أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
السنة 26 - صـ 353

جلسة 8 من فبراير سنة 1975

برياسة السيد المستشار محمد صادق الرشيدي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: أديب قصبجي، ومحمد فاضل المرجوشي، وحافظ الوكيل، وممدوح عطية.

(75)
الطعن رقم 45 لسنة 39 القضائية

(1) نقض "حالات الطعن". قوة الأمر المقضي.
الطعن بالنقض المبني على تناقض حكمين انتهائيين. شرطه. مناقضة الحكم المطعون فيه لقضاء سابق حاز قوة الأمر المقضي في مسألة ثار حولها النزاع واستقرت حقيقتها بين طرفي الخصومة بالفصل فيها في الحكم السابق.
(2) حكم "حجية الحكم". قوة الأمر المقضي.
القضاء بثبوت أو بانتفاء حق مترتب على ثبوت أو انتفاء مسألة أساسية. اكتسابه قوة الأمر المقضي في تلك المسألة. هو مانع لذات الخصوم من التنازع فيها بطريق الدعوى أو الدفع بشأن أي حق آخر مترتب على ثبوتها أو انتفائها.
(3) نقض "حالات الطعن". قوة الأمر المقضي. عمل.
القضاء نهائياً باستحقاق العامل لفرق الأجر وفقاً للحد الأدنى المقرر باللائحة 1598 لسنة 1961 عن مدة سابقة على القانون 51 لسنة 1968. الحكم من بعد برفض دعواه بحقه في هذا الفرق عن مدة لاحقة. جواز الطعن فيه بالنقض، لمخالفته لذلك القضاء السابق.
1 - مؤدى نص المادة 249 من قانون المرافعات - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة [(1)] - أن الطعن المبني على تناقض حكمين انتهائيين يصح حين يكون قضاء الحكم المطعون فيه قد ناقض قضاء سابقاً حاز قوة الشيء المحكوم به في مسألة ثار حولها النزاع بين طرفي الخصومة واستقرت الحقيقة بشأنها بالفصل فيها في منطوق الحكم السابق أو في أسبابه المرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالمنطوق.
2 - المسألة الواحدة بعينها إن كانت أساسية وكان ثبوتها أو عدم ثبوتها هو الذي ترتب عليه القضاء بثبوت الحق المطلوب في الدعوى أو بانتفاؤه، فإن هذا القضاء يحوز قوة الشيء المحكوم به في تلك المسألة الأساسية بين الخصوم أنفسهم ويمنعهم من التنازل بطريق الدعوى أو بطريق الدفع في شأنه أي حق آخر متوقف ثبوته أو انتفاؤه على ثبوت تلك المسألة السابق الفصل فيها بين هؤلاء الخصوم أنفسهم أو على انتفائها.
3 - رأي الشارع بالنسبة للعاملين بشركات القطاع العام احترام الأحكام النهائية الصادرة من المحاكم في خصوص سريان لائحة نظام موظفي وعمال الشركات الصادرة بقرار رئيس الجمهورية رقم 1598 لسنة 1961 فيما يتعلق بتقرير الحد الأدنى للأجور، وعدم المساس بما قضت به، فنصت المادة الأولى من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 51 لسنة 1968 في شأن عدم أحقية العاملين بشركات القطاع العام في تقاضي الحد الأدنى للمرتبات المقررة في لائحة نظام موظفي وعمال الشركات الصادرة بقرار رئيس الجمهورية رقم 1598 لسنة 1961 على أنه مع عدم الإخلال بالأحكام القضائية النهائية لا يجوز للعاملين الذين سرت في شأنهم لائحة نظام موظفي وعمال الشركات الصادرة بقرار رئيس الجمهورية رقم 1698 لسنة 1961 الاستناد إلى الحد الأدنى المقرر في الجدول المرافق لهذه اللائحة للمطالبة برفع مرتباتهم أو إعادة تسوية حالتهم أو صرف أية فروق عن الماضي، ونصت المادة الثانية من القرار بالقانون المشار إليه على أن يعمل به من تاريخ العمل بقرار رئيس الجمهورية رقم 1598 لسنة 1961، إذ كان ما تقدم وكان الحكم المطعون فيه قد رفض دعوى الطاعن بأحقيته في اقتضاء فروق الأجر عن مدة تالية للمدة المحكوم بها في القضية رقم........ قولاً منه بعدم حجية ذلك الحكم بصدور القرار بالقانون رقم 51 لسنة 1968، فإنه يكون قد ناقض قضاء الحكم السابق وخالف ما نص عليه القرار بالقانون المشار إليه بعدم التزام حجية ذلك الحكم، ولا اعتبار لاختلاف المدة المطالب بفروق الأجر عنها في الدعويين ما دام الأساس فيهما واحد، ذلك الأساس الذي فصل فيه الحكم الأول باستحقاق الطاعن لفرق الأجر وفقاً للحد الأدنى المقرر بالجدول المرافق لقرار رئيس الجمهورية رقم 1598 لسنة 1961، ولا محل كذلك لما جاء بالحكم المطعون فيه من أنه وفقاً للمادة الثانية من القرار بالقانون رقم 51 لسنة 1968 فإن تاريخ العمل بقرار رئيس الجمهورية رقم 1598 لسنة 1961 وأن المدة المطالب بفرق الأجر عنها تدخل في نطاق تطبيق هذا القانون مما يمتنع معه المطالبة بفرق الأجر عنه، إذ أن المادة الأولى من القانون المشار إليه نصت صراحة على عدم الإخلال بالأحكام النهائية، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وقضى برفض دعوى الطاعن فإنه يكون قد فصل في النزاع خلافاً لحكم آخر سبق أن صدر بين الخصوم أنفسهم وحاز قوة الأمر المقضي مما يكون معه الطعن بالنقض جائزاً.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 1700 لسنة 1968 عمال جزئي الإسكندرية وطلب إلزام المطعون ضدها بأن تدفع له مبلغ 294 ج و15 م وتثبيت أجره إلى مبلغ 18 ج و761 م شهرياً، وقال بياناً لها إنه سبق أن أقام الدعوى رقم 9457 لسنة 1963 عمال جزئي الإسكندرية على المطعون ضدها وأبدى فيها أنه التحق بالعمل لديها في 12/ 8/ 1962 بأجر يومي قدره خمسة وعشرين قرشاً تعدل فيما بعد إلى 8 ج و190 م شهرياً في حين أنه يتعين حساب أجره بواقع 13 ج و732 م شهرياً بالمساواة مع زملائه في العمل، وقد أظهر الخبير الذي انتدب في تلك الدعوى أن جملة ما يستحقه من فروق أجر خلال المدة من 1/ 1/ 1963 إلى 31/ 10/ 1963 هو مبلغ 82 ج و873 م وإذ قضت المحكمة الجزئية في 18/ 10/ 1967 برفض دعواه، فقد استأنف حكمها بالاستئناف رقم 1866 لسنة 1967 عمال مستأنف الإسكندرية. وبتاريخ 24/ 2/ 1968 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وإلزام المطعون ضدها بأن تدفع إلى الطاعن مبلغ 82 ج و873 م قيمة ما يستحقه من فروق أجر عن المدة محل النزاع بالتطبيق لأحكام القرار الجمهوري رقم 1598 لسنة 1971، واستطرد الطاعن قائلاً إنه استناداً إلى هذا الحكم النهائي، إذ كان قد استحقت له فروق أجر عن مدة لاحقة اعتباراً من 1/ 11/ 1963 وحتى 31/ 3/ 1968 فقد أقام دعواه الحالية بطلباته السالفة البيان، وبتاريخ 30/ 6/ 1968 قضت المحكمة الجزئية في هذه الدعوى بإلزام المطعون ضدها بأن تدفع للطاعن فروق الأجر المطلوبة وهي مبلغ 293 ج و355 م وبرفض طلب تثبيت الأجر. استأنفت المطعون ضدها هذا الحكم أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية بهيئة استئنافية وتقيد الاستئناف برقم 1422 لسنة 1968 عمال مستأنف الإسكندرية، وبتاريخ 14/ 12/ 1968 قضت بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض قدمت النيابة العامة مذكرة طلبت فيها نقض الحكم المطعون فيه، وبعرض الطعن على غرفة المشورة حددت لنظره جلسة 18/ 1/ 1975 وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن حاصل ما ينعى به الطاعن بسبب طعنه على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى برفض دعواه يكون قد فصل في النزاع خلافاً لحكم آخر سبق أن صدر بين الخصوم أنفسهم وحاز قوة الأمر المقضي وفي بيان ذلك يقول إنه بتاريخ 24/ 2/ 1968 صدر الحكم في القضية رقم 1866 لسنة 1967 عمال مستأنف الإسكندرية الابتدائية فيما بين الطرفين وحاز قوة الأمر المقضي في خصوص أحقية الطاعن لفروق الأجر المستحقة له بالتطبيق للقرار رقم 1598 لسنة 1961 بما يمنع من إعادة التنازع في هذا الشأن ولو كان ذلك عن مدة لاحقة، إلا أن الحكم المطعون فيه قضى بعدم استحقاقه لفروق الأجر التي استجدت له استناداً إلى صدور القانون رقم 51 لسنة 1968، ولما كان هذا القانون قد أوجب احترام الأحكام القضائية النهائية فإن الحكم المطعون فيه إذ لم يعتد بحجية الحكم السابق وقضى على خلافه يكون واجباً نقضه.
