أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 8 - صـ 496

جلسة 23 من مايو سنة 1957

برياسة السيد عبد العزيز محمد رئيس المحكمة، وبحضور السادة: اسحق عبد السيد، ومحمد عبد الواحد علي، ومحمد متولي عتلم، وإبراهيم عثمان يوسف المستشارين.

(53)
القضية رقم 131 سنة 23 القضائية

( أ ) نقض "الخصوم في الطعن". قوة الأمر المقضي. ملكية. مواريث "تمثيل الوارث للتركة". عدم استفادة أحد الورثة المحكوم عليهما من الطعن الذي رفعه المحكوم عليه الآخر عن حكم الاستئناف في دعوى الملكية. م 384 مرافعات.
(ب) قوة الأمر المقضي. اختصاص. محاكم شرعية. نظام عام. وقف. الحكم استئنافياً بتأييد الحكم الابتدائي الصادر في دعوى الملكية. صيرورته نهائياً واكتسابه قوة الأمر المقضي حتى ولو كان قد خرج على ولايته بالقضاء في مسألة هي من أصل الوقف.
(ج) حكم "القبول المانع من الطعن". شرطه. تأخر المحكوم عليه في الطعن وخضوعه للتنفيذ الجبري. عدم سقوط حقه في الطعن.
(د) نقض. "إعلان الطعن". إعلان. "الإعلان لجهة الإدارة". نزول المحضر على حكم المادتين 11 و12 مرافعات في إجراءات الإعلان. لا بطلان. مثال.
1 - متى كان أحد المحكوم عليهما لم يرفع طعناً عن حكم الاستئناف في دعوى الملكية التي كان قد رفعها هو وأخوه بثبوت ملكيتهما إلى نصيبهما في منزل موروث ولم يتدخل في الطعن الذي رفع من أخيه فلا يقبل منه الادعاء بأن أخاه كان يمثله أو ينوب عنه في الطعن الذي قضى فيه بنقض الحكم وبوقف الدعوى أمام محكمة الاستئناف حتى يفصل من المحكمة الشرعية في مسألة هي من أصل الوقف.
2 - متى أصبح الحكم الابتدائي الصادر في دعوى الملكية نهائياً بالحكم بتأييده استئنافياً فإنه لا سبيل للجدل فيه إذ أن الحكم الاستئنافي يكون قد حاز قوة الأمر المقضي حتى ولو كان قد خرج في قضائه على الولاية التي منحها المشرع للمحاكم المدنية - ذلك لأن حجية الأمر المقضي تسمو على قواعد النظام العام فلا يصح إهدار هذه الحجية أمام القضاء المدني بمقولة إن المحكمة قد خرجت في قضائها على ولايتها بقضائها في مسألة هي من مسائل أصل الوقف - كما لا يجوز القول بأن من شأن حكم يصدر بعد ذلك من المحاكم الشرعية أن يجرد ذلك الحكم النهائي من حجيته.
3 - جرى قضاء هذه المحكمة بأنه يشترط في القبول الذي يمتنع معه الطعن أن يكون صريحاً واضحاً وأن تكون دلالته قاطعة في ذلك فإذا كان لم يصدر من المحكوم عليه فعل إيجابي قاطع الدلالة على قبول الحكم فإن تأخره في تقديم الطعن لا يسقط حقه فيه ما دام أن الحكم المطعون فيه لم يعلن إليه - ولا يفيد الرضا بالحكم ولا يفترض حصوله كنتيجة للخضوع للتنفيذ الجبري لأن الأحكام الانتهائية واجبة التنفيذ بحكم القانون.
