أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
السنة 26 - صـ 515

جلسة 4 من مارس سنة 1975

برياسة السيد المستشار أحمد حسن هيكل نائب رئيس محكمة النقض، وعضوية السادة المستشارين: إبراهيم السعيدي ذكرى، وعثمان حسين عبد الله، ومحمد صدقي العصار، ومحمود عثمان درويش.

(104)
الطعنان رقما 58 و65 لسنة 40 القضائية

(1) نقض "رفع الطعن".
رفع الطاعن طعناً آخر بالنقض عن نفس الحكم ليستدرك ما فاته من أوجه الطعن. جائز طالما أن ميعاد الطعن ممتد ولم يفصل في موضوع الطعن الأول.
(2 و3) التزام "تنفيذ الالتزام". حوادث طارئة. محكمة الموضوع.
(2) الحادث الطارئ. شرطه. المادة 147/ 2 مدني. تقدير توقع المدين للحادث. من سلطة قاضي الموضوع متى أقام قضاءه على أسباب سائغة.
(3) تقدير الدليل في الدعوى. لمحكمة الموضوع أن تأخذ بنتيجة دون أخرى ولو كانت محتملة متى أقامت قضاءها على أسباب مقبولة. مثال بشأن توقع المدين للحادث الطارئ.
(4) خبرة. محكمة الموضوع.
رفض قاضي الموضوع طلب تعيين خبير في الدعوى. لا معقب عليه طالما كان رفض الطلب قائماً على أسباب مبررة.
(1) متى كان الطعن الأول لم يفصل فيه بعد، وقررت المحكمة [(1)] ضم الطعن الثاني إلى الطعن الأول للارتباط، وليس في نصوص قانون المرافعات ما يحول دون أن يرفع الطاعن طعناً آخر بالنقض عن نفس الحكم ليستدرك ما فاته من أوجه الطعن طالما كان ميعاد الطعن ممتداً ولم يفصل في موضوع طعنه الأول بعد، ومن ثم فإن الدفع بعدم قبول الطعن الثاني يكون على غير أساس.
2 - مفاد نص المادة 147/ 2 من القانون المدني - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة [(2)] - أنه يشترط في الحادث الطارئ أن يكون حادثاً استثنائياً عاماً غير ممكن توقعه ويخرج عن المألوف ونادر الوقوع، ويكون الحادث الطارئ عاماً إذا انصرف أثره إلى عدد كبير من الناس والمعيار في توافر ما اشترطه النص في وصف الحوادث المشار إليها من أنها تلك التي لم يكن في الوسع توقعها هو ألا يكون في مقدور الشخص العادي أن يتوقع حصولها لو وجد في ظروف ذلك المدين وقت التعاقد بصرف النظر عما إذا كان هذا المدين قد توقع حصولها فعلاً أم لم يتوقعه، وتقدير هذا الأمر هو مما يدخل في نطاق سلطة قاضي الموضوع متى أقام قضاءه على أسباب سائغة.
(3) لمحكمة الموضوع وهي تباشر سلطتها في فهم الواقع وتقدير الدلائل والبينات أن تأخذ بنتيجة دون أخرى ولو كانت محتملة متى أقامت قضاءها على أسباب مقبولة ومن ثم فإن ما ذهب إليه الطاعن من أن الحادث لم يكن في وسعه أن يتوقعه لأن المعاينة التي تمت على الطبيعة لمجرى الترعة كانت على سطح الأرض دون جوفها، لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل لا تقبل منه إثارته أمام محكمة النقض.
