أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 8 - صـ 404

جلسة 11 من إبريل سنة 1957

برياسة السيد عبد العزيز محمد رئيس المحكمة، وبحضور السادة: اسحق عبد السيد، ومحمد عبد الواحد علي، وأحمد قوشة، ومحمد متولي عتلم المستشارين.

(41)
القضية رقم 90 سنة 23 القضائية

( أ ) أهلية. سفه. حكم تصرفات السفيه السابقة على قرار الحجر عليه للسفه في ظل القانون المدني القديم.
(ب) أهلية. سفه. حكم تصرف السفيه في حالة ثبوت التواطؤ والاستغلال هو البطلان المطلق.
(ج) تقادم مسقط. حكم "تسبيب كاف". دعوى. دفاع. دفوع. عدم تقادم الدفع بالبطلان المطلق. انتهاء الحكم إلى بطلان سند الدين بطلاناً مطلقاً. الإشارة إلى عدم تقادم الدفع بهذا البطلان أو الرد على ما يتمسك به الدائن في هذا الصدد. غير لازم.
(د) تقادم مكسب. دين. عدم جواز تملك الحق في الديون بمضي المدة.
(هـ) قوة الأمر المقضي. تنفيذ عقاري. توزيع. اقتصار المدين في التوزيعات التي تقدم فيها الدائن بسند الدين على طلب تحرير القائمة النهائية وعدم مناقضته في الدين وحصول الدائن في التوزيعات على مبالغ صغيرة من أصل الدين. انعدام حجية أحكام التوزيع بالنسبة للباقي الذي رفعت به الدعوى.
(و) نقض. الخصوم في الطعن. إعارة الاسم. حوالة. وكالة. جواز إعارة الاسم رفع الدعاوى وجواز الطعن بالنقض من صاحب الاسم المستعار.
1 - قرار الحجر للسفه وإن لم يكن له أثر في ظل القانون المدني القديم إلا من تاريخ صدور هذا القرار، غير أن التصرفات السابقة - على ما استقر عليه قضاء هذه المحكمة - تبطل أو تكون قابلة للإبطال إذا كانت نتيجة غش أو تواطؤ كما لو كان المتصرف له قد تعامل مع السفيه وهو عالم بسفهه أو تواطأ معه في تعامله لتفويت آثار حجر متوقع مما تتوافر معه عناصر الاحتيال على القانون. فمتى كان الحكم قد خلص بأسباب واقعية لا مطعن عليها إلى أن من صدر له سند الدين موضوع النزاع كان عالماً وقت صدوره بحالة السفه التي كان عليها المدين وأنه كان سيئ النية إذ استغل هذه الحالة في استكتابه له فإن الحكم فيما انتهى إليه من عدم الاعتداد بهذا السند لا يكون قد أخطأ في القانون.
2 - تصرف السفيه - في ظل القانون المدني القديم وفي حكم القانون الحالي على السواء - يكون في حالة ثبوت التواطؤ والاستغلال بطلاناً مطلقاً إذا كان تصرفه ضاراً به ضرراً محضاً كما هو الحال في التبرعات وقابلاً للإبطال إذا كان من المعاوضات. فإذا كان الحكم قد قطع بأن الدين لم يكن جدياً وأن الدائن استكتب المدين سند الدين وهو عالم بحالة سفهه مستغلاً بسوء نية هذه الحالة مما مؤداه أن السند كان تبرعاً فإن قضاء الحكم ببطلانه - دون إبطاله - لا يكون قد خالف القانون.
3 - إنه وإن كانت دعوى البطلان المطلق تسقط بمضي خمس عشرة سنة إلا أن الدفع بهذا البطلان لا يسقط بالتقادم أبدا ذلك أن العقد الباطل يظل معدوماً فلا ينقلب مع الزمن صحيحاً وإنما تتقادم الدعوى به فلا تسمع بعد مضي المدة الطويلة، أما إثارة البطلان كدفع ضد دعوى مرفوعة بالعقد الباطل فلا تجوز مواجهته بالتقادم، لأنه دفع والدفوع لا تتقادم. فإذا كان الحكم قد انتهى إلى بطلان سند الدين بطلاناً مطلقاً فإن ذلك يكفي لتقرير نتيجته اللازمة قانوناً وهي عدم تقادم الدفع بهذا البطلان بغير حاجة للإشارة إلى ذلك صراحة أو للرد على ما يتمسك به الدائن في هذا الصدد.
