أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثالث - السنة 8 - صـ 691

جلسة 30 من نوفمبر سنة 1957

برياسة السيد المستشار حسن داود، وبحضور السادة: محمود إبراهيم إسماعيل، ومصطفى كامل، ومحمد عبد الرحمن يوسف، ومحمد عبد الواحد علي، وإبراهيم عثمان يوسف، ومحمود حلمي خاطر، ومحمد زعفراني سالم، والحسيني العوضي، ومحمد رفعت المستشارين.

(33)
الطلب رقم 40 سنة 25 ق "رجال القضاء"

أقدمية. نيابة. محام من الدرجة الثالثة في قسم قضايا وزارة الأوقاف. تعيينه وكيلاً للنيابة من الدرجة الثالثة. صحيح. عدم تقيد وزارة العدل بقرار أصدرته اللجنة القضائية بوزارة الأوقاف بإرجاع أقدميته في وظيفة محام من الدرجة الثالثة إلى تاريخ سابق على تاريخ تعيينه في هذه الدرجة.
متى تبين أن الطالب كان عند نقله من قسم قضايا وزارة الأوقاف إلى سلك النيابة العامة في وظيفة محام من الدرجة الثالثة فإن تعيينه في وظيفة وكيل للنائب العام من الدرجة الثالثة يكون مطابقاً لحكم الفقرة الثانية من المادة 69 من قانون استقلال القضاء رقم 188 لسنة 1952 - ولا محل للقول بأن اللجنة القضائية كانت قد أصدرت قراراً بتحديد أقدمية الطالب في وظيفة محام من الدرجة الثالثة في تاريخ سابق على تعيينه في هذه الدرجة بما يخوله أن يعين وكيلاً للنائب العام من الدرجة الثانية، ذلك لأن قرار تلك اللجنة لا يقيد وزارة العدل ولا يحول دون تطبيق أحكام قانون استقلال القضاء بالتعيين من خارج السلك القضائي.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير السيد المستشار المقرر وبعد المرافعة والمداولة.
من حيث إن الطلب قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل حسبما جاء بالطلب من أن الطالب خرج في كلية الحقوق سنة 1948 وعين محامياً بالخاصة الملكية ورقي إلى الدرجة الخامسة في 1/ 3/ 1952 ومربوطها يعادل مربوط محام من الدرجة الثانية بالكادر القضائي ثم عندما نقل إلى وزارة الأوقاف قررت اللجنة القضائية اعتبار أقدميته في درجة محام ثالثة من 1/ 3/ 1952، وقال إن المحامين بقسم قضايا الأوقاف ينطبق عليهم كادر رجال القضاء ودرجاتهم تماثل درجات الموظفين القضائيين بإدارة قضايا الحكومة، وذلك تطبيقاً للفقرة السابعة من المادة 22 من قانون استقلال القضاء، واستند إلى قرار صدر من مجلس الأوقاف الأعلى في 14/ 3/ 1938 بتطبيق كادر رجال القضاء على الموظفين القضائيين وقد وافق مجلس الوزراء في 24/ 2/ 1941 على هذا القرار، وتطبيق هذا الكادر يستتبع أن تحدد الأقدمية من تاريخ الحصول عليها في الجهة التي كان يعمل بها قبل نقله، واستطرد الطاعن يقول إن صدور القرار لصالحه من اللجنة القضائية في أول يونيه سنة 1953 باعتبار أقدميته بدرجة محام ثالثة من 1/ 3/ 1952 قد حدد أقدميته من ذلك التاريخ، وأضاف الطاعن أن من حقه أن يعين وكيلاً للنائب العام من الدرجة الثانية أخذاً بالقاعدة المنصوصة في المادة 69 من القانون رقم 188 لسنة 1952 لمضي خمس سنوات من تاريخ تعيينه في الخاصة الملكية في 26/ 9/ 1948، وهو يطلب لذلك إلغاء القرار المطعون فيه تأسيساً على أنه جاء مخالفاً للقانون ومخطئاً في تطبيقه.
وحيث إنه عند تحضير الطلب قدم الطالب مذكرة وأعاد بسط وجهة نظره التي سلف بيانها وقال إن المادة 69/ 2 من قانون استغلال القضاء فيما نصت عليه من جواز التعيين في وظائف النيابة والقضاء من محامي قسم قضايا الأوقاف قد وضعت قاعدة لتعيين الموظفين الفنيين بإدارة قضايا الحكومة ونظرائهم بقسم قضايا وزارة الأوقاف إذا أمضوا في وظائفهم مدة ثلاث سنوات على الأقل والمادة 79 من هذا القانون تسوى في قواعد الأقدمية بالنسبة لرجال القضاء والنيابة وإن "كلمة" يجوز الواردة في نص الفقرة السابعة من المادة 22 من قانون استقلال القضاء ينصرف معناها إلى أن وضع المحامي في وظيفة من وظائف القضاء أو النيابة تراعى فيه أقدميته في الكادر الذي نقل منه وأن ذلك يكون جائزاً لا مخالفة فيه للقانون وذلك حتى لا يترتب على مخالفة هذه القاعدة أن يسبق بعض الواردين من غير السلك القضائي من هم مدرجون في هذا السلك فعلاً.
