أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
السنة 26 - صـ 728

جلسة أول إبريل سنة 1975

برياسة السيد المستشار أحمد حسن هيكل نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: إبراهيم السعيد ذكرى، وعثمان حسين عبد الله، ومحمد صدقي العصار، ومحمود عثمان درويش.

(142)
الطعن رقم 51 لسنة 40 القضائية

(1 و2) قسمة "الضمان في القسمة".
(1) الاتفاق في عقد القسمة على الإعفاء من الضمان. وجوب بيان سبب الاستحقاق بالذات المراد الإعفاء من ضمانه. م 844/ 2 مدني.
(2) الغبن في عقد القسمة بما يزيد على الخمس. جواز رجوع المغبون على باقي المتقاسمين. لا يغير من ذلك أن يكون سبب الاستحقاق قد استبعد من أن يكون سبباً للرجوع بالضمان.
1 - مفاد نص المادة 844/ 2 من القانون المدني، أنه لا محل للضمان في القسمة إذا وجد شرط صريح في العقد يقضي بالإعفاء من الضمان وذكر في هذا الشرط سبب الاستحقاق بالذات المراد الإعفاء من ضمانه.
2 - جعلت المادة 845 من القانون المدني من الغبن الذي يزيد على الخمس عيباً في عقد القسمة يجيز بذاته طلب نقضها، ومن ثم فإذا وقع في القسمة غبن بالمقدار الذي حدده القانون، جاز للشريك المغبون أن يرجع على باقي الشركاء بالغبن حتى ولو كان سبب الاستحقاق قد استبعد في عقد القسمة من أن يكون سبباً للرجوع بالضمان وذلك تحقيقاً للمساواة بين المتقاسمين. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وذهب إلى أن إسقاط الطاعنة حقها في الضمان بالنسبة لحصتها في العمارة يترتب عليه سقوط حقها في طلب نقض القسمة للغبن فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعنة أقامت الدعوى رقم 276 سنة 1965 مدني شبين الكوم الابتدائية ضد المطعون عليهم بطلب الحكم بإبطال عقد القسمة المؤرخ 9/ 12/ 1964 المحرر بينها وبينهم، وقالت بياناً لدعواها إن زوجها المرحوم........ توفى في سنة 1963 وانحصر إرثه فيها وفي إخوته المطعون عليهما الأولين والمرحومة....... مورثة المطعون عليهم من الثالث إلى الأخير، وترك ما يورث عنه شرعاً الأطيان والعقارات الموضحة بصحيفة الدعوى فخصها منها 6 ط من 24 ط، وبتاريخ 9/ 12/ 1964 حرر بين الورثة عقد قسمة اختصت هي بموجبه بمنزل بأشمون قد ثمنه بمبلغ 2000 ج و15 ط من 24 ط شيوعاً في عمارة الطاهر بأشمون قدر ثمنها بمبلغ 1500 ج يستحق عليها دين قدره 800 ج لمصلحة الضرائب فيكون صافي قيمتها 700 ج وجملة ما اختصت به في التركة مبلغ 2700 ج بينما اختص الورثة الآخرون بباقي أعيان التركة وتقدر قيمتها الفعلية بمبلغ 36000 ج أو 22000 ج حسب تقدير مصلحة الضرائب، وإذ لحقها غبن يزيد عن خمس قيمة حصتها مما يجيز لها طلب نقض القسمة طبقاً لنص المادة 845 من القانون المدني، فقد أقامت دعواها للحكم لها بطلباتها، وبتاريخ 16/ 1/ 1966 حكمت المحكمة بندب مكتب خبراء وزارة العدل لحصر أعيان التركة على الطبيعة وتقدير القيمة الحقيقية لكل وحدة منها في تاريخ عقد القسمة وبيان القيمة الحقيقية لما حصلت عليه الطاعنة بموجب هذا العقد وما إذا كان قد لحقها غبن من القسمة ومقداره. قدم مكتب الخبراء تقريره عن الأطيان الزراعية، وندبت المحكمة بتاريخ 26/ 11/ 1967 خبيراً هندسياً لإتمام المأمورية بالنسبة لأعيان التركة من العقارات. وبتاريخ 29/ 12/ 1968 حكمت المحكمة بطلبات الطاعنة. استأنف المطعون عليهم هذا الحكم أمام محكمة استئناف طنطا وقيد الاستئناف برقم 7 سنة 2 ق مدني مأمورية شبين الكوم. وبتاريخ 24/ 11/ 1969 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم. وعرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها أصرت النيابة على رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد تنعى به الطاعنة على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك تقول إن الحكم أقام قضاءه على سند من أن علم المتقاسم وقت التعاقد بأن بعض ما اختص به مهدد بخطر الاستحقاق وقبوله إسقاط حقه في الضمان من شأنه أن يسقط حقه في طلب