أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
السنة 26 - صـ 610

جلسة 17 من مارس سنة 1975

برياسة السيد المستشار أحمد فتحي مرسي رئيساً، وعضوية السادة المستشارين: مصطفى سليم، ودكتور مصطفى كيره، وأحمد سيف الدين سابق، وفاروق سيف النصر.

(122)
الطعن رقم 189 لسنة 40 ق

(1) دعوى "الصفة في الدعوى". نقض "الخصوم في الطعن". الاختصام في الطعن بالنقض. شرطه.
(2) دعوى "تقديم المذكرات".
استبعاد المحكمة لمذكرة الخصم المقدمة بعد الأجل المصرح له بتقديمها فيه. لا خطأ.
(3 و4) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن" إيجار "إيجار الأراضي الزراعية".
(3) لمحكمة الموضوع السلطة التامة في الاستدلال على إيداع صورة من عقد الإيجار بالجمعية الزراعية المختصة. المنازعة في ذلك. جدل موضوعي. عدم جواز إثارته أمام محكمة النقض.
(4) سلطة محكمة الموضوع في تفسير صيغ العقود بما تراه أوفى بمقصود المتعاقدين لا سلطان لمحكمة النقض عليها متى كانت عبارة الورقة تحمل المعنى الذي حصلته.
(5) إثبات "الكتابة" "مبدأ الثبوت بالكتابة" إيجار. "إيجار الأراضي الزراعية". محكمة الموضوع "سلطتها في مسائل الإثبات".
جواز اعتبار الورقة دليلاً كاملاً على إثبات تصرف معين وفي ذات الوقت مبدأ ثبوت بالكتابة بالنسبة لتصرف آخر. مثال لإيصال محاسبة عن أجرة أطيان زراعية.
(6) إيجار "إيجار الأراضي الزراعية". "امتداد الإيجار". كفالة. حكم "القصور. ما يعد كذلك".
امتداد كفالة التزامات مستأجر الأراضي الزراعية بامتداد الإيجار بحكم التشريعات الاستثنائية. مناطه. قبول الكفيل. علة ذلك.
(7) نقض "أسباب الطعن". "السبب الجديد". كفالة.
دفاع قانوني يخالطه واقع لم يسبق عرضه على محكمة الموضوع ولم تكن عناصره مطروحة عليها. عدم جواز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض. مثال في كفالة.
1 - الأصل فيمن يختصم في الطعن أن يكون اختصامه بالصفة التي كان متصفاً بها في الدعوى الأصلية التي صدر فيها الحكم المطعون فيه، وإذ كان الثابت من الأوراق أن الطعن موجه إلى المطعون ضدها بصفتها الشخصية وبصفتها حارسة قضائية، وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بعدم قبول الاستئناف بالنسبة لها بصفتها الشخصية لأنها لم تقم الدعوى الابتدائية ضد الطاعنين بهذه الصفة وإنما أقامتها بصفتها حارسة قضائية، وما كان يجوز إدخالها خصماً بصفتها الشخصية في الاستئناف، وكان قضاء الحكم المطعون فيه - في هذا الخصوص - ليس محل نعي من الطاعنتين وإنما أقيم طعنهم على الأسباب لا تعلق لها بالمطعون ضدها بصفتها الشخصية، فإن اختصامها بهذه الصفة في - الطعن بالنقض - يكون غير مقبول.
2 - جرى قضاء هذه المحكمة [(1)] على أنه متى كانت المذكرة التي استبعدتها المحكمة قد قدمها الطاعنون بعد انقضاء الأجل المصرح لهم بتقديم مذكرات فيه، فإنه لا على المحكمة إن هي رفضت قبولها واعتبرت الدفاع الوارد بها غير مطروح عليها.
