أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 8 - صـ 625

جلسة 27 من يونيه سنة 1957

برياسة السيد عبد العزيز محمد رئيس المحكمة، وبحضور السادة: محمد عبد الواحد علي، وأحمد قوشه ومحمد متولي عتلم، وإبراهيم عثمان يوسف المستشارين.

(70)
القضية رقم 22 سنة 23 القضائية

( أ ) شركة "شركات التضامن". كفالة. مسئولية. إدارة الشركة. مسئولية الشريك المتضامن شخصياً قبل الغير عن الكفالة التي يعقدها منتحلاً فيها صفة أنه مدير الشركة حالة كونه غير مدير لها وليس من أغراضها ضمان الغير.
(ب) شركة "شركات التضامن". إدارتها. حكم "تسبيب كاف". ترتيب مسئولية الشريك المتضامن من الوجهة المدنية عن الكفالة التي عقدها مع الغير بانتحاله صفة مدير الشركة لأسباب سائغة. لا قصور.
(ج) كفالة. شركات التضامن. مسئولية. حق الدائن في الرجوع على الكفلاء المتضامنين. ثبوت خطأ الشريك المتضامن في الكفالة التي عقدها مع الغير بإخفاء حقيقة صفته في النيابة عن الشركة. الضرر المترتب على هذا الخطأ. القول بملاءة المدين أو الضامنين الآخرين. عدم تأثيره على تحقيق ذلك الضرر.
(د) نقض "أسباب الطعن". عقد. تجهيل النعي على الحكم. عدم قبوله. مثال.
(هـ) نقض "أسباب الطعن". دفاع "طلب تقديم مستندات". عدم تقديم الطاعن بملف الطعن ما يدل على تمسكه أمام محكمة الموضوع بطلبه إلى خصمه تقديم مستندات. النعي على الحكم بمخالفة القانون والإخلال بحق الدفاع. اعتباره عارياً عن الدليل.
1 - إذا تعاقد الشريك المتضامن غير المدير باسم الشركة مع الغير في غير أغراضها فإن تعاقده وإن لم يكن ملزماً للشركة إلا أنه يلزمه شخصياً قبل الغير الذي تعاقد معه. وعلى ذلك فإذا كان الحكم قد قرر مسئولية ذلك الشريك شخصياً عن كفالة عقدها منتحلاً فيها صفة غير صحيحة وهي أنه مدير للشركة حالة كونه غير مدير لها وليس من أغراض الشركة ضمان الغير فإن الحكم يكون قد أصاب في القانون.
2 - متى كانت أسباب الحكم سائغة وسليمة في ترتيب مسئولية الشريك المتضامن من الوجهة المدنية قبل الغير عن الكفالة التي عقدها معه منتحلاً فيها صفة مدير الشركة حالة كونه غير مدير لها فإن الحكم لا يكون مشوباً بالقصور.
3 - حق الدائن في الرجوع على الكفلاء المتضامنين غير مقيد بأي قيد. فإذا كان الحكم قد انتهى إلى أن الشريك المتضامن قد أخطأ في الكفالة التي عقدها مع الغير بإخفائه حقيقة صفته في النيابة عن الشركة ورتب على ذلك أن هذا الغير أصابه ضرر هو حرمانه من تضامن الشركة - التي ادعى الشريك أنه يمثلها - مع المدين في الوفاء بالدين فإنه لا يؤثر في تحقق هذا الضرر القول بملاءة المدين أو الضامنين الآخرين. ولا يقبل من الشريك المذكور أن يدفع مسئوليته بالقول بوجود ضمان آخرين مسئولين لأن مسئوليته مردها الخطأ التدليسي.
4 - متى كان النعي مجهلاً لم يفصح الطاعن فيه عن وجه الخطأ القانوني الذي شاب الحكم ولا كيف أن ما قرره الحكم مخالف للعقد موضوع النزاع - فإن هذا النعي يكون غير مقبول.