4 - متى تبين أن المحضر انتقل في الوقت المحدد في محضره إلى محل إقامة كل من المطعون عليهم الموضح في تقرير الطعن فمن وجده حاضراً بشخصه سلمه الصورة الخاصة به ومن وجده غائباً ووجد أحد المقيمين معه كزوجته أو زوجة أخيه أو ابنه أو تابعه وقبل كل من هؤلاء الأخيرين الاستلام سلمه الإعلان الخاص بمن يقيم معه في المكان والميعاد الموضحين في المحضر أما من وجده غائباً كذلك ووجد أحد المقيمين معه من أهل منزله أو أكثر من واحد وامتنعوا عن الاستلام وعن ذكر أسمائهم وعن التوقيع بالتالي فقد أثبت ذلك في محضره فور حصوله ثم انتقل بعد ذلك لقسم البوليس الذي يتبعه هؤلاء جميعاً وسلم إلى الضابط المنوب الصور الخاصة بهم ووقع الضابط على أصل الإعلان بالاستلام ثم وجه المحضر إلى أشخاص المطلوب إعلانهم إخطارات مسجلة ضمنها محتويات الإعلان وأنه تقرير بالطعن من مقرره وأنه فعل ذلك لامتناع أهل منزله عن الاستلام فإن المحضر يكون قد نزل على حكم القانون في المادتين 11 و12 مرافعات وتكون إجراءاته قد وقعت كلها مطابقة للقانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن وقائع هذا الطعن - حسبما يستفاد من الحكم المطعون فيه ومن سائر الأوراق - تتحصل في أن المرحوم وهبه بك شلبي أشهد في 3/ 3/ 1902 أنه يريد الإيهاب والوقف والوصية بمنزل يملكه لبناته الأربع السيدات أتيناه وماتيلدا - المطعون عليهما الأولى والثانية - وبديعة - مورثة المطعون عليهم من الثالث إلى السادسة وجميله - مورثة المطعون عليهم من السابع إلى التاسعة) - وسجل هذا الإشهاد بسجل دار البطريركية في 12/ 3/ 1902 - وفي سنة 1909 هدم وهبه بك هذا المنزل وأضاف إلى أرضه قطعة أرض من أملاكه ثم بني على القطعتين معاً منزلين - ثم توفى وهبه بك في سنة 1930 وعلى أثر وفاته أقامت المطعون عليهما الأولى والثانية دعوى أمام مجلس فرعي ملي مصر وطلبتا فيها نفاذ الإشهاد المذكور باعتباره وصية بالمنزلين - وقد قضى المجلس المذكور في 26/ 12/ 1930 بصحة الوصية شكلاً وموضوعاً وبنفاذها ثم تأيد هذا الحكم من المجلس الملي العالي في 25/ 6/ 1931 وفي أثناء ذلك كان المرحوم فائق شلبي مورث الطاعنين - قد أقام مع أخيه فوزي - المطعون عليه العاشر - على المطعون عليهما الأولى والثانية - دعوى أمام محكمة مصر الابتدائية طلبا فيها الحكم بثبوت ملكيتهما لنصيبهما الشرعي في المنزلين - وفي 24/ 1/ 1932 حكمت المحكمة المذكورة برفض الدعوى - وفي 11/ 3/ 1932 قضى استئنافياً بتأييد ذلك الحكم. ثم أعلن الحكم الاستئنافي إلى المرحوم فائق شلبي في 30/ 4/ 1932 ومضت مواعيد الطعن بالنقض دون أن يطعن فيه أما أخوه فوزي فقد طعن فيه بطريق النقض. وفي 21/ 6/ 1934 قضت محكمة النقض بنقض الحكم المطعون فيه وبإيقاف الدعوى أمام الاستئناف لحين الفصل من المحكمة الشرعية في قيمة الإشهاد الذي اعتبرته في نظرها وقفاً مضافاً إلى ما بعد الموت فلا يختص المجلس الملي بنظر النزاع القائم في شأنه، وأنه على فرض غير الواقع واعتبر هذا التصرف وصية فإنه كان من واجب المجلس الملي أن يقضي ببطلانها لأن وصية غير المسلم كوصية المسلم لا تجوز لوارث إلا بإجازة باقي الورثة (في ظل القانون الملغى). لم يلجأ فوزي المحكوم لصالحه في ذلك الطعن إلى المحاكم الشرعية ولكنه تنازل عن ذلك الحكم وتصالح مع أخواته الأربع - ولكن فائق شلبي أقام دعوى على أخواته المذكورات أمام محكمة مصر الابتدائية الشرعية وطلب فيها الحكم ببطلان الإشهاد وبعدم تعرضهن له في نصيبه الشرعي في المنزلين - وفي 13/ 10/ 1936 قضي له بطلباته وتأيد هذا الحكم استئنافياً في 26/ 10/ 1937 واستناداً إلى هذا الحكم أقام فائق شلبي الدعوى رقم 633 سنة 1938 مدني كلي مصر على أخواته الأربع وأخيه فوزي وشخص آخر يدعى عبد الباري على القلينى طلب فيها الحكم بإلزام أخواته الأربع بأن يدفعن إليه مبلغ 2192 جنيهاً و800 مليم قيمة نصيبه في ريع المنزلين ابتداء من 1/ 5/ 1937 وما تكبده من مصروفات وأتعاب في القضايا السابقة والفوائد القانونية بواقع 9% من تاريخ المطالبة الرسمية وما يستجد من الريع بواقع 16 جنيهاً و200 مليم ابتداء من 1/ 1/ 1938 حتى السداد وتثبيت الحجز التحفظي المتوقع تحت يد فوزي شلبي وعبد الباري علي القلينى. وفي 23/ 11/ 1939 قضت المحكمة المذكورة.
