أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
السنة 26 - صـ 637

جلسة 19 من مارس سنة 1975

برياسة السيد المستشار سليم راشد أبو زيد نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: مصطفى الفقي، ومحمد صالح أبو راس، وحافظ رفقي، ومحمد البنداري العشري.

(126)
الطعن رقم 488 لسنة 39 القضائية

(1، 2) شركات "الشركات المساهمة" "المصادقة على الأرباح". تأميم. حق. اختصاص.
(1) تحقيق الشركة المساهمة أرباحاً خلال فترة التأميم النصفي. عدم صدور قرار من الجمعية العمومية للمساهمين بالمصادقة على توزيع هذه الأرباح قبل تأميم الشركة كلياً. لا يمنع المساهم من اللجوء إلى القضاء للمطالبة بنصيبه في تلك الأرباح. علة ذلك.
(2) التأميم - وفقاً للقانون 117 لسنة 1961 - لا يرد إلا على رؤوس أموال المنشآت دون الأرباح التي حققتها قبل التأميم. تأميم المنشأة تأميماً نصفياً. عدم ورود هذا التأميم على الأرباح التي حققتها خلال فترة التأميم النصفي. حق المطعون ضده - وقد صار بالتأميم النصفي شريكاً مساهماً بحق النصف في المنشأة - في الحصول على نصيبه في الأرباح المذكورة.
1 - إنه وإن كان حق المساهم في الأرباح حق احتمالي لا يتأكد إلا بمصادقة الجمعية العمومية للمساهمين، أو يقوم مقامها على حصص الأرباح التي يقترح مجلس إدارة الشركة توزيعها، إلا أنه لما كان حق المساهم في الحصول على نصيب من أرباح الشركة هو من الحقوق الأساسية التي لا يجوز المساس بها، وعلى ذلك فإن كل ما من شأنه أن يفقد المساهم حقه فيها أو في نسبة عادلة منها أو تأخير صرفها إليه عن موعدها المعتاد يكون متعارضاً مع هذا الحق الأساسي. وإذ كان الثابت مما سجله الحكم المطعون فيه أن الشركة - الطاعنة - حققت أرباحاً في الفترة ما بين تأميم المضرب تأميماً نصفياً وتأميمه تأميماً كلياً، وأنه حتى على فرض عدم صدور قرار من الجهة المختصة بالموافقة على توزيع هذه الأرباح، فإنه يكون من حق المساهم وهو المطعون ضده - أن يلجأ إلى القضاء للمطالبة بنصيبه في هذه الأرباح بعد أن أممت الشركة تأميماً كلياً، ويكون القضاء مختصاً بتحديد هذه الأرباح وفقاً لما يثبت لديه.
2 - تنص المادة الثانية من القانون رقم 117 لسنة 1961 على أن رؤوس أموال المنشآت المؤممة تتحول إلى سندات اسمية على الدولة لمدة خمس عشر عاماً بفائدة قدرها 4% سنوياً كما تنص المادة الثالثة على أن قرارات لجان التقييم تكون نهائية، وغير قابلة للطعن فيها بأي وجه من الوجوه ومفاد ذلك أن التأميم لا يرد إلا على رؤوس أموال المنشآت دون ما عداها كالأرباح التي حققتها قبل التأميم، ولو أراد المشرع تأميمها لنص على ذلك صراحة في القانونين 117، 118 لسنة 1961. وإذ كانت المنشأة محل النزاع قد أممت أولاً تأميماً نصفياً بالقانون رقم 42 لسنة 1962 بمساهمة الدولة فيها بنصيب قدره 50% من رأس مالها، ثم صار تأميمها بعد ذلك تأميماً كاملاً بالقانون 51 لسنة 1963، فإن الأرباح التي حققتها المنشأة خلال فترة التأميم النصفي تكون بمنأى عن التأميم، ولا تندمج في رأس المال المؤمم لأن المطعون ضده، وهو أصلاً صاحب المنشأة المؤممة جزئياً يصبح شريكاً مساهماً بحق النصف فيها وفق ما تنص عليه المادة الأولى من القانون رقم 118 لسنة 1961، ومن ثم من حقه الحصول على نصيبه في الأرباح خلالها، دون أن يكون