3 - متى كان الحكم المطعون فيه قد استدل على أن عقد الإيجار أودعت نسخة منه بالجمعية الزراعية المختصة وكان ما قرره الحكم وأقام عليه قضاءه هو تقدير موضوعي سائغ يتفق مع الثابت في الأوراق، وكان لقاضي الموضوع السلطة التامة في بحث الدلائل والمستندات المقدمة له تقديماً صحيحاً وفي موازنة بعضها بالبعض الآخر وترجيح ما يطمئن إليه منها وفي استخلاص ما يراه متفقاً مع واقع الدعوى دون رقابة عليه لمحكمة النقض في ذلك، فإن النعي - في هذا الخصوص - لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
4 - لمحكمة الموضوع السلطة المطلقة في تفسير المستندات وصيغ العقود والشروط المختلف عليها بما تراه هي أوفى بمقصود المتعاقدين، وفي استخلاص ما يمكن استخلاصه منها ولا سلطان لمحكمة النقض عليها متى كانت عبارة الورقة تحمل المعنى الذي حصلته محكمة الموضوع.
5 - إذ كان الحكم المطعون فيه قد اعتمد فيما استخلصه من المخالصات والمستندات - بصدد مقدار أجرة سنة 64/ 65 الزراعية موضوع النزاع - على المعنى الظاهر لها وبين الاعتبارات المقبولة المؤدية لما ذهب إليه، وكان لا مانع من اعتبار الورقة دليلاً كاملاً على إثبات تصرف معين وفي ذات الوقت مبدأ ثبوت بالكتابة بالنسبة لتصرف آخر، وكان تقدير ما إذا كانت الورقة المتمسك بها من الخصم تعتبر مبدأ ثبوت بالكتابة هو من مسائل الواقع التي يستقل بها قاضي الموضوع، فإنه بحسب الحكم المطعون فيه أن اعتبر ورقة المحاسبة عن سنتي 62/ 63، 63/ 64 الزراعيتين بقيمة إيجارية أقل من الأجرة الواردة بالعقد وبعد خصم المصاريف المتمسك بها من الطاعنين الأول والثاني (المستأجرين) مبدأ ثبوت بالكتابة لم يطلبا تكملته بالبينة، ومن ثم اتخذ من عجزهما عن إثبات ادعائهما - الأجرة الأقل وخصم المصاريف - موجباً لرفضه.
6 - لئن كان الأصل أنه إذ امتد الإيجار بحكم القانون بعد انقضاء مدته فإنه طبقاً للقواعد المقررة في امتداد الإيجار يمتد بنفس شروط الإيجار الأصلي فتكون التزامات المؤجر هي نفسها التزاماته السابقة، وكذلك تكون التزامات المستأجر وتبقى التأمينات العينية والشخصية التي تكفل التزامات المستأجر في الإيجار الأصلي كافلة لهذه الالتزامات بعد أن امتد الإيجار، إلا أنه متى كان الامتداد تطبيقاً لتشريعات استثنائية فإن الكفيل الذي يكفل المستأجر قبل صدور هذه التشريعات لا تمتد كفالته لالتزامات المستأجر عن امتداد الإيجار إلا إذا قبل ذلك لأنه وقت أن كفل المستأجر كان يقصد كفالته في المدة المتفق عليها في الإيجار ولم يدخل في حسابه أن هذه المدة ستمتد بحكم التشريع الاستثنائي إذ كان ذلك وكان الطاعن الثالث قد كفل الطاعنين الأول والثاني في سداد أجرة السنتين المتفق عليهما في العقد وقبل صدور القرار بقانون رقم 139 لسنة 1962 وهو تشريع استثنائي قضى بامتداد عقود الإيجار بحكم القانون إلى نهاية سنة 64/ 1965 الزراعية فإن كفالته لا تمتد بامتداد الإيجار إلا إذا قبل ذلك. ولما كان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر واستخلص امتداد الكفالة أخذاً بامتداد العقد دون أن يعني ببحث دفاع الطاعن الثالث من أنه لم يرتض امتداد كفالته وهو بحث قد يتغير به وجه الرأي في الدعوى، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه قصور في التسبيب.