4 - تعيين خبير في الدعوى - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو من الرخص المخولة لقاضي الموضوع وله وحده تقدير لزوم هذا الإجراء ولا معقب عليه في ذلك متى كان رفضه إجابة تعيين الخبير قائماً على أسباب مبررة له.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 181 سنة 1967 تجاري القاهرة الابتدائية ضد شركة النصر للأعمال المدنية المندمجة فيها شركة وجه قبلي للأعمال المدنية - المطعون عليها - طالباً الحكم بتعديل الفئات المبينة بالعقد المبرم بينه وبين الشركة المطعون عليها بتاريخ 11/ 2/ 1965 الخاص بتشغيل الأعمال الترابية لترعة حجازة إلى النسبة التي تتوازى مع المجاوزة المحسوسة للمقايسة المتفق عليها طبقاً لما تقدره المحكمة، وقال بياناً لدعواه إن إدارة تحويل حياض قنا تعاقدت مع الشركة المذكورة على القيام بعملية تعديل وتوسيع ترعة حجازة وفروعها، وعهدت الشركة إليه من باطنها بموجب عقد مقاولة مؤرخ 11/ 2/ 1965 بتشغيل الأعمال الترابية للترعة وفروعها مقابل فئات يختلف سعرها تبعاً لعرض القاع، وقد جرى العرف على ربط اتساع المسطح باتساع القاع بنسبة معينة في الحالات الطبيعية، إلا أنه تبين بعد أن سار العمل شوطاً أن بعض المناطق في الترعة تضاعف فيها اتساع المسطح وتجاوز النسب المتعارف عليها بسبب انحراف الترعة واختراقها للجبل، وأصبح من الضروري لتنفيذ التصميم المتفق عليه مجاوزة المقايسة التي يتضمنها العقد مجاوزة محسوسة فأخطر الشركة المطعون عليها في 15/ 3/ 1965، 20/ 6/ 1965، 23/ 6/ 1965 بهذه الزيادة وبما تم من أعمال حتى تمارس حقها في الخيار الذي رسمته المادة 657 من القانون المدني مع إبقائه قيمة ما أنجزه من الأعمال فاختارت الشركة أن تقوم بإتمام العمل اعتباراً من 20/ 6/ 1965 وقامت بإخطار إدارة الحياض بمجاوزة المقايسة مجاوزة محسوسة مطالبة رفع الفئات على ضوء ما أسفرت عنه معاينتها لموقع العمل وإذ انعدم التوازن الاقتصادي بين التزامات المطعون عليها والتزامات الطاعن لأسباب لم تكن في الحسبان وقت التعاقد فقد أقام دعواه للحكم له بطلباته قدم الطاعن مذكرة عدل فيها طلباته إلى طلب الحكم بزيادة الأجر المتفق عليه في عقد 11/ 2/ 1965 استناداً إلى أن ما طرأ أثناء تنفيذه يعتبر حادثاً استثنائياً عاماً، وطلب احتياطياً ندب خبير هندسي لأداء المأمورية المبينة بالمذكرة، مع اعتبار الشركة المطعون عليها هي المسئولة عن أعمال المقاولة ابتداء من 20/ 6/ 1965 حتى تاريخ نهاية العمل في شهر يونيو سنة 1966، وبتاريخ 17/ 3/ 1968 حكمت المحكمة برفض الدعوى. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 300 سنة 85 ق تجاري القاهرة. وبتاريخ 2/ 12/ 1969 حكمت المحكمة برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض بالطعنين رقمي 58، 65 سنة 40 ق ودفعت الشركة المطعون عليها بعدم قبول الطعن رقم 65 سنة 40 ق تأسيساً على أنه جاء لاحقاً للطعن الأول ولا يجوز أن يحمي الحق دعويان. وقدمت النيابة العامة مذكرة في كل من الطعنين أبدت فيهما الرأي برفض الطعنين في حالة الفصل فيهما معاً، وبعدم جواز الطعن الثاني إذا ما تبين أنه قضى برفض الطعن الأول موضوعاً. وعرض الطعنان على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنهما جديران بالنظر وحددت جلسة لنظرهما وفيها قررت المحكمة ضم الطعن الثاني إلى الطعن الأول للارتباط وأبدت النيابة الرأي برفض الطعنين.
وحيث إن الدفع بعدم قبول الطعن الثاني مردود، ذلك أنه لما كان الطعن الأول لم يفصل فيه بعد وقررت المحكمة ضم الطعن الثاني إلى الطعن الأول للارتباط وليس في نصوص قانون المرافعات ما يحول دون أن يرفع الطاعن طعناً آخر بالنقض عن نفس الحكم ليستدرك ما فاته من أوجه الطعن طالما كان ميعاد الطعن ممتداً ولم يفصل في موضوع طعنه الأول بعد، ومن ثم فإن الدفع يكون على غير أساس ويتعين رفضه.
