أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 8 - صـ 225

جلسة 14 من مارس سنة 1957

برياسة السيد عبد العزيز محمد رئيس المحكمة، وبحضور السادة: محمد عبد الواحد علي، وأحمد قوشه، ومحمد متولي عتلم، وإبراهيم عثمان يوسف المستشارين.

(28)
القضية رقم 89 سنة 23 القضائية

وضع اليد. وقف. إجارة. دعاوى الحيازة. تأجير ناظر الوقف للأطيان المملوكة للوقف. عدم كفاية ذلك لتوافر الركن المادي للحيازة.
تأجير ناظر الوقف للأطيان المملوكة للوقف هو عمل من الأعمال القانونية وهو لا يكفي لتوافر الركن المادي لحيازة الجزء المتنازع عليه من هذه الأطيان بل يجب لتوافره وضع اليد الفعلي على هذا الجزء. فإذا كان الثابت من تقرير الخبير على ما جاء بأسباب الحكم أن شخصاً آخر غير مستأجر تلك الأطيان هو واضع اليد مادياً على الجزء المتنازع عليه وأنه لم يكن يدفع عنه إيجاراً لناظر الوقف ولا للمستأجر منه فإن القول بأن ناظر الوقف كان يضع يده على هذا الجزء لمجرد أنه يدخل فيما كان يؤجره للغير دون التثبيت من وضع اليد الفعلي هو استدلال غير سائغ قانوناً إذ العبرة بوضع اليد الفعلي لا بمجرد تصرف قانوني قد يطابق أو لا يطابق الحقيقة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن الوقائع - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن وزارة الأوقاف المطعون عليها الأولى رفعت الدعوى رقم 1340 سنة 1948 مدني جزئي المنيا ضد الطاعن والمطعون عليهما الثاني والثالث طالبة الحكم بإعادة وضع يدها على قيراطين مبينة حدودهما بصحيفة تلك الدعوى المعلنة في 24 من يونيه سنة 1948 وبتسليمهما إليها وقالت شرحاً لذلك إن المطعون عليهما الثاني والثالث باعا إلى الطاعن ذينك القيراطين مع أنهما مكلفان باسم وقف عبد الرحمن سليمان الماقوسي المشمول بنظرها ثم استصدر الطاعن حكماً قضى بتسليمهما إليه وقد تسلمهما فعلاً بتاريخ 14 من مارس سنة 1948 فقضت المحكمة بندب خبير للانتقال إلى العين موضوع النزاع وبيان إذا كانت وزارة الأوقاف قد وضعت يدها على القيراطين سنة كاملة سابقة على رفع الدعوى وضعاً هادئاً مستمراً وبنية الملك أم أنهما كانا في وضع يد المطعون عليهما الثاني والثالث وما إذا كانت المساحة البالغ مقدارها 36.07 متراً المشار إليها بصحيفة الدعوى تدخل ضمن القيراطين أولاً، فقدم الخبير تقريراً انتهى فيه إلى أن القيراطين يدخلان بأكملهما ضمن ما يملكه الوقف وأن الناظرة السابقة على هذا الوقف ووزارة الأوقاف من بعدها كانتا تؤجران أرض الوقف بما فيها القيراطين إلى الغير وتستوليان على إيجارها وأن القيراطين لم يكونا مستغلين في الزراعة بسبب وجودهما تجاه سكن الطاعن الذي كان يضع اليد عليهما ويشغلهما بوضع سماد وطوب فيهما، وقال الخبير إنه لم يثبت له أن الطاعن كان يدفع عنهما إيجاراً إلى مستأجري باقي أطيان الوقف أما الـ 36.07 متراً فقال إنها تدخل في مساحة القيراطين وقد سبق أن صدر حكم بتسليمها إلى وزارة الأوقاف في القضية رقم 1679 سنة 1946 مدني جزئي المنيا فتسلمتها في أول ديسمبر سنة 1947 وتسلمت معها باقي القيراطين إلا أن الطاعن عاد فتسلمها في 14 من مارس سنة 1948، وفي 22 من مارس سنة 1952، قضى بإعادة وضع يد المدعية - وزارة الأوقاف - على أن 36.07 متراً ورفض ما عدا ذلك من طلباتها. فاستأنفت المطعون عليها الأولى هذا الحكم وقيد استئنافها برقم 117 سنة 1952 محكمة المنيا الابتدائية، وفي 25 من مارس سنة 1953 قضى بتعديل الحكم المستأنف وبإعادة وضع يد المستأنفة على القيراطين وبتسليمهما إليها. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض فنظرت دائرة فحص الطعون الطعن، وقررت إحالته على هذه الدائرة لنظره بجلسة 28 من فبراير سنة 1957، وقد صممت النيابة أمام هذه الهيئة على ما تضمنته مذكرتها وطلبت نقض الحكم.