7 - لا وجه لما يقوله الطاعن الثالث من أن كفالته قد انقضت لتأخر الدائن في اتخاذ الإجراءات ضد المدين ذلك لأن قوام هذا النعي التمسك بتطبيق المادة 785 من القانون المدني وهو دفاع قانوني يخالطه واقع لم يسبق التمسك به أمام محكمة الموضوع ولم تكن عناصره الواقعية مطروحة عليها ومن ثم فلا تجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدها بصفتها حارسة قضائية على تركة المرحوم....... أقامت الدعوى رقم 205 سنة 1966 كلي دمياط ضد الطاعنين بطلب الحكم بإلزامهم متضامنين بأن يؤدوا لها مبلغ 1262 ج و945 م وقالت شرحاً لدعواها إن الطاعنين الأول والثاني بضمان وتضامن الطاعن الثالث استأجرا منها مساحة 72 ف و15 ط و12 س بمقتضى عقد إيجار مؤرخ 20/ 11/ 1961 وذلك لمدة سنتين تنتهي في أول أكتوبر سنة 1963 بإيجار سنوي قدره 14 ج للفدان، ونص في البند العشرين من شروط العقد على أنه في حالة تجديده تزاد الأجرة لسبعة أمثال الضريبة، ولما كان العقد قد امتد طبقاً لأحكام قانون الإصلاح الزراعي، وكان الطاعنون قد تأخروا في سداد الأجرة المستحقة عليهم عن سنة 64/ 1965 الزراعية فقد اضطرت إلى إقامة دعواها بالطلبات سالفة البيان. دفع الطاعنان الأول والثاني الدعوى بأن المطعون ضدها جرت على محاسبتهما عن الأجرة اللاحقة على مدة العقد بواقع 14 ج سنوياً للفدان وعلى خصم ضريبة الدفاع ومصروفات إصلاح مجموعات الري وتطهير المساقي وفقاً للمخالصات الصادرة منها وأنهما سددا لها مبلغ 374 ج و425 م من الأجرة المستحقة عن سنة 64/ 65 الزراعية وسلماها في 15/ 10/ 1965 المساحة المؤجرة بما عليها من زراعة تعادل الباقي من الأجرة. كما دفع الطاعن الثالث بعدم قبول الدعوى قبله لأن كفالته للمستأجرين قاصرة على سداد أجرة السنتين المتفق عليهما بالعقد، وأن المبلغ المطالب به هو أجرة 64/ 65 الزراعية عن مدة لاحقة على المدة المكفولة، ومن ثم لا يكون مسئولاً عنها. وبتاريخ 30/ 4/ 1967 قضت المحكمة بندب خبير لتصفية الحساب بين الطرفين، وبعد أن قدم الخبير تقريره قضت المحكمة بتاريخ 23/ 2/ 1969 (أولاً) برفض الدفع بعدم قبول الدعوى المبدى من المدعى عليه الثالث (ثانياً) بإلزام المدعى عليهما الأول والثاني مدينين والثالث ضامناً بأن يدفعوا مبلغ 1167 ج و349 م للمدعية. استأنف الطاعنون هذا الحكم أمام محكمة استئناف المنصورة وقيد استئنافهم برقم 67 سنة 1 قضائية دمياط، وبتاريخ 7/ 2/ 1970 قضت محكمة الاستئناف (أولاً) بعدم قبول الاستئناف بالنسبة للمستأنف عليها بصفتها الشخصية (ثانياً) بقبول الاستئناف شكلاً بالنسبة للمستأنف عليها بصفتها حارسة على تركة المرحوم....... وتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به في البند الأول منه وتعديله فيما قضى به في البند الثاني إلى إلزام المستأنفين الأول والثاني مدينين والثالث ضامن بأن يؤدوا للمستأنف عليها بصفتها مبلغ 1104 ج و229 م طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة دفعت فيها بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون ضدها بصفتها الشخصية لأنها لم تكن مختصمة بهذه الصفة في النزاع، وأبدت الرأي برفض الطعن بالنسبة للطاعن الأول والثاني ونقض الحكم المطعون فيه فيما قضى به بالنسبة للطاعن الثالث، وعرض الطعن على غرفة المشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الدفع الذي أبدته النيابة العامة بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون ضدها بصفتها