أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
السنة 26 - صـ 478

جلسة 25 من فبراير سنة 1975

برياسة السيد المستشار أحمد حسن هيكل، نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: إبراهيم السعيد ذكرى، وعثمان حسين عبد الله، ومحمد صدقي العصار، ومحمود عثمان درويش.

(97)
الطعن رقم 11 لسنة 40 القضائية

(1) ملكية. شيوع. قسمة.
القسمة الفعلية للمال الشائع. صورتها. تصرف كل من الشركاء في جزء مفرز من المال الشائع يعادل حصته. اعتبار نصيب كل منهم هو هذا الجزء الذي تصرف فيه. المتقاسم يعد مالكاً وحده للحصة المفرزة من وقت أن تملك في الشيوع.
(2) بيع "دعوى صحة التعاقد". ملكية.
دعوى صحة التعاقد. دعوى استحقاق مآلاً. وجوب بحث ما عسى أن يثار فيها من منازعات بشأن ملكية البائع للبيع كله أو بعضه.
1 - القسمة الفعلية - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - تتحقق في صورة ما إذا تصرف أحد الملاك المشتاعين في جزء مفرز من المال الشائع يعادل حصته ثم ينهج نهجه سائر الشركاء ويتصرف كل منهم في جزء مفرز يعادل حصته في المال الشائع، فيستخلص من تصرفاتهم هذه ضمناً أنهم ارتضوا قسمة المال الشائع فيما بينهم على الوجه الذي تصرفوا على مقتضاه، ويكون نصيب كل منهم هو الجزء المفرز الذي سبق له أن تصرف فيه. ويعتبر المتقاسم طبقاً لما تقضي به المادة 843 من القانون المدني مالكاً وحده للحصة المفرزة التي آلت إليه من وقت أن تملك في الشيوع وأنه لم يملك غيرها في بقية الحصص.
2 - دعوى صحة التعاقد - وعلى ما استقر عليه قضاء هذه المحكمة - دعوى استحقاق مآلاً للقدر المبيع يقصد بها تنفيذ التزامات البائع التي من شأنها نقل ملكية المبيع إلى المشتري تنفيذاً عينياً والحصول على حكم يقوم تسجيله مقام تسجيل العقد في نقل الملكية، وهذا يقتضي عند الفصل فيها بحث ما عسى أن يثار من منازعات بشأن ملكية البائع للمبيع كله أو بعضه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليه الأول أقام الدعوى رقم 733 سنة 1962 مدني سوهاج الابتدائية ضد المطعون عليها الثانية طالباً الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع العرفي المؤرخ 15/ 3/ 1960 والمتضمن بيعها له مساحة قدرها 84 متراً مربعاً شيوعاً في المنزل المبين الحدود والمعالم بالعقد وبصحيفة الدعوى لقاء ثمن قدره 400 ج، طلب الطاعن التدخل في الدعوى طالباً رفضها استناداً إلى أنه اشترى ذات القدر من..... بعقد مؤرخ 4/ 9/ 1962 وحكم بصحته ونفاذه في الدعوى رقم 41 سنة 1963 مدني سوهاج الابتدائية، وبتاريخ 6/ 8/ 1963 حكمت المحكمة بقبول الطاعن خصماً في الدعوى، ثم عادت وبتاريخ 19/ 3/ 1964 فحكمت بطلبات المطعون عليه الأول. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 85 سنة 39 ق مدني أسيوط "مأمورية سوهاج" طالباً إلغاءه والحكم برفض الدعوى، وبتاريخ 2/ 3/ 1967 حكمت المحكمة بندب الخبير الهندسي صاحب الدور لمعاينة العقار موضوع النزاع وتطبيق مستندات الطرفين على الطبيعة وبيان ما إذا كان العقد الصادر إلى الطاعن ينطبق على هذا العقار مع تحقيق وضع اليد ومدته وسببه. وبعد أن أودع الخبير تقريره حكمت المحكمة بتاريخ 8/ 11/ 1969 برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم. وعرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والتناقض، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم أقام قضاءه بصحة ونفاذ عقد البيع الصادر إلى المطعون عليه الأول بتاريخ 15/ 3/ 1960 تأسيساً على أنه وإن كان العقار موضوع النزاع قد وقع عليه تصرفان بالبيع أحدهما من المطعون عليها الثانية للمطعون عليه الأول بتاريخ 15/ 3/ 1960 والثاني صادر للطاعن من...... مالكة العقار بعقد مؤرخ 4/ 9/ 1962 وحصل على حكم بصحته ونفاذه وسجله بتاريخ 18/ 1/ 1965 إلا أن انتقال الملكية إلى الطاعن بالتسجيل لا يحول دون الحكم للمطعون عليه الأول بصحة ونفاذ عقده المؤرخ 15/ 3/ 1960 لأنه اشترى من شخص آخر غير البائع للطاعن وذلك إلى أن يحسم النزاع حول ملكية العقار بإبطال أحد العقدين بدعوى أخرى فتستقر الملكية لأحدهما، في حين أن دعوى صحة ونفاذ عقد البيع هي دعوى استحقاق مآلاً وتستلزم أن يكون من شأن البيع نقل ملكية العين المبيعة حتى إذا ما سجل الحكم قام مقام تسجيل العقد في نقل الملكية، وهذا يقتضي أن تحقق المحكمة ما إذا كان العقد قد صدر من مالك أم لا، وإذ تمت القسمة فعلاً بين الشريكات الثلاث في المنزل واختصت..... بالشقة القبلية موضوع النزاع وانتقلت ملكيتها إلى الطاعن بتسجيل الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع الصادر له من المالكة فإنه لا يجوز الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ 15/ 3/ 1960 الصادر عن ذات العقار إلى المطعون عليه الأول من المطعون عليها الثانية وهي غير مالكة، الأمر الذي يعيب الحكم بالخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي صحيح، ذلك أنه لما كان يبين من الاطلاع على الحكم المطعون فيه حسبما جاء بتقرير الخبير أن العين موضوع النزاع تقع ضمن منزل كان مملوكاً للمرحومة...... وتصرفت فيه بالبيع على الشيوع لبناتها الثلاث..... و..... - المطعون عليها الثانية - و..... بنات المرحوم...... بعقد عرفي مؤرخ 6/ 7/ 1935 مثالثة فيما بينهن وأن الطاعن اشترى نصيب...... وقدره 59.48 متراً مربعاً بعقد مؤرخ 26/ 2/ 1951 قضى بصحته ونفاذه في الدعوى رقم 975 سنة 1940 المنشأة، ثم اشترى مع شقيقه المرحوم......... مورث المطعون عليها الثالثة من المطعون عليها الثانية مساحة قدرها 120 ذراعاً مربعاً بعقد عرفي مؤرخ 18/ 8/ 1954 ليكمل مع القدر سالف الذكر الشقة البحرية من المنزل، كما اشترى بعقد عرفي مؤرخ 10/ 3/ 1958 باقي نصيب المطعون عليها الثانية في المنزل وهي غرفة غير مسقوفة ودكان، وبقى بعد ذلك نصيب...... وهو موضوع النزاع ويقع بالجهة القبلية من المنزل وقد تصرفت فيه إلى الطاعن بعقد بيع مؤرخ 4/ 9/ 1962 قضى بصحته ونفاذه في الدعوى رقم 41 سنة 1963 مدني سوهاج الابتدائية وسجل الحكم بتاريخ 18/ 1/ 1965 وكان الحكم قد استظهر مما استعرضه من التصرفات الصادرة من الشريكات الثلاث حصول قسمة فعلية بينهن في العقار المبيع بتصرف كل منهن في جزء مفرز يعادل حصتها، ذلك أن القسمة الفعلية - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - تتحقق في صورة ما إذا تصرف أحد الملاك المشتاعين في جزء مفرز من المال الشائع يعادل حصته ثم ينهج نهجه سائر الشركاء ويتصرف كل منهم في جزء مفرز يعادل حصته في المال الشائع فيستخلص من تصرفاتهم هذه ضمناً أنهم ارتضوا قسمة المال الشائع