لذلك علاقة بتأميم المنشأة تأميماً كلياً، ولا بقرار اللجنة التي تولت تقييمها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده أقام على الشركة الطاعنة وآخرين الدعوى رقم 378 سنة 1974 مدني كلي طنطا بطلب إلزامهم متضامنين بمبلغ 6103 ج و986 م وقال شرحاً للدعوى إنه كان يملك مضرباً للأرز بطنطا وبتاريخ 30/ 1/ 1962 صدر قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 42 لسنة 1962 بإضافة ذلك المضرب إلى الجدول المرافق للقانون 188 لسنة 1961 بشأن مساهمة الدولة في بعض الشركات والمنشآت بحصة قدرها 50% من رأس المال فصار شريكاً فيه بحق النصف، وبتاريخ 28/ 4/ 1973 صدر قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 51 لسنة 1963 بتأميم المطاحن والمضارب ونفذ القانون بالنسبة لهذا المضرب اعتباراً من 8/ 5/ 1963 وهو تاريخ نشر ذلك القانون وصار المضرب من ذلك التاريخ مملوكاً ملكية كاملة للدولة ضمن شركات المؤسسة العامة للمطاحن والمضارب والمخابز وقد استحق له نصف أرباح المضرب التي أظهرتها ميزانيته عن المدة من تاريخ التأميم النصفي في 30/ 1/ 1962 إلى تاريخ التأميم الكلي في 8/ 5/ 1963 وقدرها 6103 ج و986 م، وبتاريخ 15/ 12/ 1964 قضت محكمة أول درجة بندب خبير لبيان مقدار ما أسهمت به الدولة في رأس مال المنشأة وما إذا كانت قد حققت أرباحاً في الفترة من 30/ 1/ 1962 إلى 8/ 5/ 1963 أم لا ومقدارها ونصيب المطعون ضده فيها وبعد أن قدم الخبير تقريره قضت المحكمة بتاريخ 21/ 12/ 1966 بإلزام الشركة الطاعنة بطلبات المطعون ضده واستأنفت الطاعنة الحكم بالاستئناف رقم 94 سنة 17 ق طنطا طالبة إلغاءه، وبتاريخ 23/ 1/ 1968 قضت محكمة الاستئناف بندب خبير لبيان ما حققته المنشأة من أرباح في فترة التأميم النصفي ونصيب المطعون ضده فيها ومصير هذه الأرباح وما إذا كانت قد دخلت ضمن رأس المال عند تقييم المضرب بعد التأميم الكلي وما إذا كانت لجنة التقييم تعرضت لهذه الأرباح في أعمالها أو في تقريرها أم لا، وبعد أن قدم الخبير تقريره قضت المحكمة بتاريخ 18/ 5/ 1969 بتعديل الحكم المستأنف وإلزام الطاعنة بأن تدفع للمطعون ضده مبلغ 5806 ج و370 م وطعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض. وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. وإذ عرض الطعن على المحكمة بغرفة المشورة حددت جلسة لنظره وفيها أصرت النيابة على رأيها.
وحيث إن الطاعنة تنعى على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه من ثلاثة وجوه. وفي بيان الوجه الأول تقول إن المنشأة وقد أممت ابتداء تأميماً نصفياً ثم تلاه تأميماً كلياً أصبحت محكومة بقوانين التأميم ومن مقتضاها أن إقرار ميزانيتها بما تشتمل عليه من أرباح وخسائر أصبح معقوداً لمجلس إدارة المؤسسة التي تتبعها أما قبل هذا الاعتماد فلا يكون للشريك أو غيره من ذوي الحقوق سوى مجرد حق احتمالي لا يبلغ مرتبة الحق الكامل ومن ثم فقضاء الحكم المطعون فيه بندب خبير لبيان ما حققته المنشأة من أرباح في فترة التأميم النصفي قبل هذا الاعتماد الذي يتحدد به القدر الموزع من الأرباح الصافية وما ترتب على تقديم التقرير من إلزام الطاعنة بالمبلغ المقضى به بمقولة إن الأرباح حكمها حكم الثمار التي يتملكها صاحبها يوماً بيوم يكون مخالفاً للقانون.
