أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 8 - صـ 520

جلسة 23 من مايو سنة 1957

برياسة السيد عبد العزيز محمد رئيس المحكمة، وبحضور السادة: اسحق عبد السيد، وأحمد قوشه، ومحمد متولي عتلم، وإبراهيم عثمان يوسف المستشارين.

(55)
القضية رقم 172 سنة 23 القضائية

( أ ) خصومة. اعتراض الخارج عن الخصومة. قوة الأمر المقضي. الطريقة التي رسمها القانون في المواد 450 - 456 مرافعات لاعتراض الخارج عن الخصومة. اعتبارها أمراً جوازياً.
(ب) قوة الأمر المقضي. أوامر الأداء. صورية. غش. خلف. دائن. غير. عدم اعتبار الدائن خلفاً للمدين في التصرفات الصورية أو التي تصدر منه بطريق التواطؤ مع دائن آخر إضراراً به. صورته - صدور أوامر أداء بناء على سندات دين صورية. انعدام حجية هذه الأوامر بالنسبة إلى دائن آخر للمدين.
(جـ) صورية. إثبات "الإثبات بالبينة". دائن. حقه في إثبات تصرف المدين الضار به بكل طرق الإثبات. المادة 244 مدني.
(د) صورية. حجز "إجراءات البيع". غير. الراسي عليه المزاد في بيع الأشياء المحجوز عليها. عدم أحقيته في التحدي بحكم الفقرة الثانية من المادة 244 مدني.
(هـ) صورية. تعارض مصالح ذوي الشأن المشار إليهم في المادة 244/ 2 مدني في التمسك بالعقد الظاهر أو العقد المستتر. انتفاء حسن نية أحدهم. عدم أحقيته في التمسك بالعقد الظاهر.
(و) صورية. إثبات "أوراق رسمية". حجز "إجراءات البيع". ما يثبته المحضر من وجود مزايدين وقعوا على محاضر البيع. عدم دلالته على جدية البيع.
(ز) حيازة. حجز "إجراءات البيع". انتفاء حسن نية الراسي عليه مزاد بيع الأشياء المحجوز عليها. التحدي بحكم المادة 976 مدني. لا محل له.
(ح) محكمة الموضوع. استقلالها بتصوير وقائع النزاع.
1 - عبارة المادة 450 مرافعات صريحة في أن اعتراض الخارج الخصومة ممن يكون الحكم الصادر في الدعوى حجة عليه بالطريقة التي رسمها القانون في المواد 450 - 456 مرافعات هو أمر جوازي فلمن يكون الحكم حجة عليه أن يتبع تلك الطريقة أو أن يعدل عنها إلى أية طريقة أخرى أباحها القانون.
2 - إذا كان الحكم إذ أهدر حجية أوامر الأداء بالنسبة إلى دائن آخر لنفس المدين قد أقام قضاءه على أن تلك الأوامر قد صدرت استناداً إلى سندات صورية وأن استصدار أوامر الأداء وما تلا ذلك من إجراءات الحجز بموجبها والبيع الذي تم تنفيذاً لهذا الحجز كل ذلك كان بطريق التواطؤ بين المدين والدائن الذي استصدر تلك الأوامر فإن الحكم لا يكون قد خالف القانون، ذلك أن الدائن لا يعتبر خلفاً للمدين في التصرفات الصورية التي تصدر من هذا الأخير أو التي تصدر منه بطريق التواطؤ مع دائن آخر إضراراً بحقه إذ يصبح الدائن في هذه الحالات من طبقة الغير.
3 - للدائن أن يثبت بكل طرق الإثبات صورية تصرفات مدينه التي تمت إضراراً بحقوقه عملاً بالفقرة الأولى من المادة 244 من القانون المدني.
4 - ليس لمن رسا عليه المزاد في بيع الأشياء المحجوز عليها التحدي بحكم الفقرة الثانية من المادة 244 مدني والقول بوجوب الأخذ بسندات دين الدائن المنفذ به والمطعون عليها بالصورية باعتبارها العقد الظاهر ذلك لأنه لا شأن له بهذا الدين إذ هو لا يستمد ما يدعيه من حق على الأشياء المحجوز عليها من سندات ذلك الدين ولكن الحق الذي يدعيه يستند إلى محاضر البيع التي اشترى بمقتضاها تلك الأشياء.
