أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
السنة 26 - صـ 385

جلسة 15 من فبراير سنة 1975

برياسة السيد المستشار محمد صادق الرشيدي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: أديب قصبجي، ومحمد فاضل المرجوشي، وحافظ الوكيل، وممدوح عطيه.

(79)
الطعن رقم 479 لسنة 38 القضائية

عمل "آثار عقد العمل". "سلطة توقيع الجزاءات التأديبية". "انتهاء عقد العمل". "الأسباب الخاصة بفسخ العقد".
سلطة رب العمل في توقيع الجزاءات التأديبية على موظفي الشركات بما في ذلك عقوبة الفصل. عدم التزامه بإبلاغ النيابة الإدارية. مخالفة القيود الزمنية للتأديب أو قواعده وإجراءاته الأخرى عدم حيلولة ذلك دون فصل العامل.
مفاد المادتين الأولى والثانية من القانون رقم 19 لسنة 1959 - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن المشرع لم يتجه إلى تقييد سلطة رب العمل في توقيع الجزاءات التأديبية المقرر له في القانون على موظفي الشركات المشار إليها في المادة الأولى والذين تتجاوز مرتباتهم خمسة عشر جنيهاً ولم يلزمه بإبلاغ النيابة الإدارية عند وقوع أية مخالفات منهم، مما يستتبع الاحتفاظ لرب العمل بسلطة توقيع الجزاءات التأديبية التي يجيز قانون العمل توقيعها ومنها عقوبة الفصل المقررة في الفقرتين 6 و10 من المادة 76 من القانون رقم 91 لسنة 1959 عند إخلال العامل بالتزاماته الجوهرية أو اعتدائه على صاحب العمل أو المدير المسئول، كما أن مخالفة القيود الزمنية للتأديب أو مخالفة قواعد وإجراءات التأديب الأخرى التي يختص بها رب العمل، لا يمنع من فسخ العقد وفصل العامل لأي مسوغ مشروع طبقاً لما تقضي به المادة 76 سالفة الذكر [(1)].