وحيث إن المادة 249 من قانون المرافعات تنص على أنه للخصوم أن يطعنوا أمام محكمة النقض في أي حكم انتهائي - أياً كانت المحكمة التي أصدرته - فصل في نزاع خلافاً لحكم آخر سبق أن صدر بين الخصوم أنفسهم وحاز قوة الأمر المقضي، وكان مؤدى ذلك - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن الطعن المبني على تناقض حكمين انتهائيين يصح حين يكون قضاء الحكم المطعون فيه قد ناقض قضاء سابقاً حاز قوة الشيء المحكوم به في مسألة ثار حولها النزاع بين طرفي الخصومة واستقرت الحقيقة بشأنها بالفصل فيها في منطوق الحكم السابق أو في أسبابه المرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالمنطوق، وكان يبين من الحكم الصادر بتاريخ 24/ 2/ 1968 في الاستئناف رقم 1866 لسنة 1967 عمال مستأنف الإسكندرية - المقدمة صورته بملف الطعن - أنه قضى بأحقية الطاعن في أن يقتضي من المطعون ضدها فروق الأجر المستحقة له بالتطبيق لأحكام القرار الجمهوري رقم 1598 لسنة 1961 وإلزام المطعون ضدها بأن تؤدي للطاعن مبلغ 82 ج و873 م جنيهاً قيمة الفروق المستحقة عن مدة النزاع في تلك الدعوى، وقد حاز هذا الحكم قوة الأمر المقضي، لما كان ذلك، وكانت المسألة الواحدة بعينها إن كانت أساسية وكان ثبوتها أو عدم ثبوتها هو الذي ترتب عليه القضاء بثبوت الحق المطلوب في الدعوى أو بانتفائه، فإن هذا القضاء يحوز قوة الشيء المحكوم به في تلك المسألة الأساسية بين الخصوم أنفسهم وبمنعهم من التنازل بطريق الدعوى في شأن أي حق آخر متوقف ثبوته أو انتفاؤه على ثبوت تلك المسألة السابق الفصل فيها بين هؤلاء الخصوم أنفسهم أو على انتفائها، وكان الشارع بالنسبة للعاملين بشركات القطاع العام قد رأى احترام الأحكام النهائية الصادرة من المحاكم في خصوص سريان لائحة نظام موظفي وعمال الشركات الصادرة بقرار رئيس الجمهورية رقم 1598 لسنة 1961 فيما يتعلق بتقرير الحد الأدنى للأجور، وعدم المساس بما قضت به، فنصت المادة الأولى من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 51 لسنة 1968 في شأن عدم أحقية العاملين بشركات القطاع العام في تقاضي الحد الأدنى للمرتبات المقررة في لائحة نظام موظفي وعمال الشركات الصادرة بقرار رئيس الجمهورية رقم 1598 لسنة 1961 على أنه مع عدم الإخلال بالأحكام القضائية النهائية لا يجوز للعاملين الذين سرت في شأنهم لائحة نظام موظفي وعمال الشركات الصادرة بقرار رئيس الجمهورية رقم 1958 لسنة 1961 الاستناد إلى الحد الأدنى المقرر في الجدول المرافق لهذه اللائحة للمطالبة برفع مرتباتهم أو إعادة تسوية حالتهم أو صرف أية فروق عن الماضي ونصت المادة الثانية من القرار بالقانون المشار إليه على أن يعمل به اعتباراً من تاريخ العمل بقرار رئيس الجمهورية رقم 1598 لسنة 1961 لما كان ما تقدم، وكان الحكم المطعون فيه قد رفض دعوى الطاعن بأحقيته في اقتضاء فروق الأجر عن مدة تالية للمدة المحكوم بها في القضية رقم 1866 لسنة 1967 عمال مستأنف الإسكندرية قولاً منه بعدم حجية ذلك الحكم لصدور القرار بالقانون رقم 51 لسنة 1968 فإنه يكون قد ناقض قضاء الحكم السابق وخالف ما نص عليه القرار بالقانون المشار إليه بعدم التزام حجية ذلك الحكم، ولا اعتبار لاختلاف المدة المطالب بفرق الأجر عنها في الدعويين ما دام الأساس فيهما واحداً، ذلك الأساس الذي فصل فيه الحكم الأول باستحقاق الطاعن لفرق الأجر وفقاً للحد الأدنى المقرر بالجدول المرافق لقرار رئيس الجمهورية رقم 1598 لسنة 1961؛ ولا محل كذلك لما جاء بالحكم المطعون فيه من أنه وفقاً للمادة الثانية من القرار بالقانون رقم 51 لسنة 1968 فإن تاريخ العمل به يرجع إلى تاريخ العمل بقرار رئيس الجمهورية رقم 1598 لسنة 1961 وأن المدة المطالب بفرق الأجر عنها تدخل في نطاق تطبيق هذا القانون مما يمتنع معه المطالبة بفرق الأجر عنه، إذ أن المادة الأولى من القانون المشار إليه نصت صراحة على عدم الإخلال بالأحكام النهائية، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وقضى برفض دعوى الطاعن فإنه يكون قد فصل في النزاع خلافاً لحكم آخر سبق أن صدر بين الخصوم أنفسهم وحاز قوة الأمر المقضي مما يكون معه الطعن بالنقض جائزاً، وإذ استوفى الطعن أوضاعه الشكلية.
وحيث إنه لما تقدم يتعين نقض الحكم المطعون فيه.


[(1)] راجع نقض مدني 21/ 12/ 1974 مجموعة المكتب الفني السنة 25 ص.