وحيث إن كلاً من الطعنين قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الأول من الطعن الأول وبالسببين الأول والثاني من الطعن الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال والتناقض من وجهين: (أولهما) قضى الحكم برفض الدعوى استناداً إلى أن اتساع سطح ترعة حجازة وفروعها بسبب انحرافها واختراقها مناطق جبلية لا يعتبر حادثاً استثنائياً عاماً إذ هو من الأمور الخاصة به وحده والقائمة وقت التعاقد وأنه كان عليه أن يتوقعه، وقد أقر في العقد بمعاينته تلك المناطق الجبلية فلا يجوز له أن يتحلل من تنفيذ شروطه العقد، في حين أن نص المادة 147/ 2 من القانون المدني، ينطبق على الحادث الطارئ الموجود وقت التعاقد إذا كان غير متوقع ولا يمكن توقعه، كما أنه يتعين البحث فيما إذا كان الحادث يمكن أن يتوقعه المتعاقد حقيقة لا فيما كان يجب أن يتوقعه أما عما قرره الحكم من أن الطاعن عاين مواقع العمل، فإنه ليس في أوراق الدعوى ما يدل على أن الترعة تخترق مناطق جبلية ولم تكن الصخور ظاهرة للعيان حتى يقال إن الطاعن على بينة منها، بل أن أعمال الحفر هي التي كشفت عنها، هذا إلى أن الحكم عاد وقرر أن الطاعن تورط في التعاقد وأقدم عليه دون إدراك لطبيعة الأرض علاوة على أن الطاعن تمسك في دفاعه أمام محكمة الموضوع بأن الشركة المطعون عليها سلمت بوقوع الحادث الاستثنائي بكتابها المرسل إلى إدارة حياض قنا طالبة رفع الفئات المتفق عليها بسبب انحراف الترعة إلى منطقة جبلية، غير أن الحكم رد على دفاعه بأن ذلك من إطلاقات الإدارة إذا رأت إجابة الشركة إلى طلباتها وهو تعليل غير مقبول، الأمر الذي يعيب الحكم بالخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال والتناقض. (ثانيهما) ذهب الحكم المطعون فيه إلى أن المادة 657/ 1 من القانون المدني هي صورة من تطبيقات نظرية الظروف الطارئة، في حين أن ما نصت عليه هذه المادة لا شأن له بتلك النظرية إذ لا تنطبق المادة المذكورة إلا في حالة مجاوزة كمية الأعمال المقررة في المقايسة لا مجاوزة أسعارها فيكون على المقاول أن يخطر رب العمل بذلك مبيناً مقدار ما يتوقعه من زيادة الثمن وإلا سقط حقه في استرداد ما جاوزته قيمة المقايسة من نفقات، وإذ أعمل الحكم الجزاء المقرر في تلك المادة وهو الوفاء بقيمة ما أنجزه المقاول من الأعمال وفقاً لشروط العقد دون أن يبحث الدعوى في نطاق نظرية الظروف الاستثنائية وبرد الالتزام المرهق إلى الحد المعقول، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن النعي في وجهه الأول مردود، ذلك أنه لما كانت المادة 147/ 2 من القانون المدني تنص على أنه "إذا طرأت حوادث استثنائية عامة لم يكن في الوسع توقعها على حدوثها أن تنفيذ الالتزام التعاقدي وإن لم يصبح مستحيلاً صار مرهقاً للمدين بحيث يهدده بخسارة فادحة. جاز للقاضي تبعاً للظروف وبعد الموازنة بين مصلحة الطرفين أن يرد الالتزام المرهق إلى الحد المعقول، وكان مفاد هذا النص - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أنه يشترط في الحادث الطارئ أن يكون حادثاً استثنائياً عاماً غير ممكن توقعه ويخرج عن المألوف ونادر الوقوع ويكون الحادث الطارئ عاماً إذا انصرف أثره إلى عدد كبير من الناس، وكان المعيار في توافر ما اشترطه النص في وصف الحوادث المشار إليها من أنها تلك التي "لم يكن في الوسع توقعها هو ألا يكون في مقدور الشخص العادي أن يتوقع حصولها لو وجد في ظروف ذلك المدين وقت التعاقد بصرف النظر عما إذا كان هذا