أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
السنة 26 - صـ 446

جلسة 22 من فبراير سنة 1975

برياسة السيد المستشار محمد صادق الرشيدي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: أديب قصبجي، وحافظ الوكيل، وممدوح عطية، ومحمد صلاح الدين عبد الحميد.

(91)
الطعن رقم 418 لسنة 36 القضائية

(1، 2) اختصاص "اختصاص ولائي". تحكيم "اختصاص هيئة التحكيم". عمل. قوة الأمر المقضي.
(1) نقض قرار هيئة التحكيم والقضاء باختصاصها. اعتبار بائعي البترول الجائلين بالقاهرة وضواحيها التابعين للنقابة الطاعنة عمالاً لدى تلك الشركات. امتناع معاودة النزاع في تلك العلاقة.
(2) قضاء محكمة النقض بقيام علاقة عمل بين بائعي البترول الجائلين بالقاهرة وضواحيها وبين شركات البترول العاملين بها. أثره. انطباق جميع القوانين المنظمة للعلاقة بين العمال وأرباب العمل.
1 - متى قضت هذه المحكمة بنقض القرار المطعون فيه وقررت رفض الدفع المبدى من شركات البترول المطعون ضدها بعدم اختصاص هيئة التحكيم وباختصاصها على أساس أن على هيئة التحكيم أن تتقيد بالقرار الذي أصدرته في النزاع رقم 4 لسنة 1951 الصادر بين نفس الخصوم وعن ذات الموضوع وأن تعتبر الباعة الجائلين العاملين بالشركات المطعون ضدها عمالاً لديها ذلك لأن هذا القرار يعتبر حائزاً لقوة الأمر المقضي، وارتأت بعدئذ أن تمضي في نظر الموضوع لتحكم فيه باعتبار أن الطعن الحالي بالنقض كان للمرة الثانية، فإنه لا يقبل من الشركات المطعون ضدها معاودة النزاع في علاقة الباعة الذين تمثلهم النقابة الطاعنة بالشركات المطعون ضدها أو طلب ندب مكتب الخبراء لفحص تلك العلاقة أو في اختصاص هيئة التحكيم بنظر النزاع بعد أن قضت محكمة النقض بحكمها المذكور في ذلك، وكذلك ليس بسديد ما تثيره الشركات المطعون ضدها من طلب وقف الدعوى لحين الفصل في الطعن على قرار التحكيم رقم 4 لسنة 1951 والمحال من محكمة القضاء الإداري إلى محكمة النقض أو لحين صدور تفسير له وذلك لما لقرار هيئة التحكيم من قوة الأمر المقضي.
2 - متى قضت محكمة النقض بقيام علاقة عمل بين العمال التابعين للنقابة الطاعنة وبين شركات البترول المطعون ضدها، وكان أولئك العمال ليسوا من بين الطوائف المستثناة من نص المادة الأولى من المرسوم بقانون 317 لسنة 1952 في شأن عقد العمل الفردي فإنه يتعين إجابة الطاعنة إلى طلباتها بسريان أحكام ذلك المرسوم بقانون على العمال التابعين بها وكذلك الأمر بالنسبة للقانون رقم 89 لسنة 1950 بشأن إصابات العمل والقانون رقم 86 لسنة 1942 بشأن التأمين الإجباري عن حوادث العمل والقانون 117 لسنة 1950 بشأن التعويض عن أمراض المهنة وهي جميعاً قوانين قصد بها تنظيم العلاقة بين العمال وأرباب العمل. أما عن القانون رقم 123 لسنة 1944 الخاص بالبطاقات الشخصية الذي كانت تنص المادة الأولى منه على أنه "يجب على جميع العمال الذين يشتغلون في المحال الصناعية والتجارية....... أن يكونوا حاملين لبطاقة شخصية" فإنه قد حل محله القانون رقم 260 لسنة 1960 في شأن الأحوال المدنية الذي أوجب في مادته الأولى على كل مواطن تزيد سنه على ستة عشر عاماً أن يحصل على بطاقة شخصية، ومن ثم فلم تعد البطاقات الشخصية قاصرة على العمال، فلا يكون لطلب إعمال القانون 123 لسنة 1944 من محل [(1)]، [(2)].