الشخصية صحيح، ذلك أن الأصل فيمن يختصم في الطعن أن يكون اختصامه بالصفة التي كان متصفاً بها في الدعوى الأصلية التي صدر فيها الحكم المطعون فيه، إذ كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق أن الطعن موجه إلى المطعون ضدها بصفتها الشخصية وبصفتها حارسة قضائية، وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بعدم قبول الاستئناف بالنسبة لها بصفتها الشخصية لأنها لم تقم الدعوى الابتدائية ضد الطاعنين بهذه الصفة وإنما أقامتها بصفتها حارسة قضائية، وما كان يجوز إدخالها خصماً بصفتها الشخصية في الاستئناف. لما كان ذلك، وكان قضاء الحكم المطعون فيه في هذا الخصوص ليس محل نعي من الطاعنين وإنما أقيم طعنهم على أسباب لا تعلق لها بالمطعون ضدها بصفتها الشخصية، فإن اختصامها بهذه الصفة في هذا الطعن يكون غير مقبول.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية بالنسبة للمطعون ضدها بصفتها حارسة قضائية.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب حاصل السبب الأول منها أن الحكم المطعون فيه قد شابه إخلال بحق الدفاع وقصور في التسبيب، ذلك أن المحكمة الاستئنافية قررت بجلسة 10/ 1/ 1970 حجز الدعوى للحكم وصرحت بتقديم مذكرات في عشرة أيام، ورغم أن الطاعنين تقدموا بمذكراتهم في 28/ 1/ 1970 وتسلمت المطعون ضدها صورتها دون اعتراض إلا أن المحكمة استبعدتها قولاً منها أنها قدمت بعد الميعاد.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك بأنه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - متى كانت المذكرة التي استبعدتها المحكمة قد قدمها الطاعنون بعد انقضاء الأجل المصرح لهم بتقديم مذكرات فيه، فإنه لا على المحكمة إن هي رفضت قبولها واعتبرت الدفاع الوارد بها غير مطروح عليها. ولما كان الثابت بالأوراق أن محكمة الاستئناف قررت بجلسة 10/ 1/ 1970 حجز الدعوى للحكم لجلسة 7/ 2/ 1970 وصرحت للطرفين بتقديم مذكرات خلال عشرة أيام مناصفة تبدأ بالمستأنفين (الطاعنين) فتقدم الطاعنون بمذكرتهم في 18/ 1/ 1970 بعد انقضاء الميعاد المحدد لهم مما رأت معه المحكمة استبعادها، فإن هذا النعي يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وتأويله, ذلك أن الحكم اعتبر تحديده مدة عقد الإيجار ابتداء بثلاث سنوات بدلاً من السنتين المتفق عليهما فيه إعمالاً لنص المادة 35 من قانون الإصلاح الزراعي من قبيل الامتداد القانوني في حين أن تلك المدة هي مدة أصلية محددة بحكم القانون لا تتحرك فيها رغبة الطرفين لأي التزام ولا تنطبق عليها الأحكام التي تراعى في فترة الامتداد.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه يبين مما أورده الحكم المطعون فيه أنه اعتبر عقد الإيجار قد انعقد لمدة ثلاث سنوات زراعية تنتهي في أول أكتوبر سنة 1964 إعمالاً لحكم المادة 35 من المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1953 الخاص بالإصلاح الزراعي التي لا تجيز أن تقل مدة إيجار الأراضي الزراعية عن ثلاث سنوات، وأنه امتد بعد ذلك حتى نهاية السنة الزراعية 1964/ 1965 بمقتضى أحكام القرار بقانون رقم 139 سنة 1962 بتعديل بعض أحكام قانون الإصلاح الزراعي، إذ كان ذلك، وكان النزاع بين الطرفين يدور في جوهره حول أجرة سنة 1964/ 1965 الزراعية وحدها فإن النعي بهذا السبب لا يتجه إلى قضاء الحكم المطعون فيه لتعلقه بالسنوات الثلاث السابقة التي انتهت في أول أكتوبر سنة 1964 ومن ثم يكون غير مقبول.