5 - إذا انتفى حسن نية المشتري من البائع فلا يكون له أن يتمسك بالعقد الظاهر قبل دائن هذا البائع.
6 - ما يثبته المحضر من وجود مزايدين وقعوا كشهود على محاضر بيع الأشياء المحجوز عليها لا يدل بذاته على جدية البيع.
7 - إذا كان الحكم قد نفى حسن النية عن الراسي عليه المزاد في بيع الأشياء المحجوز عليها فإن التحدي بحكم المادة 976 من القانون المدني لا يكون له محل.
8 - محكمة الموضوع تستقل وحدها بتصوير وقائع النزاع دون معقب ما دام تصويرها يستند إلى ما هو ثابت من أوراق الدعوى وملابساتها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعنة أقامت الدعوى 816 سنة 1951 كلي إسكندرية على المطعون عليهما طلبت فيها الحكم بثبوت ملكيتها للمنقولات المبينة بصحيفة الدعوى ومحاضر رسو المزاد وإلغاء الحجوزات المتوقعة عليها بناء على طلب المطعون عليها الأولى بتاريخ 26 من يوليو سنة 1950 - واستندت في دعواها إلى أن المنقولات موضوع الدعوى سبق أن حجز عليها بناء على طلب نيقولا دراكوس لدين له على زوجها المطعون عليه الثاني وحدد لبيعها يوم 7 من يناير سنة 1951 فرسا مزادها عليها في ذلك اليوم وقامت من ناحيتها بإيداع الثمن الذي رسا به المزاد خزانة المحكمة في اليوم التالي على ذمة ذوي الشأن - وأضافت الطاعنة أن إجراءات البيع ورسو المزاد عليها تمت أثناء نظر دعوى استرداد أخرى كانت قد أقامتها عن نفس المنقولات وأنها كانت قد استندت في هذه الدعوى الأخيرة على عقد بيع صادر لها من زوجها المطعون عليه الثاني عن هذه المنقولات وقد قضى برفض تلك الدعوى ابتدائياً واستئنافياً، وأثناء نظر الاستئناف في تلك الدعوى الأخيرة أثبتت في محضر الجلسة أنها تحتفظ بحقها في إثبات ملكيتها للمنقولات المحجوز عليها بدعوى مستقلة تستند إلى سبب جديد وأنها اضطرت إلى هذا بسبب أن محاضر رسو المزاد عليها كانت مودعة في قضايا أخرى وانتهت الطاعنة إلى أنها بشرائها تلك المنقولات في المزاد أصبحت مالكة للمحل التجاري الذي به تلك المنقولات وأن رخصة ذلك المحل حولت إليها في 28 من فبراير سنة 1951 وقيد اسمها بالسجل التجاري في 29 من يناير سنة 1951 واستصدرت من مالك البناء عقد إيجار عن المحل باسمها في أول فبراير سنة 1951 وتعاقدت مع شركتي المياه والنور لإمداد المحل بما يلزمه منهما وأمنت على الآلات الكهربائية في 24 من فبراير سنة 1951 - دفعت المطعون عليها الأولى بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها في الدعوى 1412 سنة 1950 إسكندرية وهي دعوى الاسترداد السابق الإشارة إليها كما طلبت في الموضوع رفض الدعوى تأسيسا على أن دين نيقولا دراكوس صوري وأن إجراءات حصوله على أوامر أداء بهذا الدين وإجراءات الحجز والبيع كلها صورية قصد بها إلى الإضرار بها - وفي 19 من نوفمبر سنة 1951 قضت المحكمة برفض الدفع بعدم جواز نظر الدعوى وفي الموضوع بتثبيت ملكية الطاعنة للأشياء المحجوز عليها في 26 من يوليه سنة 1950 وبإلغاء الحجز المذكور... فاستأنفت المطعون عليها الأولى هذا الحكم أمام محكمة استئناف الإسكندرية وقيد الاستئناف برقم 405 سنة 7 ق. وفي 29 من إبريل سنة 1953 قضت محكمة الاستئناف حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف ورفض دعوى المستأنف عليها الأولى "الطاعنة"... فطعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون وأبدت النيابة رأيها برفض الطعن وقررت دائرة الفحص في 27 من مارس سنة 1957 إحالة الطعن على الدائرة المدنية لجلسة 9 من مايو سنة 1957 وفيها صممت النيابة على رأيها.
