أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 8 - صـ 394

جلسة 4 من إبريل سنة 1957

برياسة السيد عبد العزيز سليمان وكيل المحكمة، وبحضور السادة: اسحق عبد السيد، ومحمد عبد الواحد علي، وأحمد قوشه، ومحمد متولي عتلم المستشارين.

(39)
القضية رقم 22 سنة 26 القضائية "أحوال شخصية"

( أ ) وقف. وقف خيري. النظر عليه. محكمة الموضوع. حقها في تعيين ناظر الوقف الخيري إذا كان الواقف غير مسلم وكان مصرف الوقف على جهة بر غير إسلامية. القانون رقم 247 سنة 1953 المعدل بالقانون 547 لسنة 1953.
(ب) نقض. ميعاد الطعن. أحوال شخصية. مواعيد. عدم جواز احتساب يوم صدور الحكم الحضوري في مسائل الأحوال الشخصية ضمن ميعاد الثمانية عشر يوماً المحددة في المادة 881 مرافعات للطعن في الحكم. المادة 20 مرافعات.
1 - جعلت المادة الثانية من القانون رقم 247 لسنة 1953 المعدل بالقانون 547 لسنة 1953 النظر على وقف الخيرات لوزارة الأوقاف بحكم القانون ما لم يشترط الواقف النظر لنفسه بينما وضعت المادة الثالثة من ذلك القانون استثناء لهذا النص في حالة ما إذا كان الواقف غير مسلم وكان المصرف غير جهة إسلامية وعندئذ يكون النظر لمن تعينه المحكمة الشرعية فإذا توافر الشرطان امتنع النظر على وزارة الأوقاف وكان الأمر للمحكمة لتقيم من ترى صلاحيته للنظر على الوقف للقيام بشروط الواقف وحسن إدارة الوقف - وعلى ذلك فإذا كان الوقف خيرياً واستخلصت محكمة الموضوع من تقدم وزارة الأوقاف بطلبها النظر على الوقف أنها لا تستحق النظر عليه بحكم القانون، كما استخلصت من كتاب الوقف في حدود سلطتها التقديرية أن الواقف غير مسلم وأن مصرف الوقف على جهة بر غير إسلامية في أسباب سائغة تتفق مع ما جاء بكتاب الوقف والأوراق فإن ذلك يكون استخلاصاً موضوعياً سلمياً لا مخالفة فيه للقانون.
2 - يوم صدور الحكم الحضوري في مسائل الأحوال الشخصية لا يحسب ضمن ميعاد الثمانية عشر يوماً المحددة في المادة 881 مرافعات للطعن في الحكم وذلك وفقاً لنص المادة 20 من قانون المرافعات.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن وقائع هذا الطعن - حسبما يستفاد من الحكم المطعون فيه ومن سائر الأوراق - تتحصل في أن المرحوم سعيد عبد المسيح أوقف في 25 من مارس سنة 1909 - 817 ف و22 ق و6 س مبينة الحدود والمعالم في كتاب الوقف على نفسه مدة حياته ومن بعده على من عينهم بكتاب الوقف وخصص قيراطين من 24 قيراطاً من الأعيان الموقوفة للخيرات يصرف منها ما يلزم لمدرسة البنات التي أنشأها بالمنيا وسماها باسمه، وما تبقى بعد ذلك يصرف على فقراء الطائفة القبطية الأرثوذكسية وإذا تعذر الصرف على المدرسة المذكورة يصرف ريع هذه الحصة على الفقراء المذكورين - فإذا تعذر الصرف على هؤلاء الفقراء يصرف الريع على الفقراء والمساكين أينما كانوا وحيثما وجدوا - ثم شرط الواقف النظر لنفسه مدة حياته ثم من بعده لشقيقه بباوى عبد المسيح، ثم للأرشد فالأرشد من أولاد الواقف وحفدته وأولاد أخويه - وعند حصول نزاع في أرشدية من يستحق النظر فيكون انتخاب وفصل وتعيين الناظر على الوقف المذكور لرئيس الطائفة القبطية الأرثوذكسية ومجلسها وقتئذ - وأخيراً فإنه عند أيلولة الوقف الأهلي لجهات الخيرات المذكورة فيكون النظر على جميع الوقف لرئيس الطائفة القبطية ومجلسها وقتئذ - ولوفاة أخ الواقف في حياته فقد غير بعض شروطه تلك بإشهاد في 9 من نوفمبر سنة 1909 فجعل النظر من بعده لابنه برسوم ولابن أخيه يعقوب بباوى بحيث لا ينفرد أحدهما عن الآخر فإن مات أحدهما انفرد الآخر ومن بعدهما يكون النظر لمن هو مشروط له بكتاب الوقف - وقد أقيمت ابنة الواقف ناظرة على حصة الخيرات فلما توفيت أقيمت المطعون عليها الثانية ناظرة من بعدها.