وحيث إن حاصل السبب الثالث أن الحكم المطعون فيه شابه القصور في التسبيب من ثلاثة وجوه (أولها) أنه كان يتعين على المحكمة إزاء التناقض بين الشهادة الرسمية المقدمة من الطاعنين والتي تفيد أن عقد الإيجار لم يودع الجمعية الزراعية وبين صورة عقد الإيجار المقدمة من المطعون ضدها أن تستجلي الحقيقة وتطابق هذه الصورة على الأصل المودع إعمالاً لنص المادة 12 من قانون الإثبات (وثانيهما) أن الطاعنين تمسكوا بأن المطعون ضدها جرت في محاسبتهم على أجرة أقل من الأجرة الواردة بالعقد مستدلين على ذلك بمستندات قاطعة صادرة من المطعون ضدها، إلا أن الحكم المطعون فيه ركن إلى مجرد صدور أمر أداء ضدهم برقم 34/ 64 كلي دمياط في حين أن هذا الأمر لم ينفذ، ورغم أن الإيصالات التي تقدموا بها لاحقة عليه (وثالثها) أن الطاعنين ضمنوا صحيفة استئنافهم ومذكراتهم أمام محكمة أول درجة دفاعاً خاصاً بخصم المصاريف من الأجرة وفقاً لإقرارات المطعون ضدها ولكن الحكم المطعون فيه طبق القانون دون التفات لإرادة المتعاقدين في هذا الصدد.
وحيث إن هذا النعي مردود في (وجهه الأول) ذلك أن الحكم المطعون فيه استدل على أن عقد الإيجار أودعت نسخة منه بالجمعية الزراعية المختصة بقوله "وحيث إن المستأنفين (الطاعنين) قدموا لدى هذه المحكمة شهادة من المشرف الزراعي على الجمعية التعاونية الزراعية بالركابية مركز كفر سعد تاريخها 25/ 5/ 1969 تفيد أن المستأنفين الأول والثاني مستأجري أطيان ورثة المرحوم....... البالغ مساحتها 72 ف و12 ط لم يودع لهما عقد إيجار بالجمعية المذكورة عن هذه المساحة........ وإذ كان الثابت من عقد الإيجار قوام الدعوى أنه ختم بختم الجمعية الزراعية ومؤشر عليه من المختص بها في 15/ 4/ 1964 بأنه وضعت صورة طبق الأصل بالجمعية بدلالة تأشيرة الاعتماد بالنظر بتوقيع مدير الجمعية بجانبه على العقد في ذات التاريخ. وإذ كان المستأنفون لم يطعنوا على صحة هذه البيانات بأي مطعن في جميع مراحل الدعوى - تلك البيانات التي تدل على أن العقد قد تكاملت له مقومات سماع الدعوى به تطبيقاً لنص المادة 36 مكرراً (1) من القانون رقم 17 لسنة 1963 والتي ظلت تحكم هذا العقد حتى انتهت العلاقة الإيجارية بين الطرفين باتفاقهما المؤرخ في 15/ 10/ 1965 - ولا يغير في هذا النظر الشهادة المقدمة من المستأنفين سالفة البيان طالما أن الثابت من العقد ذاته طبقاً للتأشيرات المدونة عليه أنه قد تم إيداع صورة منه طبق الأصل بالجمعية التعاونية إبان قيام العلاقة الإيجارية بين الطرفين تنفيذاً لأحكام قانون رقم 17 لسنة 1963 وهي تنبئ في حد ذاتها على اتباع الإجراءات التي نصت عليها المادة آنفة البيان". لما كان ذلك، وكان هذا الذي قرره الحكم وأقام عليه قضاءه هو تقدير موضوعي سائغ يتفق مع الثابت في الأوراق، وكان لقاضي الموضوع السلطة التامة في بحث الدلائل والمستندات المقدمة له تقديماً صحيحاً وفي موازنة بعضها بالبعض الآخر وترجيح ما يطمئن