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أن النقابة العامة للمناجم والمحاجر والبترول تقدمت في يناير سنة 1952 إلى مكتب عمل شمال القاهرة بشكواها ضد شركات البترول التي حلت محلها الشركات المطعون ضدها وطلبت: أولاً - تطبيق المرسوم بقانون رقم 317 لسنة 1952 الخاص بعقد العمل الفردي بالنسبة للإجازات السنوية والمرضية وإجازات المواسم والأعياد وعلاج العمال مجاناً وصرف المكافآت في الحالات المبنية بذلك القانون وإعداد لائحة نظام العمل ولائحة للجزاءات. ثانياً - تطبيق القانون رقم 89 لسنة 1951 الخاص بالإصابات والتأمين على حوادث العمل طبقاً لقانون التأمين رقم 86 لسنة 1942. ثالثاً - تنفيذ القانون رقم 117 لسنة 1950 بشأن التعويض عن أمراض المهنة. رابعاً - تنفيذ القانون رقم 23 لسنة 1944 الخاص بالبطاقات الشخصية. ولما لم يتمكن مكتب العمل من تسوية النزاع أحاله إلى لجنة التوفيق التي أحالته إلى هيئة التحكيم بمحكمة استئناف القاهرة وقيد بجدولها برقم 125 لسنة 1953 ودفعت شركات البترول بعدم اختصاص هيئة التحكيم بنظر النزاع لأنه لا يقوم بين عمال وأرباب عمل كما أنه لا يتصل بالعمل أو بشروطه وأنكرت هذه الشركات الصفة العمالية على الباعة الجائلين. رأت هيئة التحكيم تحقيق قيام عمل بين الطرفين وهي مثار النزاع ومناط الاختصاص، فأصدرت قرارها بتاريخ 31 ديسمبر سنة 1953 بندب أحد مستشاري الهيئة للتحقيق مما إذا كانت دفاتر وسجلات كل من الشركات تشمل أسماء الباعة الجائلين التابعين لها وهل يثبت فيها أنهم يتصلون بها ويستلمون منها الغاز وأساس استلامهم له وهل تعين لكل منهم منطقة خاصة للتوزيع منها وشروط هذا التوزيع وهل للشركة في تلك المناطق مفتشون يبلغون الشكاوى ضد أولئك العمال وما يتم في هذه الشكاوى وعما إذا كانت توقع جزاءات على الباعة وماهيتها. استعان المستشار المنتدب بخبير من وزارة التجارة لتنفيذ قرار الهيئة. وقدم الخبير تقريره بالنسبة لشركتي شل وموبيل أوبل ولم يقدم عن باقي الشركات فندبت الهيئة خبيراً من مكتب خبراء وزارة العدل لإتمام المأمورية وأودع الأخير تقريره. وبتاريخ 26 يوليو سنة 1955 أصدرت هيئة التحكيم قرارها بعدم جواز نظر هذا النزاع لسابقة الفصل فيه في النزاع رقم 4 لسنة 1951 القاضي برفض الدفع بعدم وجود صفة للشاكين. طعنت شركات البترول الخمسة في هذا القرار بطريق النقض تأسيساً على أن أحداً من الخصوم لم يثر أمام هيئة التحكيم الدفع بعدم جواز نظر الطلب ولا تملك الهيئة أن تثيره من تلقاء نفسها. وبتاريخ 30 من نوفمبر سنة 1960 قضت محكمة النقض بنقض القرار المطعون فيه للسبب الذي استندت إليه الشركات وأحيل النزاع إلى هيئة التحكيم للفصل فيه ودفعت شركات البترول بعدم اختصاص الهيئة لنظر النزاع لأن الباعة الجائلون الذين تمثلهم النقابة الطاعنة لا تربطهم بهذه الشركات رابطة عمل ولا تنطبق عليهم صفة العمال وبتاريخ 25 من مايو سنة 1966 قررت الهيئة قبول الدفع المبدى من الشركات بعدم اختصاص الهيئة ولائياً بنظر النزاع وبعدم اختصاصها به وألزمت النقابة بالمصروفات ومبلغ قدره ثلاثة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة وطعنت النقابة العامة للمناجم والمحاجر والبترول في هذا القرار بطريق النقض مؤسسة طعنها على أن هيئة التحكيم قد أصدرت قرارها في النزاع رقم (4 سنة 1951 القاهرة) بين نفس الخصوم وعن ذات الموضوع باعتبار هؤلاء الباعة عمالاً لدى الشركات المطعون ضدها فإن قرارها يكون حائزاً لقوة الأمر المقضى بحيث تكون إثارة مسألة عدم اختصاص هيئة التحكيم لعدم وجود علاقة عمل بين طرفي النزاع ممتنعة على تلك الهيئة. وبتاريخ 2 من ديسمبر سنة 1972 قضت محكمة النقض بنقض القرار المطعون فيه وقررت رفض الدفع المبدى من الشركات المطعون ضدها بعدم اختصاص هيئة التحكيم وباختصاصها وحددت جلسة لنظر الموضوع وألزمت الشركات المطعون ضدها بمصروفات هذا الطعن ومبلغ ثلاثين جنيهاً مقابل أتعاب المحاماة، واستندت المحكمة في حكمها إلى السبب الذي أثارته الطاعنة في طعنها.
