أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 8 - صـ 531

جلسة 23 من مايو سنة 1957

برياسة السيد عبد العزيز محمد رئيس المحكمة، وبحضور السادة: اسحق عبد السيد، وأحمد قوشه، ومحمد متولي عتلم، وإبراهيم عثمان يوسف المستشارين.

(56)
القضية رقم 189 سنة 23 القضائية

( أ ) نقض. إعلان الطعن. إعلان. الخطوات التي يجب على المحضر إثباتها في محضره. إثباته الخطوة الوحيدة التي كان يستطيع أن يخطوها في سبيل الإعلان. لا بطلان. مثال. المادة 12 مرافعات.
(ب) نقض. إعلان الطعن. إعلان "الإعلان للنيابة". خلو الأوراق مما يدل على أن الطاعن كان يستطيع أن يبذل جهداً مثمراً في سبيل معرفة محل إقامة المطعون عليه. الدفع ببطلان الإعلان في مواجهة النيابة بعد ذلك. لا أساس له.
1 - إذا تبين أن محل إقامة المطعون عليه المبين في الحكم والذي كان على الطاعن أن يوجه إعلان الطعن إليه فيه هو بلدة معينة دون تحديد أو تعيين لمكان بذاته منها كان يستطيع المحضر أن يقصد إليه فلجأ إلى شيخ البلد الذي أخبره بأن المطعون عليه لا يقيم في تلك البلدة بل يقيم في القاهرة وأن محل إقامته فيها غير معلوم - ومن ثم فلم يكن في مكنة المحضر أن يتوجه إلى مكان محدد بعينه من البلدة المذكورة ليتحقق من قول الشيخ وقد أثبت في محضره الخطوة الوحيدة التي كان يستطيع أن يخطوها في سبيل الإعلان وهي مخاطبته لشيخ البلد وإثبات إجابته سالفة الذكر. متى ثبت ذلك فإنه لا اعتداد بالقول بأن الإعلان قد شابه البطلان تأسيساً على أن المحضر عندما توجه لإعلان المطعون عليه اكتفى بإجابة شيخ البلد ولم يتوجه إلى محل إقامته ليتحقق من غيابه ومن عساه يكون مقيماً معه ولم يثبت في محضره الخطوات التي أوجبت المادة 12 مرافعات إثباتها.
2 - متى كان الحال في الدعوى أنه ليس في أوراقها ما يمكن الاستدلال منه على أن الطاعن يستطيع أن يبذل جهداً مثمراً في سبيل معرفة محل إقامة المطعون عليه بعد أن وجه إليه إعلان الطعن في محل إقامته المبين في الحكم - فإن الدفع ببطلان إعلانه في مواجهة النيابة بعد ذلك يكون غير قائم على أساس قانوني ذلك أنه وإن كان صحيحاً أن إعلان الأوراق القضائية إلى النيابة هو إجراء استثنائي لا يصح اللجوء إليه إلا إذا قام المعلن بالتحريات الكافية للتقصي عن محل إقامة المعلن إليه فلم يهده بحثه وتقصيه إلى معرفة ذلك المحل إلا أنه يجب من جهة أخرى - على ما استقر عليه قضاء هذه المحكمة - أن يقدم الدليل على أن الطاعن كان يستطيع القيام بهذا التحري وأنه لو بذل جهداً في سبيله لتوصل إلى معرفة محل إقامة المعلن إليه ولاستطاع أن يعلنه فيه فيما بقى من ميعاد الخمسة عشر يوماً المحددة لإعلان تقرير الطعن.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر وبعد المداولة.