وحيث إن النعي بهذا الوجه مردود ذلك أنه يبين من مدونات الحكم المطعون فيه قوله "وقد قدم الخبير الحسابي المندوب من محكمة الدرجة الثانية تقريره المودع بملف الدعوى بتاريخ 15/ 2/ 1969 وقد انتهى فيه إلى نتيجة مؤداها أن ما حققته المنشأة موضوع النزاع "المضرب" من الأرباح في فترة التأميم الجزئي هو مبلغ 10682 ج و64 م ونصيب المستأنف عليه فيها بحق النصف بعد استنزال حصة العمال والموظفين فيها والتي وزعت عليهم هو مبلغ 5806 ج و370 م وأن هذا المبلغ الذي يمثل الأرباح لم يدخل ضمن رأس المال عند تقييم المضرب بعد التأميم الكلي كما أن لجنة التقييم الكلي لم تظهر هذه الأرباح في تقريرها أو في أعمالها" وهذا الذي قرره الحكم المطعون فيه له أصله الثابت في الأوراق وسائغ ومن شأنه أن يؤدي إلى ما انتهى إليه ولا مخالفة فيه للقانون ذلك أنه وإن كان حق المساهم في الأرباح حق احتمالي لا يتأكد إلا بمصادفة الجمعية العمومية للمساهمين أو يقوم مقامها على حصص الأرباح التي يقترح مجلس إدارة الشركة توزيعها إلا أنه لما كان الحق المساهم في الحصول على نصيب من أرباح الشركة هو من الحقوق الأساسية التي لا يجوز المساس بها وعلى ذلك فإن كل ما من شأنه أن يفقد المساهم حقه فيها أو في نسبة عادلة منها أو تأخير صرفها إليه عن موعدها المعتاد يكون متعارضاً مع هذا الحق الأساسي. وإذ كان الثابت مما سجله الحكم المطعون فيه - على ما سبق بيانه - أن الشركة حققت أرباحاً في الفترة من 30/ 1/ 1962 حتى 8/ 5/ 1963 وهي الفترة ما بين تأميم المضرب تأميماً نصفياً وتأميمه تأميماً كلياً، وأنه حتى على فرض عدم صدور قرار من الجهة المختصة بالموافقة على توزيع هذه الأرباح فإنه يكون من حق المساهم - وهو المطعون ضده - أن يلجأ إلى القضاء للمطالبة بنصيبه في هذه الأرباح بعد أن أممت الشركة تأميماً كلياً ويكون القضاء مختصاً بتحديد هذه الأرباح وفقاً لما يثبت لديه، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر فإنه يكون قد التزم صحيح القانون ويكون النعي عليه بهذا الوجه على غير أساس.
وحيث إن حاصل الوجهين الثاني والثالث أنه وقد رفعت دعوى المطالبة بالأرباح بعد التأميم الكامل فإن النظر فيها يكون من اختصاص لجنة التقييم التي ناط المشرع بها وحدها تقدير أصول المنشأة المؤممة وخصومها وسواء عرضت اللجنة لهذه الأرباح أم لم تعرض لها في تقديرها فإن القضاء بندب خبير لتقديرها يشكل لوناً من الطعن في قرار نهائي محصن من التصحيح أو التعديل، هذا فضلاً عن أن ما لم يقبضه المطعون ضده من أرباح المنشأة خلال فترة التأميم النصفي يصبح من مقوماتها وجزءاً من رأسمالها ويلحقه التأميم الكامل ويتحول نصيب المطعون ضده فيها إلى سندات على الدولة ويكون الحكم المطعون فيه بقضائه بها على الطاعنة قد أخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي بوجهيه مردود ذلك أنه لما كانت المادة الثانية من القانون رقم 117 لسنة 1961 تنص على أن رؤوس أموال المنشأة المؤممة تتحول إلى سندات اسمية على الدولة لمدة خمسة عشر عاماً بفائدة قدرها 4% سنوياً كما تنص المادة الثالثة على أن قرارات لجان التقييم تكون نهائية وغير قابلة للطعن فيها بأي وجه من الوجوه فإن مفاد ذلك أن التأميم لا يرد إلا على رؤوس أموال المنشآت دون ما عداها كالأرباح التي حققتها قبل التأميم ولو أراد المشرع تأميمها لنص على ذلك صراحة في القانونين 117 و118 لسنة 1961، وإذ كانت المنشأة محل النزاع قد أممت أولاً تأميماً نصفياً بالقانون رقم 42 لسنة 1962 بمساهمة الدولة فيها بنصيب قدره 50% من رأس مالها، ثم صار تأميمها بعد ذلك تأميماً كلياً بالقانون 51 لسنة 1963 فإن الأرباح التي حققتها المنشأة خلال فترة التأميم النصفي تكون بمنأى عن التأميم ولا تندمج في رأس المال المؤمم لأن المطعون ضده وهو أصلاً صاحب المنشأة المؤممة يصبح شريكاً مساهماً بحق النصف فيها وفق ما تنص عليه المادة الأولى من القانون رقم 118 لسنة 1961 ومن ثم فمن حقه الحصول على نصيبه في الأرباح خلالها على ما سبق بيانه في الرد على الوجه الأول دون أن يكون لذلك علاقة بتأميم المنشأة تأميماً كلياً ولا بقرار اللجنة التي تولت تقييمها، لما كان ذلك وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن الخبير الذي ندبته المحكمة واطمأنت إلى نتيجة أعماله قد انتهى في تقريره إلى أن أرباح المنشأة في فترة التأميم النصفي لم تدخل ضمن رأس المال عند تقييم المضرب بعد تأميمه تأميماً كلياً كما أن لجنة التقييم لم تظهر هذه الأرباح في تقديرها أو في أعمالها فإن النعي على الحكم بأن قضاءه سواء بندب الخبير أو في الموضوع يشكل لوناً من الطعن على قرار لجنة التقييم وأن الأرباح السابقة في فترة التأميم النصفي يلحقها التأميم وتصبح جزء من رأس مال المنشأة المؤممة هو نعي غير صحيح ويكون الطعن برمته على غير أساس ويتعين رفضه.