أولاً - برفض طلب الريع وفوائده من تاريخ وفاة المورث حتى 26/ 10/ 1937 وهو تاريخ صدور حكم المحكمة العليا الشرعية وبتأييد الحكم المستأنف.
ثانياً - بعدم جواز نظر الدعوى بالنسبة لرسوم القضايا الشرعية وأتعاب الخبير المعين فيها لسابقة الفصل فيها.
ثالثاً - بعدم قبول الدعوى بالنسبة لرسوم القضية المدنية الخاصة بطلب ثبوت الملكية.
رابعاً - برفض طلب أتعاب المحامين أمام الجهات القضائية المختلفة.
خامساً - بندب خبير لتقدير الريع عن المدة اللاحقة لتاريخ 26/ 10/ 1937.
استأنف المحكوم عليهم هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة وقيد برقم 623 سنة 57 ق، كما استأنفه مورث الطاعنين وقيد برقم 832 سنة 57 ق وقررت المحكمة ضم الاستئنافين ليصدر فيهما حكم واحد، وفي 30/ 4/ 1941 قضت بقبول الاستئنافين شكلاً وفي موضوعهما بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى.
وفي 23/ 5/ 1953 قرر الأستاذ مكرم عبيد المحامي الطعن في هذا الحكم بطريق النقض بصفته وكيلاً عن السيدة إيلين فائق شلبي بالتوكيل رقم 1400 سنة 1952 مصر الجديدة وعن السيدين مفيد فائق شلبي ورءوف فائق شلبي عن نفسيهما وبصفتهما وكيلين بمقتضى التوكيل رقم 7698 سنة 1949 القاهرة عن والدتهما أماليا جورجي صالح وأختيهما صوفي وأوجيني فائق شلبي بالتوكيل رقم 6282 سنة 1952 القاهرة.
عرض هذا الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 13/ 3/ 1957 وفيها طلب الحاضر عن الطاعنين إحالة الطعن على الدائرة المدنية والتجارية، والنيابة صممت على ما جاء بمذكرتها وطلبت رفض الطعن، فقررت المحكمة إحالة الطعن إلى الدائرة المدنية بجلسة 18/ 4/ 1957 وفي هذه الجلسة الأخيرة صمم الطاعنون والنيابة على طلباتهم، وطلب الحاضر عن المطعون عليهم الحكم بطلباته الموضحة في مذكراته وهي عدم قبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفضه.
دفعت النيابة في مذكرتها وفي الجلسة ببطلان الطعن بالنسبة للمطعون عليهم الثالث والرابع والخامس والسابع والثامن والعاشر بمقولة إن إعلانهم بتقرير الطعن قد وقع باطلاً ذلك لأن المحضر لم يثبت في محضره بالنسبة لهؤلاء جميعاً أن كلاً منهم كان موجوداً في محل إقامته أم كان غير موجود لأنه إذا كان المطلوب إعلانه موجوداً في محل إقامته فلا يصح الإعلان إلا له ولا يسلم لوكيله ولا لخادمه ولا للساكنين معه من الأهل والأقرباء إلا إذا لم يكن موجوداً - هذا فضلاً عن أن إعلان كل من المطعون عليهم الثالث والرابع والخامس خلا من بيان اسم المخاطب معه للتأكد من صلته بالمعلن إليه وما إذا كان امتناعه عن تسلم الإعلان يجيز الإعلان إلى الضابط المنوب بالقسم أو لا يجيزه - وأن إعلان كل من المطعون عليهما السابع والثامن قد خلا من بيان تبعية المعلن إليها لكل منهما للتأكد مما إذا كان لها الحق في تسلم الإعلان عنهما كما خلا من بيان ما يدل على إقامتها معهما - وأن إعلان المطعون عليه الأخير قد خلا مما يدل على إقامة المخاطب معه مع المطعون عليه المذكور - وكل هذه البيانات من البيانات الجوهرية التي يترتب على إغفالها البطلان على ما جرى به قضاء هذه المحكمة.