من حيث إن الوقائع - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن رفع الدعوى رقم 160 سنة 1942 كلي أسيوط على المطعون عليهم وآخر يدعى الشيخ وزيري محمود حسين وقال في صحيفتها إنه يملك 6 ف و10 ط و12 س آلت إليه بطريق الشراء من المرحوم واصف جرجس بطرس مورث المطعون عليهما الثاني والثالث بعقد مؤرخ 7 من يونيه سنة 1926 صدر عنه حكم بإثبات التعاقد في القضية رقم 429 سنة 1926 كلي أسيوط وسجل في 27 من إبريل سنة 1927 ولكن المطعون عليه الأول نازعه في الملكية بحجة أنه اشترى هذه الأطيان من المطعون عليهما الثاني والثالث ولدى المرحوم واصف جرجس وطلب الطاعن الحكم بصفته مستعجلة بوضع الأطيان تحت الحراسة وإقامة الشيخ وزيري محمود حارساً عليها والحكم بثبوت ملكيته لتلك الأطيان، فدفع المطعون عليه الأول الدعوى بأنه اشترى الأطيان من مورث المطعون عليهما الثاني والثالث البائع للطاعن بعقد مؤرخ 8 من أكتوبر سنة 1937 صدر عنه حكم بصحة توقيع البائع في القضية رقم 9699 سنة 1938 نجع حمادي سجل في أول شهر أغسطس سنة 1938 وأنه وإن كان عقد الطاعن أسبق تسجيلاً إلا أنه عقد صوري من جهة ولم يضع الطاعن يده على ما اشتراه منذ تاريخ شرائه من جهة أخرى، وقد كانت الأطيان في وضع يده هو طوال هذه المدة وهي تزيد على خمس عشرة سنة واستند في إثبات ذلك إلى أوراد مال وعقود إيجار صادرة من البائع بعد تاريخ العقد الذي يتمسك به الطاعن وقبل أن يشتري هو هذه الأطيان واستند كذلك إلى عقود إيجار صادرة من مستأجري الأطيان وهي لاحقة لتاريخ شرائه، وفي 30 من نوفمبر سنة 1943 قضى بثبوت ملكية الطاعن للأطيان ..... استناداً إلى أن المطعون عليه الأول خلف خاص للبائع له فهو مقيد بالالتزامات التي اتصلت بالشيء الذي انتفت ملكيته ما دامت سابقة على التصرف الحاصل له فليس له أن يدلل على صورية العقد الصادر من سلفه إلى الطاعن إلا بالكتابة وهو لم يقدم دليلاً كتابياً على هذه الصورية مع أنه كان يعلم علم اليقين بوجود عقد الطاعن وبأن الأطيان مكلفة باسمه إذا أن من بين مستنداته أوراد مال باسم الطاعن عن سنة 1935 كما أنه اختصمه عندما رفع دعوى صحة التوقيع فكان لزاماً عليه أن يطالب البائع له بدليل كتابي على صورية العقد الصادر إلى الطاعن، استأنف المطعون عليه الأول هذا الحكم وقيد استئنافه برقم 182 سنة 19 ق استئناف أسيوط فقضى في 28 من إبريل سنة 1948 بإحالة الدعوى على التحقيق ليثبت المستأنف - المطعون عليه الأول - بكافة طرق الإثبات أن العقد الذي يتمسك به المستأنف عليه - الطاعن - صوري صورية مطلقة استناداً إلى أن المطعون عليه الأول قدم من القرائن على صورية عقد الطاعن ما لم يرد عليه الطاعن رداً جدياً وأن المطعون عليه الأول يعتبر من الغير ويحق له إثبات الصورية بكافة طرق الإثبات، وبعد تنفيذ هذا الحكم قضى في 11 من إبريل سنة 1953 بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى، فطعن الطاعن في هذا الحكم وفي الحكم التمهيدي الصادر في 28 من إبريل سنة 1948 بطريق النقض، وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون فقررت إحالته على الدائرة المدنية وقد صممت النيابة أمام هذه الهيئة على ما جاء بمذكرتها التي قدمتها إلى دائرة فحص الطعون طالبة رفض الطعن.
وحيث إن النيابة أبدت رأيها بعدم قبول الطعن شكلاً لبطلان إجراءات إعلانه ذلك أن التقرير بالطعن تم في 6 من يوليو سنة 1953 وأعلن لشخص المطعون عليه الأول في 9 من يوليو وفي هذا اليوم نفسه توجه المحضر لإعلان المطعون عليهما الثاني والثالث بالبلينا فأجاب شيخ البلد على الأوراق بأنهما يقيمان بمصر ولا يعرف محل قامتهما، وفي 21 من يوليو سنة 1953 أعلنا إلى نيابة جنوب القاهرة دون أن يقوم المعلن - أي الطاعن - بالتحري والتقصي عن محل إقامتهما مع أن إعلان الأوراق القضائية إلى النيابة إنما هو إجراء استثنائي أجازه القانون على خلاف الأصل وهو أن يكون إعلان الأوراق المطلوب إعلانها إلى الشخص نفسه أو في موطنه تطبيقاً للمادة 11 من قانون المرافعات ولا يصح اللجوء إلى هذا الإجراء الاستثنائي إلا إذا قام المعلن بالتحريات الكافية الدقيقة للتقصي عن محل إقامة المعلن إليه فلا يكفي أن ترد الورقة بدون إعلان ليسلك المعلن هذا الطريق الاستثنائي، والطاعن