أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 8 - صـ 277

جلسة 27 من إبريل سنة 1957

برياسة السيد المستشار حسن داود، وبحضور السادة: محمود إبراهيم إسماعيل، ومحمود عياد، واسحق عبد السيد، ومحمد عبد الرحمن يوسف، ومحمد عبد الواحد علي، ومحمود محمد مجاهد، وأحمد قوشه، وفهيم يسي جندي، ومحمد متولي عتلم، وأحمد زكي كامل، وإبراهيم عثمان يوسف المستشارين.

(10)
الطلبات أرقام 41 و91 و133 سنة 24 و27 و134 سنة 25 القضائية "رجال القضاء"

( أ ) أهلية. ترقية. الترقية إلى وظيفة وكيل محكمة أو ما يعادلها. اعتبار الأهلية على درجات وأولوية الأعلى درجة بالترقية.
(ب) أهلية. تفتيش قضائي. إغفال التفتيش على عمل القاضي في سنة من السنين. جواز الاكتفاء بما في ملفه من تقارير وأوراق وبيانات في تقدير درجة أهليته.
1 - إن المشرع إذ نص في المادة 21 من قانون استقلال القضاء على أن الترقية إلى وظيفة وكيل محكمة أو ما يعادلها تكون على أساس درجة الأهلية وعند التساوي تراعى الأقدمية. إذ نص على ذلك قد اعتبر أن الأهلية على درجات وأنه عند التفاضل بين درجاتها يكون من هو حائز على درجة أعلى من غيره أولى بالترقية.
2 - إغفال التفتيش على أعمال القاضي خلال سنة من السنين لا يمنع من أن يكون ما في ملفه من تقارير وأوراق وبيانات كافية لتقدير درجة أهليته تقديراً يطمأن إليه ويمكن معه مقارنة أهليته بأهلية زملائه مقارنة تقوم على أساس صحيح.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقارير التي تلاها السيد المستشار المقرر وبعد المرافعة والمداولة.
من حيث إن الوقائع تتحصل حسبما يبين من الأوراق في أن وزارة العدل استصدرت مراسيم وقراراً تضمن كل منها ترقية بعض قضاة الدرجة الأولى ووكلاء النيابة من الدرجة الأولى الممتازة إلى وظائف وكلاء محاكم من الفئة (ب) أو ما يعادلها وكان صدور المراسيم في 10 من إبريل سنة 1954 و22 من يوليو سنة 1954 وأول ديسمبر سنة 1954 وصدور القرار في 9 من فبراير سنة 1955، فطعن الطالب في كل منها عقب صدوره وطلب الحكم بإلغائه فيما تضمنه من تخطيه في الترقية إلى وظيفة من الوظائف المذكورة وبإلغاء ما ترتب على ذلك من آثار وقيد طلبه الأول برقم 41 سنة 24 ق وطلبه الثاني برقم 91 سنة 24 ق. وطلبه الثالث برقم 133 سنة 24 ق. وطلبه الرابع برقم 27 سنة 25 ق - وفي 10 من أغسطس صدر قرار من مجلس الوزراء تضمن ترقية بعض القضاة ووكلاء النيابة من الدرجة الأولى الممتازة إلى وظائف وكلاء محاكم أو ما يعادلها فطعن الطالب في هذا القرار عقب صدوره طالباً إلغاءه فيما تضمنه من تخطيه في الترقية إلى إحدى الوظائف المذكورة وقيد طلبه برقم 134 سنة 25 ق. وقد قررت المحكمة ضم الطلبات الأربعة الأخيرة إلى الطلب الأول.
ومن حيث إن الطلبات قد استوفت أوضاعها الشكلية.
ومن حيث إن السببين الأول والثاني في كل من الطعون الأربعة الأولى يتحصلان في أن القرار والمراسيم المطعون فيها قد صدرت مخالفة للقانون ومبنية على خطأ في الإسناد ويقول الطالب في بيان ذلك: أولاً - إن وزارة العدل لم تقم بالتفتيش على أعماله سنوياً مخالفة في ذلك نص المادة السادسة من القرار الصادر بإنشاء إدارة التفتيش القضائي. ثانياً - إن الوزارة عند إعدادها للحركات القضائية موضوع الطعون قد وضعت تمهيداً لتقدير درجات الأهلية معايير مختلفة للترقية إلى كل من وظائف وكلاء المحاكم من الفئة (ب) ووظائف وكلاء المحاكم من الفئة ( أ ) ووظائف رؤساء المحاكم فضلاً عن أنه لا سند من القانون لكل من هذه المعايير. ثالثاً - أن الوزارة استندت في تخطي الطالب إلى نتائج تقارير إدارة التفتيش القضائي عن أعماله في حين أن ما ورد في صلب التقارير لا يؤدي إلى النتائج المشار إليها وأضاف الطالب في طعنه الثالث سبباً ثالثاً يتحصل في أن التقرير المؤرخ في 4 من إبريل سنة 1954 قد وضع على أساس صدور أحكام من الطالب كانت موضع