كما دفعت المطعون عليهما الأولى والثانية بعدم قبول الطعن لرضاء الطاعنين هم ومورثهم بالحكم المطعون فيه بمقولة إن الطعن لم يرفع إلا بعد مضي نحو ثلاثة عشر عاماً من تاريخ صدور الحكم المطعون فيه وقد توفى المورث خلال تلك المدة الطويلة في سنة 1949 أي بعد مضي ثماني سنوات على تاريخ صدور الحكم من غير أن يطعن فيه ثم سكت ورثته (الطاعنون) أربع سنوات بعد وفاته ثم تقدموا بعدها بهذا الطعن في حين أنهم عقب وفاة مورثهم حصرت تركته لتقدير رسم أيلولة التركات ولم يدرجوا في محضر الحصر ما يدعون أنه نصيبهم في المنزلين موضوع النزاع مما يدل على الرضاء الذي يمتنع معه الطعن في الحكم وطلبتا لذلك عدم جواز الطعن والحكم بعدم قبوله شكلاً.
عن الدفع الأول:
ومن حيث إنه بالرجوع إلى أصل إعلان تقرير الطعن يبين أن المحضر أثبت في صدر محضره الأول:
1 - إنه في يوم الأحد 24 من مايو سنة 1953 الساعة 12 و5 دقائق بشارع عبد الحميد سعيد قسم عابدين أعلن الست وهيبة جيد تاوضروس (المطعون عليها التاسعة) مخاطباً مع سونيا علم بنتها المقيمة معها لغيابها وأمضت "وفي نهاية المحضر توقيعها".
2 - وأنه في يوم الثلاثاء 26 من مايو سنة 1953 الساعة 11 صباحاً بشارع عمر بن الخطاب بمصر الجديدة أعلن السيدة أتيناه وهبي شلبي مخاطباً مع شخصها ووقعت بالاستلام (المطعون عليها الأولى).
3 - وأنه في يوم الأربعاء 27 من مايو سنة 1953 الساعة 11 صباحاً ثم الساعة 11.15 ص بشارع الخليفة المأمون قسم مصر الجديدة ليعلن كلاً من:
السيدة ماتيلده وهبه شلبي (المطعون عليها الثانية).
الأستاذ جميل فوزي المطيعي (المطعون عليه الثالث).
الأستاذ سمير فوزي المطيعي (المطعون عليه الرابع).
الأستاذ رؤوف فوزي المطيعي (المطعون عليه الخامس).
وأثبت المحضر أمام كل منهم أنه سيعلن بالقسم لامتناع أهل المنزل عن الاستلام ولم يذكر أسماء أحد من أهل المنزل المشار إليهم.
ثم حرر المحضر محضراً ثانياً أثبت في صدره:
أنه في يوم الأربعاء 27 من مايو سنة 1953 الساعة 11 صباحاً بشارع الخليفة المأمون والساعة 11.30 صباحاً بشارع إبراهيم باشا بمصر الجديدة.
وأنه في يوم الأربعاء 27 من مايو سنة 1953 الساعة 12.30 مساءً بقسم مصر الجديدة:
أعلن كلاً من المطعون عليهم الثانية والثالث والرابع والخامس مخاطباً مع مندوب القسم لامتناع أهل المنزل عن الاستلام ووقع مندوب القسم على الأصل بالاستلام.
كما أثبت أنه أعلن المطعون عليه السابع (الأستاذ محب جيد تاوضروس) مخاطباً مع الست زوجته (سعاد نجيب قلاده) المقيمة معه وأمضت، وأنه أعلن المطعون عليه الثامن (الأستاذ فكري جيد تاوضروس) مخاطباً مع حرم شقيقه (سعاد نجيب قلاده) المقيمة معه وأمضت (ووقعت بإمضائها تحت كلمتي - استلمت الصورتين).
