أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
السنة 26 - صـ 359

جلسة 8 من فبراير سنة 1975

برياسة السيد المستشار محمد صادق الرشيدي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: أديب قصبجي، ومحمد فاضل المرجوشي، وحافظ الوكيل، وممدوح عطية.

(76)
الطعن رقم 46 لسنة 39 القضائية

(1) دفع غير المستحق. عقد. "الغلط". عمل "مكافأة نهاية الخدمة". محكمة الموضوع.
الحكم برفض دعوى رب العمل باسترداد ما دفعه للعامل من مكافأة نهاية الخدمة بغير حق. إقامته على انتفاء ركن الغلط فيما قام به المسترد من وفاء والتزامه بما دفعه. لا خطأ.
(2) دفع غير المستحق. عمل "مكافأة نهاية الخدمة". إثبات.
دعوى استرداد ما دفع بغير حق، استناداً إلى م 182 مدني. وجوب إثبات أن الوفاء قد تم قبل زوال سببه. مثال بشأن مكافأة نهاية الخدمة.
(3) حكم "تسبيبه" "ما لا يعد قصوراً". نقض. "السبب غير المنتج".
أخذ الحكم المطعون فيه بأسباب الحكم الابتدائي. إغفاله الرد على دفاع غير منتج أو عار عن الدليل. لا عيب.
1 - إذا كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه - برفض دعوى رب العمل باسترداد ما دفع بغير حق - على انتفاء ركن الغلط فيما قامت به الطاعنة (رب العمل) من وفاء بمكافأة نهاية الخدمة للعامل المطعون ضده والتزامها بما دفعته استناداً إلى ما انتهى إليه من أن وفاءها تم طبقاً لأحد الرأيين في تفسير المادة 73 من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 91 لسنة 1959، وكان استخلاصه هذا سائغاً اهتدى فيه بما ورد في المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 227 لسنة 1959 عن تعارض التفسيرات بشأن هذه المادة، وكان ثبوت واقعة الغلط مسألة موضوعية يستقل قاضي الموضوع بتقديرها، فإن ما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه - من الخطأ في تطبيق القانون - يكون في غير محله.
2 - متى كان استناد الطاعنة إلى المادة 182 من القانون المدني يفتقر إلى الدليل على أن سبب التزامها قد زال - بصدور القانون رقم 227 لسنة 1959 - بعد أن كانت قد أوفت إلى المطعون ضده بالمبلغ (الزائد في مكافأة نهاية الخدمة) الذي تطالبه برده، ذلك أن الثابت من أوراق الطعن أن الطاعنة قد قدمت صورة طبق الأصل من المخالصة التي تسلم المطعون ضده بمقتضاها مستحقاته، وهي صورة غير موقعة منه ولا تحمل تاريخاً، وإذ لم يثبت أن الوفاء قد تم قبل زوال سببه، فإن استناد الطاعنة إلى المادة 182 المشار إليها يكون على غير أساس.
3 - إذا كان لمحكمة الدرجة الثانية أن تأخذ بأسباب الحكم الابتدائي دون إضافة متى رأت في هذه الأسباب ما يغني عن مزيد. وكان لا يعيب الحكم المطعون فيه عدم الرد على دفاع غير منتج أو يفتقر إلى الدليل، فإن النعي عليه بالقصور في التسبيب يكون على غير أساس.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن مؤسسة ضاحية المعادي الطاعنة أقامت الدعوى رقم 1948 سنة 1961 عمال كلي القاهرة على المطعون ضده طالبة الحكم بإلزامه بان يرد لها مبلغ 660 ج و218 م دفعته إليه بغير وجه حق مع فوائده القانونية من يوم رفع الدعوى، وقالت بياناً لدعواها إن المطعون ضده التحق بالعمل لديها منذ سنة 1922 ثم قدم استقالته بتاريخ 20/ 9/ 1959 لسوء حالته الصحية فقبلتها وصرفت له مستحقاته ومنها مبلغ 1389 ج و414 م قيمة مكافأة مدة خدمته بعد أن أجرت حسابها بواقع أجر نصف شهر عن كل سنة من السنوات الخمس الأولى وأجر شهر عن كل سنة من السنوات التالية تطبيقاً لنص المادة 73 من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 91 لسنة 1959، إلا أنه بتاريخ 30/ 9/ 1959 صدر القانون رقم 227 لسنة 1959 بإضافة فقرة جديدة إلى المادة الثانية من مواد إصدار القانون رقم 91 لسنة 1959 المشار إليه تنص على عدم سريان حكم المادة 73 من القانون الأخير فيما يتعلق بمكافأة مدة الخدمة السابقة على العمل به إلا في حدود ما كان منصوصاً عليه في القانون رقم 317 لسنة 1952 كما نصت المادة الثانية منه على أن يعمل به من تاريخ العمل بالقانون رقم 91 لسنة 1959 أي من 7/ 4/ 1959، ولما كانت المادة 37 من القانون رقم 317 لسنة 1952 قد حددت المكافأة بما لا يجاوز أجر سنة ونصف، فإن المطعون ضده يكون قد تقاضى بغير حق المبلغ الذي تطالبه به، وإذ لم يستجب لمطالبتها الودية برده فقد أقامت دعواها بطلباتها السالف بيانها. وبتاريخ 30/ 1/ 1961 قضت المحكمة برفض الدعوى، فاستأنفت الطاعنة هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة وقيد بالاستئناف برقم 1674 لسنة 79، وفي 21/ 3/ 1963 حكمت المحكمة بعدم قبوله شكلاً لرفعه بعد الميعاد، طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقيد الطعن برقم 210 سنة 32 ق. وبتاريخ 26/ 4/ 1967 نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه وأحالت القضية إلى محكمة استئناف القاهرة استناداً إلى أن الطاعنة كانت قد أودعت أصلين لصحيفة استئنافها تم إحداهما في الميعاد القانوني. وبعد أن جددت الطاعنة السير في الاستئناف حكمت المحكمة في 25/ 12/ 1968 بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة في الحكم الأخير بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه وعرض الطعن على غرفة المشورة فحددت لنظره جلسة 4/ 1/ 1975 وفيها التزمت النيابة رأيها السابق.