أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثالث - السنة 8 - صـ 704

جلسة 28 من ديسمبر سنة 1957

برياسة السيد حسن داود المستشار، وبحضور السادة: محمود إبراهيم إسماعيل، ومصطفى كامل، ومحمد عبد الرحمن يوسف، ومحمد عبد الواحد علي، وإبراهيم عثمان يوسف، ومحمود حلمي خاطر، ومحمد زعفراني سالم، والحسيني العوضي، ومحمد رفعت المستشارين.

(36)
الطلب رقم 103 سنة 25 ق رجال القضاء

( أ ) أقدمية. تعيين الطالب في وظيفة مستشار في القضاء ووضعه بين المستشارين فئة 1500 جنيه وهي وظيفة مماثلة لوظيفته السابقة بمجلس الدولة من حيث الدرجة والمرتب. تحقق شرط التماثل في الوظيفة من حيث الدرجة الذي نصت عليه المادة 77 من قانون مجلس الدولة رقم 165 لسنة 1955.
(ب) أقدمية. تحديد أقدمية من يعين من مستشاري مجلس الدولة في وظائف القضاء يخضع للمادة 22/ 7 من قانون استقلال القضاء لا المادة 77 من قانون مجلس الدولة.
1 - متى تبين أن الطالب كان يشغل وظيفة مستشار بمجلس الدولة براتب سنوي قدره 1500 جنيه وعين في القضاء في وظيفة مستشار ووضع بين المستشارين فئة 1500 جنيه وهي وظيفة مماثلة لوظيفته من حيث الدرجة والمرتب، فإن هذا الوضع يتحقق به شرط التماثل في الوظيفة من حيث الدرجة الذي نصت عليه المادة 77 من القانون رقم 165 لسنة 1955 بشأن تنظيم مجلس الدولة - ولا وجه للتحدي بأن الطالب كان يشغل بمجلس الدولة درجة رئيس قسم من الدرجة الأولى بمرتب 1500 جنيه وهي معادلة لدرجة وكلاء محكمة استئناف القاهرة لا لوظيفة المستشار وذلك متى كان الثابت أن قرار مجلس الوزراء بتعيين الطالب في القضاء قد صدر بعد تعديل راتب المستشار في القضاء بالقانون رقم 221 لسنة 1955 لأن العبرة في التماثل هي بتاريخ النقل إلى القضاء.
2 - تحديد أقدمية من يعين من مستشاري مجلس الدولة في وظائف القضاء إنما يخضع للقواعد والضوابط التي رسمتها الفقرة السابعة من المادة 22 من قانون استقلال القضاء رقم 188 لسنة 1952 دون المادة 77 من القانون رقم 165 لسنة 1955 بشأن تنظيم مجلس الدولة التي لم تتعرض لتحديد الأقدمية.


المحكمة

من حيث إن الطلب قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن مبنى الطلب هو أنه بتاريخ 18 من يوليه سنة 1955 صدر قرار مجلس الوزراء بتعيين الطالب مستشاراً بمحكمة استئناف القاهرة على أن تكون أقدميته بعد السيد المستشار....، ثم صدر بتاريخ 10 من أغسطس سنة 1955 صدر قرار من المجلس المذكور بتعيين الطالب رئيس دائرة بمحكمة استئناف المنصورة، ولأن القرار الأول جاء مخالفاً للقانون فقد قرر الطعن فيه طالباً الحكم بإلغائه فيما تضمنه من تحديد أقدميته على النحو الوارد بتقرير الطعن، وإلغاء ما ترتب عليه من آثار ومنها القرار الثاني الصادر في 10 من أغسطس سنة 1955، وقال الطالب بياناً لطلبه إنه حصل على إجازة الليسانس من كلية الحقوق في شهر مايو سنة 1926 ومارس المحاماة من نوفمبر من تلك السنة إلى أن عين وكيلاً لقسم قضايا وزارة الأوقاف في وظيفة نائب من الدرجة الثانية ثم عين نائباً من الدرجة الأولى بإدارة قضايا الحكومة في سنة 1947 