مجموعة القواعد القانونية التي قررتها محكمة النقض والإبرام في المواد الجنائية - وضعها محمود أحمد عمر باشكاتب محكمة النقض والإبرام
الجزء الرابع (عن المدة من 2 نوفمبر سنة 1936 لغاية 30 أكتوبر سنة 1939) - صـ 6

جلسة 9 نوفمبر سنة 1936

برياسة سعادة مصطفى محمد باشا رئيس المحكمة وبحضور حضرات: زكي برزي بك وعبد الفتاح السيد بك ومحمد كامل الرشيدي بك وأحمد مختار بك المستشارين.

(8)
القضية رقم 2111 سنة 6 القضائية

إعادة الاعتبار. محكوم عليه بالأشغال الشاقة المؤبدة. العفو عن عقوبته. متى تبتدئ الخمس عشرة سنة الواجب انقضاؤها لرد اعتباره؟ مدة المراقبة. وجوب اعتبارها سواء أنفذت أم لم تنفذ.
(المواد 69 ع = 75 والمادة 24 من القانون رقم 24 لسنة 1923 والفقرة الثالثة من المادة الثانية من قانون إعادة الاعتبار رقم 41 لسنة 1931)
المحكوم عليه بالأشغال الشاقة المؤبدة إذا عفي عن عقوبته يجب حتماً بمقتضى المادة 69 من قانون العقوبات وضعه تحت مراقبة البوليس لمدّة خمس سنوات. وإذا أراد ردّ اعتباره فإن مدّة الخمس عشرة سنة الواجب انقضاؤها كمقتضى الفقرة الثالثة من المادة الثانية من قانون إعادة الاعتبار تبدأ من اليوم الذي تنتهي فيه مدّة هذه المراقبة ولو كانت لم تنفذ عليه.
ولا يجوز إغفال حسبان مدّة المراقبة بالاستناد إلى المادة 24 من القانون رقم 24 لسنة 1923 الخاص بالمتشردين والمشتبه فيهم، لأن الغرض من هذه المادة هو أن المراقبة تنتهي بانقضاء مدّتها، ولا تمدّ بسبب قضاء الشخص الموضوع تحت المراقبة مدّة في الحبس أو بسبب تغيبه عن محل إقامته لسبب آخر، وعدم تنفيذها لهذا السبب لا يستلزم إغفالها بالمرة عند احتساب المدّة الواجب انقضاؤها لإعادة الاعتبار.


