أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 8 - صـ 474

جلسة 9 من مايو سنة 1957

برياسة السيد عبد العزيز محمد رئيس المحكمة، وبحضور السادة: اسحق عبد السيد، ومحمد عبد الواحد علي، وأحمد قوشه، وإبراهيم عثمان يوسف المستشارين.

(50)
القضية رقم 362 سنة 23 القضائية

نقض "الكفالة المقررة للطعن". كفالة. عمل "التحكيم في منازعات العمل". الطعن في قرارات هيئات التحكيم. وجوب إيداع الكفالة في الطعون التي تقدم عن هذه القرارات بعد العمل بالقانون رقم 8 لسنة 1957 وعدم لزوم الإيداع فيما رفع من الطعون قبل العمل بهذا القانون.
إيداع الكفالة المقررة للطعن بالنقض عند التقرير به غير لازم في الطعون التي رفعت عن قرارات هيئات التحكيم قبل العمل بالقانون رقم 8 لسنة 1957 أما الطعون التي تقدم بعد العمل به فيجب إيداع الكفالة فيها، ذلك أنه في الصورة الأولى وإن كانت المادة 430 مرافعات توجب على الطاعن إيداع الكفالة قبل التقرير بالطعن إلا أن لزوم هذا الإجراء مقصور على حالة الطعن في الأحكام المنصوص عليها في هذه المادة، أما إذا كان الطعن في غير حكم من هذه الأحكام كما هو الحال في قرارات هيئات التحكيم المطعون فيها قبل العمل بالقانون رقم 8 لسنة 1957 فإن إيداع الكفالة ليس لازماً فيها لأن هذه القرارات لم تكن معتبرة بمثابة حكم من هذه الأحكام بل كان الشارع يعتبرها قرارات إدارية لا أحكاماً صادرة من محاكم الاستئناف ويقتصر على التقرير بأن لها قوة الأحكام النهائية، أما في الصورة الثانية فالكفالة واجبة لأن التعديل الذي أجراه هذا القانون في المادة 16/ 2 و3 من القانون رقم 318 لسنة 1952 نص على اعتبار قرار هيئة التحكيم بمثابة حكم صادر من محكمة الاستئناف وعلى اتباع الأحكام الواردة في قانون المرافعات عند الطعن بالنقض وهذا يقتضي إيداع الكفالة المقررة للطعن في أحكام محاكم الاستئناف.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع حسبما يبين من القرار المطعون فيه ومن سائر الأوراق تتحصل في أن الطاعنة تقدمت في شهر مايو سنة 1953 إلى مكتب العمل بالسويس بأربعة عشر مطلباً خاصاً بمستخدمي الشركة المطعون عليها، وبعد أن سمع المكتب أقوال الطرفين أحال النزاع إلى لجنة التوفيق التي أحالته بدورها إلى هيئة التحكيم بمحكمة استئناف القاهرة. وبتاريخ 15/ 10/ 1953 أصدرت هيئة التحكيم قرارها: أولاً - بعدم اختصاصها بنظر المطالب السابع والثاني عشر والرابع عشر. ثانياً - بتقرير حق المستخدمين في الأجر الإضافي عن ساعات العمل الإضافية بالنسبة المقررة قانوناً وتقرير حقهم في توفير مساكن ملائمة لهم على أن يتم ذلك في مدة سنة. ثالثاً - برفض ما عدا ذلك من الطلبات مع إلزام الشركة المطعون عليها بدفع 150 قرشاً لمندوب المستخدمين مقابل حضوره عن كل مرة نظر فيها النزاع - فقررت الطاعنة في هذا القرار بطريق النقض في 16/ 11/ 1953. ولم تسدد الرسوم وقت التقرير كما لم تودع الكفالة. وبتاريخ 23/ 1/ 1957 عرض الطعن على دائرة فحص الطعون فطلبت النيابة العامة استبعاده من قائمة القضايا لعدم سداد الرسم القضائي وقررت الدائرة استبعاد الطعن من جدول الجلسة إلى أن تستوفى الرسوم المستحقة. وفي 18/ 5/ 1957 سددت الطاعنة الرسم وأودعت الكفالة وقدرها عشرة جنيهات - فأعيد عرض الطعن على دائرة فحص الطعون بتاريخ 20/ 3/ 1957 فقررت إحالته إلى هذه الدائرة.
وحيث إن المطعون عليها دفعت بعدم اختصاص محكمة النقض بنظر الطعن استناداً إلى أن هيئة التحكيم ليست محكمة من المحاكم التي نصت المادة 425 من قانون المرافعات على جواز الطعن بالنقض في أحكامها وأن القرار الذي تصدره هذه الهيئة ليس حكماً بل هو من القرارات التي تصدر من جهة إدارية لها اختصاص قضائي والتي تختص محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة بنظر الطعون فيها وقد انضمت النيابة العامة إلى هذا الدفع في المذكرة المقدمة منها.
وحيث إن هذا الدفع أصبح لا محل له بعد صدور القانون رقم 8 لسنة 1957 الذي نص في مادته الثالثة على أن تفصل محكمة النقض في الطعون التي رفعت إليها قبل العمل بأحكام هذا القانون.
