أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 8 - صـ 426

جلسة 18 من إبريل سنة 1957

برياسة السيد محمود عياد المستشار، وبحضور السادة: محمد عبد الواحد علي، وأحمد قوشه، ومحمد متولي عتلم، وإبراهيم عثمان يوسف المستشارين.

(44)
القضية رقم 283 سنة 23 القضائية

( أ ) عمل. اختصاص. "التحكيم في منازعات العمل". مناط اختصاص هيئة التحكيم. القانون 318 سنة 1952.
(ب) عمل. إعانة الغلاء. حكم "تسبيب كاف". صلح. محكمة الموضوع. نقض "أسباب موضوعية". التحكيم في منازعات العمل. تحصيل قرار الهيئة أن الحالات المعروضة على الهيئة بشأن إعانة الغلاء والتي ادعى أن رب العمل خالف فيها عقد الصلح المبرم بين الطرفين هي حالات فردية. موضوعي. التحدي بخطأ القرار في تكييف هذا الصلح. غير منتج.
(جـ) عمل. اختصاص. إعانة الغلاء. حكم "تسبيب كاف". التحكيم في منازعات العمل. انتهاء قرار هيئة التحكيم إلى عدم اختصاصه بالشكوى في شأن إعانة الغلاء. خطؤه تزيداً في فهم المادة 3 من الأمر العسكري 358 سنة 1942. لا عيب.
(د) عمل. عرف. أجور. كادر العمال. عدم التزام رب العمل بوضع كادر لعماله عند عدم تقديم الدليل على قيام عرف بذلك.
(هـ) عمل. أجور. ساعات العمل الإضافية. الاتفاق بين رب العمل والعمال على أن تكون ساعات العمل سبع ساعات يومياً وعلى احتساب 7/ 1 الأجر اليومي عن كل ساعة زائدة. أثر تطبيق القانون رقم 147 سنة 1935 والاتفاق المذكور.
(و) عمل. منح. تقرير منحة سنوية تعهد رب العمل بصرفها للعمال باستمرار وعلى اطراد. صدور قرار هيئة التحكيم برفض طلب صرفها. خطأ. المادة 683 مدني. القانون 317 سنة 1952.
(ز) عرف. محكمة الموضوع. سلطتها في تقدير قيام العرف.
(ح) نقض. أسباب جديدة. عرف. عمل "ساعات العمل". التمسك لأول مرة أمام محكمة النقض بقيام عرف بتخفيض ساعات العمل للعمال الذين يعملون ليلاً. غير جائز.
1 - مناط اختصاص هيئة التحكيم وفقاً لنص المادة الأولى من المرسوم بقانون رقم 318 سنة 1952 بشأن التوفيق والتحكيم في منازعات العمل هو قيام نزاع خاص بالعمل أو بشروطه بين واحد أو أكثر من أصحاب العمل وجميع مستخدميهم أو عمالهم أو فريق منهم. وعلى ذلك فإذا تبين أنه لم يكن ثمت نزاع من جانب رب العمل في وجوب تقديم اللبن إلى العمال كامل الدسم وكانت مراقبة ذلك إنما تتعلق بتنفيذ هذا الالتزام الذي لم يقم نزاع بشأنه فإن قرار هيئة التحكيم بعدم اختصاصها بنظر صرف اللبن كامل الدسم لا يكون قد خالف القانون.
2 - إذا كان قرار هيئة التحكيم قد حصل من الأوراق أن الحالات التي عرضتها نقابة العمال على الهيئة وادعت أن رب العمل خالف فيها عقد الصلح الذي أبرم بينه وبين العمال وصدقت عليه الهيئة في تحكيم سابق بشأن إعانة الغلاء هي حالات فردية لا تمس صالح العمال أو فريق منهم فإن تحصيله يكون موضوعياً لا رقابة لمحكمة النقض عليه. ويكون غير منتج التحدي بخطأ القرار في تكييف ذلك الصلح القضائي.