4 - ليس في القانون ما يجيز القول بتملك الحق في الديون بمضي المدة طالت أو قصرت.
5 - متى كان الثابت أن دور المدين في التوزيعات التي تقدم فيها الدائن بسند الدين قد اقتصر على طلب تحرير القائمة النهائية وأنه لم يتقدم بأية مناقضة في التوزيع بشأن الدين موضوع هذا السند وكان ما ناله الدائن في التوزيعات المختلفة هي مبالغ صغيرة خصمت من أصل الدين ورفعت الدعوى بالباقي فإن الحكم فيما انتهى إليه من عدم حجية أحكام التوزيع بالنسبة لهذا الباقي لا يكون قد أخطأ في القانون.
6 - متى كان الطاعن قد رفع الدعوى ابتداء باسمه خاصة وباعتباره محالاً بسند الدين موضوع النزاع ممن صدر له هذا السند ثم رفع الاستئناف باسمه أيضاً عن الحكم الابتدائي الذي قضى برفض دعواه، ثم قرر الطعن بالنقض باسمه أيضاً في الحكم الاستئنافي فإن طعنه يكون جائزاً - ولا يغير من ذلك أن يكون الطاعن قد صرح في مذكرته الشارحة بأن طعنه هو لحساب ورثة الدائن المحيل أو أن تكون الحوالة قد ارتدت إلى المحيل باتفاق لاحق أو ألا يكون الطاعن قد قدم نص الاتفاق المعقود بينه وبين ورثة المحيل لإجراء الطعن لأن هذا كله لا يعدو أن يكون تقريراً لأمر مشروع في ذاته قد تضمنه الاتفاق بين الطرفين على إعارة الطاعن اسمه في الطعن استمراراً للخصومة التي تولاها باسمه أيضاً في مراحلها السابقة. وليس في القانون ما يلزم الطاعن أن يقدم نص الاتفاق المعقود بينه وبين المحيل على التقرير بالطعن أسوة بما قدمه من الاتفاق على رفع الاستئناف لأن الأصل أن مثل هذا الاتفاق هو من شأن طرفيه وحدهما.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن رفع ضد المطعون عليه وآخرين الدعوى رقم 4739 سنة 47 كلي القاهرة وقال فيها إن محمد زكي يداين المرحوم عيسى حمدي مورث المطعون عليه في مبلغ 200 جنيه وفوائده بواقع 9% سنوياً بموجب سند مؤرخ 30/ 11/ 1930 وقد حول إليه هذا السند في 1/ 11/ 1947 وكان الدائن المحيل قد تقدم به في جملة طلبات للتوزيع في المدة من سنة 1933 إلى سنة 1945 ضد المدين ثم ضد المطعون عليه بصفته وارثاً له وحصل من التوزيع على بعض المبالغ الصغيرة بخصمها من الدين يكون الباقي منه 167 جنيهاً و470 مليماً وبإضافة الفوائد بواقع 9% من تاريخ البروتستو الحاصل في 10/ 6/ 1931 يكون جملة المستحق 449 جنيهاً و750 مليماً ولذا طلب الحكم بإلزام المطعون عليه بأن يدفع له هذا المبلغ مع الفوائد بواقع 5% عن مبلغ 167 جنيهاً و470 مليماً من 30/ 11/ 1947 لغاية السداد مع المصروفات والأتعاب وتثبيت الحجز التحفظي المتوقع تحت يد المدعى عليه - ثم نزل عن مخاصمة المحجوز عليهم - وبتاريخ 31/ 12/ 1947 حكمت المحكمة الابتدائية - أولاً - برفض الدفع المقدم من المطعون عليه بسقوط الحق في المطالبة بمضي المدة. وثانياً - وقبل الفصل في الموضوع بإحالة الدعوى على التحقيق ليثبت المطعون عليه أن الدائن الأصلي محمد زكي كان وكيلاً للمدين المرحوم عيسى حلمي وكان يعلم وقت تحرير سند الدين بحالة السفه التي كان عليها موكله وبأنه سبق الحجر عليه للسفه، ولينفي الطاعن ذلك بكافة الطرق - وبعد سماع الشهود قضت المحكمة الابتدائية في 29/ 12/ 1949 برفض الطعن فاستأنف الطاعن هذا الحكم بالقضية رقم 51 سنة 68 ق لدى محكمة استئناف القاهرة التي قضت في 3/ 3/ 1953 بتأييد الحكم المستأنف. فقرر الطاعن الطعن في هذا الحكم بطريق النقض، وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون فقررت إحالته إلى هذه الدائرة وأبدت النيابة العامة رأيها بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً.
