً أمام محكمة الاستئناف والمدعى عليه أمام المحكمة الأولى يبقى مدعى عليه أمام الثانية وأنه لما كان وقف السير في الدعوى الذي يترتب عليه حق كل ذي مصلحة من الخصوم في طلب الحكم بسقوط الخصومة يجب أن يكون بفعل المدعي أو امتناعه على ما تقضي به المادة 301 مرافعات وكان الطاعن أمام محكمة أول درجة مدعى عليه وظل كذلك أمام محكمة الاستئناف عملاً بالمادة 409 مرافعات فإن عدم سيره في الدعوى بعد حكم النقض ومضى سنة بعد ذلك الحكم قبل إجراء التعجيل أمام محكمة الإحالة لا يترتب عليه نشؤ حق التمسك بسقوط الخصومة - هذا الذي أثاره الطاعن مردود بأن الاستئناف إذ ينقل الدعوى بحالتها التي كانت عليها قبل صدور الحكم المستأنف بالنسبة لما رفع عنه الاستئناف إنما ينقل إلى محكمة الاستئناف موضوع الدعوى وأدلتها والدفاع والدفوع فيها ولكن ليس من شأنه أن يبقى المدعي أمام محكمة أول درجة مدعياً أمام محكمة الاستئناف ولا المدعى عليه أمام الأولى مدعى عليه أمام الثانية بل يكون المستأنف هو المدعي والمستأنف عليه هو المدعى عليه في الاستئناف - ولما كان الطاعن هو الذي كان مستأنفاً قبل صدور الحكم المنقوض فإنه يبقى مستأنفاً بعد صدور حكم النقض وبهذه الصفة يكون هو المدعي في الاستئناف ولما كان عدم السير في الدعوى بعد صدور حكم النقض قد حصل بفعله فإن الحكم بسقوط الخصومة لا يكون قد خالف القانون.
وحيث إن حاصل السبب الثاني أن الحكم المطعون فيه أخطأ تأويل الفصل الثالث من الباب الثامن من قانون المرافعات ذلك أن هذا الفصل خاص بالقضايا المنظورة بالجلسات التي عطل السير فيها مؤقتاً لسبب من الأسباب المبينة في الفصلين الأول والثاني من هذا الباب في المواد من 292 إلى 300 فإذا استمر ترك هذه القضايا موقوفة أو منقطعاً السير فيها مدى سنة وكان هذا الترك بفعل المدعي أو امتناعه فيكون لكل ذي مصلحة من الخصوم أن يطلب الحكم بسقوط الخصومة - أما القضايا المحكوم فيها من محاكم الاستئناف فإنها تعتبر منتهية بحكم القانون لا يصح تحريكها ولا يتولد الحق في تحريكها إلا بناء على الحكم الذي يصدر من محكمة النقض بنقضها تنفيذاً لهذا الحكم ولا تخضع تلك القضايا للأحكام الخاصة بسقوط الخصومة إلا بعد تعجيلها أمام محكمة الإحالة إذا وقف السير فيها بفعل المدعي أو امتناعه ويكون الحكم المطعون فيه إذ اعتبر القضايا المحكوم عليه من محاكم الاستئناف مجرد قضايا موقوفة أو منقطعة فيها الخصومة، قد أخطأ تأويل القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن قانون المرافعات قد أورد أحكام وقف الخصومة بناءً على اتفاق الخصوم في المادة 292 ونص في فقرتها الأخيرة على أنه إذا لم تعجل الدعوى في ثمانية الأيام التالية لنهاية الأجل اعتبر المدعي تاركاً دعواه والمستأنف تاركاً استئنافه كما أورد في المادة 293 أحوال وقف الدعوى إذا رأت المحكمة تعليق حكمها في موضوعها على الفصل في مسألة أخرى يتوقف عليها الحكم ونص في الفقرة الأخيرة من المادة على أنه بمجرد زوال سبب الوقف تستأنف الدعوى بقوة القانون سيرها من النقطة التي وقفت عندها ويقوم قلم الكتاب بتعجيلها إذا اقتضت الحال. كما أورد القانون أحكام انقطاع الخصومة في المواد من 294 إلى 300 فذكر في المادة 294 أسباب انقطاع الخصومة