وأثبت أخيراً أنه أعلن الأستاذ فوزي وهبه شلبي (المطعون عليه العاشر) مخاطباً مع ابنه فوزي وهبه المقيم معه وأمضى بالاستلام (ووقع) ثم أرفق المحضر بهذه الصورة الثانية أربع إخطارات بتاريخ 27/ 5/ 1953 برقم 4846 إلى كل من جميل وسمير ورؤوف فوزي المطيعي والسيدة ماتيلده وهبه شلبي "بأنه سلم صورة الإعلان الخاصة لكل منهم لقسم مصر الجديدة لامتناع أهل المنزل عن الاستلام، وأنه إعلان تقرير بالطعن كطلب الأستاذ مفيد فائق شلبي آخرين وأنه تحرر هذا إخطاراً بذلك" - ويلي ذلك في كل إخطار التاريخ وتوقيع المحضر - ثم حرر محضراً ثالثاً بالإسكندرية في يوم السبت 30/ 5/ 1953 إلى السيدة عايدة فوزي المطيعي (المطعون عليها السادسة) المقيمة هناك مع زوجها مخاطباً مع تابعها السيد عبد الغني المقيم معها لغيابها.
ومن حيث إنه يبين من هذه البيانات أن المحضر انتقل في الوقت المحدد في محضره إلى محال إقامة كل من المطعون عليهم الموضح في تقرير الطعن فمن وجده حاضراً بشخصه سلمه الصورة الخاصة به (المطعون عليها الأولى) ومن وجده غائباً ووجد أحد المقيمين معه كزوجته أو زوجة أخيه أو ابنه أو تابعه وقبل كل من هؤلاء الأخيرين الاستلام سلمه الإعلان الخاص بمن يقيم معه في المكان والميعاد الموضحين في المحضر (المطعون عليهم السادسة والسابع والثامن والعاشر) أما من وجده غائباً كذلك ووجد أحد المقيمين معه من أهل منزله أو أكثر من واحد وامتنعوا عن الاستلام وعن ذكر أسمائهم وعن التوقيع بالتالي فقد أثبت ذلك في محضره فور حصوله، ثم انتقل بعد ذلك لقسم مصر الجديدة الذي يتبعه هؤلاء جميعاً وسلم إلى الضابط المنوب الصور الخاصة بهم ووقع الضابط على أصل الإعلان بالاستلام، ثم وجه المحضر إلى أشخاص المطلوب إعلانهم إخطارات مسجلة ضمنها محتويات الإعلان وأنه تقرير بالطعن من مقرره وأنه فعل ذلك لامتناع أهل منزله عن الاستلام - وبذلك يكون المحضر قد نزل على حكم القانون في المادتين 11 و12 من قانون المرافعات. ومتى كان الأمر كذلك فإن إجراءات المحضر قد وقعت كلها مطابقة للقانون ويتعين لذلك كله رفض هذا الدفع.
عن الدفع الثاني الخاص بعدم قبول الطعن لحصول الرضا بالحكم المطعون فيه:
ومن حيث إن هذا الدفع مردود بما جرى به قضاء هذه المحكمة من أنه يشترط في القبول الذي يمتنع معه الطعن أن يكون صريحاً واضحاً. وأن تكون دلالته قاطعة في ذلك - ومورث الطاعنين وهم من بعده لم يصدر منهم فعل إيجابي قاطع الدلالة على قبول الحكم - أما تأخرهم في تقديم الطعن فلا يسقط حقهم فيه ما دام أن الحكم المطعون لم يعلن إليهم - ولا يفيد الرضا بالحكم ولا يفترض حصوله كنتيجة للخضوع للتنفيذ الجبري لأن الأحكام الانتهائية واجبة التنفيذ بحكم القانون (الطعن 213 سنة 21 ق جلسة 10/ 3/ 1955) ويتعين لذلك رفض هذا الدفع أيضاً - كما يتعين لذلك كله قبول الطعن شكلاً لاستيفائه أوضاعه القانونية.