3 - متى كان قرار هيئة التحكيم قد انتهى إلى أن الشكوى في شأن إعانة الغلاء هي مما يخرج عن اختصاصه فلا محل للنعي عليه بالخطأ في فهم وتأويل المادة 3 من الأمر العسكري رقم 358 سنة 1942 إذا كان ما ورد بالقرار في هذا الخصوص هو تزيد لم يكن القرار بحاجة إلى تقريره.
4 - لم يورد المشرع في القانون رقم 317 لسنة 1952 في شأن عقد العمل الفردي نصاً يوجب على رب العمل وضع كادر خاص بالعمال. فإذا كانت نقابة العمال لم تقدم ما يدل على قيام عرف يقتضي إلزام رب العمل بوضع كادر لعماله فإن قرار هيئة التحكيم لا يكون قد خالف القانون إذا قرر أنه لا إلزام على صاحب العمل بأن يضع كادراً لعماله إلا برضائه.
5 - متى طبق القانون رقم 147 لسنة 1935 الذي حدد ساعات العمل بتسع ساعات في بعض الصناعات وفي الوقت ذاته طبق الاتفاق المبرم بين رب العمل ونقابة العمال والذي مقتضاه أن الطرفين ارتضيا أن تكون ساعات العمل اليومي سبع ساعات وأنه إذا زاد تشغيل العامل عن ذلك أعطى أجراً عن كل ساعة زائدة يعادل سبع الأجر اليومي فإن مؤدى ذلك أن تكون الساعات الزائدة على التسع ساعات التي أشار إليها ذلك القانون هي التي تستحق عليها العلاوة بواقع 25% وهي العلاوة الواجبة قانوناً، أما ما دون التسع ساعات فإنه يخضع لما ورد بعقد الاتفاق المذكور أي تحسب العلاوة بواقع سبع الأجر اليومي.
6 - متى كان الثابت أن هناك منحة سنوية اعتبرها رب العمل ثابتة وتعهد بصرفها للعمال باستمرار وعلى اطراد فإن قرار هيئة التحكيم برفض طلب صرفها يكون قد خالف القانون وذلك طبقاً للمادة 683 من القانون المدني والمادة 4 من قانون عقد العمل الفردي رقم 317 سنة 1952.
7 - تقدير قيام العرف هو من سلطة محكمة الموضوع دون رقابة لمحكمة النقض عليها.
8 - متى كان قرار هيئة التحكيم برفض طلب تخفيض ساعات العمل للعمال الذين يعملون ليلاً قد صدر في حدود القانون والاتفاق المبرم بين الطرفين ولم تقدم نقابة العمال ما يدل على أنها تمسكت أمام هيئة التحكيم بقيام عرف مخالف فلا يجوز لها التحدي بذلك لأول مرة أمام محكمة النقض.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن الوقائع تخلص كما يبين من القرار المطعون فيه ومن سائر أوراق الطعن في أن النقابة الطاعنة تقدمت في أوائل سنة 1953 بطلب لمكتب العمل بشمالي القاهرة للسعي لحسم النزاع القائم بين عمال شركة الإعلانات الشرقية وبين إدارة هذه الشركة بخصوص بعض المطالب التي رفضت الشركة إجابتها فلم يتمكن مكتب العمل المشار إليه من تسوية النزاع ودياً فأحاله إلى هيئة التحكيم مباشرة بناء على اتفاق طرفي الخصومة وكانت مطالب العمال ثمانية هي (1) تطبيق إعانة الغلاء بالكامل على جميع العمال الذين يتقاضون نصف العلاوة (2) تحسين المرتبات وذلك بتنظيم العلاوات الدورية وعمل كادر خاص لعمال الشركة (3) صرف علاوة مقدارها 25% على الساعات الإضافية (4) صرف مرتب يوم العطلة الأسبوعي أسوة بالجرائد المماثلة (5) تخفيض ساعات العمل بالنسبة للعمال الذين يعملون ليلاً (6) صرف المنح بما يعادل مرتب شهرين عن كل سنة كما أقرت بذلك الشركة (7) إنشاء مطعم بالشركة لتقديم وجبة الغذاء بثمن مخفض (8) صرف اللبن كامل