أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 8 - صـ 370

جلسة 4 من إبريل سنة 1957

برياسة السيد محمود عياد المستشار، وبحضور السادة: اسحق عبد السيد، وأحمد قوشه، ومحمد متولي عتلم، وإبراهيم عثمان يوسف المستشارين.

(36)
القضية رقم 289 سنة 23 القضائية

( أ ) عمل. إجراءات. تحكيم. "التحكيم في منازعات العمل". صدور قرار هيئة التحكيم بعد مدة الشهر المنصوص عليها في المادة 15 من المرسوم بقانون رقم 318 سنة 1952. لا بطلان.
(ب) عمل. إعلان. "التحكيم في منازعات العمل". إعلان قرار هيئة التحكيم إلى طرفي النزاع بعد ثلاثة أيام من صدوره. لا بطلان.
(ج) عمل. "التحكيم في منازعات العمل". حكم "بياناته". نقض "أسباب الطعن". عدم التزام هيئة التحكيم بأن تثبت في قرارها رأي المندوبين أو أحدهما إلا إذا كان مخالفاً لما انتهت إليه اللجنة.
(د) عمل. "عقد العمل". تحققه بتوافر تبعية العامل لرب العمل وتقاضيه أجراً على عمله. المادة 674 مدني والمرسوم بقانون رقم 317 سنة 1952.
1 - إن المادة 15 من المرسوم بقانون رقم 318 سنة 1952 في شأن التوفيق والتحكيم في منازعات العمل التي أوجبت على هيئة التحكيم الفصل في النزاع في مدة لا تزيد على شهر من بدء نظره قد وضعت قاعدة تنظيمية للحث على سرعة الفصل في النزاع وليس من شأن الإخلال بهذه القاعدة أن يلحق البطلان القرار الذي يصدر من الهيئة بعد مدة الشهر وقد خلا ذلك المرسوم بقانون من النص على البطلان جزاء على مخالفة أحكام المادة سالفة الذكر.
2 - إن المادة 16/ 4 من المرسوم بقانون رقم 318 سنة 1952 إذ نصت على وجوب إعلان قرار هيئة التحكيم إلى طرفي النزاع في خلال ثلاثة أيام من صدوره قد وضعت قاعدة تنظيمية قصد بها إلى الحث على سرعة إخطار طرفي النزاع بالقرار الذي تصدره الهيئة، ولم يرتب المرسوم بقانون سالف الذكر البطلان جزاء على مخالفة تلك القاعدة.
3 - مؤدى المادتين 11 و16/ 2 من المرسوم بقانون رقم 318 سنة 1952 أن انعقاد هيئة التحكيم يقع صحيحاً إذا لم يحضره العضوان المحلفان المندوبان من جانب رب العمل ومن جانب النقابة أو أحدهما وأن الهيئة لا يجب عليها قانوناً أن تثبت في قرارها رأي هذين المندوبين أو أحدهما إلا إذا كان مخالفاً للرأي الذي انتهت إليه فإذا لم يدع أن هذين المندوبين أو أحدهما قد أبدى رأياً مخالفاً لما انتهت إليه فإن النعي في هذا الخصوص على القرار الذي تصدره اللجنة يكون غير مجد.
