أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 8 - صـ 571
جلسة 13 من يونيه سنة 1957
برياسة السيد المستشار محمد فؤاد جابر، وبحضور السادة: اسحق عبد السيد، وأحمد قوشه، ومحمد متولي عتلم، وإبراهيم عثمان يوسف المستشارين.
(63)
القضية رقم 198 سنة 23 القضائية
ريع. دفاع. دعوى "وقفها". تقرير المحكمة أن النزاع المثار أمامها
حول الاتفاق الحاصل بين الطرفين أو انتهاء أثره في خصوص تحديد أجرة الأطيان المطالب
بريعها هو نزاع جوهري. عدم الفصل في هذا النزاع أو وقف الدعوى حتى يفصل فيه في دعوى
أخرى مقامة للمطالبة بتنفيذه وإعمال ما تضمنته هذا الاتفاق.
إذا كانت المحكمة قد قررت أن النزاع الذي أثير أمامها حول بقاء الاتفاق الحاصل بين
الطرفين أو انتهاء أثره في خصوص تحديد أجرة الأطيان المطالب بريعها هي نزاع جوهري ولم
تفصل المحكمة في هذا النزاع فإنها تكون قد تخلت عن الفصل في عنصر جوهري من عناصر النزاع
المطروح عليها ولو أنها فعلت لكان من المحتمل أن يتغير وجه الرأي في الدعوى فكان من
المتعين عليها أن تقول كلمتها فيه أو أن توقف السير في الدعوى حتى يفصل في النزاع الذي
أثير حول ذلك الاتفاق في دعوى أخرى مقامة للمطالبة بتنفيذه - كما أن المحكمة تكون قد
أخطأت إذا كانت قد عادت فأعملت ما تضمنه الاتفاق المذكور.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار
المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه، وسائر أوراق الطعن - تتحصل في
أن الطاعنة أقامت الدعوى رقم 586 سنة 1950 كلي أسيوط على المطعون عليها طلبت فيها الحكم
لها على المطعون عليها بمبلغ 3008 جنيهاً و335 مليماً والمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة،
وأسست دعواها على أنها تملك 15 فدان و12 سهماً شائعة في 120 فدان و4 قراريط و2 سهم
بطريق الميراث عن زوجها المرحوم عبد المنعم جاد الرب وأن المطعون عليها استغلت هذه
الأطيان من سنة 1945 إلى نهاية سنة 1949 ولم تؤد إليها حصتها في الريع وقدرت هذا الريع
بمبلغ أربعين جنيهاً للفدان الواحد - دفعت المطعون عليها بأن المرحوم عبد المنعم جاد
الرب كان يملك 108 فداناً وكّل والده المرحوم أحمد جاد الرب باشا في بيعها للشركة العقارية.
وفي 10 من يناير سنة 1936 اتفق المورث مع والده على أن يتعهد هذا الأخير باسترداد تلك
الأطيان من الشركة العقارية ويردها إلى ابنه بعد تطهيرها مما عليها من ديون للشركة
العقارية وعلى أن يدفع الوالد لولده مبلغ 450 جنيهاً سنوياً حتى يتم استرداد الأطيان
وأن مقتضى هذا الاتفاق أن ليس لورثة عبد المنعم جاد الرب أن يطالبوا بأكثر من المبلغ
الوارد بهذا الاتفاق، كما دفعت بأن الطاعنة قد استولت على نصيبها عن سنتي 1945، 1946
واستدلت على ذلك بإيصال موقع عليه من الطاعنة محرر في أول أكتوبر سنة 1946 تضمن أنها
استلمت من المطعون عليها مبلغ 67 جنيهاً باقي الإيجار المطلوب لها فيما ورثته عن زوجها
عن سنة 1946 - فعدلت الطاعنة الدعوى إلى طلب الحكم لها بمبلغ 1800 جنيهاً قيمة الريع
عن المدة من 1947 - 1949. ومحكمة أسيوط الابتدائية حكمت في 30 من إبريل سنة 1952 بإلزام
المطعون عليها بأن تدفع للطاعنة مبلغ 168 جنيهاً و750 مليماً والمصاريف المناسبة...