وفي 10 من نوفمبر سنة 1955 طلبت الناظرة المذكورة إلي رئيس محكمة المنيا الابتدائية الشرعية نزولها عن النظر للأسباب التي أوضحتها في طلبها - فقدم المطعون عليه الأول طلباً بإقامته ناظراً على هذه الحصة باعتباره من ذرية الواقف كما طلب مندوب وزارة الأوقاف (الطاعنة) إقامة الوزارة ناظرة على الوقف فقررت المحكمة في المادة 127 سنة 1950 قبول نزول الناظرة عن النظر - ورفض طلب المطعون عليه الأول وإقامة الطاعنة ناظرة على الحصة المذكورة. استأنف المطعون عليه الأول هذا الحكم وقيد استئنافه برقم 51 سنة 73 ق استئناف القاهرة. وفي 29 من إبريل سنة 1956 قضت المحكمة بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف فيما قضى به من رفض طلب المطعون عليه الأول وإقامته هو ناظراً على حصة الخيرات في الوقف المذكور ليدير شئونها طبق شرط الواقف ورفضت طلب الوزارة. فطعنت الوزارة في هذا الحكم بطريق النقض بتقرير في قلم كتاب هذه المحكمة في 17 من مايو سنة 1956.
عرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 21 من نوفمبر سنة 1956 وفيها طلبت الوزارة إحالة الطعن على الدائرة المدنية، وطلبت النيابة رفض الطعن، فقررت المحكمة إحالة الطعن إلى دائرة المواد المدنية والتجارية ومسائل الأحوال الشخصية.
وفي 22 من نوفمبر سنة 1956 أمر السيد رئيس المحكمة بإعلان المطعون عليهما وحدد لهما وللنيابة العامة المواعيد اللازمة لتقديم المستندات والمذكرات - فقدم المطعون عليه الأول مستنداته ومذكرته في 26 من ديسمبر سنة 1956 وفيها دفع بعدم قبول الطعن شكلاً لتقديمه بعد الميعاد وطلب الحكم في موضوع الطعن برفضه - وفي - 14 من يناير سنة 1957 قدمت النيابة مذكرتها التكميلية وطلبت فيها رفض الدفع وفي الموضوع أصرت على رفضه.
- عن الدفع بعدم قبول الطعن شكلاً: -
ومن حيث إن المطعون عليه الأول دفع بعدم قبول الطعن شكلاً لأن التقرير به حصل في اليوم التاسع عشر من تاريخ النطق حضورياً بالحكم المطعون فيه فجاء التقرير متأخراً يوماً واحداً عن ميعاد الثمانية عشر يوماً المحددة في المادة 881 مرافعات للتقرير بالطعن في الحكم الذي يصدر حضورياً في مسائل الأحوال الشخصية بمقولة إنه يرى احتساب يوم صدور الحكم ضمن هذا الميعاد.
ومن حيث إن هذا الدفع في غيره محله ذلك لأن المادة 20 من قانون المرافعات نصت في فقرتها الأولى على أنه "إذا عين القانون للحضور أو لحصول الإجراء ميعاداً مقدراً بالأيام أو بالشهور أو بالسنين فلا يحسب منه يوم التكليف أو التنبيه أو حدوث الأمر المعتبر في نظر القانون مجرياً للميعاد" ووفقاً لهذا النص الصريح فإن يوم صدور الحكم المطعون فيه لا يحسب ضمن ميعاد الثمانية عشر يوماً المحددة في المادة 881 مرافعات للطعن في الحكم ولذلك يكون الطعن قد تحصل في ميعاده المقرر ويتعين رفض الدفع وقبول الطعن شكلاً.
ومن حيث إنه لذلك يكون الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن الطاعنة تنعى على الحكم المطعون فيه مخالفته للقانون والخطأ في تطبيقه وتأويله لأن الثابت بكتاب الوقف مما نقله الحكم المطعون فيه أن وقف الخيرات كان أساساً على مدرسة البنات التي لم يقصر التعليم فيها على طائفة معينة. ولم يشترط الواقف أن يكون التعليم فيها دينياً - ومن ثم لم تكن جهة المصرف غير إسلامية وكان مقتضى هذا القول أن تطبق محكمة الاستئناف حكم المادة الثانية من القانون رقم 247 لسنة 1953 المعدل بالقانون رقم 547 لسنة 1953 الذي يجعل النظر على هذا الوقف الخيري لوزارة الأوقاف - إلا أن الحكم المطعون فيه التفت عن هذه المادة وطبق المادة الثالثة من هذا القانون على اعتبار أن الواقف غير مسلم وأن المصرف جهة غير إسلامية وأخذ في ذلك بفرض احتمالي للمصرف مرده إلى أن الواقف ذكر في كتاب الوقف أن ما يفيض من ريع الحصة الموقوفة بعد الصرف على مدرسة البنات يصرف على فقراء الطائفة القبطية الأرثوذوكسية - في حين أن الفائض غير متحقق ولم يقم عليه دليل - هذا من ناحية - ومن الناحية الأخرى فإن الوقف خصص في بدايته لمدرسة البنات من غير تخصيص التعليم فيها على طائفة معينة - ثم جعل في نهايته للفقراء كافة من جميع الملل والأديان ومتى كان الوقف الخيري كذلك فإنه يكون على جهة بر إسلامية ويكون النظر عليه لوزارة الأوقاف بحكم القانون.