ومن حيث إن الطاعنين ينعون على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي تأويله والقصور في التسبيب في ثلاثة أوجه - ويقولون في بيان الوجه الأول: إن الحكم أخطأ إذا اعتبر أن حكم محكمة الاستئناف الصادر في 11/ 3/ 1933 له قوة الشيء المحكوم فيه - ذلك لأنه من المسلم به فقهاً وقضاءً أن الحكم لا يجوز قوة الأمر المقضي إلا إذا أصدرته جهة مختصة بإصداره ذات ولاية ووظيفة - وأن حكم محكمة النقض الصادر في 21/ 6/ 1934 تضمن نفياً صريحاً لاختصاص المحاكم الأهلية من جميع الوجوه كما تضمن قضاءً صريحاً باختصاص المحاكم الشرعية وترك الأمر كله لها باعتبار أنها وحدها المختصة بمسائل أصل الوقف - وأن المحكمة العليا الشرعية قد زادت هذا الأمر توكيداً إذا قررت "أنه لا خلاف في أن الفصل في النزاع المتعلق بأصل الوقف من اختصاص المحاكم الشرعية دون سواها فتكون المحكمة الشرعية هي المختصة بنظر الدعوى ويجب لذلك رفض الدفع بعدم الاختصاص - أما الدفع بسبق الفصل في الموضوع من المجلس الملي والمحاكم الوطنية فلا قيمة له بعد ما وضح من اختصاص المحاكم الشرعية وحدها بالفصل في هذه الخصومة ولأن سبق الفصل في الموضوع من جهة غير مختصة لا يسلب الجهة ذات الاختصاص حقها" - ويقولون في بيان الوجه الثالث إن الحكم أخطأ في تطبيق القانون كذلك إذا قرر عدم استفادة مورث الطاعنين من حكم محكمة النقض الذي صدر لمصلحة أخيه فوزي مع أن حق الإرث في عين معينة لا يتجزأ بالنسبة لبعض الورثة دون الباقين منهم بمعنى أنه متى حكم القضاء بأن عيناً معينة هي من أعيان التركة فإنه يحق لكل وارث أن يطالب بحصته فيها ولو لم يتدخل في الحكم الصادر باعتبار العين المذكورة ضمن التركة وأن هذا المبدأ نفسه يسري على الإجراءات القضائية التي يستفيد منها الورثة باعتبار أن حق الإرث لا يتجزأ وأن العمل الذي قام به من باشر الإجراءات أمام محكمة النقض إنما كان بطريق الإنابة عن باقي الورثة وعن التركة التي هي كل لا يتجزأ - ولا يمكن عقلاً وبداهة أن يكون التصرف الواحد الصادر من مورث واحد باطلاً بالنسبة لبعض الورثة وصحيحاً بالنسبة للباقين - وعلى ذلك فإن هذا النزاع يكون غير قابل للتجزئة - ويقولون أخيراً وفي الوجه الثاني إن الحكم المطعون فيه يعيبه القصور في التسبيب لأنه حاول التنصل من حكم المحكمة الشرعية العليا القاضي ببطلانه الإشهاد وقال عنه في عبارة موجزة: "إنه لا أثر له في مسألة الملكية المفصول فيها نهائياً بموجب الحكم الاستئنافي المذكور إذ لا ولاية للمحاكم الشرعية في مسائل الملكية - ونفس الحكم الشرعي لم يتعرض للملكية وإنما قضى ببطلان ورقة التصرف (الإشهاد) وبعدم تعرض المستأنفتين للمستأنف عليه بمقتضاها - والواقع أنهما أصبحتا لا تتعرضان بمقتضاها - بل بموجب ذلك الحكم الاستئنافي الذي فصل في مسألة الملكية بين الخصوم بصفة انتهائية" وهذا القول لا يكفي في الرد على الحكم الشرعي الذي أصبح نهائياً له قداسته واحترامه وله قوة الأمر المقضي ويقيد أطراف الخصومة فيما قضى به في حدود اختصاصه. والإشهاد المذكور المحكوم ببطلانه من الجهة القضائية المختصة هو الأساس الذي يبني عليه المطعون عليهم دعواهم بثبوت ملكيتهم للمنزلين. وفي الوقت نفسه فإن المحكمة الشرعية قضت في حكمها برفض الدفع بعدم الاختصاص وبرفض الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها.