وحيث إن الطعن بني على خمسة أسباب يتحصل أولها في النعي على الحكم المطعون فيه بمخالفة القانون استناداً إلى أن الحكم قد أهدر حجية أوامر الأداء الصادرة لصالح دراكوس ضد المطعون عليه الثاني مخالفاً بذلك المادة 856 مرافعات قبل تعديلها بالقانون 265 سنة 1953 الصادر في 28 من مايو سنة 1953 أي بعد صدور الحكم المطعون فيه والتي كانت تنص على أنه "إذا لم يرفع التظلم في الميعاد يصبح الأمر بمثابة حكم انتهائي" ومن ثم تكون لها حجيتها على من كان خصماً فيها وعلى من يعتبر الحكم حجة عليه ولو لم يكن خصماً ظاهراً في الخصومة التي صدر فيها هذا الحكم. وأنه لما كان من المسلم أن الأحكام الصادرة على المدين تعتبر حجة على دائنيه ولو لم يختصموا في الدعوى أو يتدخلوا فيها فإن أوامر الأداء الصادرة لصالح دراكوس تعتبر حجة على المطعون عليها الأولى بصفتها دائنة للمطعون عليه الثاني الذي صدرت تلك الأوامر ضده - وأنه إذا كان للدائن الذي لم يكن خصماً في الدعوى أن يعترض على الحكم بطريق اعتراض الخارج عن الخصومة عملاً بالمادة "450" مرافعات بشرط إثبات غش مدينه أو تواطئه أو إهماله الجسيم - فإن القانون قد نص في المادة "451" مرافعات على أن هذا الطلب يجب أن يوجه إلى المحكوم له. وإذ كان الحكم المطعون فيه قد أهدر حجية أوامر الأداء دون أن يكون الدائن الذي استحصل عليه ممثلاً في الخصومة فإن الحكم يكون قد خالف المادة "451" سالفة الذكر.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن المادة 450 مرافعات تنص على أنه "يجوز لمن يعتبر الحكم الصادر في الدعوى حجة عليه ولم يكن قد أدخل أو تدخل فيها أن يعترض على هذا الحكم بشرط إثبات غش من كان يمثله أو توطئه أو إهماله الجسيم - وكذلك يجوز للدائنين والمدينين والمتضامنين وللدائنين والمدينين بالتزام غير قابل للتجزئة الاعتراض على الحكم الصادر على دائن أو مدين آخر منهم "وعبارة المادة صريحة في أن الاعتراض - ممن يكون الحكم الصادر في الدعوى حجة عليه بالطريقة التي رسمها القانون في المواد 450 - 456 أمر جوازي فلمن يكون الحكم حجة عليه أن يتبع تلك الطريقة أو أن يعدل عنها إلى أية طريقة أخرى أباحها القانون - كما أن ما تقوله الطاعنة من أن أوامر الأداء تعتبر حجة على المطعون عليها الأولى باعتبارها دائنة لمن صدرت الأوامر ضده مردود بأن الدائن لا يعتبر خلفاً للمدين في التصرفات الصورية التي تصدر من هذا الأخير أو التي تصدر منه بطريق التواطؤ مع دائن آخر إضراراً بحقه إذ يصبح الدائن في هذه الحالات من طبقة الغير. ولما كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على أن أوامر الأداء التي نفذ بها دراكوس بطريق الحجز على الأشياء المحجوز عليها في هذه الدعوى والتي كان قد رسا مزادها على الطاعنة قد صدرت استناداً إلى سندات دين صورية حررها المطعون عليه الثاني لصالح دراكوس وأن استصدار أوامر الأداء والحجز بموجبها والبيع الذي تم تنفيذاً لهذا الحجز كل ذلك كان بطريق التواطؤ بين المطعون عليه الثاني ودراكوس. لما كان ذلك فإن الحكم لا يكون قد خالف القانون إذا أهدر حجية أوامر الأداء بالنسبة إلى المطعون عليها الأولى.