المدين قد توقع حصولها فعلاً أم لم يتوقعه، وتقدير هذا الأمر هو مما يدخل في نطاق سلطة قاضي الموضوع متى أقام قضاءه على أسباب سائغة، ولما كان يبين من الحكم المطعون فيه أنه نفى قيام الظرف الطارئ بقوله "كما أقر المستأنف - الطاعن - في العقد بأنه عاين الطبيعة واختبر مواقع العمل بنفسه وتحت مسئوليته وحصل على جميع المعلومات للتحقق من طبيعة الأرض وأنواع التربة..... ولما كان ذلك وكان المستأنف قد قام بإنجاز أعمال مقاولات عديدة بلغت اثنتي عشرة عملية لحساب الشركة المستأنف عليها - المطعون عليها - حسبما أورده في مستهل صحيفة استئنافه فإن كان على علم تام بالمنطقة التي ارتضى القيام بتشغيل الأعمال الترابية فيها والتي أقر في عقد المقاولة أنه قام بمعاينتها على الطبيعة واختبر مواقع العمل بنفسه فيها..... وكان اتساع الترعة والتربة المقرر أن يخترقها من الأمور القائمة والموجودة قبل التعاقد خاصة وبعد أن أقر المستأنف في العقد بأنه عاين الطبيعة واختبر مواقع العمل بنفسه فإنه لا يقبل منه القول بأن انحراف الترعة على هذه الصورة المتوقعة يعتبر حادثاً استثنائياً عاماً، ولا شبهة في أن اختراق الترعة وفروعها لتلك المناطق الجبلية التي أقر المستأنف بمعاينتها عند تحرير العقد والتي ادعى بأنه قد ترتب عليها مغايرة في شروط العمل ومواصفاته وألحقت به خسارة فادحة بلغت 15000 ج هي من الأمور الخاصة بالمستأنف وحده وما كان غيره من المقاولين ليقدم على تنفيذ هذا العقد بالفئات الواردة به وبالشروط الواردة فيه وكان ما طرأ من إرهاق في تنفيذ التزام المستأنف على فرض حصول هذا الإرهاق أمر يخصه وحده دون غيره من الناس وقد تورط فيه وأقدم عليه دون إدراك كاف لطبيعة الأرض التي أقر بمعاينتها ووقف على حالة التربة فيها ومن ثم فإن تبعة ذلك تقع عليه، ولما كان الحادث الذي يدعيه المستأنف هو انحراف الترعة واختراقها الجبل في معظم المناطق فإنه ما كان يخفي على المستأنف - وهو مقاول كبير مارس تنفيذ العديد من هذه العمليات كما ورد بصحيفة استئنافه - العلم بأن اتساع قاع الترعة عند الدوران أمر لم يكن موجوداً قبل التعاقد فهو بلا شك متوقع وكان يتعين على المقاول وهو يضع مقايسته وأسعارها أن يتوقع هذا الاحتمال....." وكان مفاد ما قرره الحكم أنه اعتبر أن انحراف الترعة إلى المناطق الجبلية من الأحداث التي يمكن توقعها وأن مثل هذا الحادث خاص بالطاعن وحده وليس من الحوادث العامة مما لا محل معه لتطبيق حكم المادة 147/ 2 واستند الحكم في هذا الخصوص وعلى ما سلف البيان إلى أسباب سائغة تكفي لحمله، وكان لمحكمة الموضوع وهي تباشر سلطتها في فهم الواقع وتقدير الدلائل والبيانات أن تأخذ بنتيجة دون أخرى ولو كانت محتملة متى أقامت قضاءها على أسباب مقبولة، فإن ما ذهب إليه الطاعن من أن الحادث لم يكن في وسعه أن يتوقعه لأن المعاينة التي تمت على الطبيعة كانت على سطح الأرض دون جوفها، لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل لا تقبل منه إثارته أمام محكمة النقض، وكان لا محل للنعي بالتناقض، ذلك أن ما أورده الحكم من أن الطاعن قد أقدم على التعاقد دون إدراك كاف لطبيعة الأرض إنما كان بمناسبة ما قرره من افتراض حصول إرهاق للطاعن نتيجة تنفيذ الالتزام، وكان الحكم قد رد على استدلال الطاعن بطلب الشركة زيادة الفئات المتفق عليها بأن هذا من شأن الشركة وإطلاقات الإدارة إذا ما رأت إجابتها إلى طلبها، وهو رد سائغ يواجه هذا الدفاع، لما كان ذلك، فإن النعي بهذه الأسباب يكون في غير محله.