ومن حيث إن هذا النعي مردود في جميع وجوهه بما قرره الحكم المطعون فيه في تفصيل واف مدعم بما نقله مما استقر عليه الفقه والقضاء ومما جرى به قضاء هذه المحكمة حيث يقول: "وحيث إن القانون المدني القديم نص في المادة 232 الذي يحكم واقعة الدعوى على أن الأحكام التي صارت انتهائية تكون حجة بالحقوق الثابتة بها - وقد أجمع الفقه والقضاء على عموم ذلك النص وإطلاقه - وعلى أن الطعن في الحكم بالاستئناف أو النقض لا أثر له إلا بين طرفي الخصومة في الطعن دون غيرهم ممن كانوا طرفاً في الحكم والذين يظل ذلك الحكم بالنسبة إليهم حائزاً لقوة الشيء المحكوم فيه مهما كان يعتوره من أخطاء واقعية أو مادية وذلك بلا استثناء - إلا إن كانت طبيعة موضوع النزاع تجعل مصالح الجميع مرتبطة ارتباطاً وثيقاً يستحيل معه أن لا يسري الحكم في الطعن عليهم - كأحوال التضامن وعدم التجزئة والضمان والمحجوز لديه والتوزيع بين الدائنين - مقررين أنه لابد لقبول الاستثناء في هذه الأحوال من تحقق وجود علاقة ارتباط بين المصالح لا يستقيم معها عقلاً عدم سريان الحكم في الطعن على الجميع - فإن لم تتوافر تلك العلاقة في الأحوال المذكورة لم يكن فيها استثناء". وبعد أن ذكر الحكم بعض المراجع قال "إنه تطبيقاً لذلك الأصل في قاعدة قوة الشيء المحكوم فيه وفي تحديد مدى الاستثناء منها قد استقر الفقه والقضاء على أن الوارث لا يمثل غيره من الورثة في الوصية ولا في غيرها والحكم في طعن أحد الورثة على حكم بصدد الوصية لا يسري على الورثة الآخرين الذين لم يكونوا طرفاً في الطعن - وفي ذلك قررت محكمة النقض الفرنسية - أن الحكم الصادر بصحة وصية يكون انتهائياً بالنسبة للورثة الذين لم يطعنوا فيه بالرغم من حكم محكمة الاستئناف في الاستئناف المرفوع عنه من الورثة الآخرين بإلغائه لبطلان الوصية ولا يسري هذا الحكم الأخير إلا على من كان من الورثة طرفاً في الاستئناف - ويجب لذلك أن تكون قسمة التركة بين ذوي الشأن طبقاً للحقوق المقررة لبعضهم بمقتضى الحكم الابتدائي ولبعضهم بمقتضى الحكم الاستئنافي - لأنه من المستطاع تنفيذ كلا الحكمين معاً - وهذا هو الحال في النزاع الحالي ويتعين عند الأخذ بهذا النظر أن يقضى فيه بعدم استفادة فائق شلبي من حكم النقض الصادر لصالح أخيه فوزي والقول بغير ذلك وبأن الورثة يمثل بعضهم البعض ليس له أساس فقهي صحيح وهو غير معروف في القانون المصري ولا يصح قياس الورثة على حالة المتضامنين الذين تقضي المادة 108 مدني قديم على أنهم كفلاء لبعضهم البعض ووكلاء عن بعضهم بعضاً - لأنه لا تضامن بين الورثة وليس هناك من سبب طبيعي يدعو إلى قيام التمثيل بينهم ولو أراد الشارع هذا الاستثناء لكان أولى بالنص عليه في حالة الورثة منه في حالة المتعهدين المتضامنين يؤكد ذلك أن القول بتمثيل الورثة وأن سبب هذا التمثيل هو افتراض قيام إنابة من بعضهم لبعض لا يستقيم مع القول بقصر هذه الإنابة على حالة المنفعة دون حالة الضرر - لأنه إما أن تكون هناك إنابة وحينذاك وجب أن يضار الوارث كما له أن يستفيد وإما ألا تكون هنالك إنابة فلا منفعة ولا مضرة - أما محاولة الارتكان على القاعدة الشرعية القائلة بأن الورثة ينتصب خصماً عن باقي الورثة في الدعاوى التي ترفع من التركة أو عليها فهي محاولة متخاذلة لأن فوزي شلبي لم يخاصم أختيه طالباً الحكم للتركة ولا طالباً حصة غيره أو حصة أخيه فائق ولكنه طالب بحصته وحده - هذا فضلاً عن أن القانون لم يأخذ بهذه القاعدة لمخالفتها للأصل القانوني وهو عدم التمثيل". وأما