أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
السنة 26 - صـ 440

جلسة 19 من فبراير سنة 1975

برياسة السيد المستشار سليم راشد أبو زيد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: مصطفى الفقي، ومحمد المصري، ومحمد حافظ رفقي، ومحمد البنداري العشري.

(90)
الطعن رقم 454 لسنة 40 القضائية

(1) استئناف "أثر الاستئناف". دعوى "دعوى الضمان الفرعية".
دعوى الضمان. استقلالها عن الدعوى الأصلية. لا تعد دفعاً أو دفاعاً فيها. الاستئناف المرفوع من المدعية في الدعوى الأصلية بإخراج المدعى عليه مدعي الضمان من الدعوى. لا يطرح دعوى الضمان الفرعية على المحكمة الاستئنافية.
(2) إيجار "ضمان التعرض". حيازة. تعويض.
ثبوت حصول التعرض المادي. افتراض استمراره إلى أن يقوم الدليل على زواله. مثال بشأن دعوى تعويض عن التعرض المادي للمستأجر.
(3) نقض "السبب الجديد".
حلو الأوراق مما يفيد تمسك الطاعنة أمام محكمة الموضوع بما أوردته من مطاعن على تقرير الخبير أو أنها قدمت إلى تلك المحكمة المستند الذي تحتج به. عدم جواز التحدي بذلك لأول مرة أمام محكمة النقض.
1 - الاستئناف وفقاً لنص المادة 232 من قانون المرافعات ينقل الدعوى إلى محكمة الدرجة الثانية بحالتها التي كانت عليها قبل صدور الحكم المستأنف بالنسبة لما رفع عنه الاستئناف ولا يجوز لمحكمة الاستئناف أن تعرض للفصل في أمر غير مطروح عليها. وإذ كان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن الشركة الطاعنة أدخلت المطعون ضده الثاني ضامناً في الدعوى، وأن الحكم الابتدائي قضى للمطعون ضدها الأولى على المطعون ضده الثاني "الضامن" وأخرج الشركة الطاعنة "مدعية الضمان" من الدعوى وأن المطعون ضدها "المدعية" في الدعوى الأصلية هي التي استأنفت الحكم طالبة الحكم لها بطلباتها على الشركة الطاعنة وذلك بالإضافة إلى ما قضى به ابتداء، فإن الاستئناف يكون قاصراً على قضاء الحكم في الدعوى الأصلية بإخراج الشركة الطاعنة منها، ولا يتناول ما قضى به الحكم المذكور في دعوى الضمان. وإذ كانت دعوى الضمان مستقلة بكيانها عن الدعوى الأصلية ولا تعتبر دفاعاً ولا دفعاً فيها، فإنه يمتنع على محكمة الاستئناف أن تعرض لدعوى الضمان المرفوعة من الشركة الطاعنة أثناء نظر الاستئناف المرفوع من المطعون ضدها الأولى عن الحكم الصادر في الدعوى الأصلية.
2 - متى كانت المطعون ضدها الأولى قد طلبت الحكم بالتعويض الذي قدرته في الصحيفة وما يستجد ابتداء من أول نوفمبر سنة 1965 لحين إزالة التعرض، وكان يبين من الرجوع إلى تقرير الخبير أنه أثبت حصول تعرض المطعون ضده الثاني للعين المؤجرة محل النزاع، وذلك في كل المرات التي انتقل فيها للمعاينة، كما يبين من الرجوع إلى محاضر أعمال هذا الخبير أن وكيل الشركة الطاعنة قرر أن الشركة أنذرت المطعون ضده الثاني بفسخ عقد الإيجار المبرم بينهما إن لم يكف عن التعرض للمطعون ضدها الأولى في العين المؤجرة إليها من نفس الشركة والمجاورة للعين المؤجرة للمطعون ضده الثاني فإن ما قرره الحكم المطعون فيه من أن تعرض المطعون ضده المذكور لم يزل قائماً استناداً إلى تقرير الخبير ومحاضر أعماله لا يكون قد خالف الثابت في الأوراق ولا يعيب الحكم - وقد قضى بالتعويض المستحق حتى نهاية شهر فبراير سنة 1970 السابق على صدوره - أنه لم يبين سنده في استمرار التعرض حتى ذلك التاريخ، ذلك أنه متى ثبت حصول التعرض المادي، فإن يفترض استمراره إلى أن يقوم الدليل على زواله.
