أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
السنة 26 - صـ 697

جلسة 30 من مارس سنة 1975

برياسة السيد المستشار أمين فتح الله نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: علي عبد الرحمن، وصلاح الدين حبيب، ومحمود المصري، ومحمد كمال عباس.

(136)
الطعن رقم 181 لسنة 38 القضائية

دعوى "دعوى عدم نفاذ التصرف". قوة الأمر المقضي. ملكية.
المنع من إعادة نظر النزاع في المسألة المقضى فيها. شرطه. الحكم نهائياً تثبيت ملكية المدعية إلغاء إجراءات نزع الملكية ومحو القيود والتسجيلات. إقامة الحكم قضاءه على شرائها للعقار بعقد مسجل من المدين المنفذ ضده. رفع الدائن من بعد دعواه بطلب عدم نفاذ هذا التصرف في حقه. عدم جواز نظر هذه الدعوى.
من المقرر في قضاء هذه المحكمة [(1)] أن المنع من إعادة النزاع في المسألة المقضى فيها يشترط فيه أن تكون المسألة واحدة في الدعويين، ويجب لتوافر هذه الوحدة أن تكون المسألة المقضى فيها نهائياً مسألة أساسية يكون الطرفان قد تناقشا فيها واستقرت حقيقتها بينهما بالحكم الأول وتكون هي بذاتها الأساس فيما يدعيه - بعد في الدعوى الثانية - أي الطرفين قبل الآخر من حقوق متفرعة عنها. ولما كان الثابت من الأوراق أن المطعون ضدها الأولى طلبت في دعواها السابقة بالإضافة إلى طلب تثبيت ملكيتها للمنزل إلغاء إجراءات نزع الملكية ومحو كافة القيود والتسجيلات المشهرة على هذا العقار والتي اتخذتها مصلحة الضرائب - الطاعنة - ضد مدينها المطعون عليه الثاني، وذهبت المصلحة الطاعنة في دفاعها في تلك الدعوى إلى القول بأن دينها يبيح لها التنفيذ على أموال المدين وتتبع هذه الأموال في أي يد كانت وقد صدر الحكم في تلك الدعوى بطلبات المطعون ضدها وتأيد استئنافياً، وكان طلب المطعون ضدها في دعواها سالفة البيان إلغاء إجراءات نزع الملكية ومحو كافة القيود والتسجيلات المشهرة على العقار موضوع العقد الصادر لها من زوجها - المطعون ضده الثاني - يتضمن أيضاً إنفاذ ذلك التصرف في حق المصلحة الطاعنة، ذلك أن إلغاء الإجراءات ومحو القيود المشهرة لا يمكن أن يستقيم إلا بالاعتداد بالتصرف الصادر لها من مدين مصلحة الضرائب وإنفاذه في حقها، الأمر الذي يجعل المسألة التي دار حولها النزاع في هذا الشطر من تلك الدعوى هو نفاذ أو عدم نفاذ التصرف في حق مصلحة الضرائب، إذ كان ذلك. وكانت دعوى مصلحة الضرائب الراهنة قد تحددت طلباتها فيها بعدم نفاذ ذلك التصرف بعينه في حقها فإنها تكون قد طرحت من جديد المسألة الأساسية التي تناقش فيها الطرفان واستقرت حقيقتها بينهما بالحكم الأول وهي بذاتها الأساس فيما يدعيه مصلحة الضرائب في الدعوى الثانية.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن مصلحة الضرائب الطاعنة أقامت الدعوى رقم 754 لسنة 1962 مدني أسيوط الابتدائية ضد المطعون عليهما طالبة الحكم بعدم نفاذ عقد البيع المسجل في 3/ 12/ 1950 في حقها والصادر من المطعون عليه الثاني لزوجته المطعون عليها الأولى وقالت في بيان دعواها إنها تداين المطعون عليه الثاني بدين ضريبة مستحقة عليه في السنوات من 1938 إلى 1954 وإذ اتخذت إجراءات التنفيذ ضد مدينها عمد إلى التصرف بالبيع في منزل مملوك له إلى زوجته المطعون عليها الأولى، وإذ كان هذا التصرف ينطوي على الغش ومن شأنه أن يضعف من الضمان العام على أموال مدينها فقد أقامت دعواها بطلباتها سالفة البيان، دفعت المطعون عليها الأولى الدعوى بعدم جواز نظرها لسابقة الفصل فيها في الدعوى رقم 556 لسنة 1961 مدني أسيوط الابتدائية التي أقامتها ضد مصلحة الضرائب والمطعون عليه الثاني طالبة تثبيت ملكيتها للمنزل المذكور، ومحو القيود والتسجيلات المشهرة على ذلك العقار والتي اتخذتها مصلحة الضرائب ضد مدينها المذكور وذلك استناداً إلى عقد ملكيتها المسجل سالف الذكر وبتاريخ 6/ 3/ 1967 قضت المحكمة بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها في الدعوى رقم 556 لسنة 1961 مدني كلي أسيوط واستئنافها 166 لسنة 38 ق أسيوط، استأنفت مصلحة الضرائب هذا الحكم بالاستئناف رقم 126 سنة 42 ق أسيوط، وبتاريخ 7/ 2/ 1968 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعنت مصلحة الضرائب في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وعرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطاعنة تنعى بسبب الطعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وفي بيان ذلك تقول إن سبب الدعوى رقم 754 لسنة 1962 مدني كلي أسيوط التي أقامتها مصلحة الضرائب ضد المطعون عليها الأولى والمطعون عليه الثاني يختلف عن سبب الدعوى رقم 556 لسنة 1961 مدني كلي أسيوط التي أقامتها المطعون عليها الأولى ضد مصلحة الضرائب والمطعون عليه الثاني، ذلك أن سبب الدعوى الأولى المقامة من مصلحة الضرائب إنما هو عدم نفاذ تصرف الزوج المدين لمصلحة الضرائب لزوجته باعتبار أن هذا التصرف الحاصل من الزوج قصد به إنقاص الضمان العام والإضرار بحق الخزانة العامة مع علم المتصرف لها بأن ذلك التصرف يؤدي إلى إعسار زوجها المدين للمصلحة، ومع علمها بدين الضريبة وبأن هذا التصرف أدى على إعساره ولم يكن هذا السبب هو بعينه ذات السبب في الدعوى المقامة من الزوجة ضد مصلحة الضرائب والمطعون عليه الثاني والمقيدة برقم 556 سنة 1961 مدني كلي أسيوط، ذلك أنها طلبت فيها تثبيت ملكيتها للمنزل موضوع النزاع وبإلغاء إجراءات نزع الملكية ومحو جميع التسجيلات المشهرة عنه تأسيساً على أن دين الضريبة قد استحق بعد التصرف وأن امتياز دين المصلحة لا يلحق هذا العقار، ومن ثم فإن سبب دعوى المطعون عليها هو عقدها المسجل بينما سبب دعوى مصلحة الضرائب هو نص القانون باعتبار أن العمل غير المشروع يؤدي إلى عدم نفاذ التصرف لانطوائه على الغش والتواطؤ إضراراً بصالح الخزانة العامة، كما أن موضوع الدعويين مختلف أيضاً فهو في دعوى المطعون عليها طلب تثبيت ملكيتها للمنزل ولم تتعرض المحكمة في بحثه إلى شيء من شروط دعوى نفاذ التصرف وهو الطلب الذي طلبته مصلحة الضرائب في الدعوى الحالية، وإذ اختلف كل من الدعويين سبباً وموضوعاً فإن التحدي بحجية الحكم الصادر في دعوى المطعون عليها الأولى يكون على غير أساس، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه.
وحيث إنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن المنع من إعادة النزاع في المسألة المقضى فيها يشترط فيه أن تكون المسألة واحدة في الدعويين، ويجب لتوافر هذه الوحدة أن تكون المسألة المقضى فيها نهائياً مسألة أساسية يكون الطرفان قد تناقشا فيها واستقرت حقيقتها بينهما بالحكم الأول وتكون هي بذاتها الأساس فيما يدعيه - بعد في الدعوى الثانية - أي الطرفين قبل الآخر من حقوق متفرعة عنها, لما كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق أن المطعون عليها الأولى طلبت في دعواها رقم 556 لسنة 1961 مدني كلي أسيوط بالإضافة إلى طلب تثبيت ملكيتها للمنزل إلغاء إجراءات نزع الملكية ومحو كافة القيود, والتسجيلات المشهرة على هذا العقار والتي اتخذتها مصلحة الضرائب ضد مدينها المطعون عليه الثاني وذهبت المصلحة الطاعنة في دفاعها في تلك الدعوى إلى القول بأن دينها يبيح لها التنفيذ على أموال مدينها وتتبع هذه الأموال في أي يد كانت وقد صدر الحكم في تلك الدعوى بطلبات المطعون عليها الأولى وتأيد استئنافياً في الاستئناف رقم 166 لسنة 38 ق أسيوط، وإذ كان طلب المطعون عليها الأولى في دعواها سالفة البيان إلغاء إجراءات نزع الملكية ومحو كافة القيود والتسجيلات المشهرة على العقار موضوع العقد الصادر لها من زوجها يتضمن أيضاً إنفاذ ذلك التصرف في حق المصلحة الطاعنة، ذلك أن إلغاء الإجراءات ومحو القيود المشهرة لا يمكن أن يستقيم إلا بالاعتداد بالتصرف الصادر لها من مدين مصلحة الضرائب وإنفاذه في حقها الأمر الذي يجعل المسألة التي دار حولها النزاع في هذا الشطر من تلك الدعوى هو نفاذ أو عدم نفاذ التصرف في حق مصلحة الضرائب، إذ كان ذلك, وكانت دعوى مصلحة الضرائب المقيدة برقم 754 سنة 1962 مدني كلي أسيوط قد تحددت طلباتها فيها بعدم نفاذ ذلك التصرف بعينه في حقها فإنها تكون قد طرحت من جديد المسألة الأساسية التي تناقش فيها الطرفان واستقرت حقيقتها بينهما بالحكم الأول وهي بذاتها الأساس فيما تدعيه مصلحة الضرائب في الدعوى الثانية، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه لم يخالف هذا النظر، فإن النعي عليه بما جاء بسبب الطعن يكون في غير محله.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.


[(1)] نقض مدني 2/ 12/ 1972 مجموعة المكتب الفني السنة 23 ص 1311.