لم يثبت أنه حاول قبل الإعلان للنيابة العمومية التحري عن محل إقامة المطعون عليهما الثاني والثالث ولم يقدم دليلاً على أنه بذل جهداً في سبيل الاهتداء إلى محل إقامتهما، ومن ثم يكون إعلانهما باطلاً عملاً بنص المواد 11، 14، 24 من قانون المرافعات وللمحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها في غيبتهما، هذا فضلاً عن أن المحضر عندما توجه لإعلان المطعون عليهما الثاني والثالث في 9 من يوليو سنة 1953 اكتفى بإجابة شيخ البلد ولم يتوجه إلى محل إقامتهما ليتحقق من غيابهما هما ومن عساه يكون مقيماً معهما ولم يثبت في محضره الخطوات التي أوجبت المادة 12 من قانون المرافعات إثباتها وفي ذلك ما يبطل الإعلان أيضاً، ثم تقول النيابة إن بطلان إعلان الطعن بالنسبة للمطعون عليهما الثاني والثالث يتعدى أثره للمطعون عليه الأول، إذ موضوع الخصومة بين الطاعن والمطعون عليهم غير قابل للتجزئة.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على الحكمين المطعون فيهما أنه ثابت بهما أن المطعون عليه الأول يقيم بالخوالد مركز نجع حمادي وأن المطعون عليهما الثاني والثالث يقيمان بالبلينا، كما يبين من تقرير الطعن أن الطاعن قرر أن الطعن في هذين الحكمين بتاريخ 6 من يوليو سنة 1953 ثم وجه إعلان الطعن إلى المطعون عليهم في محلي إقامتهم المبينين في الحكمين فتم إعلان المطعون عليه الأول في يوم 9 من يوليو سنة 1953، أما المطعون عليهما الثاني والثالث فقد توجه المحضر في يوم 13 من يوليو سنة 1953 - لا في 9 من يوليو سنة 1953 كما تقول النيابة - لإعلانهما في البلينا وهناك تقابل مع شيخ البلدة الذي أخبره بأنهما يقيمان بالقاهرة ولا يعلم لهما محل إقامة فيها وعندئذ أثبت المحضر هذه الإجابة في محضره ورد الإعلان إلى الطاعن طالب الإعلان فطلب وكيله إعلان المطلوب إعلانهما في مواجهة النيابة وتم إعلانهما في يوم 21 من يوليو سنة 1953 في مواجهة وكيل نيابة جنوب القاهرة.
وحيث إنه وإن كان صحيحاً ما تقول به النيابة من أن إعلان الأوراق القضائية إلى النيابة هو إجراء استثنائي لا يصح اللجوء إليه إلا إذا قام المعلن بالتحريات الكافية للتقصي عن محل إقامة المعلن إليه فلم يهده بحثه وتقصيه إلى معرفة ذلك المحل إلا أنه يجب من جهة أخرى - على ما استقر عليه قضاء هذه المحكمة - أن يقدم الدليل على أن الطاعن كان يستطيع القيام بهذا التحري وأنه لو بذل جهداً في سبيله لتوصل إلى معرفة محل إقامة المعلن إليه ولاستطاع أن يعلنه فيما بقى من ميعاد الخمسة عشر يوماً المحددة لإعلان تقرير الطعن - الطعن رقم 23 سنة 21 ق بتاريخ 21 من نوفمبر سنة 1953 - والحال في خصوصية هذه الدعوى أنه ليس في أوراقها ما يمكن الاستدلال منه على أن الطاعن كان يستطيع أن يبذل جهداً مثمراً في سبيل معرفة محل إقامة المطعون عليهما الثاني والثالث فالدفع الذي تقول به النيابة استناداً إلى هذا السبب لا يقوم على أساس من القانون.
وحيث إنه لا اعتداد كذلك بما تقول به النيابة أيضاً من أن الإعلان قد شابه البطلان لأن المحضر عندما توجه لإعلان المطعون عليهما الثاني والثالث اكتفى بإجابة شيخ البلد ولم يتوجه إلى محل إقامتهما ليتحقق من غيابهما ومن عساه يكون مقيماً معهما ولم يثبت في محضره الخطوات التي أوجبت المادة 12 من قانون المرافعات إثباتها، هذا الذي تقول به النيابة لا اعتداد به ذلك أن محل إقامة المطعون عليهما الثاني والثالث المبين في الحكمين المطعون فيهما والذي كان على الطاعن أن يوجه إعلان الطعن إليهما فيه هو بلدة البلينا دون تحديد أو تعيين لمكان بذاته من هذه البلدة كان يستطيع المحضر أن يقصد إليه فلجأ إلى الشيخ الذي أخبره بأنهما لا يقيمان في البلينا بل يقيمان في القاهرة وأن محل إقامتهما فيها غير معلوم - كما سلف القول - ومن ثم فلم يكن في مكنة المحضر أن يتوجه إلى مكان محدد بعينه من بلدة البلينا ليتحقق من قول شيخ البلد، هذا على أن الثابت من الاطلاع على الإعلان أن المحضر قد أثبت في محضره الخطوة الوحيدة التي كان يستطيع أن يخطوها في سبيل الإعلان وهو مخاطبته لشيخ البلد وإثبات إجابته سالفة الذكر.
وحيث إنه يبين من ذلك أن الدفع في غير محله ومن ثم يكون الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.