وحيث إن المطعون عليه دفع بعدم قبول الطعن شكلاً واستند في ذلك إلى ما صرح به الطاعن في مذكرته الشارحة من أن الطعن مرفوع لحساب ولصالح ورثة المرحوم محمد زكي الذي أعيد إليه السند من الطاعن وإلى أن الطاعن بعد رده للسند أصبح مركزه في الطعن لا يعدو أن يكون معبراً للاسم ووكيلاً عن ورثة المرحوم محمد زكي في رفع الطعن مما يتعارض مع القاعدة القانونية التي تقضي بعدم جواز المخاصمة بوكيل، هذا إلى أن محمد زكي حين استعاد السند بعد صدور الحكم الابتدائي قد صرح للطاعن في مباشرة الاستئناف باسمه ولكن تحت مسئوليته ولحساب محمد زكي نفسه، ولم يرد في مذكرة الطاعن أن محمد زكي أو ورثته قد صرحوا له أيضاً بالطعن بالنقض في الحكم الاستئنافي بل إن الاتفاق الذي قدمه الطاعن عن رد سند الدين اقتصر على التصريح له برفع الاستئناف فقط، كما أن هذا الاتفاق ذاته غير موقع عليه من محمد زكي بل من آخر غيره ولم يقدم ما يدل على صدور توكيل إليه من محمد زكي يخوله حق التوقيع على مثل هذا الاتفاق، كما أنه لم يقدم بالملف بيان عن ورثة محمد زكي ولا توكيل منهم يجيز لمقدم المذكرة في الطعن باسم الطاعن بأن يقرر أن هذا الطعن هو لحسابهم - وأضاف المطعون عليه إلى ذلك أن الطاعن وقد رد السند إلى صاحبه وانتهت حوالة الدين التي كانت قائمة بينهما لم تعد له أية مصلحة في الاستمرار في الخصومة مما يجعل الطعن غير جائز القبول لانعدام مصلحة الطاعن فيه.
وحيث إن هذا الدفع مردود بأن استعارة الاسم سواء في العقود أو في رفع الدعاوى أمام القضاء ليست ممنوعة في القانون طالما أنها لا تمس مصلحة مشروعة للغير ولا تنطوي على تدليس يستهدف إخفاء ما لا يجوز للأصيل أن يقوم به بنفسه أو بوكالة سافرة ذلك أن الشخص المسخر الذي يعير اسمه إن هو إلا وكيل عمن سخره اتفق معه على أن يخفي صفته وأن يتعامل أو يتقاضى خاصة وأن ينقل إليه فيما بينهما حاصل هذه المعاملة أو هذا التقاضي ولا يعترض على صحة هذا الاتفاق في حالة التقاضي بقاعدة عدم جواز المرافعة بوكيل ذلك أن صاحب الاسم المستعار لا يتقدم إلى القضاء بصفته وكيلاً لم يفصح عن اسم موكله حتى يجوز الاعتراض عليه بل هو يعمل ظاهراً باسمه بحيث يصدر الحكم في الدعوى له أو عليه شخصياً. كما لا يقدح في صحة استعارة الاسم أن ينكشف أمر هذه الاستعارة أمام القضاء طالماً أن هذا الكشف لا يفضح تدليساً على القانون أو ينطوي على مساس بمصلحة مشروعة للغير، وكل ما لهذا الكشف من أثر أنه يجوز أن يوجه للمسخر من الدفوع أو الدفاع ما يجوز أن يوجه لمن سخره، فمتى كان الطاعن قد رفع الدعوى ابتداء باسمه خاصة وباعتباره محالاً بالسند موضوع النزاع من محمد زكي الصادر له هذا السند ثم رفع الاستئناف باسمه أيضاً على الحكم الابتدائي الذي قضى برفض دعواه، ثم قرر الطعن بالنقض باسمه أيضاً في الحكم الاستئنافي فإن طعنه يكون جائزاً ولا يغير من ذلك أن يكون الطاعن قد صرح في مذكرته الشارحة بأن طعنه هو لحساب ورثة المرحوم محمد زكي أو أن تكون الحوالة قد ارتدت إلى المحيل باتفاق لاحق أو أن يكون الطاعن قد قدم نص الاتفاق المعقود بينه وبين ورثة المحيل لإجراء الطعن لأن هذا كله لا يعدو أن يكون تقرير الأمر مشروع في ذاته قد تضمنه الاتفاق بين الطرفين على إعارة الطاعن اسمه في التقرير بالطعن استمراراً للخصومة التي تولاها باسمه أيضاً في مراحلها السابقة وليس في القانون ما يلزم الطاعن أن يقدم نص الاتفاق المعقود بينه وبين محمد زكي على التقرير بالطعن أسوة بما قدمه من الاتفاق على رفع الاستئناف لأن الأصل أن مثل هذا الاتفاق هو من شأن طرفيه وحدهما. لما كان ذلك وكان الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية فإنه يتعين رفض الدفع وقبول الطعن شكلاً.