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه خطأ في تطبيق القانون ذلك أنه أقام قضاءه على ما تبين للمحكمة من تقرير الخبير من أن وزارة الأوقاف قد وضعت يدها على الأرض موضوع النزاع مدة سنة لأنها كانت تؤجر أطيان الوقف جميعها إلى مستأجر وأن هذا المستأجر كان يدفع الإيجار عن هذه الأطيان بما فيها القيراطين والمفهوم من عبارة الحكم أنه اعتبر التأجير ودفع الإيجار وضع يد مع أن وضع اليد لا يكون معنوياً بل يجب أن يكون مادياً، وقد أثبت الخبير في تقريره أن أحداً من مستأجري أطيان الوقف لم يضع يده على القيراطين موضوع النزاع وأن واضع اليد عليهما هو الطاعن إذا كان يشغلهما بوضع أكوام من السماد والطوب والحجارة فيهما.
وحيث إنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه في صدد ما ينعاه الطاعن على قوله: "وقد باشر الخبير عمله وقدم تقريره (المعلى برقم 15 دوسيه المفردات) الذي انتهى فيه إلى أن القيراطين موضوع النزاع يدخلان بأكملهما ضمن ما يملكه الوقف المشمول بنظر المستأنفة - المطعون عليها الأولى - ولا يدخل شيء منهما ضمن المملوك ملكاً خاصاً للمرحوم عبد الرحمن سليمان الماقوسي وأن الناظرة السابقة لوزارة الأوقاف وهذه الأخيرة كانتا تؤجران المساحة المذكورة ضمن عقد تأجيرهما وتستوليان على الإيجار كاملاً - كما لم تكن تلك المساحة تستغل بالزراعة لوقوعها بين السكن تجاه منزل المستأنف عليه الأول - الطاعن - الذي كان يضع اليد عليها بشغلها بسماد وطوب وخلافه ولم يثبت أنه كان يسدد عنها أي إيجار لمستأجري الأوقاف"، ثم قال الحكم بعد ذلك "ومن حيث إنه ثابت من تقرير الخبير أن المستأنفة والناظرة السابقة عليها وضعتا اليد على جميع القدر وهو القيراطان وأجراه لمستأجريهما الذين كانوا يقدمون بدفع إيجاره كاملاً - فوضع يد المستأنفة إذن ومن سبقها في التنظر على الوقف كان مستمراً حتى تاريخ منازعة المستأنف عليه الأول الذي حصل بموجب محضر التسليم في 14 من مارس سنة 1948 - ومفاد هذا صراحة توافر وضع يد المستأنفة على كامل القيراطين أكثر من سنة على حصول التعرض وضع يد استوفى شرائطه القانونية... كما قطع الخبير في أن القيراطين المذكورين يدخلان في وضع يد المستأنفة ضمن أعيان الوقف بعيداً عن ملك مورث البائعين للمستأنف عليه الأول".
وحيث إنه يبين من ذلك أن الحكم استند في قضائه إلى ما قرره الخبير في تقريره من أن القيراطين موضوع النزاع يدخلان في الأطيان المملوكة للوقف المشمول بنظر المطعون عليها الأولى وأنها كانت تؤجر هذه الأطيان جميعها إلى مستأجرين يدفعون إليها قيمة الإيجار واعتبر الحكم ذلك هو وضع يد مستوف لشرائطه القانون. وهذا الذي أقام الحكم قضاءه عليه مخالف للقانون ذلك أن تأجير المطعون عليها الأولى للأطيان المملوكة للوقف هو عمل من الأعمال القانونية وهو لا يكفي لتوافر الركن المادي لحيازة القيراطين المتنازع عليهما بل يجب لتوافره وضع اليد الفعلي عليهما، والثابت من تقرير الخبير على ما جاء بأسباب الحكم المطعون فيه أن الطاعن هو واضع اليد مادياً على القيراطين موضوع النزاع إذ كان يشغلهما بوضع أكوام السماد والحجارة فيهما وأنه لم يكن يدفع إيجاراً عنهما للمطعون عليها الأولى ولا للمستأجر منها ومن ثم فقول الحكم إن المطعون عليها الأولى كانت تضع اليد لمجرد أنهما يدخلان فيما كانت تؤجر للغير دون التثبت من وضع اليد الفعلي استدلال غير سائغ قانوناً إذ العبرة بوضع اليد الفعلي لا بمجرد تصرف قانوني قد يطابق أو لا يطابق الحقيقة. ومن ثم يتعين نقض الحكم.