وحيث إن السبب الثاني يتحصل في النعي على الحكم بمخالفة القانون استناداً إلى أن الطاعنة باعتبارها مشترية للأشياء التي حجزت عليها المطعون عليها الأولى قبل حصول الحجز تعتبر خلفاً خاصاً للمطعون عليه الثاني باعتباره بائعاً. وأن المطعون عليها الأولى دائنة للمطعون عليه الثاني، فإذا تعارضت مصلحة الطاعنة مع مصلحة المطعون عليها الأولى تعين الأخذ بالعقد الظاهر وهو هنا سندات الدين المحررة لصالح دراكوس على المطعون عليه الثاني وذلك عملاً بالمادة 244/ 2 من القانون المدني ولكن الحكم المطعون فيه أخذ بدفاع المطعون عليها الأولى الذي يستند إلى صورية تلك السندات فخالف بذلك حكم المادة 244/ 2 سالفة الذكر.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن المادة 244 من القانون المدني تنص على أنه "إذا أبرم عقد صوري فلدائن المتعاقدين وللخلف الخاص متى كانوا حسني النية أن يتمسكوا بالعقد الصوري، كما أن لهم أن يتمسكوا بالعقد المستتر ويثبتوا بجميع الوسائل صورية العقد الذي أضر بهم - وإذا تعارضت مصالح ذوي الشأن تمسك بعضهم بالعقد الظاهر وتمسك الآخرون بالعقد المستتر كانت الأفضلية للأولين". ولما كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على صورية سندات دين دراكوس وعلى أن حصول هذا الأخير على أوامر الأداء والحجز بمقتضاها والبيع الذي تم تنفيذاً للحجز كل ذلك كان بطريق التواطؤ بين المطعون عليه الثاني والطاعنة ودراكوس إضراراً بالمطعون عليها الأولى فإنه لا يكون قد خالف القانون ذلك أن للمطعون عليها الأولى بصفتها دائنة للمطعون عليه الثاني أن تثبت بكل طرق الإثبات صورية تصرفات مدينها التي تمت إضراراً بحقوقها عملاً بالفقرة الأولى من المادة 244 من القانون المدني ولا محل للتحدي بحكم الفقرة الثانية من تلك المادة لأن الطاعنة لا شأن لها بدين دراكوس المطعون عليه بالصورية إذ هي لا تستمد ما تدعي من حق على الأشياء المحجوز عليها من سندات ذلك الدين ولكن الحق الذي تدعيه يستند إلى محاضر البيع التي اشترت بمقتضاها تلك الأشياء - هذا فضلاً عن أن الحكم المطعون فيه قد أورد أنه "على فرض السندات التي قدمها الدائن وحصل على أوامر أداء بمقتضاها كانت كلها صحيحة وأن إجراءات الحجز والبيع كانت كلها سليمة فإن هذا لا ينفي أن يكون تقدم المستأنف عليها الأولى (الطاعنة) لشراء المحجوزات ورسو المزاد عليها قد حصل بالتواطؤ من المستأنف عليه الثاني (المطعون عليه الثاني) وأن يكون المدين وهو زوجها قد أراد تخليص المنقولات المحجوز عليها فأوعز إلى زوجته لكي تتقدم صورياً لشراء هذه الأشياء..." وبذلك يكون الحكم قد نفى عن الطاعنة في حدود سلطة المحكمة التقديرية حسن النية وقرر أنها كانت طرفاً في الإجراءات الصورية التي انتهت إلى إيقاع البيع عليها. وإذا انتفى حسن نية الطاعنة فلا يكون لها أن تتمسك بالعقد الظاهر.