ملاحظات في حين أن هذه الأحكام قد صدرت من قاض آخر وأن استبعادها هي والملاحظات كان يترتب عليه حتماً تغيير النتيجة التي انتهى إليها التقرير وقرر الطالب في بيانه أسباب طعنه على القرار الصادر في 10 من أغسطس سنة 1955 أن الأهلية تتحقق بالسن والنزاهة وإتقان العمل الأمر الذي تشهد به تقاريره ويعتبر إغفاله إساءة لاستعمال السلطة وإنه أي الطالب قد احتكم إلى مجلس القضاء الأعلى ورأى هذا المجلس رفع التقدير الذي قدر به في تقرير 4 إبريل سنة 1954 إلى درجة فوق المتوسط وأن وزارة العدل مع ذلك لم تنزل عند هذا الرأي - الأمر الذي يعتبر تعسفاً منها هذا إلى أن الطالب قدرت كفايته في بعض التقارير بدرجة "يزيد عن المتوسط" وهي معادلة ومرادفة لدرجة "فوق المتوسط" الأمر الذي لم يكن من شأنه أن يحول دون ترقيته.
ومن حيث إن رد وزارة العدل يتحصل في أن ما نص عليه القرار الصادر بإنشاء إدارة التفتيش القضائي من أن يكون التفتيش دورياً ومرة واحدة كل سنة على الأقل هو نص غير ملزم فضلاً عن أنه يقع على الطالب عبء إثبات ما يدعيه من أن تقرير أهليته كان يختلف لو روعي هذا النص. وأن ما ينعاه الطالب في خصوص تفسير عبارة درجة الأهلية هي في حقيقته نقد موجه إلى المشرع. وأن "درجة الأهلية" تشمل إلى جانب الكفاية الفنية التي تستنبط من تقارير التفتيش عناصر أخرى منها حسن السيرة والاستقامة والنزاهة والاتزان وحسن التقدير وإنها - أي الوزارة - قد راعت درجة الأهلية عند إعدادها للحركات القضائية التي طعن فيها الطالب ولم يبلغ هو درجة من رقوا دونه.
ومن حيث إن النيابة العامة أبدت رأيها بأن عدم مراعاة التفتيش سنوياً على أعمال القاضي لا يمنع من أن يكون ما في ملفه من تقارير وأوراق وبيانات كافياً لتقدير درجة أهليته تقديراً يدعو إلى الاطمئنان وقالت إن تحقيق الطعون يقتضي ضم بيانات من واقع السجلات السرية لزملاء الطالب الذين تخطوه في الترقية بالقرارين والمراسيم المطعون فيها.
ومن حيث إن هذه المحكمة أمرت بتقديم البيانات المشار إليها فقدمتها وزارة العدل.
ومن حيث إن ما ينعاه الطالب من أنه لا سند من القانون لما جرت عليه الوزارة من وضع معايير معينة في سبيل تقدير الأهلية - هذا النعي مردود بأن المشرع إذ نص في المادة 21 من قانون استقلال القضاء على أن الترقية إلى وظيفة وكيل محكمة أو ما يعادلها تكون على أساس درجة الأهلية وعند التساوي تراعى الأقدمية إذ نص على ذلك قد اعتبر أن الأهلية على درجات وأنه عند التفاضل بين درجاتها يكون من هو حائز على درجة أعلى من غيره أولى بالترقية - أما ما ينعاه الطالب في خصوص عدم التفتيش على أعماله مرة واحدة كل سنة فمردود بأن إغفال التفتيش على أعمال القاضي خلال سنة من السنين لا يمنع من أن يكون ما في ملفه من تقارير وأوراق وبيانات كافياً لتقدير درجة أهليته تقديراً يطمأن إليه ويمكن معه مقارنة أهليته بأهلية زملائه مقارنة تقوم على أساس صحيح، وأما ما ينعاه الطالب في خصوص التقرير المؤرخ في 4 من إبريل سنة 1954 فمردود بأنه يبين من الأوراق أن إدارة التفتيش القضائي قد تولت فحص اعتراض الطالب بشأن الأحكام التي نسبت إليه خطأ في التقرير وانتهت إلى أن رفع الملاحظات الخاصة بالأحكام المشار إليها ليس من شأنه أن يؤدي إلى تغيير في تقدير درجة كفاية الطالب - وأما ما يقول به الطالب من أنه احتكم إلى مجلس القضاء الأعلى ورأى المجلس تقدير كفايته بدرجة أعلى من الدرجة التي وردت في التقرير المنوه عنه فإن هذا القول لا سند له من الأوراق.
ومن حيث إنه بمراجعة الملف السري للطالب وما احتواه من تقارير وأوراق وبيانات ومقارنة ذلك بالبيانات المستخرجة من واقع السجلات السرية لزملائه الذين تخطوه في الترقية يبين لهذه المحكمة أن القرارين والمراسيم المطعون فيها إذ تخطت الطالب في الترقية لم تخالف القانون. ومن ثم تكون الطلبات جميعها على غير أساس ويتعين الحكم برفضها.