وحيث إن الحاضر عن الشركات المطعون ضدها تقدم بمذكرة طلب فيها أصلياً الحكم بعدم الاختصاص واحتياطياً وقف الدعوى حتى يفصل في الطعن رقم 1657 سنة 6 ق المحال من محكمة القضاء الإداري إلى محكمة النقض الذي رفعته الشركات المذكورة عن قرار هيئة التحكيم رقم 4 لسنة 1951 استئناف القاهرة وحتى يفصل أيضاً في طلب التفسير المقدم منها إلى هيئة التحكيم المذكورة عن ذلك القرار ومن باب الاحتياط الكلي رفض الدعوى وإحالتها إلى مكتب خبراء وزارة العدل لفحص حالة كل من الباعة الجائلين الذين يتعاملون مع الشركات المطعون ضدها لبيان طبيعة علاقته بها ومدى انطباق القوانين المطالب بها عليه.
وحيث إن النيابة العامة تقدمت بمذكرة ارتأت فيها تطبيق أحكام المرسوم بقانون رقم 317 لسنة 1952 والقانونين رقمي 89 لسنة 1950 و117 لسنة 1950 على باعة البترول الجائلين الذين تمثلهم النقابة الطاعنة بمدينة القاهرة والعاملين بالشركات المطعون ضدها وإلزام هذه الشركات بالمصاريف.
وحيث إنه قد قضت هذه المحكمة بتاريخ 2 ديسمبر سنة 1972 بنقض القرار المطعون فيه وقررت رفض الدفع المبدى من الشركات المطعون ضدها بعدم اختصاص هيئة التحكيم وباختصاصها على أساس أن على هيئة التحكيم أن تتقيد بالقرار الذي أصدرته في النزاع رقم 4 لسنة 1951 الصادر بين نفس الخصوم وعن ذات الموضوع وأن تعتبر الباعة الجائلين العاملين بالشركات المطعون ضدها عمالاً لديها ذلك لأن هذا القرار يعتبر حائزاً لقوة الأمر المقضي، وارتأت بعدئذ أن تمضي في نظر الموضوع لتحكم فيه باعتبار أن الطعن الحالي بالنقض كان للمرة الثانية فإنه لا يقبل من الشركات المطعون ضدها معاودة النزاع في علاقة الباعة الذين تمثلهم النقابة الطاعنة بالشركات المطعون ضدها أو طلب ندب مكتب الخبراء لفحص تلك العلاقة أو في اختصاص هيئة التحكيم بنظر النزاع بعد أن قضت محكمة النقض بحكمها المذكور في ذلك، وكذلك ليس بسديد ما تثيره الشركات المطعون ضدها من طلب وقف الدعوى لحين الفصل في الطعن على القرار التحكيم رقم 4 لسنة 1951 أو لحين صدور تفسير له وذلك لما لقرار هيئة التحكيم من قوة الأمر المقضى.
وحيث إنه وقد قضت محكمة النقض بقيام علاقة عمل بين العمال التابعين للنقابة الطاعنة وبين الشركات المطعون ضدها وكان أولئك العمال ليسوا من بين الطوائف المستثناة من نص المادة الأولى من المرسوم بقانون 317 سنة 1952 في شأن عقد العمل الفردي فإنه يتعين إجابة الطاعنة إلى طلباتها بسريان أحكام ذلك المرسوم بقانون على العمال التابعين لها وكذلك الأمر بالنسبة للقانون رقم 89 لسنة 1950 بشأن إصابات العمل والقانون رقم 86 لسنة 1942 بشأن التأمين الإجباري عن حوادث العمل والقانون رقم 117 لسنة 1950 بشأن التعويض عن أمراض المهنة وهي جميعها قوانين قصد بها تنظيم العلاقة بين العمال وأرباب العمل. أما عن القانون رقم 123 لسنة 1944 الخاص بالبطاقات الشخصية الذي كانت تنص المادة الأولى منه على أنه يجب على جميع العمال الذين يشتغلون في المحال الصناعية والتجارية أن يكون حاملين لبطاقة شخصية فإنه قد حل محله القانون رقم 560 لسنة 1960 في شأن الأحوال المدنية الذي أوجب في مادته الأولى على كل مواطن تزيد سنه على ستة عشر عاماً أن يحصل على بطاقة شخصية ومن ثم فلم تعد البطاقات الشخصية قاصرة على العمال، فلا يكون لطلب إعمال القانون رقم 123 لسنة 1944 من محل.

فلهذه الأسباب

قررت المحكمة انطباق المرسوم بقانون رقم 137 لسنة 1952 في شأن عقد العمل الفردي والقانون رقم 89 لسنة 1950 بشأن إصابات العمل والقانون رقم 86 لسنة 1942 بشأن التأمين الإجباري عن حوادث العمل والقانون رقم 117 لسنة 1950 بشأن التعويض عن أمراض المهنة على باعة البترول الجائلين بالقاهرة وضواحيها العاملين بالشركات المطعن ضدها والذين تمثلهم النقابة الطاعنة ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات وألزمت الشركات المطعون ضدها بالمصروفات وبمبلغ عشرين جنيهاً مقابل أتعاب المحاماة.


[(1)] راجع نقض مدني 2/ 12/ 1972 مجموعة المكتب الفني السنة 23 ص 1311.
[(2)] راجع نقض مدني 3/ 6/ 1960 مجموعة الفهرس الخمس ص 35 بند 1220.