الدسم. وبتاريخ 4 من يوليو سنة 1953 أصدرت هيئة التحكيم قراراها: أولاً - بعدم جواز نظر النزاع الذي تضمنه المطلب الأول لانتهاء هذا المطلب بالصلح الذي تم بين الطرفين في 11 من يوليو سنة 1951 - والمصدق من الهيئة على محضره في النزاع رقم 9 سنة 1951. ثانياً - عدم اختصاصها بالنظر في المطلب الثامن. ثالثاً - وبالنسبة للمطلب الثالث بتقرير حق العمال في أن تصرف لهم الشركة أجر الساعات الإضافية التي تزيد على التسع ساعات المقررة قانوناً مضافاً إليه 25% من الأجر العادي الذي يستحقه العامل في الساعة. رابعاً - برفض باقي المطالب وهو القرار المطعون فيه. فقررت الطاعنة الطعن فيه بالنقض وعرض على لجنة فحص الطعون بجلسة 9 من يناير سنة 1957 فقررت إحالته على هذه الدائرة. وقد دفعت المطعون عليها هي والنيابة العامة بعدم جواز الطعن ثم نزلتا عن هذا الدفع وأخيراً طلبت المطعون عليها رفض الطعن. وأبدت النيابة رأيها برفضه فيما عدا السبب الحادي عشر فقد رأت نقض القرار المطعون فيه في خصوصه.
ومن حيث إن الطاعنة بنت طعنها على ستة عشر سبباً تنعى الطاعنة فيها جميعها على القرار فيه الخطأ في تطبيق القانون وتأويله.
ومن حيث إن السبب الأول - يتحصل في أن القرار المطعون فيه أقام قضاءه بعدم جواز نظر المطلب الأول على أنه "لا يمكن مجاراة النقابة فيما تقول به من أن عدم تنفيذ الشركة مقتضى عقد الصلح هو مما يهدر قيمته، لأن ما يترتب على إخلال الشركة بشروط العقد إنما هو إلزامها تنفيذه إذ أنه أصبح ملزم للطرفين بعد أن صدقت عليه هيئة التحكيم وله القوة التنفيذية للأحكام بعد وضع الصيغة التنفيذية عليه من قلم الكتاب" - إذ أقام الحكم قضاءه على ذلك قد انطوى في تكييف الصلح القضائي الذي انعقد الإجماع على أنه لا يعتبر حكماً بالمعنى القانوني العام لأنه وإن تكن له قوة سند واجب التنفيذ نظراً لتصديق القاضي عليه إلا أن ذلك لا يخرجه عن كونه اتفاقاً تم بتراضي الطرفين فلا يرفعه تصديق القاضي إلى مصاف الأحكام. ويتحصل السبب الثاني - في النعي على القرار المطعون فيه الخطأ في فهم وتأويل نص الأمر العسكري رقم 358 سنة 1942 وما يقتضيه تطبيق هذا النص من شروط، وتقول الطاعنة في تبيان ذلك إن هيئة التحكيم اعتبرت أن الحالات التي ادعت الطاعنة أن الشركة خالفت فيها الاتفاق المؤرخ 11 يوليو سنة 1951 والمصدق عليه من الهيئة في قضية التحكيم رقم 9 لسنة 1951 هي حالات فردية لا تمس صالح العمال أو فريق منهم، وأن الشكوى إنما تتعلق بسوء تطبيق ما قرره الاتفاق في شأن تنفيذ الأمر العسكري المذكور على هذه الحالات ومن أجل ذلك قررت الهيئة عدم اختصاصها في حين أن الطاعنة إنما أوردت الحالات المذكورة على سبيل المثال بقصد تدعيم وجهة نظرها في تقصير الشركة وإثبات أن شروط تطبيق نص الأمر العسكري لم تتوافر ولم تقصد عرض شكايات فردية على الهيئة - ويتحصل السبب الرابع عشر - في النعي على القرار المطعون فيه بالنسبة لما قضى به من عدم جواز نظر المطلب الأول لانتهاء هذا النزاع صلحاً في التحكيم رقم 9 لسنة 1951 وقالت الطاعنة في شرح هذين السببين الآخرين إن فيما قاله القرار المطعون فيه عوداً إلى الخطأ في تكييف الصلح القضائي.