فنائباً أول بها في سنة 1948 فمستشاراً مساعداً بمجلس الدولة في إبريل سنة 1949 ثم رقي إلى وظيفة مستشار بالمجلس المذكور في 25 من سبتمبر سنة 1949 ثم إلى رئيس قسم من الدرجة الثانية في الدرجة التي مربوطها 1400 جنيه سنوياً في 28 من فبراير سنة 1953 ثم إلى رئيس قسم من الدرجة الأولى في الدرجة التي مربوطها 1500 جنيه في 13 من سبتمبر سنة 1954 وأنه في 23 من مارس سنة 1955 صدر القانون رقم 165 لسنة 1955 بشأن تنظيم مجلس الدولة ونصت المادة 77 منه على أنه يصدر في خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ العمل به قرار من مجلس الوزراء بإعادة تعيين أعضاء المجلس وموظفيه الفنيين طبقاً للنظام الجديد، أما الذين لا يشملهم القرار المشار إليه فيحتفظون بدرجاتهم ومرتباتهم بصفة شخصية لمدة أقصاها أربعة أشهر يصدر خلالها قرار من مجلس الوزراء بتعيينهم في وظائف مماثلة لوظائفهم في القضاء أو النيابة أو في أية وظيفة عامة أخرى لا تقل من حيث الدرجة عن درجات وظائفهم الحالية، وفي 29 من مارس سنة 1955 صدر قرار من مجلس الوزراء بالتنظيم الجديد، وخلا هذا القرار من إعادة تعيين الطالب بمجلس الدولة، وفي أوائل شهر إبريل سنة 1955 طلبت وزارة العدل موافاتها بملف خدمة الطالب توطئة لتعيينه في القضاء في وظيفة وكيل بمحكمة استئناف القاهرة المماثلة لآخر وظيفة كان يتولاها بمجلس الدولة، وأعدت إدارة التفتيش القضائي مذكرتين في هذا الشأن، ولكن لأمر ما تأخر تعيين الطالب في تلك الوظيفة، وفي 25 من إبريل سنة 1955 صدر القانون رقم 221 لسنة 1955 بتعديل جدول مرتبات رجال القضاء تعديلاً من شأنه رفع مرتب وظيفة وكيل كل من محكمتي استئناف القاهرة والإسكندرية إلى 1700 جنيه سنوياً ووظيفة وكيل كل من باقي محاكم الاستئناف إلى 1600 جنيه سنوياً، وجعل مرتب المستشار بمحكمة النقض ومحاكم الاستئناف من 1300 جنيه إلى 1500 جنيه سنوياً على أن يسري ذلك على المستشارين العاملين إذا كانوا قد استوفوا المدة المقررة محسوبة من تاريخ تعيينهم في درجاتهم، ولكن القرار المطعون فيه لم يعتد بتاريخ تعيين الطالب في الدرجة التي مربوطها 1500 جنيه ولا بتاريخ تعيينه في الدرجة التي مربوطها 1400 جنيه، ولا حتى بتاريخ تعيينه في وظيفة مستشار بمرتب 1300 جنيه، واستطرد الطالب يقول إن القرار المطعون فيه جاء مشوباً بمخالفة القانون وسوء استعمال لسببين:
الأول: أن المادة 77 من القانون رقم 165 لسنة 1955 احتفظت له صراحة بالدرجة التي خولتها له وظيفته التي كان يشغلها بمجلس الدولة وهي وظيفة رئيس قسم من الدرجة الأولى المماثلة في سلك القضاء لوظيفة وكيل محكمة استئناف القاهرة كما احتفظت له ضمناً بأقدميته في تلك الدرجة على اعتبار أن الأقدمية فرع من الدرجة وعنصر من عناصر المركز القانوني، فكان ينبغي عند تعيينه في القضاء عدم الإخلال بأي عنصر من عناصر المركز القانوني الخاص الذي اكتسبه من قبل واحتفظت له به المادة 77 سالفة الذكر ومن بين هذه العناصر الدرجة والأقدمية، فإذا كان القرار المطعون فيه منطوياً على الإخلال بهذه العناصر فإنه يكون مخالفاً للقانون.