4 - يتحقق عقد العمل بتوافر أمرين هما تبعية العامل لرب العمل وتقاضيه أجراً على عمله وذلك وفقاً لمؤدى المادة 674 من القانون المدني والمادة الأولى من المرسوم بقانون رقم 317 سنة 1952.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع حسبما يبين من القرار المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أن المطعون عليه بصفته قدم شكوى إلى مكتب العمل بمدينة القاهرة للعمل على حسم النزاع بين النقابة التي يمثلها وبين الطاعنين الناشئ عن عدم قبول تطبيق الأمر العسكري رقم 99 سنة 1950 الخاص بزيادة إعانة غلاء المعيشة لموظفي ومستخدمي المحال الصناعية والتجارية على العمال المنضمين للنقابة - ولم يوفق مكتب العمل في حسم هذا النزاع فأحيل إلى لجنة التوفيق بمحكمة القاهرة الابتدائية التي لم تتمكن بدورها من التوفيق بين الطرفين فأحيل النزاع إلى هيئة التحكيم بمحكمة استئناف القاهرة وقيد بها برقم 12 سنة 1953 ق وقد أصدرت هيئة التحكيم قراراً تمهيدياً في 12 من مارس سنة 1953 بإحالة النزاع إلى التحقيق ليثبت المطعون ضده بكافة طرق الإثبات أن علاقة العمال المنضمين للنقابة بالطاعنين هي علاقة العامل برب العمل وليثبت الأخيرون العكس وأن هؤلاء الصناع ليسوا عمالاً بل مقاولين. وبعد أن تم التحقيق أصدرت الهيئة قرارها بقبول الطلب في 18 من يونيو سنة 1953 وأعلن هذا القرار بناء على طلب المطعون عليه إلى الطاعنين في 12، 15، 31 من أغسطس سنة 1953 - وفي 5 من سبتمبر سنة 1953 قرر الطاعنون الطعن في هذا القرار بطريق النقض. وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون وأبدت النيابة رأيها بعدم جواز الطعن وقررت دائرة الفحص في 9 من يناير سنة 1957 إحالة الطعن إلى الدائرة المدنية لجلسة 7 من فبراير سنة 1957 وفيها تنازلت النيابة عن الدفع بعدم جواز الطعن وأجلت الدعوى لجلسة 21 من مارس سنة 1957 لتقدم مذكرة برأيها في الموضوع وقد أبدت النيابة رأيها برفض الطعن.
وحيث إن الطعن بني على سببين يتحصل أولهما في النعي على القرار المطعون فيه بالبطلان من أربعة أوجه: الوجه الأول - أن القرار المطعون فيه ومحاضر الجلسات قد خلت من بيان أن مندوبي مصلحة العمل ومصلحة الصناعة قد حلفا اليمين القانونية على ما تقضي به المادة 14 من القانون رقم 318 سنة 1952 وعدم حلف العضوين من شأنه أن يبطل القرار لتعلقه بالنظام العام - والوجه الثاني - أن الهيئة التي أصدرت القرار المطعون فيه قد فصلت في النزاع موضوع الخصومة بعد مضي أكثر من شهر على بدء نظره بمعرفتها مخالفة في ذلك نص المادة 15 من القانون المذكور. والوجه الثالث - أن القرار المطعون فيه قد خلا من بيان أن الهيئة التي أصدرته قد راعت ما أوجبته المادة 16/ 2 من القانون والتي تقضي بوجوب أخذ رأي المندوبين المشار إليهما في المادة العاشرة إذا كانا حاضرين أو رأى من يحضر منهما وبوجوب إثبات رأيهما أو رأي أحدهما إذا كان مخالفاً لما انتهت إليه الهيئة - وأسباب مخالفة هذا الرأي - والوجه الرابع - أن القرار المطعون فيه لم يعلن إلى الطاعنين خلال ثلاثة أيام من صدوره على ما تقضي به المادة 16/ 4 من القانون إذ الثابت من المستندات أن الخطاب الذي أرفق به القرار المطعون فيه قد أرسل من رئيس الهيئة إلى الطاعنين بعد ثمانية عشر يوماً من صدوره.