وحيث إن الطعن بني على خمسة أسباب يتحصل السبب الرابع منها في أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه إذ قضى ببطلان سند الدين المطالب به لصدوره في حالة سفه المدين في حين أن تاريخ السند سابق على تاريخ تقديم طلب الحجر ذلك أن كل شخص يعتبر أهلاً للتعاقد ما دامت لم تسلب أهليته أو يحد منها بحكم القانون ولا يمتد الأثر الرجعي لقرار الحجر للسفه إلى ما قبل تاريخ تقديم طلب الحجر إذ لا يتصور قيام الغش أو التواطؤ قبل أن يفكر إنسان ما في طلب توقيع الحجر للسفه بستة أشهر كاملة.
وحيث إن هذا السبب مردود بأن قرار الحجر للسفه وإن لم يكن له أثر في ظل القانون المدني القديم المنطق على واقعة الدعوى إلا من تاريخ صدور هذا القرار غير أن التصرفات السابقة - على ما استقر عليه قضاء هذه المحكمة - تبطل أو تكون قابلة للإبطال إذا كانت نتيجة غش أو تواطؤ كما لو كان المتصرف له قد تعامل مع السفيه وهو عالم بسفهه أو تواطأ معه في تعامله لتفويت أثار حجر متوقع مما تتوافر معه عناصر الاحتيال على القانون فمتى كان الحكم المطعون فيه قد خلص بأسباب واقعية لا مطعن عليها إلى أن المرحوم محمد زكي الذي صدر له السند كان عالماً وقت صدوره بحالة السفه التي كان عليها المدين وأنه كان سيء النية إذ استغل هذه الحالة في استكتابه له فإن الحكم فيما انتهى إليه من إبطال هذا السند لا يكون قد أخطأ في القانون.
وحيث إن السبب الثالث يتحصل في أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون إذ قضى بأن سند الدين باطل بطلاناً مطلقاً لا تصححه الإجازة ذلك أن السفيه كالصبي المميز هو ناقص الأهلية لا فاقدها فتكون تصرفاته قابلة للإبطال ويصح أن تلحقها الإجازة الصريحة أو الضمنية.
وحيث إن هذا السبب مردود بأن تصرف السفيه - في ظل القانون المدني القديم وفي حكم القانون الحالي على السواء - يكون في حالة ثبوت التواطؤ والاستغلال باطلاً بطلاناً مطلقاً إذا كان تصرفه ضاراً به ضرراً محضاً كما هو الحال في التبرعات وقابلاً للإبطال إذا كان من المعاوضات وقد قطع الحكم المطعون فيه بأسباب لم يطعن عليها بأن الدين لم يكن جدياً وأن الدائن استكتب مورث المطعون عليه سند الدين وهو عالم بحالة سفهه مستغلاً بسوء نية هذه الحالة مما مؤداه أن السند كان تبرعاً وعلى ذلك يكون قضاء الحكم ببطلانه - دون إبطاله - لم يخالف القانون في شيء.
وحيث إن السبب الأول يتحصل في أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون وشابه قصور في التسبيب ذلك أن حق المطعون عليه في التمسك ببطلان السند قد سقط بمضي المدة الطويلة إذ صدر سند الدين في 30/ 11/ 1930 ولم يدفع المطعون عليه ببطلانه إلا في منتصف سنة 1948 وقد حدد القانون المدني الجديد للسقوط ثلاث سنوات في حالة الإبطال للسفه وخمس عشرة سنة في حالة البطلان المطلق، وقد تمسك الطاعن في دفاعه أمام محكمة الاستئناف بسقوط حق المطعون عليه في الدفع ببطلان السند لمضي أكثر من خمس عشرة سنة على صدوره فلم يرد الحكم بشيء على هذا الدفاع.