والثاني: أن المادة 22 من قانون استقلال القضاء إذ بينت معيار تحديد أقدمية من يعينون من أعضاء مجلس الدولة في القضاء لم تقصد أن تعطي جهة التعيين سلطة مطلقة تمارسها على هواها بل خولتها سلطة تقديرية يتعين عليها وهي تباشرها أن تراعي أغراض القانون وأهدافه، وأن الغرض الذي هدفت إليه تلك المادة هي تحقيق العدالة بين المعينين من خارج السلك القضائي وبين زملائهم في هذا السلك، وفي سبيل ذلك عنيت المادة المذكورة بالنص على معيار هو خير المعايير في هذا الخصوص لما بين رجال مجلس الدولة وإدارة القضايا وبين زملائهم في القضاء من تماثل تام، غير أن الشارع لم يرد في الوقت نفسه أن يلزم جهة الإدارة الأخذ بهذا المعيار وجوباً لاحتمال أن تعرض حالات خاصة لا يستقيم معها المعيار مما ينبو عن الغرض الذي ينشده الشارع منه فجعل الأمر في الأخذ بهذا المعيار جوازياً، والأخذ به في خصوص حالة الطالب لا يترتب عليه أي شذوذ إذ لا غرابة في أن يسبق في الأقدمية كل من عينوا من بعده في وظيفة مستشار في القضاء وذلك للتعادل الكامل بين وظائف المستشارين في الهيئتين، وخلص الطالب من ذلك إلى طلب الحكم له بالطلبات المبينة آنفاً وتسوية أقدميته بجعلها أصلياً بعد السيد..... واحتياطياً بعد السيد..... وبما يترتب على هذه التسوية من آثار، وأضاف الطالب في المذكرة الشارحة المقدمة منه، إيضاحاً للوجه الأول من وجهي الطعن أن مستشاري مجلس الدولة وموظفيه الفنيين الذين لم يصدر قرار بإعادة تعيينهم بالمجلس يعتبرون في فترة الأربعة الأشهر ملحقين به يصرفون مرتباتهم من ميزانيته، فإذا ما عينوا في وظائف مماثلة لوظائفهم فإن ذلك يكون في حقيقته نقلاً من درجاتهم بمجلس الدولة إلى درجات مماثلة لوظائف مماثلة في أية جهة أخرى، ثم أشار الطالب إلى نص الفقرة الأولى من المادة 47 من القانون رقم 210 لسنة 1951 الخاص بنظام موظفي الدولة التي تجيز نقل الموظف من إدارة إلى أخرى وقال إن الشارع حينما يجيز النقل فهو لا يجعل هذه الرخصة من إطلاقات الإدارة بل هو يعهد بها إليها لتمارسها في حدود الصالح العام مع المحافظة على المراكز المكتسبة وذلك تحت رقابة القضاء، فإن هي قصدت الإضرار بالموظف على أي وجه من الوجوه فإنها تكون قد خالفت القانون وانحرفت بسلطتها عما هدف إليه الشارع، ثم أشار الطالب إلى حكم الفقرتين الثانية والرابعة من تلك المادة بشأن ما يترتب على النقل من الوظيفة برضا الموظف أو بغير رضاه، وقال إن حكم المادة 77 من القانون رقم 165 لسنة 1955 لا يخرج عن القواعد التي تضمنها قانون نظام موظفي الدولة لأن الشارع حرص بإيراد هذه المادة على احتفاظ المستشارين والموظفين الفنيين بمجلس الدولة بمراكزهم القانونية في أية جهة أخرى ينقلون إليها إذ نص على ألا تقل الوظيفة التي ينقلون إليها من حيث درجتها عن الدرجة التي يشغلونها واشترط أن تكون الوظائف التي ينقلون إليها مماثلة لوظائفهم الأصلية، وعلى فرض أن المادة 22 من قانون استقلال القضاء تسوّغ في الظروف العادية عدم الاعتداد بالأقدميات المكتسبة لأعضاء مجلس الدولة عند تعيينهم في القضاء، فقد صار هذا التفسير غير جائز بمقتضى المادة 77 سالفة الذكر التي احتفظت للمنقولين من مجلس الدولة بمركزهم القانوني متمشية في ذلك مع أحكام قانون نظام موظفي الدولة، وتؤكد أنها هي الواجبة التطبيق دون المادة 22 من قانون استقلال القضاء، مما كان يتعين معه نقل الطالب إلى وظيفة مماثلة لوظيفته وأن تضعه في ذات الدرجة التي كان بها بين زملائه في مجلس الدولة، ولكن الوزارة خالفت ذلك فنقلته إلى وظيفة غير مماثلة لأنه كان يشغل عند نقله