وحيث إن هذا النعي مردود في جميع وجوهه أولاً بأن الثابت من صور محاضر الجلسات التي قدمها الطاعنون أن مندوبي مصلحة العمل ومصلحة الصناعة قد حلفا اليمين القانونية - وقد تنازل الطاعنون عن هذا الوجه في مذكرتهم الشارحة. ثانياً - "بأن المادة 15" من القانون التي أوجبت على هيئة التحكيم الفصل في النزاع في مدة لا تزيد على شهر من بدء نظره قد وضعت قاعدة تنظيمية للحث على سرعة الفصل في النزاع وليس من شأنه الإخلال بهذه القاعدة أن يلحق البطلان القرار الذي يصدر من الهيئة بعد مدة الشهر وقد خلا المرسوم بقانون رقم 318 سنة 1952 من النص على البطلان جزاء على مخالفة أحكام "المادة 15" سالفة الذكر. ثالثاً - "بأن المادة 11" من المرسوم بقانون 318 سنة 1952 تقضي بأن يحضر أمام هيئة التحكيم عضوان محلفان أحدهما يندبه رب العمل والآخر تندبه النقابة وإذا تغيب هذان المندوبان أو أحدهما صح انعقاد الهيئة وليس لهذين المندوبين حق الاشتراك في المداولة كما تقضي المادة "16/ 2" من المرسوم بقانون بأنه يجب على الهيئة قبل المداولة وإصدار قرارها أخذ رأي كل من المندوبين المذكورين أو رأي من يحضر منهما، فإذا صدر قرار الهيئة على خلاف رأي المندوبين أو أحدهما وجب إثبات رأي المخالف في القرار مع بيان أسباب عدم الأخذ به. ومؤدى هاتين المادتين أن انعقاد الهيئة يقع صحيحاً إذا لم يحضره المندوبان المذكوران أو أحدهما. وأن الهيئة لا يجب عليها قانوناً أن تثبيت في قرارها رأي هذين المندوبين أو أحدهما إلا إذ كان مخالفاً للرأي الذي انتهت إليه - ولما كان الطاعنون لم يدعوا أن هذين المندوبين أو أحدهما قد أبدى رأياً مخالفاً لما انتهت إليه فإن النعي على القرار المطعون فيه في هذا الخصوص يكون غير مجد. رابعاً - أن المادة "16/ 4" من المرسوم بقانون رقم 318 سنة 1952 إذ نصت على وجوب إعلان قرار هيئة التحكيم إلى طرفي النزاع في خلال ثلاثة أيام من صدوره قد وضعت قاعدة تنظيمية قصد بها إلى الحث على سرعة إخطار طرفي النزاع بالقرار الذي تصدره الهيئة، ولم يرتب المرسوم بقانون سالف الذكر البطلان جزاء على مخالفة تلك القاعدة.
وحيث إن السبب الآخر من أسباب الطعن يتحصل في النعي على القرار المطعون فيه بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله كما عار أسبابه قصور ذلك أن التحقيق الذي أجرته هيئة التحكيم قد كشفت عن حقيقة الرابطة بين الصناع المنضمين للنقابة التي يمثلها المطعون عليه وبين الطاعنين وأن تلك الرابطة هي رابطة المقاول برب العمل لا رابطة العامل برب العمل بدليل ما ورد في التحقيق من أن هؤلاء الصناع يقومون بتوريد الأحذية لرب العمل مقابل سعر معين يدفع لهم حسب مجموع الإنتاج في نهاية كل أسبوع وأنهم يشتركون مع رب العمل في مواد الصناعة فيقدم لهم رب العمل الجلد والنعل ويقدم الصناع المسمار والخيط والغراء ويحتسب عليهم رب العمل أجر الإضاءة، كما أن هؤلاء الصناع يستعينون بعمال من الباطن يسألون هم عن أجورهم وتصرفاتهم دون تدخل من رب العمل، فضلاً عن أن الصناع يقومون بالعمل الموكول إليهم بأدواتهم الخاصة ولا يتعرضون للجزاءات الإدارية التي يملك رب العمل توقيعها على عماله ولكنهم يسألون عما يصيب الخامات التي تسلم إليهم من تلف، وأنه ليس لهؤلاء الصناع مواعيد محددة للعمل ولا يمنحون عطلات وإذا مرض أحدهم فإنه لا يتقاضى أجراً في فترة المرض ولكنه يمنح قرضاً من رب العمل يسترد منه مما يستحق له مقابل ما ينتجه بعد شفائه وأن