ومن حيث إن هذا النعي مردود بما قرره الحكم المطعون فيه من "أنه لا نزاع بين طرفي الخصوم في أن الواقف جعل وقفه على جهة بر لأن مصرفه هو المدرسة التي أنشأها لتعليم البنات، فهو بذلك وقف خيري. وإنما انحصر الخلاف في النظر عليه - هل هو من حق وزارة الأوقاف أو من حق ورثة الواقف - وقد نصت المادة الثانية من القانون رقم 247 لسنة 1953 المعدل بالقانون رقم 547 لسنة 1953 على أنه إذا كان الوقف على جهة بر يكون النظر عليه بحكم هذا القانون لوزارة الأوقاف ما لم يشترط الواقف النظر لنفسه - وهذا هو الحكم العام وليس للمحاكم ولاية التعيين في النظر في هذه الحالة لأن الوقف على ما سبق يصبح مشمولاً بنظر وزارة الأوقاف بحكم القانون إلا إذا اشترط الواقف النظر لنفسه فإنه في هذه الحالة لا يكون النظر لوزارة الأوقاف استثناء - بل يكون النظر للواقف بحكم القانون كذلك - أما إذا كان الواقف غير مسلم والمصرف غير جهة إسلامية وتوافر هذان الشرطان معاً، ففي هذه الحالة وكل القانون للمحكمة حق التعيين في النظر لمن ترى صلاحيته ما لم يشترط الواقف النظر لنفسه ويكون النظر بحكم القانون للواقف إن كان حياً وحيث إن المحكمة لا ترى رأي النيابة في أن المصرف الأساسي لا يعتبر جهة غير إسلامية لأن المدرسة وإن اعتبرت معهداً للتعليم والثقافة وكان التعليم فيها غير مقصور على بنات الطائفة القبطية - ولم يشترط الواقف أن يكون التعليم فيها ذا لون ديني - كما لم يقصر التعليم فيها على أولاد طائفة بعينها بل جعله مباحاً للجميع لا فرق بين مسلم وقبطي مما يستدل منه أن مصرف الوقف في هذه الحالة ليس له أي صفة دينية - إلا أن الواقف شرط في كتاب وقفه صرف الفائض بعد المدرسة إلى أبناء الطائفة القبطية الأرثوذكسية - كما شرط في حالة تعذر الصرف على المدرسة أن يكون الصرف على الفقراء المذكورين - ولاشك أن هذه النصوص مجتمعة تؤدي إلى نتيجة واحدة وهي اعتبار مصرف الخيرات جهة غير إسلامية - وعلى ذلك يكون من حق المحكمة تعيين من ترى صلاحيته للنظر على الوقف - ولأنه يبين من الأوراق أن المستأنف من ورثة الواقف لأن الواقف جده لأمه وأنه أقيم ناظراً على وقف أبيه مما يدل على صلاحيته للنظر على الوقف المذكور - ولم يرد في الأوراق ما ينفي عنه هذه الصلاحية إلخ..." وهذا الذي قرره الحكم يتفق مع نص المادتين الثانية والثالثة من القانون 247 لسنة 1953 المعدل بالقانون 547 لسنة 1953 فبينما جعلت أولاهما النظر على وقف الخيرات لوزارة الأوقاف بحكم القانون ما لم يشترط الواقف النظر لنفسه فإن أخراهما وضعت استثناء لهذا النص في حالة ما إذا كان الواقف غير مسلم وكان المصرف غير جهة إسلامية وعندئذ يكون النظر لمن تعينه المحكمة الشرعية فإذا توافر الشرطان امتنع النظر على وزارة الأوقاف وكان الأمر للمحكمة لتقيم من ترى صلاحيته للنظر على الوقف للقيام بشروط الواقف ويحسن إدارة الوقف. ولما كانت محكمة الموضوع قد استخلصت في خصوص هذه الدعوى من تقدم وزارة الأوقاف بطلبها النظر على الوقف أنها لا تستحق النظر عليه بحكم القانون، كما استخلصت من كتاب الوقف في حدود سلطتها التقديرية أن الواقف غير مسلم وأن مصرف الوقف على جهة بر غير إسلامية في أسباب سائغة تتفق مع ما جاء بكتاب الوقف والأوراق، لما ثبت من أن مصرف الوقف لم يكن خالصاً للمدرسة ولأن الفائض منه خصص للفقراء من الأقباط، ومن أن النظر على الوقف جعل بعد الواقف للأرشد من ذريته عند وجودهم واتفاقهم، فإن اختلفوا فيما بينهم كان أمر الفصل في هذا الخلاف إلى رئيس الطائفة القبطية الأرثوذكسية ولمجلسها وقتئذ. فإذا انقرضت الذرية كان النظر على الوقف جميعه لرئيس الطائفة المذكور - لما كان ذلك يكون ما استخلصته المحكمة بحكمها المطعون فيه هو استخلاص موضوعي سليم لا مخالفة فيه للقانون.
ومن حيث إنه لذلك يتعين رفض الطعن.