الاعتراض بحكم محكمة النقض الصادر في 11/ 4/ 1953 فغير سديد لأنها إنما ذكرت في سبيل إصدار قرار برفض تمثيل وارث لغيره في الدعوى المعروضة عليه أن القاعدة المذكورة قد تكون صحيحة لو أن الوارث الواحد كان قد خاصم أو خوصم في الدعوى طالباً الحكم للتركة نفسها بكل حقها أو مطلوباً في مواجهته الحكم على التركة نفسها بكل ما عليها - ومهما يكن من شيء فإن الواقع في النزاع الحالي أن كلاً من فوزي وفائق إنما كان يخاصم عن حصته في جميع أدوار التقاضي ومنها طعن فوزي بطريق النقض في حكم الاستئناف الصادر في 11/ 3/ 1933 برفض ثبوت ملكيته إلى حصته في المنزلين - ومتى كان ذلك كذلك فلا يسع هذه المحكمة - إلا أن تكرر ما قالته محكمة النقض من أن القاعدة الشرعية المزعومة لا تنطبق على الواقعة ويتعين الحكم بعدم استفادة فائق شلبي من حكم النقض الصادر لصالح أخيه فوزي شلبي. ومتى ثبت أن حكم محكمة الاستئناف أصبح نهائياً بالنسبة لفائق وحائزاً لقوة الشيء المحكوم فيه فإن حكم المحكمة الشرعية الصادر ببطلان الإشهاد يكون عديم الأثر في موضوع الملكية التي فصل فيها نهائياً إذ لا ولاية للمحاكم الشرعية في مسائل الملكية ونفس الحكم الشرعي لم يتعرض لها ولكنه قضى ببطلان الإشهاد وعدم تعرض المستأنفتين للمستأنف عليه بمقتضاها - والواقع أنهما أصبحتا لا تتعرضان له بمقتضاها بل بموجب ذلك الحكم الاستئنافي الذي فصل بين الخصوم في مسألة الملكية بصفة انتهائية". وهذا الذي قرره الحكم صحيح في القانون يتفق مع ما استقر عليه قضاء هذه المحكمة مما أخذ به المشرع عند تعديل قانون المرافعات إذ نص في المادة 384 على أنه "لا يفيد من الطعن إلا من رفعه ولا يحتج به إلا على من رفع عليه - على أنه إذا كان الحكم صادراً في موضوع غير قابل للتجزئة أو في التزام بالتضامن أو في دعوى يوجب القانون اختصام أشخاص معينين - جاز لمن فوت ميعاد الطعن من المحكوم عليهم أو قبل الحكم أن يطعن فيه أثناء نظر الطعن المرفوع في الميعاد من أحد زملائه منضماً إليه في طلباته وإذا رفع الطعن على أحد المحكوم لهم في الميعاد وجب اختصام الباقين ولو بعد فواته بالنسبة لهم. كذلك يفيد الضامن وطالب الضمان من الطعن المرفوع من أيهما في الحكم الصادر في الدعوى الأصلية إذا اتحد دفاعهما فيها. وإذا رفع طعن على أيهما جاز اختصام الآخر فيه". وظاهر أن فائق لم يرفع طعناً عن حكم الاستئناف في دعوى الملكية ولم يتدخل في الطعن الذي رفع من أخيه فوزي فلا يقبل منه الادعاء بأن أخاه فوزي كان يمثله أو ينوب عنه في الطعن الذي قضى بنقض الحكم وبوقف الدعوى أمام محكمة الاستئناف حتى يفصل من المحكمة الشرعية في كنه الإشهاد، بدليل أنه لم يحرك الاستئناف من الوقوف بعد الحكم لمصلحته من المحكمة الشرعية، ثم حصل أن تنازل فوزي عن حكم النقض وتصالح مع أخواته فبقى الاستئناف موقوفاً منذ عام 1934 بالنسبة لفوزي كما أصبح حكم محكمة مصر بالنسبة لفائق نهائياً بالحكم بتأييده استئنافياً ولا سبيل لورثة فائق للجدل فيه إذ أن الحكم الاستئنافي قد حاز قوة الأمر المقضي حتى ولو كان قد خرج في قضائه على الولاية التي منحها المشرع للمحاكم المدنية، ذلك لأن حجية الأمر المقضي تسمو على قواعد النظام العام. فلا يصح إهدار هذه الحجية أمام القضاء المدني بمقولة إن المحكمة قد خرجت في قضائها على ولايتها بقضائها في مسألة هي من أصل الوقف - كما لا يجوز القول بأن من شأن حكم يصدر بعد ذلك من المحاكم الشرعية أن يجرد ذلك الحكم النهائي من حجيته - ويتعين لذلك رفض الطعن.