العلاقة الوحيدة التي تربط هؤلاء الصناع برب العمل هي مجرد قيامهم بعملهم في مصنعه لضمان المحافظة على سر المهنة - وأن تطبيق هذا الذي كشف عنه التحقيق ينتهي إلى تكييف العلاقة بين أولئك الصناع وبين رب العمل بأنها عقد مقاولة - ولكن القرار المطعون فيه استند إلى معايير أخرى في تكييف تلك العلاقة استناداً إلى بعض المذاهب الفقهية القديمة فأقام قضاءه على ثلاث معايير هي معيار التبعية الاقتصادية بمقولة إن هؤلاء الصناع يعتمدون في نشاطهم وكسب أرزقهم على العمل الذي يؤدونه للطاعنين ومعيار التبعية الإدارية بمقولة إن الصناع يخضعون لإشراف رب العمل في تأدية عملهم وأخيراً معيار الأجور - وأن هذه المعايير الثلاثة لا تصلح أساساً لتكييف العلاقة التي تربط الفريقين بأنها علاقة عقد العمل ذلك أن معيار التبعية الاقتصادية معيار غامض فكما أن العامل يعتمد في نشاطه وكسب رزقه على ما يؤديه من عمل فإن المقاول بدوره يعتمد في نشاطه وكسب رزقه على علاقته برب العمل، كما أن التبعية الإدارية بدورها لا تكشف عن حقيقة الرابطة لأن القانون خول رب العمل في عقد المقاولة حق تعيين مندوب من قبله لدى المقاول لمراقبة سير العمل حسب الاتفاق المبرم معه وحق التدخل لضمان تنفيذ عقد المقاولة على الوجه المتفق عليه - أما معيار الأجور فإنه كذلك لا يصلح أساساً للتفرقة بين عقد العمل وعقد المقاولة، فضلاً عن أن الثابت من التحقيق الذي قامت به الهيئة أن مستوى أجور صناع الأحذية قد ساير ارتفاع نفقات المعيشة الحقيقة ولم يساير إعانة غلاء المعيشة التي فرضها القانون للعمال والمستخدمين فارتفعت الأجور التي يتقاضاها صناع الأحذية إلى ما يزيد على 200 % بينما تراوحت إعانة غلاء المعيشة بين 15 و100% - أما صرف بعض القروض للصناع أو منحهم بعض المكافآت أو التأمين عليهم فإنها أمور لا تخرج عن أن تكون من أعمال البر - وأنه يخلص من ذلك كله أن القرار المطعون فيه قد خالف أحكام المواد من 646 إلى 650 من القانون المدني بشأن عقد المقاولة، كما خالف المادة الأولى من المرسوم بقانون رقم 317 سنة 1952 والمادة 674 من القانون المدني بشأن عقد العمل - فضلاً عن أن القرار المطعون فيه أغفل الرد على ما أورده الطاعنون في دفاعهم مفصلاً عن طبيعة الرابطة التي تربطهم بصناع الأحذية مما يعيب القرار بالقصور.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن المادة 674 من القانون المدني تنص على أن "عقد العمل هو الذي يتعهد فيه أحد المتعاقدين بأن يعمل في خدمة المتعاقد الآخر وتحت إدارته أو إشرافه مقابل أجر يتعهد به المتعاقد الآخر" وأن المادة الأولى من المرسوم بقانون رقم 317 سنة 1952 تنص على أن "تسري أحكام هذا القانون على العقد الذي يتعهد بمقتضاه عامل بأن يشتغل تحت إدارة صاحب العمل أو إشرافه وفي مقابل أجر" ومؤدى هاتين المادتين أن عقد العمل يتحقق بتوافر أمرين هما تبعية العامل لرب العمل وتقاضيه أجراً على عمله، ولما كان القرار المطعون فيه قد أقام قضاء على تحقق هذين الأمرين في خصوص الرابطة التي تربط الطاعنين بالصناع المنضمين للنقابة التي يمثلها المطعون عليه بما أورده في أسبابه من أنه "ثبت أن صاحب المصنع هو الذي يحدد ساعة فتح المصنع وساعة إقفاله وهو الذي يشرف إما بنفسه أو بواسطة رئيس عماله إشرافاً مهنياً كاملاً على جميع عمال المصنع ويراقب حسن أدائهم لعملهم وهو الذي يحدد عدد الطريحة التي يسلمها لكل طاقم حسب حالة السوق ويحدد له نوع ومقاسات