فيما بينهم على الوجه الذي تصرفوا على مقتضاه ويكون نصيب كل منهم هو الجزء المفرز الذي سبق له أن تصرف فيه، ولما كان المتقاسم طبقاً لما تقضي به المادة 843 من القانون المدني يعتبر مالكاً وحده للحصة المفرزة التي آلت إليه من وقت أن تملك في الشيوع وأنه لم يملك غيرها في بقية الحصص، ولما كانت دعوى صحة التعاقد - وعلى ما استقر عليه قضاء هذه المحكمة - هي دعوى استحقاق مآلاً للقدر المبيع يقصد بها تنفيذ التزامات البائع التي من شأنها نقل ملكية المبيع إلى المشتري تنفيذاً عينياً والحصول على حكم يقوم تسجيله مقام تسجيل العقد في نقل الملكية وهذا يقتضي عند الفصل فيها بحث ما عسى أن يثار من منازعات بشأن ملكية البائع للمبيع كله أو بعضه، وكان الطاعن قد رفع الدعوى الحالية التي رفعها المطعون عليه الأول بصحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ 15/ 3/ 1960 الصادر له من المطعون عليها الثانية بأنه هو المالك للقدر المبيع وأن البائعة لا تملك التصرف فيما باعته لأنه اشتراه من...... مالكة هذا الجزء من المنزل بعقد مؤرخ 4/ 9/ 1962 وحصل على حكم بصحته ونفاذه وسجله بتاريخ 18/ 1/ 1965 وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه قضى بصحة نفاذ عقد البيع المؤرخ 15/ 3/ 1960 استناداً إلى أن "تسجيل حكم صحة التعاقد الصادر للمستأنف - الطاعن - ونقل الملكية إليه لا يحول دون الحكم للمستأنف عليه الأول - المطعون عليه الأول - بصحة عقده ونفاذه لأنه مشتر من شخص آخر غير البائع للمستأنف وذلك على الرغم من انتقال الملكية لهذا الأخير بالتسجيل إلى أن يحسم النزاع حول الملكية بإبطال أحد العقدين لتستقر لأحدهما ومن ثم فلا محل للتعرض لدفاع المستأنف المبني على أن البيع الحاصل للمستأنف عليه الأول صادر من غير مالك (وهي المستأنف عليها الثانية - المطعون عليها الثانية - ) لأن المشتري في بيع ملك الغير هو وحده الذي يجوز له إبطال البيع وهو هنا المستأنف عليه الأول ولم يطلب الإبطال أما المالك الحقيقي فهو أجنبي عن هذا البيع ولا يسري في حقه ويبقى مالكاً للمبيع إذا لم يقره والمالك الحقيقي في الدعوى الماثلة هو السيدة/......... وهي ليست خصماً في الدعوى"، وكان مؤدى ما قرره الحكم أنه قضى بصحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ 15/ 3/ 1960 الصادر للمطعون عليه الأول من المطعون عليها الثانية عن العين موضوع النزاع رغم ما سجله الحكم نفسه من أن هذا القدر مملوك....... بالقسمة الفعلية التي تمت بينها وبين المطعون عليها الثانية وشريكتها الثالثة وأن ملكيته قد انتقلت إلى الطاعن، ثم أرجأ الحكم الفصل في النزاع على الملكية حتى يتقرر إبطال العقدين في دعوى أخرى مع أن الدعوى المنظورة هي صحة تعاقد يتعين فيها تحقيق ملكية البائعة وهي المطعون عليها الثانية لما باعته، ولا يتعارض مع ذلك حسبما قرر الحكم أن المشتري في بيع ملك الغير هو وحده الذي يجوز له طلب إبطال البيع وأن المطعون عليه الأول وهو المشتري لم يطلب الإبطال، أو أن المالكة الحقيقية للقدر المبيع وهي...... ليست خصماً في الدعوى لما كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بصحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ 15/ 3/ 1960 يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.