أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 8 - صـ 281

جلسة 27 من إبريل سنة 1957

برياسة السيد المستشار حسن داود، وبحضور السادة: محمود إبراهيم إسماعيل، ومحمود عياد واسحق عبد السيد، ومحمد عبد الرحمن يوسف، ومحمد عبد الواحد علي، ومحمود محمد مجاهد، وأحمد قوشه، وفهيم يسي جندي، ومحمد متولي عتلم، وأحمد زكي كامل، وإبراهيم عثمان يوسف المستشارين.

(11)
الطلبان رقما 59 و123 سنة 24 القضائية "رجال القضاء"

تفتيش قضائي. إجراء التفتيش على القضاة قبل كل حركة قضائية. غير واجب.
ليس في القانون ما يوجب إجراء التفتيش على القضاة قبل كل حركة قضائية.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير السيد المستشار المقرر وبعد المرافعة والمداولة.
من حيث إن الطلبين قد استوفيا أوضاعهما الشكلية.
ومن حيث إن الطلب المقيد برقم 59 سنة 24 ق يتحصل كما جاء به في أن الطالب عند صدور المرسوم المطعون فيه بتاريخ 10 من إبريل سنة 1954 كان قاضياً من الدرجة الأولى، ورقي بهذا المرسوم أربعة من زملائه إلى درجة وكيل محكمة الفئة "ب" أو ما يعادلها من وظائف النيابة، ولم يرق هو مع أنه يسبقهم في الأقدمية ولا يقل عنهم في درجة الأهلية، وهو لذلك يطلب إلغاءه والقرارات المكملة له فيما تضمنته من إغفال ترقيته أسوة بهؤلاء الزملاء، والحكم بأحقيته للترقية إلى درجة وكيل محكمة من الفئة "ب" أو ما يعادلها من وظائف النيابة.
ومن حيث إن الطالب يبني طلبه على أن الوزارة خالفت القانون فيما نص عليه في المادة 21 من قانون استقلال القضاء رقم 188 لسنة 1952، وأساءت استعمال السلطة، ذلك بأنه قد فتش على أعماله قبل صدور المرسوم المطعون فيه بأيام وأسفر هذا التفتيش عن تقرير ثبت منه عنايته بعمله وحسن تطبيقه للقانون وسلامة تقديره، ولذلك فقد كان يتعين ترقيته.
ومن حيث إن وزارة العدل ردت على الطلب بأنه ليس ثمة خطأ من جانبها في تطبيق القانون ولا تعسف في استعمال السلطة، فالطالب لم تبلغ أهليته الدرجة التي بلغها من رقي من زملائه الذين كانوا يلونه في الأقدمية، وأن الوزارة لم تعتمد في تقدير أهلية الطالب على التقرير الذي يشير إليه وحده، ولا سيما أنه لم يسلك في الاعتراض عليه الطريق الذي رسمه القرار الوزاري الصادر في 17 من إبريل سنة 1952، وقد عقب الطالب على ما جاء بدفاع الوزارة بأنه حصل أكثر من مرة على درجة "فوق المتوسط" وأنه لم يعلن بالتقرير الأخير ولا بإيداعه حتى يؤاخذ بالسكوت عن الاعتراض عليه، هذا إلى أن الوزارة أوفدته إلى الخارج لدراسة نظام الأحداث مما يشهد بكفايته.
ومن حيث إن النيابة قالت في مذكرتها التي وضعتها في 11 من نوفمبر سنة 1954 إن الموضوع بحاجة إلى ضم ملف الطالب وكذا البيانات الخاصة بأهلية زملائه الذين كانوا يلونه في الأقدمية ورقوا دونه وذلك لحسم ما يثيره الطالب من نزاع.
ومن حيث إن الطلب المقيد برقم 123 سنة 24 ق رجال القضاء يتحصل كما جاء به في أن الطالب عند صدور المرسوم المطعون فيه بتاريخ 22 من يوليه سنة 1954 كان قاضياً من الدرجة الأولى ورقي بهذا المرسوم اثنان من زملائه إلى وكيل محكمة فئة "ب" ولم يرق هو مع أنه كان يسبقهما في الأقدمية وهما لا يزيدان عنه في درجة الأهلية، وهو لذلك يطب إلغاءه والقرارات المكملة له فيما تضمنته من تخطيه في الترقية والحكم بأحقيته للترقية أسوة بهما.
ومن حيث إن الطالب يبني هذا الطلب على أن الوزارة خالفت القانون وأساءت استعمال السلطة حيث تركته في الترقية ورقت اثنين من زملائه كانا يليانه في الأقدمية ولا يرجحانه في درجة الأهلية، إذ هو يساويهما في الكفاية وكان تطبيق القانون يقتضي أن تراعى أقدمية الطاعن ما دامت أهليته على قدم من المساواة مع أهلية زملائه الذين رقوا دونه، وأحال في بيان ما يستند إليه في تأييد طلبه وإثبات أهليته إلى ما بينه في أسباب طعنه السابق (رقم 59 سنة 24 ق رجال القضاء)، وأضاف الطالب أن وزارة العدل كان ينبغي لها أن تأمر بإجراء تفتيش جديد على أعمال الطاعن ولكنها أبقت الحال على ما هو عليه حتى حصل تخطيه مرة أخرى، ولذلك يكون تصرفها مبنياً على مخالفة القانون وإساءة استعمال السلطة، وقد ردت الوزارة في مذكرة دفاعها بأنها تصر على ما جاء بمذكرته السابقة في الطعن رقم 59 سنة 24 ق، وأن ما أورده الطالب ليس فيه ما يثبت أن الوزارة أساءت استعمال السلطة أو أنها حادث عن مقتضيات المصلحة العامة، وقد عقب الطالب على مذكرة الوزارة بأن الأمر يقتضي الاطلاع على ملفه وملفات زملائه الذين تخطوه إلى الترقية ومن التناقض أن تختار الوزارة الطالب لتمثيلها في مؤتمرات قانونية خارج البلاد ثم تقول إنه لم يبلغ درجة الأهلية التي بلغها من رقوا دونه.
ومن حيث إن النيابة صممت في مذكرتها الأخيرة على ما جاء بمذكرتها الأولى وهي ترى أن الحكم على أهلية الطالب بالنسبة لزملائه أمر متروك لتقدير المحكمة.
ومن حيث إن ما يقوله الطاعن من أن واجب الوزارة كان يقتضيها إجراء تفتيش على أعماله قبل الحركة الأخيرة المطعون في مرسومها، هذا القول مردود بأن القانون ليس فيه ما يوجب إجراء التفتيش على القضاة قبل كل حركة قضائية، وفضلاً عن ذلك فإن الواضح من الاطلاع على الملف السري للطالب أن آخر تفتيش على أعماله كان بتاريخ 5 من إبريل سنة 1954 أي قبل صدور الحركة الأخيرة المطعون في مرسومها بفترة قصيرة.
ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على الملف الخاص بالطالب وما احتواه من تقارير وأوراق أخرى، وعلى البيانات الرسمية المستخرجة من السجلات السرية لزملائه الذين رقوا بمقتضى المرسومين المطعون فيهما إلى درجة وكلاء محاكم من الفئة "ب" أو ما يماثلها ممن كانوا يلونه في الأقدمية، يبين من ذلك أنه لم يقع في تخطي الطالب في الترقية في الحركة القضائية الصادر بها المرسومان المطعون فيهما، مخالفة للقانون أو تعسف في استعمال السلطة، ومن ثم يكون على غير أساس طلب إلغاء هذين المرسومين والقرارات المكملة لهما ويتعين رفض الطلبين.