وظيفة رئيس قسم من الدرجة الأولى (رئيس دائرة خماسية) ودرجتها المالية 1500 جنيه سنوياً بمربوط ثابت وهي تماثل في القضاء وظائف وكلاء محكمة استئناف القاهرة، ولكنها قدمت عليه في الأقدمية من كانوا وكلاء لمحاكم استئناف الأقاليم ممن كانوا يتقاضون 1400 جنيه سنوياً بل قدمت عليه أيضاً مستشارين بمحكمة استئناف القاهرة كانوا يتقاضون 1300 جنيه سنوياً بعد أن رفعت مرتباتهم بمقتضى القانون رقم 221 لسنة 1955 المعدل لقانون استقلال القضاء إلى 1500 جنيه سنوياً وهو تصرف خاطئ لأن هذا القانون لم يقصد المساس بالأقدميات التي كسبها المستشارون الذين وصلوا إلى مرتبة وكلاء محكمة استئناف القاهرة، وإنما قصد تحسين حالة المستشارين المالية فحسب، يؤكد ذلك أن المشرع أبقى على الدرجتين 1400 جنيه و1500 جنيه في التعديل الذي أدخله على المادة 24 من قانون استقلال القضاء بدلالة النص على اختيار رؤساء الدوائر بمحاكم الاستئناف من بين المستشارين الذين بلغ مرتبهم 1500 جنيه ثم 1400 جنيه ومؤدى ذلك أن مركز الطالب الذي كسبه بتعيينه في وظيفة أعلى من وظيفة مستشارين بمربوط ثابت مقداره 1500 جنيه سنوياً لا يجوز أن يتأثر برفع مرتب بعض المستشارين من 1300 جنيه أو 1400 جنيه إلى 1500 جنيه نتيجة لتطبيق القانون رقم 221 المشار إليه، وبالتالي لا يسوغ القول بأن أقدميته تتحدد بين الحاصلين على راتب 1500 جنيه ولو كانوا من المستشارين الذين لم يعينوا في وظيفة وكيل محكمة، فإذا قيل بتطبيق المادة 22 من قانون استقلال القضاء إلى جانب المادة 77 من القانون رقم 165 لسنة 1955 فلا يمكن أن تتعدى أقدمية الطالب على أسوأ الفروض اعتباره أحدث وكلاء محاكم استئناف القاهرة بعد السيد المستشار..... الذي حصل على هذه الوظيفة بدرجة 1500 جنيه في ديسمبر سنة 1945 في حين أن الطالب حصل عليها في 13 من سبتمبر سنة 1945، وأردف الطالب يقول إيضاحاً للوجه الثاني الخاص بسوء استعمال السلطة إن الأصل العام الواجب الاتباع في شأن تحديد الأقدمية هو الالتزام تاريخ المرسوم الصادر بالتعيين أو الترقية وهذا الأصل أورده الشارع في الفقرة الأولى من المادة 22 من قانون استقلال القضاء، والفقرة السادسة من هذه المادة الخاصة بتحديد أقدمية من يعينون في وظائف القضاء من خارج السلك القضائي، وإن أباحت النص على تحديد أقدمية خاصة لهم فإن هذه الإباحة إن بدت في الظاهرة استثناء من القاعدة الأصلية المنصوص عليها في الفقرة الأولى إلا أنها في حقيقة الأمر قاعدة أصلية بالنسبة إلى من يعينون من خارج سلك القضاء مقتضاها وجوب اشتمال مرسوم التعيين على تحديد أقدمياتهم بين زملائهم في القضاء ووضعهم في الوضع الملائم، وذلك نظراً لقصور القاعدة الواردة في الفقرة الأولى التي تجعل الأقدمية من تاريخ التعيين ولا تصلح أساساً لتحديد أقدميات المعينين من الخارج الذين غالباً ما يكونون في ظروف تستوجب تقرير أقدمية سابقة لهم، وإذ تترخص جهة التعيين في تحديد هذه الأقدمية فإنها لا تتمتع بسلطة مطلقة بل تلتزم ضوابط ومعايير عامة موضوعية تطبقها على وجه العموم والاضطراد فلا تخرج عليها إلا بمناسبة العدول عنها إلى غيرها من القواعد التنظيمية التي ترى اتباعها وإطراح القواعد السابقة، ومفاد ذلك أنه على الرغم من سكوت الفقرة السادسة من المادة 22 عن تحديد هذه القواعد التنظيمية العامة فليس مؤدى ذلك بداهة أن المشرع قصد إلى تخويل جهة التعيين في صدد تحديد الأقدمية سلطات تحكمية تمارسها طليقة من كل قيد حصينة من كل رقابة، بل هدف إلى ممارستها في حدود القواعد والضوابط العامة. ونصت الفقرتان السابعة والثامنة من تلك