أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 8 - صـ 236

جلسة 14 من مارس سنة 1957

برياسة السيد عبد العزيز محمد رئيس المحكمة، وبحضور السادة: اسحق عبد السيد، وأحمد قوشه، ومحمد متولي عتلم، وإبراهيم عثمان يوسف المستشارين.

(30)
القضية رقم 202 سنة 23 القضائية

( أ ) عمل. تعويض. حكم "تسبيب كاف". دعوى "سببها". فسخ. عقد. دعوى رفعت من العامل للمطالبة بتعويض عن فصله بلا مبرر وفي وقت غير لائق. بحث الحكم هذا الموضوع وانتهاؤه إلى رفض الدعوى لأن الفسخ له ما يبرره مع استبعاده تطبيق المادة 30/ 6 من القانون رقم 41 سنة 1944. لا تناقض ولا خروج عن نطاق الدعوى.
(ب) عمل. حق صاحب العمل في الفسخ المشار إليه في المادتين 21/ 1، 30 من القانون رقم 41 سنة 1944 زيادة عن حقه في الرجوع على العامل بالتعويض طبقاً للمادة 13 من ذلك القانون.
1 - إذا كانت الدعوى التي رفعها العامل هي مطالبة بتعويض عن فسخ عقد العمل وفصله بلا مبرر وفي وقت غير لائق وبحثها الحكم في حدود هذا الموضوع وخلص في خصوصه إلي أنه لا محل له لأن الفسخ له ما يبرره وأحال الحكم في مبرر الفسخ إلى عدم إطاعة العامل للأمر الصادر إليه من صاحب العمل أو الخطأ فيما اعتقده من أن إرجاء تنفيذ هذا الأمر ليوم آخر لا يضر وكان الحكم قد استبعد تطبيق المادة 30/ 6 من قانون عقد العمل الفردي رقم 41 لسنة 1944 فيما وقع من العمل، فإنه لا يكون هناك تناقض بين مقدمات الحكم وما انتهى إليه ولا خروج فيه عن نطاق الدعوى ذلك لأنه إذا كان الفسخ لا يصح إرجاعه لسبب معين فإنه ليس ما يمنع أن يرجع إلى سبب آخر.
2 - المادة 13 من قانون عقد العمل الفردي رقم 41 لسنة 1944 إنما تتناول حق صاحب العمل في الرجوع على العامل بالتعويض عما يكون قد أتلفه من الآلات والأدوات نتيجة لخطئه أو بسبب إهماله ولا تتناول حق الفسخ المشار إليه في المادتين 21/ 1 و30 من ذلك القانون فلا تحرم صاحب العمل من استعماله هذا الحق زيادة عن حقه في الرجوع على العامل.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن الوقائع تخلص - كما يبين من الحكم المطعون فيه ومن سائر أوراق الطعن - في أن الطاعن كان يعمل قائداً للسيارات لدى الشركتين المطعون عليهما منذ 17 من يناير سنة 1947، وفي 27 من أكتوبر سنة 1949 كلف بنقل اللافتات من مركز الشركتين في السويس فلم يصدع بالأمر وكانت اللافتات موضوعة بجانب السيارة فمر بالسيارة عليها وأتلفها، وبعد أن قامت الشركتان بالتحقيق قررتا فصله ابتداء من أول نوفمبر سنة 1949 فأقام عليهما الدعوى رقم 82 سنة 1950 كلي القاهرة وطلب تعويضاً مقداره ألف جنيه لفصله بلا مبرر وفي وقت غير مناسب، وفي 28 من مايو سنة 1951 حكمت المحكمة بإلزام المدعى عليها بأن يدفعا له مبلغ 300 جنيه، فاستأنف طرفا الخصومة الحكم المذكور وقيد استئناف الشركتين برقم 713 سنة 68 ق استئناف القاهرة، وقيد استئناف الطاعن برقم 788 سنة 68 ق استئناف القاهرة، وبعد أن قررت المحكمة ضم الاستئنافين أصدرت فيهما بتاريخ 10 من فبراير سنة 1951 حكماً قضى أولاً - في استئناف الشركتين بإلزامهما بأن يدفعا للطاعن مبلغ 51 جنيهاً و360 مليماً. وثانياً - في استئناف الطاعن برفضه. فقرر الطاعن فيه بالنقض وعرض طعنه على دائرة فحص الطعون بجلسة 30 من مايو سنة 1956 فقررت إحالته على هذه الدائرة، وأثناء عرض الطعن على هذه الدائرة كانت الشركتان وضعتا تحت الحراسة الخاصة وقد مثلتا بهذه الصفة أمام هذه الدائرة وتري النيابة في مذكرتها رفض الطعن. وقد بنى الطاعن طعنه على ثلاثة أسباب.