وحيث إن هذا السبب مردود بأنه وإن كانت دعوى البطلان المطلق تسقط بمضي خمس عشرة سنة إلا أن الدفع بهذا البطلان لا يسقط بالتقادم أبداً ذلك أن العقد الباطل يظل معدوماً فلا ينقلب مع الزمن صحيحاً وإنما تتقادم الدعوى به فلا تسمع بعد مضي المدة الطويلة، أما إثارة البطلان كدفع ضد دعوى مرفوعة بالعقد الباطل فلا تجوز مواجهته بالتقادم لأنه دفع والدفوع لا تتقادم، فمتى كان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى بطلان سند الدين بطلاناً مطلقاً على ما سلف بيانه فإن ذلك يكفي لتقرير نتيجته اللازمة قانوناً وهي عدم تقادم الدفع بهذا البطلان بغير حاجة للإشارة إلى ذلك صراحة أو للرد على ما تمسك به الطاعن في هذا الصدد.
وحيث إن السبب الثاني يتحصل في أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون وشابه قصور في التسبيب إذ لم يلتفت إلى ما تمسك به الطاعن من صحة حجية الأحكام الصادرة من قاضي التوزيع سواء في قوائم التوزيع المؤقتة أو النهائية التي نال فيها الدائن الأصلي نصيباً من الدين موضوع السند مما يعتبر حجة بصحة الدين ومقداره في مواجهة المدين ثم وارثه المطعون عليه باعتباره طرفاً في التوزيع فلم يرد الحكم على ما تمسك به الطاعن أمام محكمة الاستئناف من عدم قبول الدفع بإبطال السند للسفه تأسيساً على هذه الحجية.
وحيث إن هذا السبب مردود بأنه وإن كانت قرارات القسمة والتوزيع تعتبر نهائية بالنسبة لكل من كان طرفاً فيها غير أنها لا تحوز قوة الأمر المقضي إلا فيما فصل فيه من الطلبات التي رفضها قاضي التوزيع أو تلك التي كانت موضوعاً للمناقضات في قوائم التوزيع أما إذا كان الدائن قد تقدم بطلبه واستحصل على جزء من دينه في التوزيع ولم يناقض المدين في الدين فإن ذلك لا يحول بين المدين وبين تمسكه بما لديه من دفوع إذا طولب بباقي الدين ولا يقبل من الدائن أن يدفع بأن لحكم التوزيع حجية الأمر المقضي بالنسبة لباقي الدين ذلك أن هذا الباقي لم يكن محل نزاع في إجراءات القسمة أو التوزيع ولم يكن المدين قد ناقض في صحة الدين أو مقداره وقضى برفض مناقضته حتى يصح القول بأن الحكم قد تناول الدين برمته. فمتى كان الثابت على ما جاء بأسباب الحكم الابتدائي التي أحال إليها الحكم المطعون فيه أن دور المطعون عليه في التوزيعات التي تقدم فيها الدائن بالسند اقتصر على طلب تحرير قائمته النهائية وأنه لم يتقدم بأية مناقضة في التوزيع بشأن الدين موضوع هذا السند، وكان ما ناله الدائن في التوزيعات المختلفة على ما قال الطاعن هي مبالغ صغيرة خصمت من أصل الدين ورفعت الدعوى بالباقي فإن الحكم انتهى إليه من عدم حجية أحكام التوزيع بالنسبة لهذا الباقي لا يكون قد أخطأ في القانون أو شابه أي قصور.
وحيث إن السبب الخامس يتحصل في أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون إذ لم يعتبر أن الدائن قد تملك الحق في الدين موضوع السند بمضي خمس سنوات مع توافر السبب الصحيح وحسن النية ذلك أنه بفرض أنه كان سيء النية وقت تحرير السند فإن حسن نيته يتولد من وقت صدور أحكام نهائية بصحة تصرفات أخرى صدرت من المدين في تاريخ معاصر للسند موضوع النزاع ثم صدور أحكام بتوزيع أجزاء من قيمة هذا السند للدائن مما يتوافر به السبب الصحيح وحسن النية ويؤدي إلي التملك بمضي خمس سنوات.
وحيث إن هذا السبب مردود بأنه لا يرتكز إلى أساس قانوني إذ ليس في القانون ما يجيز القول بتملك الحق في الديون بمضي المدة طالت أو قصرت.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس متعيناً رفضه.