نقض القسمة للغبن وأنه يبين من عقد القسمة المبرم بين الطاعنة والمطعون عليهم أنها قبلت أن تختص في نصيبها بحصة قدرها 15 ط من 24 ط في عمارة الطاهر بما عليها من ضرائب ومستحقات أميرية وأنها قبلتها بحالتها الراهنة وتعهدت بسداد ما يكون مستحقاً على ما يخص المورث في هذا العقار دون رجوع على باقي المتقاسمين فتكون قد أسقطت حقها في ضمان المتقاسم. ويتعين إدخال قيمة هذه الحصة ضمن ما اختصت به، في حين أن المادة 845 من القانون المدني لم تشترط لإبطال القسمة للغبن جهل المتقاسم بالخطر الذي يهدد النصيب الذي اختص به أو أن يكون رضاؤه بهذا النصيب مشوباً بعيب من عيوب الرضا فيجوز للشريك طلب نقض القسمة للغبن ولو نص في عقد القسمة على شرط الإعفاء من الضمان في الحالة الخاصة التي نشأ عنها. هذا إلى أن المادة 844/ 2 من القانون المدني تشترط للإعفاء من الضمان أن يكون شرطه صريحاً وارداً على الحالة الخاصة التي نشأ عنها الضمان وهو ما لا وجود له في عقد القسمة موضوع الدعوى إذ لا يوجد اتفاق صريح يقضي بالإعفاء من الضمان في حالة استحقاق الحصة التي آلت إلى الشريك أو استغراقها بالدين، وهو ما يعيب الحكم بالخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن النعي في شقه الثاني في غير محله، ذلك أنه لما كانت المادة 844/ 2 من القانون المدني تنص على أنه "غير أنه لا محل للضمان إذا كان هناك اتفاق صريح يقضي بالإعفاء منه في الحالة الخاصة التي نشأ عنها"، ومفاد ذلك أنه لا محل للضمان في القسمة إذا وجد شرط صريح في العقد يقضي بالإعفاء من الضمان وذكر في هذا الشرط سبب الاستحقاق بالذات المراد الإعفاء من ضمانه وكان عقد القسمة المؤرخ 9/ 12/ 1964 المبرم بين الطاعنة وباقي الورثة قد نص فيه على أنه "ولما كان مقدار 15 ط من 24 ط قيمة الحصة الواقعة بعمارة الطاهر التي اختصت بها الطرف الرابع - الطاعنة - مستحقاً عليها ضرائب متنوعة ومستحقات أميرية وخاصة الضرائب المستحقة على تركة المرحوم...... بجميع أنواعها فتقرر الطرف الرابع بأنها اختصت بها بما عليها من ضرائب ومستحقات أميرية أياً كان نوعها وقبلتها بحالتها الراهنة وتتعهد من الآن بسداد ما يكون مستحقاً عليها من ضرائب وخلافه سواء كانت على تركة المرحوم...... أو قيمة ما يخص المورث في هذا العقار وذلك دون الرجوع على الأطراف الأول والثاني والثالث - المطعون عليهم - بشيء ما مطلقاً وهي وشأنها مع ورثة المرحوم......... في ذلك وبالجملة فليس لها الحق في مطالبة الأطراف الثلاثة الأول المذكورين بشيء من ذلك خاصة على العقار المذكور حيث روعي كل ذلك عند تحرير هذا العقد على الوجه المشروح آنفاً". وكان الحكم المطعون فيه قد استخلص من عبارات عقد القسمة سالفة البيان أنها تضمنت شرطاً صريحاً بإعفاء باقي المتقاسمين من الضمان فيما يتعلق بنصيب الطاعنة في عمارة الطاهر وأنه ذكر في عقد القسمة سبب الاستحقاق المراد الإعفاء من ضمانه وهو وجود مبالغ مطلوبة لمصلحة الضرائب ومستحقات أميرية على هذه الحصة، وهو استخلاص سائغ لم تخرج فيه محكمة الموضوع عن المدلول الظاهر لعبارات عقد القسمة، لما كان ذلك، فإن النعي على الحكم بالخطأ في تطبيق القانون في هذا الخصوص يكون على غير أساس.
وحيث إن النعي بالشق الأول في محله، ذلك أنه لما كانت المادة 845 من القانون المدني قد جعلت من الغبن الذي يزيد على الخمس عيباً في عقد القسمة يجيز بذاته طلب نقضها، ومن ثم فإذا وقع في القسمة غبن بالمقدار الذي حدده القانون، جاز للشريك المغبون أن يرجع على باقي الشركاء بالغبن حتى ولو كان سبب الاستحقاق قد استبعد في عقد القسمة من أن يكون سبباً للرجوع بالضمان، وذلك تحقيقاً للمساواة بين المتقاسمين، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وذهب إلى أن إسقاط الطاعنة حقها في الضمان بالنسبة لحصتها في عمارة الطاهر يترتب عليه سقوط حقهما في طلب نقض القسمة للغبن، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه في خصوص هذا الشق من سبب الطعن.