ومن حيث إن السبب الأول يتحصل في أن الحكم المطعون فيه قد تناقض في النتيجة التي قررها مع رأيه الذي كونه في بحثه الموضوعي، ويقول الطاعن في بيان هذا النعي إن نقطة البحث في القضية تنحصر في هل كان السبب الذي استندت إليه المطعون عليهما في فصله هو من الأسباب التي يجيز من أجلها قانون عقد العمل الفردي بالمادة 30 فصل العامل كجزاء على فعل اقترفه على فرض وقوع هذا الفعل أم لا وأن الحكم المطعون فيه إذ قرر أن شركة شل لم يكن يجوز لها أن تفصل الطاعن بموجب المادة 30/ 6 من القانون رقم 41 لسنة 1944 فإنه كان يجب عليها أن تعيده إلى الخدمة أو أن تعوضه عن هذا الفصل، وما كان للمحكمة - أن تبحث قرار الفصل إلا على هذا الوجه. ولما كانت مقدمات الحكم أن قرار الفصل لا ينطبق على الفقرة السادسة من المادة 30 من القانون بينما انتهى إلى رفض طلب التعويض فتكون نتيجته متناقضة مع مقدماته. ويتحصل السبب الثاني من الطعن في أن الحكم إذ أباح فصل الطاعن السبب غير السبب الذي فصل من أجله يكون قد قضى بغير ما هو مطلوب من المحكمة.
ومن حيث إن هذين السببين مردودان بأنه يبين من صحيفة الاستئناف أن الطاعن بنى طلب التعويض على "أن العدالة تقضي أن يعوض عن هذه الخسارة الفادحة التي أصابته ما دام الفصل قد صدر بلا مبرر وفي وقت غير لائق ولم يصدر منه ما يستدعي هذا الفصل". ومؤدى ذلك أن سبب الدعوى هو الفصل بلا مبرر وفي وقت غير لائق. ولما كان يبين من الحكم المطعون فيه أنه بني على "أن ما وقع من شفيق خطاب وإن كان يجيز للشركة صاحبة العمل الاستغناء عنه إلا أنه ليس من الالتزامات الجوهرية المترتبة على عقد العمل ذلك أنه قد أساء التصرف في عدم طاعة الأمر الصادر له بعمل من الأعمال أو أخطأ فيما اعتقده أن إرجاء تنفيذ ذلك الأمر إلى يوم آخر ليس فيه ضرر ما". ثم أورد الحكم المطعون فيه بعدئذ أن "حالة شفيق غير منطبقة على المادة 30/ 6 من قانون عقد العمل الفردي ويبقى حق الشركة صاحب العمل في فسخ العقد عملاً بالمادة 21 من ذلك القانون وهي تنص على أنه إذا كان العقد مبرماً لمدة غير محددة كان لكل من الطرفين الحق في فسخه بعد إعلان الطرف الآخر بذلك على أن يكون الإعلان سابقاً للفسخ بمدة معينة وهي ثلاثون يوماً للعمال المعينين بأجر شهري، وتنص المادة 22 من نفس القانون على أنه إذا لم يعمل بشرط المهلة المشار إليها في المادة السابقة ألزم الطرف الذي تسبب في فسخ العقد بأن يدفع للطرف الآخر تعويضاً مساوياً للأجر الكامل عن مدة المهلة أو الجزء الباقي منها، كما تنص المادة 23 على أنه إذا كان الفسخ صادراً من جانب صاحب العمل وجب عليه أن يدفع للعمال مكافأة عن مدة خدمته تحسب بأجر نصف شهر للعمال المعينين بالماهية الشهرية عن كل سنة عن السنوات الست الأولى" وقال الحكم المطعون فيه كذلك "وبما أنه فيما يختص بالتعويض فترى المحكمة أنه لا محل له لأنه ثبت - كما سبق القول - أن الفسخ كان له ما يبرره". ومفاد ذلك أن الحكم المطعون فيه قد أحال في مبرر الفسخ إلى عدم إطاعة الأمر أو الخطأ فيما اعتقده الطاعن من أن إرجاء التنفيذ ليوم آخر لا يضر. وإذا كان الفسخ لا يصح إرجاعه لسبب معين فإنه ليس ما يمنع أن يرجع إلى سبب آخر ولذلك لا يكون هناك تناقض بين مقدمات الحكم وما انتهى إليه، ولما كانت الدعوى التي رفعها الطاعن هي مطالبته بتعويض عن فسخ عقد فقد بحثها الحكم المطعون فيه في حدود هذا الموضوع وخلص في خصوصه إلى أنه لا محل له لأن الفسخ له ما يبرره وبذلك لم يخرج الحكم المطعون فيه عن نطاق الدعوى.
ومن حيث إن السبب الثالث يتحصل في النعي على الحكم المطعون فيه بمخالفة القانون، ويقول الطاعن في بيان ذلك إنه كان يتعين على محكمة الموضوع وقد انتهت إلى أن تلف اللافتات كان نتيجة أعمال الطاعن أن تطبق عليه نص المادة 13 من قانون عقد العمل الفردي التي تلزم العامل بالمبلغ اللازم لإصلاح الأشياء التالفة أو استبدالها وكان عليها متى رأت مخالفة الشركتين المطعون عليهما لنص المادة المشار إليه أن تبطل قرارها بالفصل، ولم يكن من سلطة المحكمة - أن تبرر الفعل بابتداع حالة تختلف عن الحالة المعروضة.
ومن حيث إن هذا النعي مردود بأن المادة المذكورة إنما تتناول حق صاحب العمل في الرجوع على العامل بالتعويض عما يكون قد أتلفه من الآلات والأدوات نتيجة لخطئه أو سبب إهماله ولا تتناول حق الفسخ المشار إليه في المادتين 21/ 1 و30 من قانون عقد العمل الفردي رقم 41 لسنة 1944 فلا تحرم صاحب العمل من استعماله حقه المشار إليه في المادتين المذكورتين زيادة عن حقه في الرجوع على العامل.
ومن حيث إنه لذلك يتعين رفض الطعن.