وحيث إن النعي في وجهه الثاني مردود، ذلك أنه لما كان الحكم المطعون فيه وعلى ما سلف البيان قد انتهى صحيحاً إلى أنه لا مجال لتطبيق نظرية الظروف الاستثنائية على واقعة النزاع وكان هذا كافياً لحمل قضائه فإنه يكون غير منتج ما يتمسك به الطاعن من خطأ الحكم فيما قرره من أن المادة 567/ 1 من القانون المدني هي صورة من تطبيقات هذه النظرية.
وحيث إن مبنى النعي بالسبب الثاني من الطعن الأول وبالسببين الثالث والرابع من الطعن الثاني على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع، ذلك أن الطاعن تمسك أمام محكمة الموضوع بأن لجنة من عضو مجلس إدارة الشركة المطعون عليها ومديرها الفني والمهندسين المسئولين عن المشروع قامت بمعاينة موقع العمل وتأكدت من زيادة النفقات عما كان مقدراً بعقد المقاولة بسبب صلابة التربة وأيدته اللجنة المذكورة ثم تسلمت الشركة العمل منه في 20/ 6/ 1965 مع منحه مصاريف إدارية مقابل إشرافه حتى تمت في شهر يونيه سنة 1966 وطلب من المحكمة ندب خبير للاطلاع على ملف المقاولة بالشركة وبإدارة حياض قنا للتثبت من صحة ادعائه، ولمعاينة ما أنجزه من أعمال حتى 20/ 6/ 1965 ولبيان زيادة التكاليف والنفقات التي تحملها بسبب انحراف الترعة وفروعها إلى المنطقة الجبلية، كما أنه طلب من المحكمة اعتبار الشركة مسئولة عن أعمال المقاولة ابتداء من التاريخ سالف الذكر حتى تاريخ نهاية العمل وذلك بعد أن اختارت إنجاز باقي الأعمال بنفسها، غير أن المحكمة ردت على طلبه بأنه لا محل لتعيين خبير لتحقيق وقائع الإرهاق بعد أن انتهت إلى نفي قيام الحادث الطارئ وأن الطاعن لم يقدم دليلاً على مسئولية الشركة عن العمل منذ 20/ 6/ 1965، في حين أن الطاعن كان يبغي من طلب ندب الخبير التدليل على تسليم الشركة بقيام الحادث الطارئ، هذا إلى أن رد الحكم فيه مصادرة لحقه في إثبات قيام الشركة بالعمل منذ 20/ 6/ 1965، وهو ما يعيبه بالقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أنه لما كان يبين من الحكم المطعون فيه أنه فهم من طلب الطاعن ندب خبير هندسي أنه يرمي به إلى تحقيق وقائع الإرهاق في تنفيذ التزاماته توصلاً لرفع فئات الأجر المتفق عليه بينه وبين الشركة المطعون عليها وقد استخلص ذلك من وقائع ثابتة تؤدي إليه ورأى أنه لا محل لإجابة هذا الطلب بعد أن انتهى إلى نفي قيام الحادث الطارئ، وكان الحكم قد رفض طلب الطاعن اعتبار الشركة مسئولة عن المقاولة ابتداء من 20/ 6/ 1965 حتى تاريخ انتهاء العمل في شهر يونيه سنة 1966 استناداً إلى أن الشركة تنازعه هذا الطلب لأنه يتضمن فسخ العقد وأنه لم يقدم أي دليل يسانده في مدعاه، وكان تعيين خبير في الدعوى - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو من الرخص المخولة لقاضي الموضوع وله وحده تقدير لزوم أو عدم لزوم هذا الإجراء ولا معقب عليه في ذلك متى كان رفضه إجابة تعيين خبير قائماً على أسباب مبررة له، ولما كان ما استند إليه الحكم في هذا الخصوص سائغاً فإنه لا سبيل إلى الجدل في ذلك أمام محكمة النقض، لما كان ذلك، فإن النعي على الحكم بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعنين.


[(1)] نقض 5/ 5/ 1970 مجموعة المكتب الفني السنة 21 ص 787.
[(2)] راجع نقض 22/ 6/ 1950 مجموعة القواعد القانونية في 25 سنة 1098 قاعدة 120.