المادة على جواز تحديد أقدمية أعضاء مجلس الدولة وإدارة قضايا الحكومة عند تعيينهم في وظائف القضاء المماثلة لدرجاتهم من تاريخ تعيينهم في هذه الدرجات وبالنسبة للمحامين فتحدد أقدميتهم بين أغلبية زملائهم من داخل الكادر القضائي، ومفاد ذلك توجيه الجهة المختصة إلى الاعتداد بتاريخ التعيين في الدرجة المماثلة عند البحث في تحديد أقدمية من يعين من أعضاء مجلس الدولة وإدارة قضايا الحكومة، ولا يعدل عن هذا المعيار إلا إذا استبان أنه يؤدي إلى نتائج شاذة أو غير معقولة ولهذا جعل الشارع استعمال هذا المعيار جوازياً لا وجوبياً لما عسى أن يكشف عنه التطبيق في خصوصية معينة من عدم صلاحيته أساساً لتحديد الأقدمية وحاصل ذلك أن ما استهدفه المشرع من النص على جواز الاعتداد بتاريخ الحصول على الدرجة المماثلة في مجلس الدولة هو الرعاية والتوسعة على أعضائه ما أمكن لا التضييق عليهم، ويؤيد هذا النظر ما نصت عليه المادة 5 مكرراً من القانون رقم 221 لسنة 1955 من جواز تعيين أعضاء مجلس الدولة في الدرجة التالية لدرجة وظيفتهم في الجهة الأصلية أي أنه يجوز أن يؤتى بهم إلى القضاء مرقين إلى درجة أعلى، وانتهى الطالب من ذلك إلى القول بأن الوزارة إذ أهدرت عند تحديد أقدميته تاريخ حصوله على وظيفة رئيس قسم من الدرجة الأولى بمجلس الدولة براتب 1500 جنيه وأهدرت تاريخ حصوله على وظيفة رئيس قسم من الدرجة الثانية براتب 1400 جنيه بل أهدرت تاريخ تعيينه مستشاراً تكون قد امتنعت عن استعمال الرخصة التي وجهها الشارع إلى البدء باستعمالها بحكم نص الفقرة السابعة من المادة 22 بغير سبب أو علة مشروعة تبرر هذا الامتناع، إذ أن ظروف الطالب وتدرجه في سلم الوظائف القضائية لا تجعل وضعه في الأقدمية التي يوصله لها الاعتداد بتاريخ حصوله على أي من الدرجات الثلاث المتقدم ذكرها أمراً شاذاً أو مخالفاً للأوضاع العادية يسوغ للوزارة هذا الامتناع، وبالتالي تكون الوزارة قد انحرفت عن الغايات التي توخاها المشرع ويكون قرارها المطعون فيه مشوباً بعيب إساءة استعمال السلطة. ثم تساءل الطالب عن الأساس الذي حددت الوزارة بمقتضاه أقدميته بين زملائه بمحكمة استئناف القاهرة في قرارها المطعون فيه واستعرض أسماء المستشارين الذين صاروا سابقين عليه في ترتيب الأقدمية في القضاء على الرغم من أنهم حصلوا على درجتي 1500 ج و1400 ج في تاريخ لاحق لحصوله عليهما في مجلس الدولة بل إن من بين الذين تقدموا عليه من كان وكيلاً لمحكمة ابتدائية فئة أ أو ب عندما كان الطاعن مستشاراً بالمجلس وأضاف الطالب في مذكرته الختامية أنه لم يكن يشغل درجة مستشار (1300 ج - 1500 ج) في مجلس الدولة بل كان يشغل درجة رئيس قسم من الدرجة الأولى بمربوط ثابت قدره 1500 ج المعادلة لدرجة وكيل محكمة استئناف وذلك منذ 13/ 9/ 1954 وأنه بذلك كسب مركزاً قانونياً جديداً لا يؤثر فيه التشريع الجديد إلا إذا نص هذا التشريع على سريانه بأثر رجعي الأمر الذي خلا منه القانونان الجديدان، قانون مجلس الدولة والقانون رقم 221 لسنة 1955 هذا إلى أن مجال تطبيق المادة 22 من قانون استقلال القضاء هو التعيين العادي أما الحالة المطروحة فهي حالة استثنائية شاذة لم تدر في خلد الشارع ولذلك وضع لها حكماً خاصاً في المادة 77 من قانون مجلس الدولة الجديد ولم يرد أن يهدر الحقوق المكتسبة لرجال الدولة أو يمس بمراكزهم القانونية من حيث الدرجة - والأقدمية جزء منها - فنص على احتفاظهم بهذه المراكز وإذن تكون المادة الواجبة الانطباق في حق الطالب هي المادة 77 من القانون سالف الذكر وحدها دون المادة 22 من قانون استقلال القضاء.