5 - متى كان الطاعن لم يقدم بملف الطعن ما يدل على أنه تمسك أمام محكمة الموضوع بأنه طلب إلى خصمه تقديم مستندات فإن النعي على الحكم بمخالفة القانون والإخلال بحق الدفاع تأسيساً على أن المحكمة لم تكلف هذا الخصم بإيداع المستندات وأغفلت في حكمها مناقشة الطلب - هذا النعي يكون عارياً عن الدليل.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن الوقائع تخلص - كما يبين من الحكم المطعون فيه ومن سائر أوراق الطعن - في أنه بتاريخ 4 من أكتوبر سنة 1947 تعاقد بنك مصر مع شركة الإتحاد العربي على فتح اعتماد لها بحساب جار بمبلغ ثلاثين ألف جنيه لمدة تنتهي في 13 من أكتوبر سنة 1948 وذلك بضمانة وتضامن كل من السيدين حسن نشأت ومحمد زكي علي بصفتهما الشخصية، وبضمانة وتضامن كل من السعيد عمر بن قايد (بصفته مديراً وممثلاً لشركة التضامن أحمد عمر بن قايد وإخوته) والسيد عبد الكريم محمد الجراية (بصفته مديراً وممثلاً لشركة التضامن محمد وعبد الكريم جراية) ونص في البند الثاني عشر من العقد على أن الطاعن "يضمن لبنك مصر بطريق التضامن والتكافل شركة الاتحاد العربي لغاية مبلغ 4000 جنيه من الاعتماد المفتوح ويتضامن مع الشركة في السداد بحيث قد أصبح للبنك من الآن الحق في استيفاء هذا المبلغ مباشرة من شركة التضامن (أحمد عمر بن قايد وإخوته) وذلك مباشرة وبغير أن يكون لها حق الإحالة على شركة الاتحاد العربي" وتناول البند الثالث عشر ضمانة محمد وعبد الكريم الجراية، وورد بالبند الرابع عشر أنه لما كان ضمان هاتين الشركتين الأخيرتين تقتضي أن يكون صادراً ممن له حق الاستدانة عنهما وأن يكون تحت يد البنك ما يفيد ذلك فإن شركة الاتحاد العربي تتعهد بأن تقدم خلال شهر شهادة تفيد استمرار الشركتين والنص الذي يخول من له التوقيع حق الاستدانة باسم الشركة التي يمثلها وورد في هذا البند أيضاً أن الاتفاق تم على أن يكون استعمال الاعتماد في حدود عشرين ألف جنيه بمجرد قيام شركة الاتحاد العربي بتقديم أوراق خاصة بها أما باقي الاعتماد فلا يجوز لها أن تسميه قبل تقديم المستندات الخاصة بالشركتين الضامنتين وقد أقام بنك مصر الدعوى الابتدائية رقم 333 سنة 1950 تجاري أمام محكمة مصر الابتدائية على شركة الاتحاد العربي وعلى الضامنين جميعاً بصفاتهم ومنهم الطاعن قال فيها أن رصيده الدائن لشركة الإتحاد العربي بلغ 20934 جنيهاً و870 مليماً حتى 30/ 11/ 1949 وطلب الحكم بإلزامهم متضامنين بهذا المبلغ وفوائده على أن يكون ضمان الشركتين الضامنتين (ومنهما الطاعن) قاصرة على مبلغ 4000 جنيه من مجموع الدين المطالب به. وأثناء نظر الدعوى طلب بنك مصر أن يكون الحكم على الطاعن ومحمد عبد الكريم الجراية بصفتهما الشخصية وفي 21 من يناير سنة 1951 حكمت محكمة أول درجة بإلزام شركة الاتحاد العربي بضمانة وتضامن السيدين حسن نشأت ومحمد زكي علي بكامل المبلغ والفوائد والمصروفات وبإلزام كل من الطاعن ومحمد عبد الكريم الجراية بصفته الشخصية ضامناً متضامناً بدفع مبلغ 4000 جنيه من المبلغ المطالب به والمحكوم به على شركة الاتحاد العربي مع المصاريف المناسبة لهذا المبلغ - فاستأنف محمد عبد الكريم الجراية هذا الحكم وقيد استئنافه برقم 160 سنة 68 ق تجاري كما استأنفه الطاعن وقيد استئنافه برقم 170/ 68 ق تجاري وتدخل في الاستئنافين السيد محمد زكي علي وفي 6 من ديسمبر سنة 1951 قضي فيهما بقبولهما شكلاً ورفضهما موضوعاً وبتأييد الحكم المستأنف. فقرر الطاعن الطعن بالنقض في الحكم الصادر في الاستئناف رقم 170 سنة 68 ق تجاري، وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 17 من إبريل سنة 1957 فقررت إحالته على هذه الدائرة. وقد قدمت النيابة العامة مذكرة رأت فيها رفض الطعن. وقد بنى الطاعن طعنه على خمسة أسباب.