إليه منها وفي استخلاص ما يراه متفقاً مع واقع الدعوى دون رقابة عليه لمحكمة النقض في ذلك، فإن النعي بهذا الوجه لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض، ولا محل للتحدي في هذا الصدد بنص المادة 12 من قانون الإثبات المتعلقة بحجية صورة المحررات الرسمية ولزوم مراجعة الصورة على الأصل في حالة إنكار مطابقتها له، ذلك أن عقد الإيجار سند الدعوى فضلاً عن كون من المحررات العرفية فهو نسخة أصلية وليس بصورة مأخوذة من الأصل، كما أن هذا النعي مردود في (وجهيه الثاني والثالث)، ذلك أن الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على أن المطعون ضدها في المخالصات الصادرة منها لم تعدل عن الشرط الاتفاقي - الوارد بالبند العشرين من العقد - برفع الأجرة لسبعة أمثال الضريبة، ولم تنصرف إرادتها إلى التزامها بضريبة الدفاع أو مصاريف إصلاح الماكينة وتطهير المساقي عن سنة المطالبة 1964/ 1965 الزراعية مستنداً في ذلك إلى أن الثابت من أمر الأداء رقم 34/ 1964 كلي دمياط الصادر ضد الطاعنين في 10/ 9/ 1964 والذي أصبح نهائياً لعدم منازعته فيه أن الأجرة عن سنة 1964 تم احتسابها - إعمالاً للبند العشرين من العقد - بسبعة أمثال الضريبة بعد خصم المبالغ المستحقة للأموال الأميرية، وأن المطعون ضدهما لم تقر في المخالصات الصادرة منها بعد ذلك بعدولها عن هذا الشرط أو بالتزامها بضريبة الدفاع أو المصاريف، وأن المحاسبة التي تمت في 1/ 11/ 1964 عن سنتي 1962/ 1963، 1963/ 1964 الزراعيتين بقيمة إيجارية أقل وبعد خصم المصاريف كانت من قبيل التصالح توصلاً لتحصيل متأخر الأجرة فيقتصر أثره على ما كان ناشباً من نزاع في سنتي المحاسبة ولا يتعداهما لسنة المطالبة التي تمسكت المطعون ضدها بحقوقها كاملة عنها كما هو ثابت بمحضر التسليم المؤرخ 15/ 10/ 1965، ومن ثم لم يعتبر الحكم ورقة المحاسبة دليلاً كتابياً كاملاً وإن اعتبرها مبدأ ثبوت بالكتابة يجعل ما يدعي به المستأجران قريب الاحتمال لم يطلبا تكملته بالبينة. لما كان ذلك، وكان لمحكمة الموضوع السلطة المطلقة في تفسير المستندات وصيغ العقود والشروط المختلف عليها بما تراه هي أوفى بمقصود المتعاقدين، وفي استخلاص ما يمكن استخلاصه منها ولا سلطان لمحكمة النقض عليها متى كانت عبارة الورقة تحمل المعنى الذي حصلته محكمة الموضوع، وكان الحكم المطعون فيه قد اعتمد فيما استخلصه من المخالصات والمستندات على المعنى الظاهر لها وبين الاعتبارات المقبولة المؤدية لما ذهب إليه، وكان لا مانع من اعتبار الورقة دليلاً كاملاً على إثبات تصرف معين وفي ذات الوقت مبدأ ثبوت بالكتابة بالنسبة لتصرف آخر، وكان تقدير ما إذا كانت الورقة المتمسك بها من الخصم يعتبر مبدأ ثبوت بالكتابة هو من مسائل الواقع التي يستقل بها قاضي الموضوع، فإنه بحسب الحكم المطعون فيه أن اعتبر ورقة المحاسبة المؤرخة 1/ 11/ 1964 المتمسك بها من الطاعنين الأول والثاني مبدأ ثبوت بالكتابة