3 - إذا كانت الأوراق قد خلت مما يفيد أن الطاعنة تمسكت أمام محكمة الموضوع بما أوردته من مطاعن على تقرير الخبير أو أنها قدمت إلى تلك المحكمة الخطاب - الذي تحتج به - فإن التمسك بتلك المطاعن والتمسك بالدلالة المستمدة من ذلك الخطاب يعتبر من الأسباب الجديدة التي لا يجوز التحدي بها لأول مرة أمام محكمة النقض.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضدها الأولى أقامت الدعوى رقم 6399 سنة 1965 مدني كلي القاهرة على الشركة الطاعنة بطلب الحكم بإلزامها بإزالة التعرض الحاصل لها من المطعون ضده الثاني في انتفاعها (بالفترينة) المبينة بالعريضة، وبأن تدفع لها مبلغ 955 ج وما يستجد ابتداء من 1/ 11/ 1965 لحين إزالة التعرض بواقع 150 جنيهاً شهرياً، وقالت بياناً للدعوى إنه بموجب عقد إيجار مؤرخ 25/ 7/ 1964 استأجرت من الطاعن المحل رقم 72 بممر الكونتننتال (والفترينة) الجانبية الملحقة به نظير أجرة شهرية قدرها واحد وخمسون جنيهاً وبعقد إيجار مؤرخ 31/ 8/ 1961 أجرت الطاعنة إلى المطعون ضده الثاني (فترينة) كائنة بوسط ممر الكونتننتال ومجاورة لفترينة المحل المؤجر لها بقصد استعمالها معرضاً للمنتجات السعودية، إلا أن المطعون ضده الثاني خالف هذا الحظر واستعمل الفراغ الواقع بين الفترينتين في عرض بضاعة للبيع، فحجبت بذلك الفترينة المؤجرة لها، مما ترتب عليه حرمانها من الانتفاع بها وهذا منه تعرض مادي تضمنه الشركة الطاعنة عملاً بالمادة 571 من القانون المدني، ولهذا فقد رفعت الدعوى بطلباتها سالفة البيان. وقد أدخلت الشركة الطاعنة المطعون ضده الثاني ضامناً في الدعوى وطلبت (أولاً) إخراجها من الدعوى بلا مصاريف (ثانياً) الحكم لها على الضامن بما عسى أن يحكم به عليها. وفي 6/ 5/ 1967 ندبت المحكمة خبيراً لتحقيق هذا التعرض وأثره وتقدير التعويض الجابر للضرر إن وجد. وبعد أن قدم الخبير تقريره قضت المحكمة بتاريخ 4/ 5/ 1968 بإلزام المطعون ضده الثاني (الضامن) بأن يدفع للمطعون ضدها الأولى (المدعية) مبلغ تسعين جنيهاً وبإخراج الشركة المدعى عليها (الطاعنة) من الدعوى. استأنفت المطعون ضدها الأولى هذا الحكم بالاستئناف رقم 1524 سنة 85 ق طالبة إلغاء الحكم المستأنف في قضائه برفض ما زاد على مبلغ التسعين جنيهاً والقضاء بإلزام الشركة الطاعنة في مواجهة المطعون ضده الثاني، بإزالة التعرض الحاصل لها من هذا الأخير، وبأن تدفع لها مبلغ 815 جنيهاً وما يستجد ابتداء من 1/ 11/ 1965 لحين إزالة التعرض بواقع 150 جنيهاً شهرياً. وبتاريخ 29/ 3/ 1970 قضت محكمة استئناف القاهرة بإلغاء الحكم المستأنف وبإلزام الشركة الطاعنة بأن تدفع للمطعون ضدها الأولى مبلغ 870 جنيهاً قيمة التعويض المستحق حتى آخر فبراير سنة 1970 وبإزالة التعرض الحاصل لها في العين المؤجرة، وبأن تدفع لها مبلغ خمسة عشر جنيهاً شهرياً ابتداء من 1/ 3/ 1970 حتى تاريخ إزالة التعرض. طعنت الشركة الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت نيابة النقض مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم, وإذ عوض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره, وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب، حاصل أولها أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله وفي بيان ذلك تقول الطاعنة إنها أدخلت المطعون ضده الثاني ضامناً لها في الدعوى ليحكم عليه للمطعون ضدها الأولى وإخراجها هي من الدعوى أو الحكم عليه لها بما عسى أن يحكم به عليها، وقد قضى الحكم المطعون فيه بإلغاء الحكم الابتدائي فيما قضى به من إخراجها من الدعوى وحكم عليها بطلبات المطعون ضدها الأولى في الدعوى الأصلية مع أن دعوى الضمان كانت معروضة على محكمة الاستئناف مع الدعوى الأصلية, مما كان يتعين معه على المحكمة أن تعرض لها وتفصل فيها، وإذ خالف الحكم المطعون فيه ذلك ولم يفصل لها في دعوى الضمان الموجهة منها إلى المطعون ضده الثاني فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد. ذلك أن الاستئناف وفقاً لنص المادة 232 من قانون المرافعات ينقل الدعوى إلى محكمة الدرجة الثانية بحالتها التي كانت عليها قبل صدور الحكم المستأنف بالنسبة لما رفع عنه الاستئناف