من حيث إن الطاعن ينعى بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه أنه ذهب إلى أن بنك مصر ما كان ليبرم العقد لو أنه علم بأن الطاعن ليست له الصفة التي تخول له الارتباط بالنيابة عن شركة التضامن ولكن الطاعن اتصف بهذه الصفة وأخفى عن البنك الحقيقة فخدعه، وهذا الذي ذهبت إليه المحكمة يتضارب ويتناقض مع صريح المنصوص عليه في العقد فالطاعن لم يخف حقيقته ولم يتصف بما ليس له، وقام البنك في غيبته بتحرير العقد ووقعه الطاعن مؤملاً أن يقره الشركاء المتضامنون في شركة (أحمد عمر بن قايد وأخوته) واحتاط البنك فاشترط على شركة الاتحاد العربي أن تقدم له في ظرف شهر واحد المستندات الدالة على قيام شركة التضامن وعلى صفة الطاعن في تمثيلها والارتباط نيابة عنها.
ومن حيث إن هذا النعي مردود بأنه يبين أن شركة الاتحاد العربي التي كان الطاعن من أعضاء مجلس إدارتها عقدت في 18 من أكتوبر سنة 1947 قرضاً من بنك مصر بمبلغ 30 ألف جنيه في صورة عقد فتح اعتماد نظراً لتخلف بعض المساهمين عن دفع باقي الحصص المكتتب عنها وطالب البنك بضمان إضافي يصدر من بعض المساهمين شخصياً فقدم هذا الضمان رئيس مجلس إدارة شركة الاتحاد العربي حسن نشأت ومحمد زكي علي والطاعن وآخر وقعه كل من هذين الأخيرين ضمانة على مبلغ 4000 جنيه فقط وقد وقعه بصفته مديراً وممثلاً لشركة التضامن "سعيد عمر بن قايد وإخوته" وقد ورد في البند الثاني عشر من العقد "يتعهد بهذا حضرة الأستاذ سعيد عمر بن قايد بصفته مديراً لشركة التضامن أحمد عمر بن قايد وإخوته بأن يضمن لبنك مصر بطريق التضامن والتكافل شركة الاتحاد العربي لغاية مبلغ 4000 ج من الاعتماد المفتوح بالعقد وبتضامن مع الشركة المذكورة في السداد بحيث أصبح لبنك مصر من الآن الحق في استيفاء هذا المبلغ من الشركة الضامنة" ولما رفع بنك مصر الدعوى ضد شركة الاتحاد العربي وضد ضامنيها ومنهم الطاعن بصفته مديراً لشركة أحمد عمر بن قايد وأخوته وتبين أن الطاعن ما كان مديراً لشركة التضامن أحمد عمر بن قايد وأخوته ولا له حق تمثيلها ولا الاستدانة عنها ولا ضمانة الغير فقد وجه بنك مصر الدعوى إليه شخصياً وطلب الحكم عليه بصفته الشخصية باعتباره ضامناً متضامناً مع شركة الاتحاد العربي في حدود مبلغ 4000 ج فقضى ابتدائياً بطلبه وتأيد الحكم استئنافياً تأسيساً على أنه انتحل صفة غير صحيحة وهي كونه مديراً لشركة التضامن أحمد عمر بن قايد وأخواته حالة كونه ليس كذلك وأنه بذلك يكون ارتكب غشاً وتدليساً يسأل بالتعويض عنه شخصياً ولا تلتزم الشركة التي انتحل تمثيله لها أي مسئولية عن عمله... وقد ورد بالحكم الابتدائي المؤيد بالحكم الاستئنافي المطعون فيه "أن الدعوى صحيحة وثابتة قبل كل من المدعى عليهما الرابع (الطاعن) والخامس بصفتهما الشخصية من توقيعهما على عقد فتح الاعتماد بوصف كون أولهما لشركة التضامن أحمد عمر بن قايد وإخوته دون أن تكون له هذه الصفة وبوصف ثانيهما مديراً لشركة التضامن محمد عبد الكريم محمد الجراية وتعاقد كل منهما بما يشعر أن له حق الاستدانة عن الشركة التي كان يمثلها وقت التعاقد وكتمانهما وإخفائهما على المدعي (المطعون عليه الأول) واقعه عدم أحقيتهما في ذلك مما جعله يتعاقد معهما تحت تأثير هذا العمل حسبما سلف بيانه مفصلاً ومن ضمان كل منهما بطريق التضامن والتكافل لشركة الاتحاد العربي في سداد مبلغ 4000 جنيه من الاعتماد المفتوح". لما كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه لا يكون قد أخطأ الاستدلال إذ قرر أن الضامن أخفى الحقيقة عن البنك وأن البنك لو تبين الحقيقة لما أبرم العقد بالكيفية التي تم بها - أما ورد في سبب النعي من أن البنك احتاط، فاستلزم تقديم المستندات المشار إليها فإنه مردود بما ذكره الحكم المطعون فيه من "أن هذا الشرط أثبت لمصلحته هو دون مصلحة الضامنين وليس للمدلس أن يحتج بما أثبت لمصلحة الطرف المتعاقد معه إذ لا يسمح لشخص بالإفادة من سوء نيته وتضليله الطرف المتعاقد معه". ولما كان الشريك المتضامن غير المدير إذا تعاقد باسم الشركة مع الغير في غير أغراضها فإن تعاقده وإن لم يكن ملزماً للشركة إلا أنه يلزمه شخصياً قبل الغير الذي تعاقد معه وعلى ذلك فالحكم المطعون فيه يكون قد أصاب في القانون إذ قرر مسئولية الطاعن شخصياً عن كفالة عقدها منتحلاً فيها صفة غير صحيحة وهي أنه مدير للشركة حالة كونه غير مدير لها وليس من أغراض الشركة ضمان الغير.
