أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 8 - صـ 600

جلسة 20 من يونيه سنة 1957

برياسة السيد عبد العزيز محمد رئيس المحكمة، وبحضور السادة: اسحق عبد السيد، ومحمد عبد الواحد علي، وأحمد قوشه، ومحمد متولي عتلم المستشارين.

(67)
القضية رقم 266 سنة 23 القضائية

( أ ) حكم "بياناته". إجراءات التقاضي. دعوى. دفاع. قاصر. النقص أو الخطأ في أسماء الخصوم وصفاتهم. عدم اعتباره جسيماً إذا كان ليس من شأنه التشكك في حقيقة الخصم واتصاله بالخصومة. مثال في دعوى رفعت ابتدأ على قاصر. م 349 مرافعات.
(ب) إثبات "الإثبات بالبينة". شهادة. محكمة الموضوع. سلطتها في تقدير أقوال الشهود. حقها في أن تأخذ ببعض أقوالهم وبأقوال شاهد دون غيره وبدون بيان السبب.
1 - إذا كان الثابت أن الدعوى رفعت ابتداء ضد القاصر في شخص الوصي عليه وصدر الحكم الابتدائي ضد الوصي بهذه الصفة ورفع الاستئناف باسمه وبصفته وصياً إلى أن تقدم وكيل القاصر عنه باعتباره قد بلغ الرشد في المرحلة الأخيرة من الدعوى الاستئنافية وضمن دفاعه عنه نفس الدفاع من باقي المدعى عليهم فإن إغفال الحكم الإشارة إليه باعتباره مباشراً الخصومة بنفسه والاستمرار في إثبات اسم الوصي عليه لا يعتبر خطأ جسيماً يختفي به وجه الحق في التعريف بشخص الخصم المذكور ولا يخل بدفاعه الذي استمعت إليه المحكمة فعلاً بواسطة وكيله الذي كان موكلاً عن باقي المدعى عليهم أيضاً. ذلك أنه متى كان النقض أو الخطأ في أسماء الخصوم وصفاتهم ليس من شأنه التشكك في حقيقة الخصم واتصاله بالخصومة المرددة في الدعوى فإنه لا يعتبر نقصاً أو خطأ جسيماً مما قصدت المادة 349 مرافعات أن ترتب عليه بطلان الحكم.
2 - تقدير أقوال الشهود هو مما تستقل به محكمة الموضوع ولها أن تأخذ ببعض أقوالهم دون البعض الآخر وبأقوال واحد أو أكثر من الشهود دون غيرهم حسبما تطمئن إليه من غير أن تكون ملزمة ببيان أسباب ترجيحها لما أخذت به واطرحها لغيره.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون عليها رفعت الدعوى رقم 9 سنة 1947 كلي الزقازيق ضد زوجها المرحوم محمد حسن باشه مورث الطاعنين بطلب صحة التعاقد الحاصل بينها وبينه بموجب العقد المؤرخ 1/ 1/ 1944 المتضمن بيعه لها منزلين، و3 ف و15 ط و13 س مبينة الحدود بصحيفة الدعوى نظير ثمن قدره 500 ج وبعد وفاة المدعى عليه حل محله ورثته الطاعنتان الأولى والثانية والسيدة منيرة محمد خليل بصفتها وصية على الطاعن الثالث باعتباره إذ ذاك قاصراً، وقد طعنوا على العقد ببطلانه لصدوره من المورث في مرض الموت، فأحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق لإثبات ونفي صدور العقد من المورث في مرض الموت، وبعد سماع الشهود قضت المحكمة الابتدائية في 18/ 12/ 1949 للمطعون عليها بطلباتها، فاستأنفت الطاعنتان الأولى والثانية والوصية على الثالث هذا الحكم بالقضية رقم 86 سنة 2 ق لدى محكمة استئناف المنصورة التي قضت بتاريخ 24/ 5/ 1952 قبل الفصل في الموضوع بإحالة الدعوى إلى التحقيق لتثبيت المستأنفات بكافة الطرق بما فيها البينة أن مورثهن ظل واضعاً يده على الأعيان المبيعة طوال حياته وأنه أودع العقد بعد تحريره مكتب الأستاذ محمد عوض المحامي حتى لا تصل إليه يد الزوجة المطعون عليها، وأن هذه الأخيرة لم تكن تداين زوجها المورث وأن نية المتعاقدين لم تنصرف إلى تنجيز البيع وإنما كانت نيتهما منصرفة إلى تملك العقار المبيع بعد وفاة المورث، وأباحت للمطعون عليها النفي بنفس الطرق - وبعد سماع أقوال شهود الطرفين قضت محكمة الاستئناف في 23/ 5/ 1953 برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف، فقرر الطاعنون الطعن في هذا الحكم بطريق النقض، وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون فقررت إحالته إلى هذه الدائرة وأبدت النيابة العامة رأيها برفض الطعن.