ومن حيث إن النعي بما ورد في السبب الثاني هو نعي عار عن الدليل. ذلك أن الطاعنة لم تقدم ما يثبت أن الحالات التي عرضتها إنما كانت على سبيل المثال فإذا كان القرار المطعون فيه قد حصل من الأوراق أنها حالات فردية فيكون تحصيله موضوعياً لا رقابة لمحكمة النقض عليه. ويكون غير منتج التحدي بما ورد في السببين الأول والرابع عشر.
ومن حيث إن محصل السبب الثالث أن القرار المطعون فيه إذا اعتبر أن لا محل للقياس على أجور المؤسسات الأخرى عند البحث في توافر شروط تطبيق المادة 3 من الأمر العسكري رقم 358 سنة 1942 قد أخطأ فهم وتأويل هذه المادة وذلك أن النص جرى بأنه يمنح العمال الذين عينوا بعد 30 يونيه سنة 1941 إعانة غلاء المعيشة على أساس نصف الفئات المقررة بهذا الأمر إذا تبين أنه روعي في تحديد أجورهم حالة غلاء المعيشة وبذلك يكون قد قرر معياراً يستلزم بطبيعة الحال بحث مستوى الأجور عموماً لمثل العمل الذي يقوم به العمال الذين يراد تطبيق هذا النص عليهم.
ومن حيث إن هذا النعي مردود بأن ما ورد بالقرار في هذا الخصوص هو تزيد لم يكن القرار بحاجة إلى تقريره بعد أن انتهى إلى أن الشكوى في شأن إعانة الغلاء هي مما يخرج عن اختصاصه.
ومن حيث إن السبب الرابع يتحصل في أن المطعون فيه إذ قضى برفض المطلب الثاني الخاص بمنح العمال علاوات دورية قد استند في قضائه إلى أن محضر الصلح المطعون عليه في 11 من يوليو سنة 1951 لم يتضمن التزاماً خاصاً بالعلاوات المشار إليها وذلك تمهيداً لما انتهى إليه القرار المطعون فيه - من القول بحجية القرار السابق الذي قضى بالتصديق على الصلح - وتقول الطاعنة في بيان سبب النعي إن هذا الذي أقام عليه الحكم قضاءه مشوب بالخطأ في تكييف الصلح القضائي.
ومن حيث إن هذا النعي مردود بأن القرار المطعون فيه لم يقض بعدم جواز نظر المطلب الثاني لسبق الفصل فيه وإنما قضى برفضه استناداً إلى أسباب موضوعية ولم يكن ما ورد في القرار بشأن محضر الصلح لا رداً على ما ادعته الطاعنة من أن هذا المحضر تضمن التزاماً من الشركة المطعون عليها بمنح العلاوات.
ومن حيث إن محصل السبب الخامس أن القرار المطعون فيه إذ أقام قضاءه على أن ما يطلبه العمال في شأن العلاوات الدورية والأجور نفسها من المساواة بالمحررين والموظفين لا يمكن أن يكون له أساس سليم لاختلاف العمل وظروف الفئتين - إذ أقام القرار قضاءه على ذلك قد أهدر مصدرين من مصادر القانون وهما العرف ومبادئ العدالة.
ومن حيث إن هذا السبب مردود بأنه لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً فيما انتهى إليه القرار المطعون فيه تعليلاً لعدم جواز المساواة بين العمال من جهة والمحررين والموظفين من جهة أخرى.