استأنفت الطاعنة هذا الحكم أمام محكمة استئناف أسيوط وقيد الاستئناف برقم 144 سنة 27
ق وأخذت الطاعنة على الحكم المستأنف أنه استند إلى اتفاق 10 من يناير سنة 1936 مع أن
هذا الاتفاق لم يبق محل للأخذ به إذا استردت الأطيان من الشركة العقارية فعلاً واستدلت
على انتهاء أثر الاتفاق بأمرين أولهما أن المطعون عليها استأجرت منها الحصة التي تطالب
بريعها بعقد في سنة 1944 كما أن المطعون عليها تدفع إلى أبناء الطاعنة ورثة المرحوم
عبد المنعم جاد الرب حصتهم في ريع الأطيان المخلفة عنه على أساس مغاير للأساس الذي
تم عليه اتفاق 10 من يناير سنة 1936 كما استدلت على استرداد الأطيان بأن المطعون عليها
قد وقعت على محضر الجرد الذي تضمن إضافة تلك الأطيان إلى قصر المرحوم عبد المنعم جاد
الرب فدفعت المطعون عليها بأن الأطيان لم تسترد ولم تطهر مما عليها من دين للشركة العقارية
يبلغ 12000 جنيه. وفي 2 من يونيو سنة 1952 حكمت محكمة استئناف أسيوط بتأييد الحكم المستأنف
- فطعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون وأبدت
النيابة رأيها بنقض الحكم وقررت دائرة الفحص إحالة الطعن إلى الدائرة المدنية لجلسة
30 من مايو سنة 1957 وفيها صممت النيابة على رأيها.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه على الأخذ باتفاق
10 من يناير سنة 1936 في خصوص تقدير الأجرة مع أن الحكم قطع في أسبابه بأن النزاع في
انتهاء أثر ذلك الاتفاق في هذا الخصوص نزاع جدي كما أورد الحكم أن المحكمة لا تستطيع
التعرض لهذا النزاع وأنها تترك أمر الفصل فيه إلى دعوى مستقلة وأن هذا الذي أقيم عليه
الحكم مخالف للقانون لأنه ما دام أن النزاع في انتهاء أثر اتفاق 10 من يناير سنة 1936
نزاع جدي فإنه ما كان يصح أن يبني الحكم على أساس ذلك الاتفاق دون تصفية ما أثير حوله
من نزاع تختص المحكمة بالفصل فيه باعتباره دفاعاً في الموضوع المطروح على المحكمة -
وأنه إذا كانت المحكمة قد انتهت إلى أنها لا تستطيع الفصل في جدية النزاع بشأن انتهاء
أثر الاتفاق سالف الذكر فكان عليها أن توقف الفصل في الدعوى حتى يفصل نهائياً في أمر
هذا النزاع، أما بناء الحكم على الاتفاق المتنازع عليه فمفاده أن ذلك الاتفاق خال من
النزاع وهو ما يتعارض مع ما قرره الحكم من أن النزاع بشأنه نزاع جدي.
وحيث إن هذا النعي صحيح. ذلك أن الحكم المطعون فيه أورد: "أن السبب الأول من أسباب
الاستئناف استناد الحكم إلى الاتفاق المؤرخ 10 يناير سنة 36 مع أن هذا الاتفاق موقوت
باسترداد الأطيان من الشركة العقارية خالية من الديون، وتقرر المستأنفة أن هذا الاسترداد
تم بالفعل فيسقط الاتفاق ويكون من حقها المطالبة بالريع الحقيقي للأطيان. وتدلل على
انتهاء الاتفاق أولاً بأن المستأنف ضدها قد استأجرت منها ذات الأطيان المطالب بريعها
عام 1944. ثانياً - وأنها تدفع الإيجار إلى أبناء المستأنفة مقابل انتفاعها بالريع
على أساس غير الأساس الذي قام عليه الاتفاق. ثالثاً - وأن الإيصال المأخوذ على المستأنفة
باستلامها 67 جنيهاً باقي الإيجار المستحق لها عن إيجار سنة 1946. رابعاً - أن المستأنف
ضدها وقعت بصفتها وصية على القصر على محضر الجرد الذي يتضمن إضافة الأطيان المذكورة
إلى ملكيتهم - ومن حيث إن المستأنف ضدها تنازع في صحة ما تدعيه المستأنفة عن انتهاء
أجل الاتفاق برجوع الأطيان إلى ورثة عبد المنعم جاد الرب وتقرر أن الأطيان المذكورة
لا زالت مرهونة للشركة العقارية ولم يتم تطهيرها من الرهون وهذا هو الشرط الأساسي الذي
التزم به المرحوم أحمد جاد الرب وبالتالي يكون الاتفاق قائماً وتدلل على ذلك بما كان
من المستأنفة حين أقامت دعوى تطالب فيها بتنفيذ ما تضمنه الاتفاق. ومن حيث إنه مع وجود
هذا النزاع الجوهري بين الفريقين على قيام الاتفاق أو انتهاء مفعولة تكون الدعوى للمطالبة
بريع على أساس سقوطه على غير أساس ويتعين على المستأنفة الطعن في الإقرار بانتهاء الغرض
منه وتقديم الدليل على ذلك" ثم استطرد الحكم فأورد أن النزاع في أمر الاتفاق المذكور
"محله دعوى مستقلة ببطلان هذا الاتفاق، والمحكمة في النزاع الحالي لا تستطيع أن تتعرض
لقيمته ومدى احترام كل من الطرفين له". ثم انتهى الحكم إلى تأييد الحكم المستأنف فيما
انتهى إليه من إعمال ما تضمنه اتفاق 10 من يناير سنة 1936 في خصوص تحديد أجرة الأطيان
التي تطالب الطاعنة بريعها - وهذا الذي أورده الحكم وأقام عليه قضاءه مخالف للقانون
لأن المحكمة إذ لم تفصل في النزاع الذي أثير أمامها حول بقاء اتفاق 10 من يناير سنة
1936 أو انتهاء أثرة في خصوص تحديد أجرة الأطيان المطالب بريعها تكون قد تخلت عن الفصل
في عنصر جوهري من عناصر النزاع المطروح عليها ولو أنها فعلت لكان من المحتمل أن يتغير
وجه الرأي في الدعوى فكان من المتعين عليها أن تقول كلمتها فيه أو أن توقف السير في
الدعوى حتى يفصل في النزاع الذي أثير حول ذلك الاتفاق في الدعوى التي أقامتها الطاعنة
مطالبة فيها بتنفيذه على ما أورده الحكم المطعون فيه في هذا الخصوص ولأن المحكمة وقد
قررت أن النزاع في خصوص ذلك الاتفاق وقيامه أو انتهاء أثره نزاع جوهري على ما سلف بيانه
تكون قد أخطأت إذ عادت فأعملت ما تضمنه الاتفاق المذكور - لما كان ذلك فإنه يتعين نقض
الحكم المطعون فيه دون حاجة إلى بحث باقي أسباب الطعن.