وأباح في المادة 295 للمحكمة أن تفصل في الدعوى إذا كانت قد تهيأت للحكم قبل حدوث سبب الانقطاع أو أن تؤجلها. وبينت المادة 296 متى تعتبر الدعوى مهيأة للحكم. ونصت المادة 297 على ما يترتب على انقطاع الخصومة، كما نصت المادتان 298، 299 على استئناف السير في الدعوى بعد انقطاع الخصومة فيها، وقضت المادة 300 بأن الخصومة لا تنقطع بموت وكيل الدعوى أو تنحيه أو عزله - ثم أورد القانون بعد ذلك أحكام سقوط الخصومة في المواد من 301 إلي 306 ونص في المادة 307 على انقضاء الخصومة بمضي المدة - ويبين من نص المادة 301 الذي يجري بأن "لكل ذي مصلحة من الخصوم في حالة عدم السير في الدعوى بفعل المدعي أو امتناعه أن يطلب الحكم بسقوط الخصومة متى انقضت سنة من آخر إجراء صحيح من إجراءات التقاضي" أن المشرع لم يقصد ربط سقوط الخصومة بحالات وقف الدعوى أو انقطاع الخصومة فيها المنصوص عليها في المواد 292 - 300 بل جاء نصها عاماً يشمل جميع الحالات التي يقف فيها سير الدعوى بفعل المدعي أو امتناعه سواء كانت تلك الحالات من أحوال وقف الخصومة أو انقطاعها للأسباب المبينة في المواد 292 - 300 أو كانت لأسباب أخرى فهي عقوبة فرضها المشرع على المدعي الذي يتسبب في عدم السير في الدعوى بفعله أو امتناعه مدة من الزمن إذا طلب صاحب المصلحة من الخصوم توقيع تلك العقوبة - وأنه إذا كان الحكم الصادر من محكمة الاستئناف من شأنه أن ينهي الدعوى إلا أن نقض هذا الحكم يزيله ويفتح للخصومة طريق العودة إلى محكمة الإحالة لمتابعة السير فيها بناء على طلب الخصوم ويجري عليها من تاريخ صدور حكم النقض أحكام سقوط الخصومة وانقضائها شأنها في ذلك شأن القضايا المتداولة بالجلسات.
وحيث إن السبب الثالث من أسباب الطعن يتحصل في أن محكمة الاستئناف قد امتنعت عن الفصل في الدعوى ذلك أن المادة 304 من قانون المرافعات تنص على أن "الحكم بسقوط الخصومة يترتب عليه سقوط الأحكام الصادرة فيها بإجراء الإثبات وإلغاء جميع إجراءات الخصومة بما في ذلك صحيفة الدعوى ولكنه لا يسقط الحق في أصل الدعوى ولا في الأحكام القطعية الصادرة فيها ولو كانت غيابية ولا في الإجراءات السابقة لتلك الأحكام أو الإقرارات الصادرة من الخصوم أو الأيمان التي حلفوها" ومؤدى هذا أن الحكم المطعون فيه الذي قضى بسقوط الخصومة في الدعوى ليس من شأنه أن يؤدي إلى سقوط حكم النقض الصادر لمصلحة الطاعن باعتباره حكماً قطعياً ويبقى هذا الحكم قائماً بيد الطاعن واجب التنفيذ فيما قضى به من حق الطاعن في دفع دعوى الشفعة الموجبة فيه من المطعون عليه الأول ولكن الحكم المطعون قد عطل تنفيذ حكم محكمة النقض بحرمان الطاعن من السير في إجراءات التقاضي مما يتحقق معه قيام حالة امتناع عن الحكم.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن الحكم بسقوط الخصومة لم يسقط حكم محكمة النقض إلا أن محكمة الإحالة ما كان لها أن تعمل مقتضى حكم محكمة النقض إلا إذا اتصلت بموضوع الدعوى وقد حال حكم سقوط الخصومة الصادر وفق القانون بينها وبين الاتصال بموضوع الدعوى للفصل فيه ومن ثم فإن المحكمة إذا طبقت وقضت بسقوط الخصومة لا تكون قد امتنعت عن الفصل في موضوع الدعوى لأن الذي منعها من ذلك هو حكم القانون.
وحيث إنه لذلك يتعين رفض الطعن.