ومن حيث إن محصل السببين السادس والسابع أن القرار المطعون فيه قد أهدر كذلك العرف والقانون وذلك إذ قرر أن تنظيم الأجور هو من شأن صاحب العمل لا يقوم للعمال أي حق مكتسب في شأنها إلا ما يرد في عقد العمل وأنه لا إلزام على صاحب العمل بأن يضع كادراً لعماله إلا برضائه، وفي تبيان ذلك تقول الطاعنة إن المادة 31 من المرسوم بقانون رقم 317 لسنة 1952 نصت على أنه على كل صاحب عمل يستخدم خمسين عاملاً فأكثر أن يضع في مكان ظاهر من مؤسسته لائحتين إحداهما لتنظيم العمل ومعاملة العمال وأن عبارة (لائحة معاملة العمال) ما هي بتعبير آخر إلا (كادر العمال) يؤيد ذلك نص المادة 26 من قانون عقد العمل الفردي رقم 41 لسنة 1944 التي كانت تسمى كادر العمال بلائحة تنظيم العمل ومعاملة العمال.
ومن حيث إن هذين السببين مردودان ذلك أن المادة 31 من المرسوم بقانون رقم 317 لسنة 1952 قد نصت على أنه "على كل صاحب عمل يستخدم خمسين عاملاً فأكثر أن يضع في مكان ظاهر من مؤسسته لائحتين باللغة العربية إحداهما لتنظيم ومعاملة العمال في المؤسسة والأخرى للجزاءات وشروط توقيعها، ويشترط لنفاذ لائحة الجزاءات وما يطرأ عليها من تعديلات ألا تعترض عليها مصلحة العمل خلال 45 يوماً من تقديمها إليها". وقد أوضحت المذكرة الإيضاحية المقصود باللائحتين وذلك إذ قررت تعريفاً للائحة الأولى أنها هي الخاصة بنظام العمل وتعريفاً للائحة الأخرى أنها هي الخاصة بالجزاءات - ويبين من ذلك أن المشرع لم يورد نصاً يوجب على رب العمل وضع كادر خاص بالعمال، ولما كان ذلك وكانت الطاعنة لم تقدم ما يدل على قيام عرف يقتضي إلزام رب العمل بوضع كادر لعماله فإن القرار المطعون فيه لا يكون قد خالف القانون.
ومن حيث إن محصل السببين الثامن والسادس عشر أن القرار المطعون فيه إذ قضى بتقرير حق العمال في صرف أجر الساعات الإضافية التي تزيد على التسع ساعات المقررة قانوناً مضافاً إليه 25% من الأجر العادي عن الساعة ولم يجعل للعامل الحق في هذه الزيادة بالنسبة لما عدا ذلك من الساعات الإضافية الأخرى إذا كان نظام العمل يقتضي أن تكون مدته أقل من تسع ساعات فإن القرار قد يكون قد خالف القانون ذلك أن القانون جعل الحد الأقصى لتشغيل العامل تسع ساعات تاركاً تحديد ساعات العمل فيما دون هذا الحد إلى صاحب العمل وفي نفس الوقت قضى بزيادة 25% من الأجر على الساعات التي يقررها صاحب العمل زيادة على عدد الساعات العادية الجاري عليه العمل في المنشأة.
ومن حيث إن هذين السببين مردودان ذلك أن القرار المطعون فيه قد طبق القانون رقم 147 سنة 1935 الذي حدد ساعات العمل بتسع ساعات في بعض الصناعات وفي الوقت ذاته طبق الاتفاق المبرم بين الشركة المطعون عليها والنقابة الطاعنة والذي مقتضاه أن الطرفين ارتضياً أن تكون ساعات العمل اليومي سبع ساعات وأنه إذا زاد تشغيل العامل عن ذلك أعطى أجراً عن كل ساعة زائدة يعادل سبع الأجر اليومي، ولما كان أجر العامل يجب زيادته بمقدار 25% على الأجر العادي بالنسبة لكل ساعة يشتغلها فوق المقرر قانوناً، فإن مؤدى ذلك أن تكون الساعات الزائدة على التسع ساعات التي أشار إليها القانون رقم 147 سنة 1935 هي التي تستحق عليها العلاوة بواقع 25% أما ما دون التسع ساعات فإنه يخضع لما ورد بعقد اتفاق الشركة المطعون عليها أي تحسب بواقع سبع الأجر اليومي، ومن ثم فلا يكون القرار المطعون فيه أخطأ في القانون.