هذه الطريحة ويقدم لهم القوالب اللازمة للأحذية المطلوب إنجازها وهو الذي يحافظ على النظام في مصنعه فإذا ما خالف أحد العمال أمره جازاه أو فصله مباشرة إذا كان المخالف رئيساً للطاقم أو بطريقة غير مباشرة إذا كان المخالف أحد المساعدين - وأن التحقيق أثبت أن أجر العامل ارتفع تباعاً ابتداء من سنة 1939 وما بعدها وأنه ساير في ذلك قوانين إعانة غلاء المعيشة - وأنه تبين من أقوال طرفي النزاع أن العلاقة التي تربطهما هي علاقة العامل بصاحب العمل فهذا الأخير هو الذي يقوم بالتأمين على عماله وهو يصرف لهم قروضاً عند حاجتهم لها ويعطيهم إجازات سنوية مدفوعة كما أن كثيراً من أصحاب المصانع جروا على صرف مكافآت نهاية الخدمة للعمال المفصولين، كما أن الأجر ازداد تباعاً تمشياً مع قوانين إعانة غلاء المعيشة - وهذا كله يدل على أن الطرفين كانا متفقين على صفة رافعي النزاع وأنهم عمال لا مقاولين"، لما كان ذلك فإن القرار المطعون فيه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه وتأويله - أما ما أورده الحكم لتدعيم وجهة نظره بما تحدث فيه عن المعيار الاقتصادي لتعرف حقيقة التكييف القانوني للعقد الذي يربط طرفي النزاع فإنه تزيد يستقيم الحكم بدونه - كما أن ما يعيبه الطاعنون على القرار المطعون فيه من قصور مردود بأن القرار أورد في أسبابه وجهة نظر الطاعنين فذكر: "أن ما يدلي به أصحاب المصانع من حجج تتلخص في أنه لما يضفي على رافعي النزاع صفة المقاول أن صانع الأحذية يستخدم من باطنه عمالاً آخرين هم مساعدوه يأخذون أجورهم منه وعلاقتهم به علاقة مباشرة ولا يتدخل رب العمل في ذلك مطلقاً مردود بأنه ما من مانع يمنع العامل الذي يعمل بمصنع ما هو مكلف بأداء عمل معين فيه أن يستعين بمساعدين يختارهم هو وذلك لحسن التفاهم الواجب توافره بينه وبينهم وهذا لا يضر صاحب العمل فالجميع يعملون داخل مصنعه وتحت إشرافه كما أن الأجر الذي يدفعه هو أجر الوحدة الذي يوزع على العامل ومساعديه - وفي أن هؤلاء الصناع يعملون على بنوك وكراسي يملكونها وبآلاتهم الخاصة ويشتركون في مصاريف صنع الحذاء إذ يتحملون ثمن المسمار والغراء وهذا مردود عليه بأن العامل يقدم البنك والكراسي تمشياً مع عرف صناعة معينة وهذا لا يضفي صفة المقاول، كما أن عمله بآلاته الخاصة لا يدل على شيء فكثير من العمال في الصناعات المختلفة يعملون بآلاتهم الخاصة التي اعتادوا الشغل بواسطتها خصوصاً عندما تكون تلك الآلات صغيرة الحجم قليلة القيمة كما هو الحال في صناعة الأحذية - أما أن العامل يشترك في مصاريف صنع الحذاء بتحمله ثمن المسمار والغراء والدوبارة فإن هذا زعم غير صحيح لأن الأجر الذي يدفعه صاحب المصنع للعمال يدخل فيه مصاريف هذه التكلفة حتى لقد ذكر أحد أصحاب المصانع في التحقيق أن أجر صنع الحذاء يزيد تبعاً لزيادة هذه المصاريف ولزيادة الغلاء بالنسبة للعامل وهذا يفهم منه أن صاحب العمل هو الذي يتحمل هذه المصاريف في الحقيقة وأنه لجأ لهذه الطريقة توخياً للاقتصاد ولكي لا يسرف العامل في استهلاك تلك المواد" - وهذا الذي أورده القرار لا يعتوره قصور - هذا فضلاً عن أنه لا على الهيئة إذ هي أغفلت الرد على جميع ما يثيره الخصوم من أوجه الدفاع ما دام أنها أقامت قضاءها على توفر الأمرين اللذين تتحقق بهما رابطة عقد العمل بين الطاعنين والعمال المنضمين للنقابة التي يمثلها المطعون عليه وفي ذلك ما يكفي لحمل القرار المطعون فيه.
وحيث إنه لذلك يتعين رفض الطعن.