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب تنعى الطاعنة بالسبب الثاني منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي تأويله وفي بيان ذلك تقول إنها استندت في دعواها إلى المادة 181 من القانون المدني لأنها أوفت إلى المطعون ضده بدين غير مستحق وكان وفاؤها مشوباً بعيب يجعله قابلاً للإبطال هو أنها وقعت في غلط إذ لم تكن تعلم أنها غير ملزمة بما دفعته إلا أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون إذ اشترط للاسترداد عدم الخطأ أو الغلط، وذلك فضلاً عن أن المادة 182 من ذات القانون تؤدي إلى صحة الاسترداد عملاً بالأثر الرجعي للقانون رقم 227 لسنة 1959 الذي يفقد الوفاء الذي قامت به الطاعنة سببه.
وحيث إن هذا النعي مردود في شقه الأول بأنه لما كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على انتفاء ركن الغلط فيما قامت به الطاعنة من وفاء والتزامها بما دفعته استناداً إلى ما انتهى إليه من أن وفاءها تم طبقاً لأحد الرأيين في تفسير المادة 73 من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 91 لسنة 1959، وكان استخلاصه هذا سائغاً اهتدى فيه بما ورد في المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 227 لسنة 1959 عن تعارض التفسيرات بشأن هذه المادة، لما كان ذلك، وكان ثبوت واقعة الغلط مسألة موضوعية يستقل قاضي الموضوع بتقديرها، فإن ما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه في هذا الشق يكون في غير محله. ومردود في شقه الثاني بأن استناد الطاعنة إلى المادة 182 من ذات القانون يفتقر إلى الدليل على أن سبب التزامها قد زال - بصدور القانون رقم 227 لسنة 1959 - بعد أن كانت قد أوفت إلى المطعون ضده بالمبلغ الذي تطالبه برده، ذلك أن الثابت من أوراق الطعن أن الطاعنة قدمت صورة طبق الأصل من المخالصة التي تسلم المطعون ضده بمقتضاها مستحقاته، وهي صورة غير موقعة منه ولا تحمل تاريخاً. وإذ لم يثبت أن الوفاء قد تم قبل زوال سببه، فإن استناد الطاعنة إلى المادة 182 المشار إليها يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل السبب الأول من أسباب الطعن هو أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون وتأويله فيما ذهب إليه من أن القانون رقم 227 لسنة 1959 جاء معدلاً للمادة 73 من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 91 لسنة 1959، والصحيح أنه جاء مفسراً لها وبأثر رجعي منذ صدور هذا القانون الأخير.
وحيث إن هذا النعي غير منتج ذلك أنه لما كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض دعوى الطاعنة تأسيساً على ما خلص إليه من عدم توافر شروط استرداد ما تقرر أنها دفعته بغير حق - على ما ورد تفصيله في الرد على سبب النعي السابق - وكان ما جاء بالحكم عن الخلاف حول صرف المكافأة "طبقاً للتعديل الذي قرره المشرع أو عن تفسير المادة 73 من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 91 لسنة 1959 قبل تعديلها" لا أثر له على قضائه، فإن النعي عليه في هذا الخصوص أياً كان وجه الرأي فيه - يكون عديم الجدوى.
وحيث إن حاصل السبب الثالث من أسباب الطعن هو أن الحكم المطعون فيه شابه القصور في التسبيب إذ اكتفى بالإحالة إلى أسباب الحكم المستأنف دون أن يرد على دفاع الطاعنة الخاص بانطباق المادتين 181 و182 من القانون المدني وبأن القانون رقم 227 لسنة 1959 جاء مفسراً للمادة 73 من قانون العمل.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أنه لما كان لمحكمة الدرجة الثانية أن تأخذ بأسباب الحكم الابتدائي دون إضافة متى رأت في هذه الأسباب ما يغني عن مزيد. وكان الحكم المستأنف قد واجه دفاع الطاعنة بشأن المادة 181 من القانون المدني، وكان لا يعيب الحكم المطعون فيه عدم الرد على دفاع غير منتج أو يفتقر إلى الدليل على ما سلف بيانه في الرد على سببي الطعن السابقين، فإن هذا النعي برمته يكون على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.