ومن حيث إن السبب التاسع يتحصل في أن القرار المطعون فيه قد أهدر العرف والقانون وذلك إذ قضى برفض المطلب الرابع والخاص بصرف مرتب يوم العطلة الأسبوعي أسوة بالجرائد المماثلة.
ومن حيث إن هذا السبب مردود بأنه يبين من الأوراق أن القرار قد أقام قضاءه في خصوص طلب صرف أجر يوم العطلة الأسبوعي على "أن القانون لم يلزم صاحب العمل بصرف أجر للعامل عن غير أيام العمل الفعلي. وأما عن العرف ووجوب المساواة على أساس العدالة فإنه لا يعتبر بالعرف إلا عند تماثل الظروف للاستناد إلى المساواة فيما يؤدي في الواقع إلى المزايدة على الأجور مما ليس في صالح الصناعة ومما يؤدي تبعاً لذلك وفي النهاية إلى الإضرار بصالح العمال أنفسهم" ومفاد ما استخلصه القرار المطعون فيه أن لا وجود لعرف في هذا المقام لاختلاف الظروف وانعدام التماثل وهو استخلاص موضوعي لا رقابة لمحكمة النقض على ما حصله القرار المطعون فيه في خصوصه.
ومن حيث إن محصل السبب العاشر أن القرار المطعون فيه قد أهدر العرف ومبادئ العدالة إذ رفض المطلب الخاص المتعلق بتخفيض ساعات العمل للعمال الذين يعملون ليلاً وفي تبيان ذلك تقول الطاعنة إن العرف قد جرى على ذلك في دور الطباعة وأن العدالة لا تسمح بأن من يعمل ليلاً يعامل نفس المعاملة التي يعامل بها من يعمل نهاراً مهما كان عدد الساعات المتفق عليها مع من يعمل نهاراً ودون التفات إلى الحد الأعلى المحدد قانوناً بتسع ساعات.
ومن حيث إن هذا السبب مردود بأنه يبين من القرار المطعون فيه أنه قد أقيم فيما أقيم عليه في هذا الخصوص على الاتفاق المعقود في 20 من يونيه سنة 1946 هذا الاتفاق الذي تضمن جعل ساعات العمل اليومي سبعة بدلاً من تسع ساعات وعلى أن القانون لم يفرق بين العمل ليلاً والعمل نهاراً - وعلى ذلك يكون القرار قد صدر في حدود القانون والاتفاق، ولم تقدم النقابة الطاعنة ما يدل على أنها تمسكت أمام هيئة التحكيم بقيام عرف مخالف فلا يجوز لها التحدي بذلك لأول مرة أمام هذه المحكمة.
ومن حيث إن محصل السبب الحادي عشر أن القرار المطعون فيه إذ قرر أن المنحة كانت الشركة تصرفها إلى العمال لا يمكن اعتبارها جزءاً من الأجر لأنها لم تكن ثابتة مطردة - إذ قرر الحكم ذلك قد خالف القانون وأخطأ تكييف هذه المنحة وأغفل ما قد يقبله العمال تحت ضغط الظروف المختلفة من تنزيل حتى في أجورهم العادية ذاتها.