وحيث إن الطعن بني على سببين يتحصل أولهما في أن الحكم المطعون فيه جاء مشوباً بالبطلان ذلك أنه خلا من بيان اسم الطاعن الثالث باعتباره مباشراً الخصومة بنفسه وذكر بدله اسم والدته السيدة منيرة محمد خليل بصفتها وصية عليه مع انه بلغ سن الرشد أثناء نظر الدعوى أمام محكمة الاستئناف، وقد نبه المحكمة إلى ذلك في المذكرتين المقدمتين من محاميه الموكل عنه فلم تلتفت إلى تعديل وتصحيح صفته، وهذا الخطأ الجسيم هو مما يترتب عليه بطلان الحكم طبقاً للمادة 349 من قانون المرافعات، فضلاً عن قصور الحكم في بيان السبب في عدم قبول المحكمة لتعديل وتصحيح اسم الطاعن الثالث وصفته.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن المادة 349 من قانون المرافعات إذ أوجبت أن يتضمن الحكم بيان أسماء الخصوم وألقابهم وصفاتهم قد استلزمت ذلك للتعريف بأشخاص وصفات من تتردد بينهم الخصومة في الدعوى التي يصدر فيها الحكم تعريفاً نافياً للجهالة أو اللبس حتى لا يكتنف الغموض شخص المحكوم له أو المحكوم عليه، وإذ رتبت هذه المادة البطلان على "النقض أو الخطأ الجسيم في أسماء الخصوم وصفاتهم" إنما قصدت النقض أو الخطأ اللذين قد يترتب عليهما التجهيل بالخصم أو اللبس في التعريف بشخصيته مما قد يؤدي إلى عدم التعرف على حقيقة شخصيته أو إلى تغيير شخص الخصم بآخر لا شأن له بالخصومة في الدعوى. فمتى كان النقض أو الخطأ في أسماء الخصوم وصفاتهم ليس من شأنه التشكك في حقيقة الخصم واتصاله بالخصومة المرددة في الدعوى فإنه لا يعتبر نقصاً أو خطأ جسيماً مما قصدت المادة 349 مرافعات أن ترتب عليه بطلان الحكم. لما كان ذلك وكان الثابت أن الدعوى رفعت ابتداء ضد الطاعن الثالث في شخص الوصية عليه السيدة منيرة محمد خليل وصدور الحكم الابتدائي ضدها بهذه الصفة ورفع الاستئناف باسمها وبصفتها وصية عليه أن تقدم وكيل الطاعن الثالث بتوكيله عنه باعتباره قد بلغ الرشد في المرحلة الأخيرة من الدعوى الاستئنافية وضمن دفاعه عنه نفس الدفاع عن الطاعنتين الأولى والثانية فإن إغفال الحكم الإشارة إلى الطاعن الثالث باعتباره مباشراً الخصومة بنفسه والاستمرار في إثبات اسم السيدة منيرة محمد خليل بصفتها وصية عليه لا يعتبر خطأ جسيماً يختفي به وجه الحق في التعريف بشخص الطاعن الثالث ولا يخل بدفاعه الذي استمعت إليه المحكمة فعلاً بواسطة وكيله الذي كان موكلاً عن باقي الطاعنين أيضاً. ومن ثم فإنه لا محل للطعن على الحكم بالبطلان بهذا السبب.
وحيث إن السبب الثاني يتحصل في أن الحكم المطعون فيه قاصر التسبيب إذ لم يبين أسماء الشهود إثباتاً ونفياً وخلاصة شهادتهم ووجه ترجيحه لقول أحدهم على الآخر ولم يناقش ما قدمه الطاعنون من أدلة وقرائن على صحة دفاعهم من أن العقد وصية واكتفى بالإشارة إلى بعض نقاط التحقيق وإلى أقوال شاهد دون آخر وببعض أقواله دون البعض الآخر.
وحيث إن هذا النعي مردود بما أورده الحكم المطعون فيه - كما يبين من الاطلاع عليه - من بيان مفصل للأدلة والقرائن التي ارتكن إليها في قضائه بصحة العقد موضوع الدعوى والتي استند فيها إلى وقائع رأى ثبوتها من أقوال الشهود عامة أو من أقوال شهود معينين ذكر أسمائهم وما ناقش به الحكم دفاع الطاعنين ورد عليه بأسباب سائغة، لما كان ذلك وكان ما استخلصه الحكم من أقوال الشهود غير المطعون عليه بمخالفته الثابت في الأوراق وكان تقدير أقوال الشهود هو مما تستقل به محكمة الموضوع وكان لها أن تأخذ ببعض أقوالهم دون البعض الآخر وبأقوال واحد أو أكثر من الشهود دون غيرهم حسبما تطمئن إليه من غير أن تكون ملزمة ببيان أسباب ترجيحها لما أخذت به وإطراحها لغيره، فإن النعي بقصور الحكم يكون على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن في غير محله متعيناً رفضه.