وحيث إن وزارة العدل طلبت الحكم برفض الطلب استناداً إلى أن القرار المطعون فيه تضمن تعيين الطالب تطبيقاً لحكم المادة 77 من القانون رقم 165 لسنة 1955 مستشاراً بمحاكم الاستئناف في الدرجة من 1300 ج إلى 1500 ج سنوياً وهي نفس الدرجة التي كان يشغلها في مجلس الدولة، أما عن تحديد الأقدمية فلا تحكمه المادة 77 المتقدمة الذكر وإنما تخضع للقواعد التي قررتها المادة 22 من قانون استقلال القضاء، وقد عرضت الوزارة أمر تعيين الطالب على مجلس القضاء الأعلى فرأى تحديد أقدميته بعد السيد المستشار....... ولا عبرة بما ينعاه الطالب من أنه كان يجب أن تحدد أقدميته من تاريخ تعيينه في وظيفة مستشار بمجلس الدولة، إذ أن تحديد الأقدمية من تاريخ التعيين المماثلة أمر جوازي بصريح النص، على أن جهة التعيين قد راعت في تحديد أقدميته تحقيق العدالة بينه وبين زملائه المنخرطين في سلك القضاء فوضعته بعد زميل له متخرج معه في نفس الدفعة ومساو له في مدة العمل القانوني بل ويكبره هذا الأخير في السن، فالقرار المطعون فيه سليم مطابق للقانون.
وحيث إن الفقرة الثانية من المادة 77 من القانون رقم 165 لسنة 1955 بشأن تنظيم مجلس الدولة جرى نصها على أن "أعضاء مجلس الدولة وموظفيه الفنيين الذين لا يعاد تعيينهم طبقاً للنظام الجديد يحتفظون بدرجاتهم ومرتباتهم الحالية بصفة شخصية لمدة أقصاها أربعة أشهر يصدر خلالها قرار من مجلس الوزراء بتعيينهم في وظائف مماثلة لوظائفهم في القضاء أو النيابة أو في وظيفة عامة أخرى لا تقل من حيث الدرجة عن درجات وظائفهم الحالية" وإعمالاً لهذا النص ولأن الطالب كان يشغل وظيفة مستشار بمجلس الدولة براتب سنوي قدره 1500 ج وصدر التنظيم الجديد لمجلس الدولة خلواً من تعيينه فيه، فقد صدر قرار مجلس الوزراء المطعون فيه بتعيينه مستشاراً بمحكمة استئناف القاهرة وهي وظيفة مماثلة لوظيفته السابقة التي كان يشغلها بمجلس الدولة من حيث الدرجة والمرتب ووضع في هذه الدرجة بين المستشارين من فئة 1500 ج سنوياً وهو ذات المرتب الذي كان يتقاضاه بمجلس الدولة عند نقله، وبهذا الوضع الذي صدر به القرار المذكور يتحقق شرط التماثل في الوظيفة من حيث الدرجة الذي نصت عليه المادة 77 السالفة الذكر، ولا وجه بعد ذلك لما يتحدى به الطالب من أنه كان يشتغل بمجلس الدولة درجة رئيس قسم من الدرجة الأولى بمرتب 1500 ج وهي معادلة لدرجة وكلاء محاكم استئناف القاهرة لا لوظيفة المستشار، لا وجه لذلك لأن العبرة في التماثل هي بتاريخ النقل إلى القضاء فإذا كان الطالب قد عين في القضاء بالقرار المطعون فيه بتاريخ 18 من يوليه سنة 1955 وكان راتب المستشار في القضاء قد عدّل بالقانون رقم 221 لسنة 1955 الصادر في 20 من إبريل سنة 1955 فصار من 1300 ج إلى 1500 ج بعلاوة 100 ج كل سنتين، وعدل راتب وكيلي محكمتي استئناف القاهرة والإسكندرية إلى 1700 ج وباقي وكلاء محاكم الاستئناف إلى 1600 ج سنوياً، وأضاف هذا القانون فقرة أخيرة إلى البند الثالث من القواعد الملحقة بجدول مرتبات رجال القضاء والنيابة تنص على أن هذا التعديل يسري على المستشارين الحاليين ومن في درجتهم إذا كانوا قد