وحيث إن السبب الثاني من أسباب الطعن يتحصل في أن الحكم المطعون فيه خالف القانون إذ قرر أن ضمانة الطاعن بصفته ممثلاً لشركة التضامن كانت عامة وغير مقيدة في حين أن هذه النتيجة التي وصلت إليها المحكمة منافية لنصوص العقد التي نقلتها في حكمها.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول لأنه نعي مجهل لأن الطاعن لم يفحص عن وجه الخطأ القانوني الذي شاب الحكم ولا كيف أن ما قرره الحكم مخالف للعقد.
ومن حيث إن السبب الثالث من أسباب الطعن يتحصل في تعييب الحكم بقصور تسبيبه لأنه لم يبين وجه الارتباط بين خطأ الطاعن والضرر الذي أصاب البنك، والثابت من الوقائع والواقع أن العقد قد حدد ما يصرف من الاعتماد بمبلغ عشرين ألف جنيه إذا لم تقدم شركة الاتحاد العربي ما يثبت صفة الطاعن وصفة عبد الكريم الجراية وحدد مدة لا تزيد على الشهر لتقديم هذا الإثبات وفي خلال الشهر لم يصرف البنك من الاعتماد شيئاً وعلى ذلك ينتفي احتمال حصول ضرر للبنك نتيجة للخطأ المنسوب للطاعن.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن الحكم الابتدائي قد أقام قضاءه على أن الطاعن تعاقد مع بنك مصر منتحلاً لنفسه صفة كونه مديراً لشركة التضامن (أحمد عمر بن قايد وأخوته) مع أن إدارة الشركة كانت لشخص آخر وأنه تعاقد مع البنك مع علمه أن ما يتعاقد عليه يخرج عن أغراض الشركة التي يمثلها وليس له حق الاستدانة باسم الشركة وبالتالي حق كفالة الغير في عقد قرض وقد أخفى ذلك جميعه على البنك، ورد الحكم على ما قاله الطاعن من أن البنك تسرع في تنفيذ العقد بدفع مبلغ من الاعتماد قبل أن يضع يده على الأوراق التي توضح من له حق الاستدانة عن الشركة - رد الحكم المذكور بقوله إن هذا الدفاع غير مقبول منطقاً وقانوناً لأن الطاعن كان يعلم وقت تعاقده مدى ما كان له من حقوق وقد سكت عنها وأخفاها عن البنك عمداً وتعاقد معه بما حمله على الاعتقاد بأنه إنما يتعاقد مع من يملك التعاقد وأن اشتراط البنك على شركة الاتحاد العربي تقديم الأوراق الخاصة بشركة أحمد عمر بن قايد إنما كان من جانبه على سبيل استيفاء كافة الأوراق والمستندات تحت يده كما أن تعليقه دفع مبلغ العشرة آلاف جنيه من قيمة الاعتماد لشركة الاتحاد العربي على تقديم هذه الأوراق لم يكن هذا التعليق يعني بحال من الأحوال أن كفالة الطاعن إنما بدأت بدفع البنك مبلغ من هذه العشرة آلاف جنيه كما يذهب في دفاعه لأن هذا القول تخصيص للكفالة بلا مخصص، وقد نص صراحة في البندين 12 و13 أن الطاعن يضمن بطريق التضامن والتكافل شركة الاتحاد العربي لغاية 4000 جنيه من الاعتماد المفتوح ويتضامن مع الشركة المذكورة في السداد ويصبح لبنك مصر الحق في استيفاء هذا المبلغ مباشرة من كل من الضامنين وهكذا لم يكن يعلق ضمان كل من الضامنين على شرط وإنما كان ضماناً مباشراً نافذ المفعول بمجرد تأخير شركة الاتحاد العربي في السداد عن الموعد، كما قال الحكم أيضاً أن ما ورد بالبند الرابع عشر إنما كان من قبيل