ولا يجوز لمحكمة الاستئناف أن تعرض للفصل في أمر غير مطروح عليها. ولما كان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن الشركة الطاعنة أدخلت المطعون ضده الثاني ضامناً في الدعوى وأن الحكم الابتدائي قضى للمطعون ضدها الأولى على المطعون ضده الثاني "الضامن" وأخرج الشركة الطاعنة "المدعية الضمان" من الدعوى وأن المطعون ضدها الأولى "المدعية" في الدعوى الأصلية هي التي استأنفت الحكم طالبة القضاء لها بطلباتها على الشركة الطاعنة وذلك بالإضافة إلى ما قضى به ابتداء فإن الاستئناف يكون قاصراً على قضاء الحكم في الدعوى الأصلية بإخراج الشركة الطاعنة منها، ولا تتناول ما قضى به الحكم المذكور في دعوى الضمان, لما كان ذلك, وكانت الدعوى الضمان مستقلة بكيانها عن الدعوى الأصلية ولا تعتبر دفعاً ولا دفاعاً فيها، فإنه يمتنع على محكمة الاستئناف أن تعرض لدعوى الضمان المرفوعة من الشركة الطاعنة أثناء نظر الاستئناف المرفوع من المطعون ضدها الأولى عن الحكم الصادر في الدعوى الأصلية. وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد طبق القانون على وجهه الصحيح ويكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى على الحكم المطعون فيه بالسبب الثاني مخالفة الثابت في الأوراق، وفي بيان ذلك تقول إن الحكم إذ قرر أن التعرض ظل قائماً ومتصلاً من 1/ 5/ 1965 حتى نهاية فبراير سنة 1970 ورتب على ذلك قضاءه بالإزالة والتعويض يكون قد خالف الثابت في صحيفة الدعوى وفي تقرير الخبير من أن هذا التعرض كان عرضياً ولم يستمر.
وحيث إن هذا النعي غير صحيح. ذلك أنه بالرجوع إلى صحيفة الدعوى يبين أن المطعون ضدها الأولى طلبت الحكم بالتعويض الذي قدرته في الصحيفة وما يستجد ابتداء من أول نوفمبر سنة 1965 لحين إزالة التعرض بواقع 150 جنيه شهرياً، ويبين من الرجوع إلى تقرير الخبير أنه أثبت حصول تعرض المطعون ضده الثاني للعين المؤجرة محل النزاع وذلك في كل المرات التي انتقل فيها للمعاينة وفيها أيام عيد الفطر والأيام السابقة عليها، كما يبين من الرجوع إلى محاضر أعمال هذا الخبير أن وكيل الشركة الطاعنة قرر أن الشركة أنذرت المطعون ضده الثاني بفسخ عقد الإيجار المبرم بينهما إن لم يكف عن التعرض للمطعون ضدها الأولى في العين المؤجرة, لما كان ذلك فإن ما قرره الحكم المطعون فيه من أن تعرض المطعون ضده الثاني لم يزل قائماً استناداً إلى تقرير الخبير ومحاضر أعماله لا يكون قد خالف الثابت في الأوراق ولا يعيب الحكم أنه لم يبين سنده في استمرار التعرض حتى نهاية شهر فبراير سنة 1970، ذلك أنه متى ثبت حصول التعرض المادي فإنه يفترض استمراره إلى أن يقوم الدليل على زواله.
وحيث إن حاصل السبب الثالث بطلان الحكم المطعون فيه لاستناده إلى تقرير استهدف لمطاعن جدية، وتقول الشركة الطاعنة في بيان ذلك إن الحكم اتخذ من تقرير الخبير أساساً لقضائه ولم يحفل بما وجهته إليه من مطاعن منها خلو التقرير من تحديد مدى تاريخ التعرض، وتناقض الخبير بشأن مدى أثر التعرض في حجب (الفترينة) فتارة يقرر أن حجبها كان كلياً وأخرى يقرر أن حجبها كان جزئياً وتقديره التعويض بخمسة عشر جنيهاً رغم ما ذكره في تقريره من تدخل عناصر كثيرة في تحديد رقم المبيعات وأضافت الشركة الطاعنة أن المطعون ضدها الأولى قدمت إليها طلباً مؤرخاً 30/ 9/ 1969 تستأذنها في تأجير الفترينة المؤجرة لها إلى الغير نظير زيادة في الأجرة، وأن هذا الطلب ينطوي على إقرار من المطعون ضدها الأولى بأن (الفترينة) لا أثر لها على نشاط المحل المؤجر لها، وأن التعرض المدعى به ليس من شأنه التأثير على الربح كلياً أو جزئياً.
وحيث إن هذا النعي مردود في شقه الأول بما سبق الرد به على السبب الثاني وبالنسبة للشق الثاني فإنه ليس في الأوراق ما يفيد أن الطاعنة تمسكت أمام محكمة الموضوع بما أوردته من مطاعن على تقرير الخبير أو أنها قدمت إلى تلك المحكمة الخطاب المؤرخ 30/ 9/ 1969 ومن ثم فإن التمسك بتلك المطاعن والتمسك بالدلالة المستمدة من ذلك الخطاب وعلى نحو ما أوردته الطاعنة بوجه الطعن, يعتبر من الأسباب الجديدة التي لا يجوز التحدي بها لأول مرة أمام محكمة النقض.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.