وحيث إن النيابة العامة دفعت أمام دائرة فحص الطعون بعدم قبول الطعن شكلاً لأن التقرير به تم في 16/ 11/ 1953 ولم تودع الكفالة إلا في 18/ 2/ 1957 وكان يتعين إيداعها قبل التقرير بالطعن على ما تقضي به المادة 430 من قانون المرافعات، وهذا الإيداع هو من الإجراءات الجوهرية التي يترتب على مخالفتها بطلان الطعن - وقد أصرت النيابة على هذا الدفع أمام المحكمة.
وحيث إنه وإن كانت المادة 430 من قانون المرافعات توجب على الطاعن قبل التقرير بالطعن أن يودع خزانة محكمة النقض على سبيل الكفالة عشرة جنيهات ( تعدلت إلى 25 جنيهاً بالقانون رقم 603 لسنة 1956) إذا كان الحكم المطعون فيه صادراً من محكمة استئناف أو خمسة جنيهات (تعدلت بالقانون المذكور إلى 15 جنيهاً إذا كان من محكمة ابتدائية أو محكمة مواد جزئية) - وكانت الفقرة الثانية من المادة 430 المشار إليها تنص على أنه "لا يقبل قلم الكتاب تقريراً بالطعن إذا لم يصحب بما يثبت هذا الإيداع..." إلا أن لزوم هذا الإجراء مقصور بطبيعة الحال على الأحكام المنصوص عليها في هذه المادة أما إذا كان الطعن في غير حكم من هذه الأحكام كما هو الحال في القرارات المتعلقة برجال القضاء أو في قرارات هيئات التحكيم المطعون فيها قبل العمل بالقانون رقم 8 لسنة 1957 فإن إيداع الكفالة ليس لازماً ذلك أنه مهما يكن الرأي الذي يصح أو ينتهي إليه الاجتهاد في تكييف هيئة التحكيم وفي طبيعة القرارات الصادرة منها فإن الشارع قد أفصح عن رأيه في ذلك حين أصدر القانون رقم 165 لسنة 1955 في شأن تنظيم مجلس الدولة إذ نص في المادة الحادية عشرة منه على أنه "فيما عدا القرارات الصادرة من هيئات التوفيق والتحكيم في منازعات العمل... يفصل مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري في الطعون التي ترفع عن القرارات النهائية الصادرة من جهات إدارية لها اختصاص قضائي..." مما مفاده أنه إلى ما قبل صدور هذا القانون كان يعتبر هيئات التحكيم في منازعات العمل من الجهات الإدارية التي لها اختصاص قضائي ثم رأى أن يستثنى بهذا التشريع الطعن في القرارات الصادرة من هذه الهيئات من اختصاص القضاء الإداري وقد كشف عن ذلك صراحة فيما أورده في المذكرة الإيضاحية للقانون المشار إليه من قوله "إنه رؤى أن يسلخ استثناءه من اختصاص القضاء الإداري الطعون في قرارات هيئات التوفيق والتحكيم في منازعات العمال باعتبار أنه يدخل في تشكيل تلك الهيئة قضاة وأن لقراراتها قوة الأحكام النهائية" كل هذا يقطع بأن القرارات التي تصدر من هيئات التحكيم إنما هي في نظر الشارع قرارات إدارية لا أحكام صادرة من محكمة الاستئناف وأن إجازة الطعن فيها بطريق النقض إنما قررت على سبيل الاستثناء للاعتبارات التي أوردتها المذكرة الإيضاحية - ولا يغير من ذلك بالنسبة للقرارات التي سبق الطعن فيها قبل القانون رقم 8 لسنة 1957 ما نص عليه التعديل الذي أجراه في المادة 16/ 2 و3 من القانون رقم 318 لسنة 1932 من أن قرار هيئة التحكيم "يعتبر بمثابة حكم صادر من محكمة الاستئناف بعد وضع الصيغة التنفيذية عليه من قلم كتاب محكمة الاستئناف الواقع في دائرتها محل النزاع ولكل من طرفي النزاع أن يطعن أمام محكمة النقض في هذا القرار في الأحوال المبينة بالمادة 425 من قانون المرافعات وتتبع في إجراءات هذا الطعن الأحكام الواردة في ذلك القانون" ذلك أن ما قضى به هذا النص الجديد من اعتبار قرار هيئة التحكيم بمثابة حكم صادر من محكمة الاستئناف ومن اتباع الأحكام الواردة في قانون المرافعات عند الطعن بالنقض ومن بينها إيداع الكفالة المقررة للطعن في أحكام محاكم الاستئناف إنما هو خاص بالطعون التي تقدم عن هذه القرارات بعد العمل بأحكام القانون رقم 8 لسنة 1957. أما القرارات المطعون فيها قبل العمل بهذا القانون - كما هو الشأن في الطعن الحالي - فإنها عند التقرير بها لم تكن بحاجة إلى إيداع الكفالة المقررة للطعن في أحكام محاكم الاستئناف لأنها لم تكن إذ ذاك معتبرة بمثابة حكم من هذه الأحكام بل كان النص القديم يقتصر على التقرير بأن لها قوة الأحكام النهائية دون أن يعتبرها بمثابة حكم صادر من محكمة الاستئناف. لما كان ذلك وكان الطعن قد استوفى أوضاعة الشكلية فإنه يتعين رفض هذا الدفع وقبول الطعن شكلاً.