وحيث إن السبب الثالث يتحصل في النعي على الحكم المطعون فيه بالقصور ومخالفة الثابت في الأوراق ومسخ الوقائع وتصويرها تصويراً غير سائغ. وفي بيان هذا النعي تقول الطاعنة إن الحكم يقوم على أن الديون التي حصل الحجز والبيع وفاء لها ديون صورية حررت سنداتها من المطعون عليه الثاني لصديقه دراكوس ليتمكن هذا الأخير من الحصول على أوامر أداء بها وتوقيع الحجز بمقتضاها على أن يتقدم المطعون عليه الثاني لشراء المحجوزات عن طريق تسخير زوجته الطاعنة في هذا الشراء، وأن هذا التصوير الذي ذهب إليه الحكم غير سائغ لأن البيع يتم بالمزاد العلني وقد يتقدم مشتر آخر غير الطاعنة ويرسو عليه المزاد وأنه لو أن الأمر أمر رغبة المطعون عليه الثاني في إعادة شراء المحجوزات مستتراً وراء الطاعنة لاتفق معها على أن تتقدم للشراء عند البيع في الحجز الذي أوقعته المطعون عليها الأولى دون أن يتكبد مصروفات أوامر الأداء وإعلانها والتنفيذ بها - كما أن الحكم انتهى إلى صورية ديون دراكوس استناداً لي قرائن أهمها أن أوامر الأداء كل منها بمبلغ خمسين جنيهاً دون زيادة أو نقص وأن دراكوس لم يتدخل في المزاد مشترياً ليتوصل بذلك إلى رفع سعر المحجوزات لعلمه بسبق الحجز عليها من مصلحة الضرائب ومن مصلحته أن يتم البيع بسعر مرتفع حتى يتمكن من الحصول على دينه أو على جزء منه بعد وفاء ما هو مستحق لمصلحة الضرائب - وأن هذا الذي أورده الحكم يخالف الثابت في الأوراق إذا أن أوامر الأداء ليس منها أمر واحد بمبلغ خمسين جنيهاً وأن الثابت من محاضر البيع أو وكيل الدائن دراكوس كان حاضراً وقت إجراء البيع وإذا كان لم يتقدم للشراء فإنه لاحظ أن الثمن الذي دفعته الطاعنة ثمن مناسب لقيمة المحجوزات فضلاً عن أن تدخله في المزاد كان من شأنه أن يلتزم إذا مارسا عليه المزاد بأن يقوم بدفع الثمن يضاف إلى ذلك أن الحكم استدل على صورية البيع بأن أحداً لم يشترك في المزاد غير الطاعنة على خلاف الثابت من محاضر البيع من وجود مزايدين آخرين وقعوا على تلك المحاضر كشهود كما أورد الحكم أنه على فرض صحة السندات والإجراءات التي انتهت ببيع المحجوزات للطاعنة فإن ذلك لا ينفي أن يكون المطعون عليه الثاني قد اتفق مع الطاعنة على أن تتقدم للشراء من ماله الخاص بطريق التواطؤ. وقد خلت الأوراق مما يدل على أن الطاعنة قد دفعت ثمن المحجوزات من مال زوجها وأن في أوراق الدعوى ما يدل على أن الزوج مفلس وأن الطاعنة تملك مالاً خاصاً بدليل أنها أقرضت زوجها عند بدء تكوين الشركة التي كانت تضم هذا الزوج مبلغاً من المال هو قيمة حصته في رأس مال الشركة وقد كان ذلك قبل أن تنشأ ديون المطعون عليها الأولى بسنين عدة وأن الطاعنة قد حصلت على المال عن طريق الادخار من مرتبها الذي كانت تتقاضاه عن عملها بمصلحة التليفونات ومن المكافأة التي صرفت لها من تلك المصلحة قبل زواجها.