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 621 سنة 1963 كلي دمنهور ضد شركة مصر صباغي البيضا - المطعون ضدها الأولى - طالباً الحكم أصلياً بإعادته إلى عمله وإلزامها بأن تدفع له مبلغ ألفي جنيه كتعويض عن الأضرار التي لحقته واحتياطياً بإلزامها بأن تدفع له مبلغ خمسين ألف جنيه تعويضاً عن فصله تعسفياً في حالة رفض طلب إعادته إلى العمل، ثم اختصم الطاعن المؤسسة المصرية العامة للغزل والنسيج - المطعون ضدها الثانية - ليكون الحكم في مواجهتها، وقال في بيان دعواه إنه التحق بخدمة الشركة في 1/ 10/ 1953 كطبيب جراح واختاره العمال والموظفون رئيساً لنقابتهم في سنة 1960 ثم اختير ممثلاً في مجلس الإدارة سنة 1961 واستمر يباشر نشاطه النقابي الذي لم يكن متمشياً مع رغبات المسئولين بالشركة إلى أن أخطرته بفصله في 23/ 1/ 1963 فرفع دعواه بطلباته سالفة البيان. وفي 18/ 1/ 1967 حكمت المحكمة برفض الدعوى استأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف الإسكندرية وقيد استئنافه برقم 270 سنة 23 ق وبتاريخ 26/ 6/ 1968 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة طلبت فيها رفض الطعن، وعرض الطعن على غرفة مشورة فاستبعدت السببين الثاني والثالث من أسبابه وقصرت نظر الطعن على السبب الأول وحددت لنظره جلسة 11/ 1/ 1975 وفيها صممت النيابة على رأيها.
وحيث إن الطاعن ينعى بهذا السبب على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول إنه دفع أمام محكمة الموضوع ببطلان قرار فسخ عقد عمله باعتباره عقوبة تأديبية لأمرين أولهما أن الشركة المطعون ضدها لم تتبع معه أحكام وإجراءات التأديب طبقاً للقانون رقم 117 لسنة 1958 الخاص بالنيابة الإدارية والقانون رقم 19 لسنة 1959 الخاص بسريان نظام النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية على الشركات التي تساهم فيها الدولة بأكثر من 25% والأمر الثاني أن الشركة المطعون ضدها فصلت الطاعن دون عرض حالته على اللجنة الثلاثية المشكلة طبقاً للقرار الوزاري رقم 96 لسنة 1962 والذي ينص في المادة الثامنة منه على بطلان قرار الفصل إذا صدر دون عرض الأمر على تلك اللجنة وقد قضى الحكم المطعون فيه برفض هذا الدفع بشقيه استناداً إلى أن قرار الفسخ صدر طبقاً للمادة 76 من قانون العمل رقم 91 لسنة 1959 فلا يعتبر عقوبة تأديبية، كما أن القرار الوزاري رقم 107 لسنة 1963 بإنشاء اللجنة الثلاثية لاحق على فصل الطاعن، هذا في حين أن قرار الفسخ الذي يصدر طبقاً للمادة 76 سالفة الذكر يعتبر من الجزاءات التأديبية واتباع الإجراءات التي تسبق توقيع هذا الجزاء يتعلق بالنظام العام مما يوجب عرض الأمر على النيابة الإدارية لتتولى هي التحقيق وإغفال ذلك يترتب عليه بطلان الجزاء، كما أن القرار الوزاري رقم 107 لسنة 1963 الذي أوجب عرض الأمر على اللجنة الثلاثية قرار تفسيري للقرار رقم 96 لسنة 1962 المنشئ لتلك اللجنة وأضاف الطاعن أنه ثمة مخالفة أخرى للقانون وقصور في التسبيب شاب الحكم المطعون فيه ذلك أن الطاعن تمسك أمام محكمة الموضوع بتقادم المخالفات المنسوبة إليه على فرض صحتها عملاً بالمادة 66 من قانون العمل ولكن الحكم المطعون فيه أغفل الرد على هذا الدفاع.
وحيث إن هذا النعي مردود - بما جرى به قضاء هذه المحكمة - من أن مفاد المادتين الأولى والثانية من القانون رقم 19 لسنة 1959 أن المشرع لم يتجه إلى تقييد سلطة رب العمل في توقيع الجزاءات التأديبية المقرر له في القانون على موظفي الشركات المشار إليها في المادة الأولى والذين تتجاوز مرتباتهم خمسة عشر جنيهاً ولم يلزمه بإبلاغ النيابة الإدارية عند وقوع أية مخالفات منهم، مما يستتبع الاحتفاظ لرب العمل بسلطة توقيع جميع الجزاءات التأديبية التي يجيز قانون العمل توقيعها ومنها عقوبة الفصل المقررة في الفقرتين 6 و10 من المادة 76 من القانون رقم 91 لسنة 1959 عند إخلال العامل بالتزاماته الجوهرية أو اعتدائه على صاحب العمل أو المدير المسئول، كما أن مخالفة القيود الزمنية للتأديب أو مخالفة قواعد وإجراءات التأديب الأخرى التي يختص بها رب العمل لا يمنع من فسخ العقد وفصل العامل لأي مسوغ مشروع طبقاً لما تقضي به المادة 76 سالفة الذكر، وإذ كان الثابت أن الحكم المطعون فيه بعد أن أورد دفاع الطاعن محل النعي أقام قضاءه برفض الدعوى تأسيساً على أن فصل الطاعن إنما كان بسبب إخلاله بالتزاماته الجوهرية المترتبة على عقد العمل واعتدائه على المديرين المسئولين طبقاً للفقرتين 6 و10 من المادة المذكورة فإنه لا يكون قد خالف القانون أو شابه القصور في التسبيب.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.


[(1)] نقض مدني 6/ 12/ 1967 مجموعة المكتب الفني السنة 18 ص 1820.