استوفوا المدة المقررة محسوبة من تاريخ تعيينهم في درجاتهم الحالية، أي أن أحكام هذا التعديل تسري بأثر رجعي، وفضلاً عن ذلك فإن المادة الثالثة من القانون رقم 147 لسنة 1949 بإصدار نظام القضاء التي كانت تقضي بأن يكون بكل من محاكم الاستئناف وكلاء بقدر عدد الدوائر قد عدّلت بالقانون رقم 240 لسنة 1955 الصادر في 30 من إبريل سنة 1955 فأصبح لكل محكمة من هذه المحاكم وكيل واحد، وترتب على هذه التعديلات التي تمت قبل صدور القرار المطعون فيه أنه لم يعد بمحكمتي استئناف القاهرة والإسكندرية منذ إبريل سنة 1955 سوى وكيل واحد براتب قدره 1700 ج وبكل محكمة من محاكم الاستئناف الأخرى وكيل براتب 1600 ج سنوياً، كما صار باقي وكلاء محكمة استئناف القاهرة الذين أصبحوا رؤساء دوائر براتب قدره 1500 ج، وهذا هو الوضع الذي كان قائماً بالفعل عند نقل الطالب إلى سلك القضاء، والذي على أساسه ينبغي أن تقاس حالته من حيث تماثل درجة الوظيفة.
وحيث إنه عن تحديد أقدمية الطالب في وظيفة القضاء فإن هذا التحديد لا يخضع إلا للقواعد والضوابط التي رسمتها أحكام الفقرة السابعة من المادة 22 من قانون استقلال القضاء رقم 188 لسنة 1952 التي تنص على أنه "يجوز أن تحدد أقدمية أعضاء مجلس الدولة وإدارة قضايا الحكومة عند تعيينهم في وظائف القضاء المماثلة لدرجاتهم من تاريخ تعيينهم في هذه الدرجات". أما المادة 77 من القانون رقم 165 لسنة 1955 بشأن تنظيم مجلس الدولة فلم تتعرض لتحديد الأقدمية ولا أشارت إليها بل اقتصر نصها على أن يكون النقل من مجلس الدولة إلى وظائف مماثلة في القضاء أو في النيابة أو في أية وظيفة أخرى لا تقل من حيث الدرجة عن درجات الوظائف الحالية، والواضح من مقابلة هاتين المادتين ببعضهما أن الشارع اشترط عند نقل رجال مجلس الدولة إلى وظائف القضاء وضعهم في درجات مماثلة لوظائفهم الأصلية ولا تقل عنها من حيث الدرجة، وجعل في الوقت نفسه تحديد أقدمياتهم بين رجال القضاء موكولاً لحكم الفقرة السابعة من المادة 22 سالفة الذكر، ولو كان مراد الشارع أن يرتب لهم أقدمية خاصة أو أن يجعل تطبيق حكم هذه الفقرة بالنسبة لهم على سبيل الوجوب لا الجواز لنص على ذلك بما يفيد هذا المعنى، لما كان ذلك وكان قضاء هذه المحكمة مستقراً على أن نص الفقرة السابعة المشار إليه آنفاً ترك أمر تحديد الأقدمية على الصورة الواردة به جوازياً للوزارة تمارسه في حدود ما تقتضيه المصلحة العامة، وكان مجلس القضاء الأعلى في حدود سلطته المخولة له بمقتضى هذا النص قد حدد أقدمية الطالب في القرار المطعون فيه على الوجه الذي رأى ملاءمته بعد السيد المستشار..... المتخرج معه في سنة 1926 والذي يساويه في مدة العمل القانوني وفي الدرجة والمرتب مراعياً في هذا التحديد مقتضيات المصلحة العامة وموجبات العدالة والإنصاف، فإن ما ينعاه الطاعن على القرار المطعون فيه لا يكون له سند في القانون.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطلب على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.


ملاحظة: صدر بهذا المعنى حكم آخر في ذات الجلسة في الطعن رقم 104 سنة 25 ق رجال القضاء.