وحيث إن وزارة العدل قدمت مذكرة بدفاعها أوردت فيها أن الطاعن كان محامياً من الدرجة الثالثة بوزارة الأوقاف وعين بالقرار المطعون فيه وكيلاً للنيابة من الدرجة الثالثة وهي الوظيفة المماثلة لدرجته ولم يقدم عليه أحد ممن عين بعده في مثل وظيفته، أما الاستثناء الوارد في الفقرة السابعة من المادة 22 من قانون استقلال القضاء فمقصور على أعضاء مجلس الدولة والمحامين بقسم قضايا الحكومة وحدهم دون المحامين بقسم قضايا الأوقاف - وأبدت النيابة رأيها بأن تعيين الطالب في وظيفة وكيل نيابة من الدرجة الثالثة هو تطبيق سليم للقانون، وأن تطبيق حكم الفقرة السابعة من المادة 22 من قانون استقلال القضاء أمر جوازي للوزارة لم يلزمها الشارع باتباعه فهو حق لها وليس واجباً عليها كما لا يقيدها في ممارسة هذا الحق القرار الذي تمسك به الطاعن والصادر بتحديد أقدميته من اللجنة القضائية.
وحيث إنه بالنسبة لما ورد بدفاع الوزارة من أن ما ورد في الفقرة السابعة من المادة 22 من قانون استقلال القضاء مقصور على أعضاء مجلس الدولة وإدارة قضايا الحكومة دون المحامين بقسم قضايا الأوقاف، فإنه مما لا شبهة فيه أن الشارع قد سوى بين محامي قسم قضايا وزارة الأوقاف وبين المحامين بقسم قضايا الحكومة بما نص عليه في المادتين الثالثة والخامسة من المرسوم بقانون رقم 188 سنة 1952 خاصاً بالهيئات التي يجوز أن يعين منها القضاة، وبما نص عليه في المرسوم الصادر في 6 من أغسطس سنة 1943 بشأن النظراء من اعتبار محامي قسم قضايا وزارة الأوقاف نظراء للمحامين بإدارة قضايا الحكومة، ويؤكد ذلك أيضاً ما نصت عليه الفقرة الثانية من المادة 69 من قانون استقلال القضاء في خصوص من يجوز تعيينه في وظيفة وكيل للنائب العام من الدرجة الثالثة، إلا أنه لما كانت الفقرة السابعة من المادة 22 من المرسوم بقانون رقم 188 لسنة 1952 وهي التي أحالت إليها المادة 79 في خصوص تقرير أقدمية أعضاء النيابة - عند ما نصت عليه أنه "يجوز تحديد أقدمية أعضاء مجلس الدولة وإدارة قضايا الحكومة عند تعيينهم في وظائف القضاء المماثلة لدرجاتهم من تاريخ تعيينهم في هذه الدرجات" قد أفادت بصريح نصها هذا على أن تحديد الأقدمية من تاريخ تعيينهم في الدرجات المماثلة لدرجات القضاء التي يعينون فيها هو أمر جوازي ومن ثم فلا محل للنعي على القرار المطعون فيه بأنه خالف القانون، أما ما يقوله الطالب في صدد تفسير لفظ "يجوز" الواردة في هذا النص بما معناه أن تحديد هذه الأقدمية طبقاً للكادر الذي كان فيه قبل نقله هو أمر سائغ ولا مخالفة فيه للقانون، ما يقوله الطالب من ذلك مردود بأن الفقرة الأولى من المادة 22 حين نصت على أن "تقرر أقدمية القضاة بحسب المرسوم الصادر بتعيينهم" قد وضعت قاعدة عامة أردفتها باستثناءات من هذه القاعدة العامة في الفقرات التالية ومن بينها الفقرة السابعة التي أطلقت حق الوزارة في جواز تحديد الأقدمية لمن يعينون من رجال مجلس الدولة أو محامي إدارة قضايا الحكومة عند تعيينهم في وظائف القضاء المماثلة لدرجاتهم من تاريخ تعيينهم في هذه الدرجات.
وحيث إنه لما كانت الفقرة الثانية من المادة 69 من القانون رقم 188 لسنة 1952 والتي طبقت على حالة الطاعن تنص على أنه "يجوز أن يعين في وظيفة النائب العام من الدرجة الثالثة الموظفون الفنيون بإدارة قضايا الحكومة ونظراؤهم بمجلس الدولة وقسم قضايا وزارة الأوقاف.... متى أمضى كل منهم في وظيفته أو عمله مدة ثلاث سنوات على الأقل. وكانوا في درجة مماثلة لدرجة وكيل نيابة من الدرجة الثالثة أو يتقاضون مرتباً يدخل في حدود هذه الدرجة" ولما كان الطالب عند نقله إلى سلك النيابة العامة في درجة محام ثالثة فإن تعيينه في وظيفة وكيل للنائب العام من الدرجة الثالثة يكون مطابقاً لحكم القانون، لما كان ذلك وكان صدور قرار اللجنة القضائية بتحديد أقدمية الطالب في وظيفة محام من الدرجة الثالثة منذ أول مارس سنة 1952 لا يقيد وزارة العدل ولا يحول دون تطبيق أحكام قانون استقلال القضاء الخاصة بالتعيين من خارج السلك القضائي، لأن هذا التحديد يتخصص أثره بوضع الطالب بين زملائه بقسم قضايا وزارة الأوقاف، ولا يمتد إلى من انتقل إلى صفهم من رجال النيابة.
وحيث إنه لما تقدم فإن الوزارة حين عينت الطالب بالقرار محل الطعن في وظيفة وكيل نيابة من الدرجة الثالثة وجعلت أقدميته من تاريخ هذا القرار، تكون قد أجرت ذلك في الحدود التي رسمها القانون، ولم تخالف أحكامه، ومن ثم يتعين رفض الطلب.