المحكمة

وحيث إن الوجه الوحيد الذي ترتكن عليه النيابة في طلب نقض الحكم يتلخص في أن السيد محمود أحمد جاد الله المطعون ضدّه كان قد حكم عليه بالأشغال الشاقة المؤبدة في 17 يونيه سنة 1910 وقبل أن يقضي كل العقوبة المحكوم بها عليه صدر في 13 شعبان سنة 1238 (2 مايو سنة 1920) مرسوم بالعفو عن باقي مدّتها، وأنه عملاً بالمادة 69 من قانون العقوبات يجب وضع المعفو عنه في هذه الحالة حتماً تحت مراقبة البوليس مدّة خمس سنوات، ولما كانت الفقرة الثالثة من المادة الثانية من قانون إعادة الاعتبار تقضي بأن مدّة الخمس عشرة سنة الواجب توافرها مع حسن السير والاستقامة للحكم بإعادة الاعتبار تبدأ في الجنايات من بعد انتهاء مدّة مراقبة البوليس التالية لانقضاء العقوبة، ولذلك تكون المحكمة أخطأت في تطبيق القانون عندما احتسبت مدّة الخمس عشرة سنة من تاريخ العفو ضاربة صفحاً عن مدّة المراقبة المذكورة التي لو أدخلت في الحساب لكانت مدّة الخمس عشرة سنة لم تنقض إلى وقت صدور الحكم المطعون فيه.
وحيث إن الواقعة الثابتة في الحكم أن محمود أحمد جاد الله المقدّم ضدّه الطعن صدر عليه حكم بالأشغال الشاقة المؤبدة من محكمة جنايات بني سويف في 7 يونيه سنة 1910، وفي 2 مايو سنة 1920 صدر مرسوم سلطاني بالعفو عنه وعن آخر من باقي مدّة عقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة المحكوم بها عليهما. وفي 8 نوفمبر سنة 1934 قدّم المعفو عنه طلباً للنائب العام يطلب فيه إعادة اعتباره لانقضاء خمس عشرة سنة من تاريخ العفو عنه، ولحسن سيره واستقامته. فرفع النائب العام هذا الطلب بعد تحقيقه إلى محكمة الاستئناف في 12 نوفمبر سنة 1935 طالباً عدم قبوله لأن المادة 69 من قانون العقوبات تقضي بأنه إذا عفي عن محكوم عليه بالأشغال الشاقة المؤبدة أو بدلت عقوبته وجب وضعه حتماً تحت مراقبة البوليس مدّة خمس سنين، وأنه وإن لم يثبت أن الطالب وضع تحت المراقبة فعلاً إلا أن هذا الوجوب حتمي، ونظراً إلى أنه لما تمض مدة خمس عشرة سنة من بعد انتهاء مدة المراقبة فيكون طلب رد الاعتبار سابقاً لأوانه. فلم تأخذ المحكمة بوجهة نظر النيابة، واعتبرت أن مدّة الخمس عشرة سنة المشترط انقضاؤها قانوناً لإجابة طلب رد الاعتبار تبدأ من تاريخ العفو لا من تاريخ مدّة المراقبة لأنه لم يوضع فعلاً تحت المراقبة.
ومن حيث إن الفقرة الثالثة من المادة الثانية من قانون إعادة الاعتبار لم تشترط لتحديد مبدأ المدّة الواجب انقضاؤها لإعادة الاعتبار من اليوم الذي تنتهي فيه مدّة المراقبة أن تكون تلك المراقبة قد نفذت بالفعل، بل كل ما ترمي إليه هو أن المدّة الواجب انقضاؤها لإعادة الاعتبار تبدأ حيث تنتهي مدّة المراقبة، سواء نفذت أو لم تنفذ. وذلك لأن عدم تنفيذ العقوبة لا يستلزم إغفالها بالمرة عند احتساب مبدأ المدّة المقرّر انقضاؤها لإعادة الاعتبار. وقد افترض القانون نفسه حالة سقوط العقوبة بالمدّة الطويلة، وجعل مبدأ المدّة المقرّر انقضاؤها لإعادة الاعتبار من تاريخ سقوط العقوبة، ولكن نظراً إلى أن لعقوبة المراقبة حكماً خاصاً من حيث سقوطها بانقضاء مدّتها طبقاً للمادة 24 من قانون رقم 24 لسنة 1923 الخاص بالمتشردين والأشخاص المشتبه فيهم اقتصر نص الفقرة الثالثة من المادة الثانية المتقدّم ذكرها على جعل مبدأ المدّة المقرّر انقضاؤها لإعادة الاعتبار من اليوم الذي تنتهي فيه مدّة المراقبة، أي سواء نفذت أو لم تنفذ.
ومن حيث إن استناد الحكم في إغفال احتساب مدّة المراقبة إلى المادة 24 من القانون رقم 24 لسنة 1923 الخاص بالمتشردين والمشتبه فيهم استناد خاطئ. لأن الغرض من هذه المادة هو أن المراقبة تسقط بانقضاء مدّتها، ولا تمدّ بسبب قضاء الشخص الموضوع تحت المراقبة مدّة في الحبس أو بسبب تغيبه عن محل إقامته لسبب آخر، ولا يترتب على عدم مدّها إغفالها عند احتساب المدّة الواجب انقضاؤها لإعادة الاعتبار كما تقدّم بيانه.
ومن حيث إن ما استند إليه الحكم غير ذلك، من جهة حسن سلوك الطالب في مدّة الخمس عشرة سنة، لا علاقة له بتحديد مبدأ المدّة المقرّر انقضاؤها لإعادة الاعتبار.
ومن حيث إن المادة 69 من قانون العقوبات توجب حتماً وضع المحكوم عليه بالأشغال الشاقة المؤبدة - إذا عفي عنه - تحت مراقبة البوليس مدّة خمس سنين. وعلى هذا الأساس كان المتعين وضع السيد محمود أحمد جاد الله (طالب إعادة الاعتبار) تحت مراقبة البوليس مدّة خمس سنين تبدأ من تاريخ العفو عنه، وفي اليوم الذي تنتهي فيه مدّة تلك المراقبة، سواء أنفذت أم لم تنفذ، تبدأ مدة الخمس عشرة سنة المشترط انقضاؤها قانوناً لإعادة الاعتبار في حالة الحكم بعقوبة جناية كما هو الحال في الدعوى الحالية.
ومن حيث إنه لما ينقض خمس عشرة سنة من تاريخ انتهاء مدّة المراقبة التالية لمرسوم العفو، فيكون طلب رد الاعتبار سابقاّ لأوانه. ولذلك يتعين نقض الحكم المطعون فيه والحكم بعدم قبول الطلب.