الإجراءات التي يتخذها البنك للاستيثاق من سلامة موقفه وليس من شأنها أن تعلق المسئولية على تحقق الشرط بعد أن نص قبل ذلك على مسئولية الطاعن بدون قيد ولا تخصيص وقد أقر الحكم المطعون فيه هذا الذي قرره الحكم الابتدائي وزاد بأن الطاعن لم يكذب فقط حين زعم أنه ممثل لشركة تضامن يحق له التوقيع عنها في الاستدانة بل انتحل الطاعن كذباً صفة المدير والممثل لشركة أحمد عمر بن قايد وأخوته وانتحال هذه الصفة الكاذبة وحده يعتبر من طرق الاحتيال الجنائية. فبالأولى يعتبر جريمة مدنية مكونة لطرق الاحتيال. لما كان ذلك وكانت الأسباب المذكورة سائغة وسليمة في ترتيب مسئولية الطاعن من الوجهة المدنية فإن الحكم المطعون فيه لا يكون مشوباً بقصور التسبيب.
ومن حيث إن السبب الرابع يتحصل في أن الحكم إذ قضى بالتعويض عن ضرر غير محتمل ولا محقق مقداره يكون قد أخطأ تطبيق القانون وفي ذلك يقول الطاعن إن ذلك الحكم قرر أن الضرر الذي أصاب البنك ثابت وظاهره عدم اقتضاء دينه من شركة الاتحاد العربي - وبذلك يكون الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على الظاهر وأغفل من حسابه أنه ألزم شركة الاتحاد العربي بالوفاء كما ألزم ضامنين لها معينين وعلى ذلك يكون أقصى ما يمكن استخلاصه من الوقائع التي احتواها هي أن البنك قد يتعرض لضرر محتمل بعد اتخاذ إجراءات التنفيذ ضد شركة الاتحاد العربي وضد الضامنين.
وحيث إن هذا السبب مردود بأن حق الدائن في الرجوع على الكفلاء المتضامنين غير مقيد بأي قيد، ولما كان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى أن الطاعن قد أخطأ بإخفائه حقيقة صفته في النيابة عن الشركة ورتب على ذلك أن البنك أصابه ضرر هو حرمانه من تضامن الشركة التي ادعى الطاعن أنه يمثلها مع شركة الاتحاد العربي في الوفاء في حدود 4000 جنيه ومتى كان هذا هو الضرر المتحقق في الدعوى فإنه لا يؤثر في تحققه القول بملاءة المدين أو الضامنين الآخرين، ولما كان الطاعن مسئولاً شخصياً عن خطئه بمقدار ما أضاعه على البنك من الضمانات فلا يقبل منه أن يدفع المسئولية بالقول بوجود ضمان آخرين مسئولين لأن مسئوليته مردها الخطأ - كما ذكر - الناشئ عن تدليسه.
ومن حيث إن السبب الخامس يتحصل في النعي على الحكم المطعون فيه بمخالفة القانون والإخلال بحق الدفاع، وفي بيان ذلك يقول الطاعن إنه طلب أمام محكمة الموضوع من بنك مصر أن يودع محضر جلسة مجلس إدارة شركة الاتحاد العربي والذي بلغ إلى بنك مصر تنفيذاً لعقد الاعتماد - مستدلاً بأن هذا المحضر تضمن أن التزامه لا ينصب إلا على جزء من العشرة آلاف جنيه التي تتجاوز العشرين ألف جنيه من الاعتماد، ولكن البنك لم يقدم هذا المحضر ولم تكلفه المحكمة بإيداعه وأغفلت في حكمها مناقشة هذا الطلب.
وحيث إن هذا النعي مردود بأنه عار عن الدليل إذ لم يقدم الطاعن بملف الطعن ما يدل على أنه تمسك أمام محكمة الموضوع بالطلب الذي أشار إليه في سبب النعي.
ومن حيث إنه لذلك جميعه يتعين رفض الطعن.