أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
السنة 26 - صـ 706

جلسة 30 من مارس سنة 1975

برياسة السيد المستشار أمين فتح الله نائب رئيس محكمة النقض، وعضوية السادة المستشارين: علي عبد الرحمن، وصلاح الدين حبيب، ومحمود المصري، ومحمد كمال عباس.

(138)
الطعن رقم 330 لسنة 40 القضائية

أمر أداء. بطلان. حكم "بيانات الحكم". نقض "السبب غير المنتج".
خلو أمر الأداء في ظل قانون المرافعات السابق قبل تعديله بق 100 لسنة 1962 من بيان صدوره باسم الأمة. لا ينال من شرعيته أو يمس ذاتيته وإن نزل منزلة الأحكام. علة ذلك.
لئن كان قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن قانون المرافعات السابق - قبل تعديله بالقانون رقم 100 لسنة 1962 - وهو الواجب التطبيق قد أنزل أوامر الأداء منزلة الأحكام فقد استقر بقضاء الهيئتين مجتمعتين [(1)] على أنه لا يعتبر من بيانات الحكم إثبات صدوره باسم الأمة إذ أن ما نص عليه الدستور (السابق) من صدور الأحكام بهذه المثابة ليس إلا إفصاحاً عن أصل دستوري أصيل وأمر مسبق مقضي مفترض بقوة الدستور نفسه من أن الأحكام تصدر باسم السلطة العليا صاحبة السيادة وحدها ومصدر السلطات جميعاً، الأمة، لكون ذلك الأصل واحداً من المقومات التي ينهض عليها نظام الدولة وذلك الأمر يصاحب الحكم ويسبغ عليه شرعيته منذ بدء إصداره، دون ما مقتضى لأن يعلن القاضي عنه عند النطق به أو يفصح عنه في ورقة الحكم عند تحريره، وبالتالي فإن إيراد البيان سالف الذكر بورقة الحكم أثناء تحريره، ومن بعد صدوره بالنطق به ليس إلا عملاً مادياً لاحقاً وكاشفاً عن ذلك الأمر المفترض، ومن ثم فإن خلو الحكم مما يفيد صدوره باسم الأمة لا ينال من شرعيته أو يمس ذاتيته. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى نتيجة صحيحة هي رفض دعوى بطلان أمر الأداء رغم خلوه من بيان صدوره باسم الأمة، فإن النعي على ما ورد به من تقرير قانوني خاطئ من أن أمر الأداء محل المنازعة ليس حكماً يكون غير منتج.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أنه بتاريخ 29/ 6/ 1961 استصدر المطعون عليه الأول أمر الأداء رقم 99 لسنة 1961 تجاري الإسكندرية الابتدائية قاضياً بإلزام الطاعن والمطعون عليه الثاني متضامنين بأن يدفعا له مبلغ 545 ج و800 م فدفع الطاعن الدعوى رقم 433 لسنة 1969 تجاري الإسكندرية الابتدائية وطلب فيها الحكم ببطلان ذلك الأمر استناداً إلى أن خلوه مما يفيد صدوره باسم الأمة يمس ذاتيته ويفقده عنصراً جوهرياً من مقومات وجوده القانوني وبتاريخ 30/ 4/ 1969 حكمت المحكمة بطلبات الطاعن، فاستأنف المطعون عليه الأول هذا الحكم بالاستئناف رقم 265 لسنة 25 قضائية الإسكندرية، وفي 11/ 3/ 1970 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. عرض الطعن على المحكمة في غرفة المشورة فحددت جلسة لنظره، وبالجلسة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن بني على سبب واحد حاصله أن من المقرر قانوناً وجوب صدور الأحكام باسم الأمة وإلا كانت باطلة وتقضي المحكمة بهذا البطلان من تلقاء نفسها لتعلقه بالنظام العام، وأنه إذا أيدت محكمة الدرجة الثانية حكماً ابتدائياً صدر خلواً من هذا البيان دون أن تنشئ لقضائها أسباباً جديدة فقد وقع حكماً باطلاً أيضاً، ولما كان أمر الأداء في ظل قانون المرافعات السابق يعتبر بمثابة حكم غيابي وهو ما يقتضي إثبات صدوره باسم الأمة فإن الحكم المطعون فيه إذ خالف هذا النظر وقضى بإلغاء الحكم الابتدائي وبرفض دعوى بطلان أمر الأداء محل المنازعة رغم خلوه من ذلك البيان الجوهري واستند في قضائه هذا إلى أن أمر الأداء ليس حكماً فيكفي أن تتوفر فيه البيانات التي نصت عليها المادة 853 من قانون المرافعات السابق وليس منها ما يتعلق بصدوره باسم الأمة، فإنه يكون معيباً بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، ويكون فضلاً عن ذلك - بتأييده أمراً معدوماً - مشوباً بالبطلان.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه وإن كان قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن قانون المرافعات السابق - قبل تعديله بالقانون رقم 100 لسنة 1962 - وهو الواجب التطبيق قد أنزل أوامر الأداء منزلة الأحكام فقد استقر بقضاء الهيئتين مجتمعتين على أنه لا يعتبر من بيانات الحكم إثبات صدوره باسم الأمة إذا أن ما نص عليه الدستور (السابق) من صدور الأحكام بهذه المثابة ليس إلا إفصاحاً عن أصل دستوري أصيل وأمر مسبق مقضي مفترض بقوة الدستور نفسه من أن الأحكام تصدر باسم السلطة العليا صاحبة السيادة وحدها ومصدر السلطات جميعاً، الأمة، لكون ذلك الأصل واحداً من المقومات التي ينهض عليها نظام الدولة، وذلك الأمر يصاحب الحكم ويسبغ عليه شرعيته منذ بدء إصداره دون ما مقتضى لأن يعلن القاضي عنه عند النطق به أو يفصح عنه في ورقة الحكم عند تحريره، وبالتالي فإن إيراد البيان سالف الذكر بورقة الحكم أثناء تحريره ومن بعد صدوره بالنطق به ليس إلا عملاً مادياً لاحقاً وكاشفاً عن ذلك الأمر المفترض، ومن ثم فإن خلو الحكم مما يفيد صدوره باسم الأمة لا ينال من شرعيته أو يمس ذاتيته. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى نتيجة صحيحة هي رفض دعوى بطلان أمر الأداء رغم خلوه من بيان صدوره باسم الأمة فإن النعي على ما ورد به من تقرير قانوني خاطئ يكون غير منتج مما يتعين معه رفض الطعن.


[(1)] 21/ 1/ 1974 هيئة المواد الجنائية وهيئة المواد المدنية والتجارية والأحوال الشخصية مجتمعين - مجموعة المكتب الفني السنة 23 ص 3.