لم يطلبا تكملته بالبينة، ومن ثم اتخذ من عجزهما عن إثبات ادعائهما موجباً لرفضه. إذ كان ذلك كله، فإن النعي بهذين الوجهين يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل السبب الرابع أن الطاعن الثالث تمسك بأن كفالته للمستأجرين قاصرة على مدة السنتين الواردتين بعقد الإيجار وأنه لم يوقع على اتفاق بتجديده وأنذر المطعون ضدها في 4/ 11/ 1965 بانقضاء كفالته إلا أن الحكم المطعون فيه ألزمه بأجرة سنة 64/ 65 الزراعية بالتضامن مع المستأجرين - الطاعنين الأول والثاني - استناداً إلى أن العقد امتد ولم يتجدد مخالفاً بذلك اتفاق المتعاقدين الصريح مما يعيبه بمخالفة القانون والقصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي صحيح، ذلك أنه وإن كان الأصل أنه إذا امتد الإيجار بحكم القانون بعد انقضاء مدته فإنه طبقاً للقواعد المقررة في امتداد الإيجار يمتد بنفس شروط الإيجار الأصلي فتكون التزامات المؤجر هي نفسها التزاماته السابقة، وكذلك تكون التزامات المستأجر, وتبقى التأمينات العينية والشخصية التي تكفل التزامات المستأجر في الإيجار الأصلي كافلة لهذه الالتزامات بعد أن امتد الإيجار، إلا أنه متى كان الامتداد تطبيقاً لتشريعات استثنائية فإن الكفيل الذي يكفل المستأجر قبول صدور هذه التشريعات لا تمتد كفالته لالتزامات المستأجر عن امتداد الإيجار إلا إذا قبل ذلك, لأنه وقت أن كفل المستأجر كان يقصد كفالته في المدة المتفق عليها في الإيجار ولم يدخل في حسابه أن هذه المدة ستمتد بحكم التشريع الاستثنائي. إذ كان ذلك, وكان الطاعن الثالث قد كفل الطاعنين الأول والثاني في سداد أجرة السنتين المتفق عليهما في العقد وقبل صدور القرار بقانون رقم 139 لسنة 1962 وهو تشريع استثنائي قضى بامتداد عقود الإيجار بحكم القانون إلى نهاية سنة 64/ 1965 الزراعية, فإن كفالته لا تمتد بامتداد الإيجار إلا إذا قبل ذلك, ولما كان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر واستخلص امتداد الكفالة أخذاً بامتداد العقد دون أن يعني ببحث دفاع الطاعن الثالث من أنه لم يرتض امتداد كفالته وهو بحث قد يتغير به وجه الرأي في الدعوى، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه قصور في التسبيب. ولا وجه لما يقوله الطاعن الثالث من أن كفالته قد انقضت لتأخر الدائن في اتخاذ الإجراءات ضد المدين, ذلك لأن قوام هذا النعي التمسك بتطبيق المادة 785 من القانون المدني وهو دفاع قانوني يخالطه واقع لم يسبق التمسك به أمام محكمة الموضوع ولم تكن عناصره الواقعية مطروحة عليها, ومن ثم فلا تجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
وحيث إنه لما تقدم يتعين نقض الحكم المطعون فيه بالنسبة للطاعن الثالث لما ورد بالسبب الرابع ورفض الطعن بالنسبة للطاعنين الأول والثاني.


[(1)] نقض 16/ 12/ 1972 مجموعة المكتب الفني السنة 23 ص 1415، نقض 26/ 5/ 1970 مجموعة المكتب الفني السنة 21 ص 892.