ومن حيث إنه يبين من القرار المطعون فيه أنه أقيم على "أن الثابت مما قرره العمال أنفسهم أن المنح التي كانت الشركة تصرفها لم تكن ثابتة وقد تذبذبت من ستة شهور إلى شهرين نزولاً بين سنة 1942 وسنة 1948 وإذن فلا أساس للقول من النقابة في الوقت ذاته بأن المنحة كان لها صفة الأجر لعموميتها واطراد صرفها وثباتها - وأما عن تعهد الشركة عن سنة 1948 بأن يكون صرف المنحة في المستقبل على اطراد بواقع شهرين على الأقل في كل سنة فقد ورد في مذكرة النقابة نفسها أن العمال احتجوا على إنقاص المنح مما يدل على أن هذا التعهد إنما نشأ عن هذا الاحتجاج وعامل الرغبة من جانب الشركة لدفع آثاره مما قد يضر بصالحها" - ولما كان مفاد هذا الذي أثبته القرار المطعون فيه أن هناك منحة اعتبرتها الشركة ثابتة وتعهدت بصرفها باستمرار وعلي اطراد، وهذه المنحة هي ما يوازي مرتب شهرين سنوياً، ولما كانت المادة 683 من القانون المدني قد نصت على أنه تعتبر جزءاً لا يتجزأ من الأجر "كل منحة تعطى للعامل علاوة على المرتب وما يصرف له جزاء أمانته أو في مقابل زيادة أعبائه العائلية وما أشبه ذلك - إذا كانت هذه المبالغ مقررة في عقود العمل الفردية أو لوائح المصنع أو جرى العرف بمنحها حتى أصبح عمال المصنع يعتبرونها جزءاً من الأجر لا تبرعاً..." وكانت المادة الرابعة من قانون عقد العمل الفردي رقم 317 سنة 1952 قد نصت على أنه "يقصد بالأجر في تطبيق أحكام هذا القانون ما يتناوله العامل من أجر ثابت مضافاً إليه جميع ما يحصل عليه من المبالغ المشار إليها في المادتين 683 و684 من القانون المدني". لما كان ذلك وكان القرار المطعون فيد قد رفض المطلب السادس الخاص بصرف المنح بما يعادل مرتب شهرين عن كل سنة فإنه يكون قد خالف القانون.
وحيث إن هذا المطلب صالح للفصل فيه، ولما كان الثابت أن المنحة السنوية التي تعهدت بها الشركة المطعون عليها هي مرتب شهرين فيتعين القضاء بإجابة هذا المطلب.
ومن حيث إن محصل السبب الثاني عشر أن القرار المطعون فيه إذ رفض إلزام الشركة المطعون عليها بإنشاء مطعم للعمال لتقديم وجبة الغذاء بثمن مخفض بناء على أنه ظاهر أن لا إلزام للشركة بإجابة هذا المطلب فإنه يكون أهدر العرف والعادة - ذلك لأن مقر الشركة بعيد عن الأماكن التي يباع فيها الطعام بأثمان تناسب قدرة العمال.
ومن حيث إن هذا السبب مردود بأن الطاعنة لم تقدم ما يفيد أنها تمسكت أمام هيئة التحكيم بما تعتبره مبرراً لمطلبها الذي تثيره الآن وأنها قدمت ما يؤيده من العرف أو العدالة فضلاً عن أن تقدير قيام العرف من سلطة محكمة الموضوع دون رقابة لمحكمة النقض عليها.
ومن حيث إن محصل السببين الثالث عشر والخامس عشر أن القرار المطعون فيه إذ قضى بعدم اختصاص هيئة التحكيم بنظر المطلب الثامن الخاص بتقديم اللبن كامل الدسم قد خالف القانون - وتقول الطاعنة في بيان ذلك إن القرار أقام قضاءه في هذا الخصوص على "أن ما ينسب من هذا القبيل يكون جريمة معاقباً عليها" في حين أن خضوع مثل هذه الحالة للقضاء الجنائي من ناحية ما تنطوي عليه من جريمة لا يمنع من اختصاص هيئة التحكيم بمراقبة صرف اللبن الذي يفي بالغاية ويحقق حماية العمال من الخطر.
ومن حيث إن هذا النعي مردود بأن مناط اختصاص هيئة التحكيم وفقاً لنص المادة الأولى من المرسوم بقانون رقم 318 سنة 1952 بشأن التوفيق والتحكيم في منازعات العمل هو قيام نزاع خاص بالعمل أو بشروطه بين واحد أو أكثر من أصحاب العمل وجميع مستخدميهم أو عمالهم أو فريق منهم - ولما كان يبين من الأوراق أنه يكن ثمة نزاع من جانب الشركة المطعون عليها في وجوب تقديم اللبن إلى العمال كامل الدسم وكانت مراقبة ذلك إنما تتعلق بتنفيذ هذا الالتزام الذي لم يقم نزاع بشأنه - لما كان ذلك وكان القرار المطعون فيه قد قضى بعدم اختصاص هيئة التحكيم بنظر هذا المطلب فلا يكون أخطأ في القانون.