وحيث إن هذا النعي مردود في جميع وجوهه أولاً بأن محكمة الموضوع تستقل وحدها بتصوير وقائع النزاع دون معقب ما دام تصويرها يستند إلى ما هو ثابت من أوراق الدعوى وملابساتها ولما كان الحكم قد حصل أن السندات التي حررها المطعون عليه الثاني لصالح دراكوس صورية للأسباب التي أوردها فإن التصوير الذي انتهى إليه مستنداً إلى تلك الأسباب لا يعتوره قصور أما ما تقوله الطاعنة من أنه لو كان الأمر أمر رغبة المطعون عليه الثاني في إعادة شراء المحجوزات عن طريق تسخيرها للشراء لسخرها للشراء عند البيع الذي كان يتم بناء على حجز المطعون عليها الأولى ولوفر على نفسه مصروفات أوامر أداء دين دراكوس وإعلانها والتنفيذ بها فمردود بأن حجز المطعون عليها الأولى تم في 26 من يوليو سنة 1950 في حين أن حجز دراكوس تم في 21 من ديسمبر سنة 1950 ومع ذلك فإن هذا الحجز الأخير لم يعلن إلى المطعون عليها الأولى على ما توجبه المادة 517 مرافعات مما يؤكد رغبة المطعون عليه الثاني والطاعنة في إتمام إجراءات البيع في حجز دراكوس بغير علم المطعون عليها الأولى ليحولا بينها وبين التدخل في بيع المحجوزات لرفع ثمنها مما يفوت عليهما غرضهما - ثانياً - إن الطاعنة أقرت في المذكرة الشارحة أن سندات دين دراكوس لم تكن تحت نظر المحكمة إذ كانت مودعة ملفات أوامر الأداء وقد تكون المحكمة قد استقت البيانات التي أوردتها عن تلك السندات من مرافعات الخصوم أو مذكراتهم ولم تقدم الطاعنة صور محاضر الجلسات أو المذكرات للتحقق من أن ما أورده الحكم عنها يخالف الثابت في الأوراق. كما أن ما أورده الحكم عن عدم تدخل دراكوس في المزاد ثابت من محاضر البيع المقدمة صورها بحافظة الطاعنة أما وجود وكيل الدائن عند البيع فإنه لا ينفي ما أورده الحكم في هذا الخصوص. ثالثاً - أن ما أورده الحكم عن عدم وجود مزايدين آخرين لا مخالفة فيه للثابت في الأوراق إذا أن ما أثبته المحضر من وجود مزايدين وقعوا على محاضر البيع كشهود لا ينهض وحده دليلاً على أن هؤلاء الأشخاص قد اشتركوا فعلاً في المزاد الذي رسا على الطاعنة إذ لم يبين المحضر مقدار الثمن الذي تقدم للشراء به كل مزايد منهم على حدة مما يشير إلى أن وجود هؤلاء الأشخاص وتوقيعهم على محاضر البيع لم يكن إلا استكمالاً لمظاهر الصورية التي انتهت المحكمة إلى تقرير ثبوتها في خصوص سندات دين دراكوس وما اتخذ بشأنه من إجراءات صورية كانت غايتها إيقاع البيع على الطاعنة. وأخيراً فإن ما أورده الحكم عن تسخير المطعون عليه الثاني للطاعنة لشراء الأشياء المحجوز عليها لحسابه ومن ماله هو تقرير موضوعي وليس في ثبوت وجود مال خاص بالطاعنة ما ينفي ما قرره الحكم في هذا الخصوص.
وحيث إن السبب الرابع يتحصل في النعي على الحكم بمخالفة القانون إذ أهدر حجية ما أثبته المحضر في محاضر البيع وهي أوراق رسمية من وجود مزايدين آخرين مخالفاً بذلك ما تقضي به المادة 391 من القانون المدني.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن ما أثبته المحضر من وجود مزايدين آخرين وقعوا كشهود على محاضر البيع لا يدل بذاته على جدية البيع وقد ورد هذا البيان قاصراً إذ خلا من بيان الثمن الذي تقدم للشراء به كل من المزايدين عن كل سلعة من السلع المحجوز عليها. هذا فضلاً عن أن الحكم سرد الأدلة التي كونت اقتناع المحكمة على صورية دين دراكوس وصورية الإجراءات التي انتهت بالبيع وهي جميعاً وبصرف النظر عن وجود مزايدين وجدية البيع تكفي لحمله فيما انتهى إليه من صورية الدين المنفذ به.
وحيث إن السبب الأخير يتحصل في النعي على الحكم بمخالفة القانون استناداً إلى أن الطاعنة اشترت الأشياء المحجوز عليها من مزاد عام فهي بذلك قد حازتها حيازة تستند إلى سبب صحيح وإلى حسن النية، وإذ أهدر الحكم مدلول ذلك فإنه يكون قد خالف المادة 976 من القانون المدني.
وحيث إن هذا السبب مردود بأن الحكم أقام قضاءه على صورية دين دراكوس الذي انتهى التنفيذ به إلى إيقاع البيع على الطاعنة وعلى صورية الإجراءات التي انتهت إلى البيع وإلى تواطؤ الطاعنة مع ذلك الدائن ومع المطعون عليه الثاني في اتخاذ هذه الإجراءات إضراراً بالمطعون عليها الأولى وإذ نفى الحكم عن الطاعنة حسن النية فإن التحدي بحكم المادة 976 من القانون المدني لا يكون له محل.
وحيث إنه لذلك يتعين رفض الطعن.