أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
السنة 26 - صـ 744

جلسة 2 من إبريل سنة 1975

برياسة السيد المستشار سليم راشد أبو زيد نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: مصطفى الفقي، ومحمد صالح أبو راس، وحافظ رفقي، ومحمد البنداري العشري.

(146)
الطعن رقم 171 لسنة 41 القضائية

(1) تقادم "التقادم المسقط". محاماة "أتعاب المحامي". وكالة.
حق المحامي في الأتعاب عند عدم وجود سند بها. سقوطه بمضي خمس سنوات من تاريخ انتهاء التوكيل. سريان هذا التقادم من وقت إتمام المحامي للعمل.
(2) محاماة. وكالة "انقضاء الوكالة".
وكالة المحامي. انقضاؤها بأسباب انقضاء الوكالة العادية وأخصها انتهاء العمل الموكل فيه. الاستناد إلى المادة 702/ 3 مدني في القول بقيام عرف يقضي بأن وكالة المحامي لا تنتهي إلا بإلغاء التوكيل وعلم المحامي بهذا الإلغاء. لا محل له.
(3) محكمة الموضوع. حكم "التسبيب الكافي".
عدم التزام محكمة الموضوع بتتبع حجج الخصوم وأوجه دفاعهم والرد على كل منها استقلالاً. اقتناعها بالحقيقة التي استخلصت قيامها. فيه الرد الضمني المسقط لكل حجة تخالفها.
1 - النص في المادة 51 من قانون المحاماة رقم 96 لسنة 1957 - الذي يحكم واقعة الدعوى على أن يسقط حق المحامي في مطالبة موكله بالأتعاب عند عدم وجود سند بها بمضي خمس سنوات ميلادية من تاريخ انتهاء التوكيل ليس إلا تطبيقاً للقواعد العامة في التقادم المسقط، والمنصوص عليها في المواد 371، 379، 381 من التقنين المدني وعلى ذلك فإن مدة التقادم المنصوص عليها في هذه المادة تسري من الوقت الذي يتم فيه المحامي العمل المنوط به بمقتضى التوكيل الصادر إليه على تقدير أن حقه في الأتعاب يصبح مستحق الأداء من هذا الوقت.
2 - وكالة المحامي تنقضي بأسباب انقضاء الوكالة العادية، وأخصها انتهاء العمل الموكل فيه، لأنه بعد انتهاء العمل لا يصبح للوكالة محل تقوم عليه، ولا يبقى إلا حق المحامي في الأتعاب التي لم يقبضها، ولا وجه للتحدي بهذا العرف - القول بقيام عرف بشأن وكالة المحامي يقضي بأنها لا تنتهي إلا بإلغاء التوكيل وعلم المحامي بهذا الإلغاء - استناداً إلى العرف الجاري الذي نصت عليه المادة 703/ 3 من التقنين المدني. ذلك أن مجال تطبيق هذا العرف هو في تحديد التوابع الضرورية للأمر الموكل فيه ليستمر الوكيل في الوكالة الخاصة في مباشرتها باعتبارها متفرعة عن العمل الأصلي ومتصلة به.
3 - محكمة الموضوع ليست ملزمة بتتبع جميع حجج الخصوم وأوجه دفاعهم والرد على كل منها استقلالاً، لأن قيام الحقيقة التي استخلصتها واقتنعت بها فيه الرد الضمني المسقط لكل حجة تخالفها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن استصدر على المطعون ضده بتاريخ 12/ 6/ 1969 قراراً من مجلس نقابة المحامين بالقاهرة في الطلب رقم 77 سنة 1969 بتقرير أتعابه بمبلغ 20000 ج يخصم منه مبلغ 3050 ج وينفذ بالباقي وقدره 16950 ج وذلك مقابل أتعابه لدفاعه عن المطعون عليه أمام محكمة أول وثاني درجة الذي انتهى ببراءته من تهمة غش الأقطان المسندة إليه والإفراج عن الأقطان المضبوطة، واستأنف المطعون عليه القرار بالاستئناف رقم 1926 سنة 86 ق القاهرة ودفع بسقوط الحق في المطالبة بالأتعاب بالتقادم الخمسي، وبتاريخ 26/ 12/ 1970 قضت محكمة استئناف القاهرة بإلغاء القرار وسقوط حق الطاعن في المطالبة بالأتعاب بالتقادم، وطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وعرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين حاصل أولهما أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وشابه القصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول الطاعن إن الحكم وإن أصاب حين أحال بشأن انتهاء الوكالة إلى طبيعة كل أمر وإلى العرف الجاري إلا أنه أخطأ حين قرر أن الوكالة انتهت في 31/ 5/ 1953 بصدور الحكم الاستئنافي في الجنحة الموكل فيها عملاً بالمادة 714 من القانون المدني ذلك أن وكالة المحامين وكالة من نوع خاص وقد نص قانون المحاماة رقم 96 سنة 1957 في المادة 51 منه على سقوط حق المحامي بمضي خمس سنوات من تاريخ انتهاء التوكيل ولما كان انتهاء التوكيل بداية لسريان التقادم فإن المشرع لم يورد في قانون المحاماة ما نصت عليه المادة 714 بشأن انتهاء الوكالة بإتمام العمل أو بانتهاء الأجل أو بموت الموكل - لأنه يوجد إلى جانب هذه الأسباب عرف فيما يتعلق بانتهاء وكالة المحامي يقضي بأن الوكالة لا تنقضي إلا بإلغاء التوكيل من الموكل صراحة أو ضمناً وعلم المحامي بهذا الإلغاء حتى يتدبر أمره ويطالب بأتعابه وقد سجلت نقابة المحامين هذا العرف - وهي الجهة المختصة بإثباته - وأشار الحكم المطعون فيه في أسبابه إلى العرف الذي نصت عليه الفقرة الثالثة من المادة 702 من التقنين المدني إلا أنه أغفل تطبيقه مع أنه مصدر من مصادر التشريع له الغلبة في التطبيق ما دام غير مخالف للنظام العام وإذ لم يبين الحكم سبب عدم تطبيقه فإنه، يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وشابه القصور بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أن النص في المادة 51 من قانون المحاماة رقم 96 لسنة 1957 الذي يحكم واقعة الدعوى على أن يسقط حق المحامي في مطالبة موكله بالأتعاب عند عدم وجود سند بها بمضي خمس سنوات ميلادية من تاريخ انتهاء التوكيل ليس إلا تطبيقاً للقواعد العامة في التقادم المسقط والمنصوص عليها في المواد 376 و381 من التقنين المدني وعلى ذلك فإن مدة التقادم المنصوص عليها في هذه المادة تسري من الوقت الذي يتم فيه المحامي العمل المنوط به بمقتضى التوكيل الصادر إليه على تقدير أن حقه في الأتعاب يصبح مستحق الأداء من هذا الوقت وإذ كان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر فإنه لا يكون مخالفاً للقانون ولا يغير من ذلك ما تذرع به الطاعن من أن المشرع لم يورد في المادة 51 من قانون المحاماة سالف البيان ما نصت عليه المادة 714 من التقنين المدني من أن الوكالة تنتهي بإتمام العمل أو بانتهاء الأجل أو بموت الموكل بسبب قيام عرف بشأن وكالة المحامي يقضي بأنها لا تنتهي إلا بإلغاء التوكيل وعلم المحامي بهذا الإلغاء ذلك أن وكالة المحامي تنقضي بأسباب انقضاء الوكالة، وأخصها انتهاء العمل الموكل فيه، لأنه بعد انتهاء العمل لا يصبح للوكالة محل تقوم عليه ولا يبقى إلا حق المحامي في الأتعاب التي لم يقبضها ولا وجه للتحدي بهذا العرف استناداً إلى العرف الجاري الذي نصت عليه المادة 702/ 3 من التقنين المدني ذلك أن مجال تطبيق هذا العرف هو في تحديد التوابع الضرورية للأمر الموكل فيه ليستمر الوكيل في الوكالة الخاصة في مباشرتها باعتبارها متفرعة عن العمل الأصلي ومتصلة به، ولما تقدم يكون النعي على الحكم بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن حاصل السبب الثاني النعي على الحكم المطعون فيه بالقصور في التسبيب وفي بيانه يقول الطاعن إنه أضاف سبباً جديداً أمام محكمة الاستئناف ولم ترد عليه وهو أن ظروف العسر المالي التي أصابت موكله وفرض الحراسة الإدارية على أمواله ثم تصفية شركته ثم اعتقال الطاعن، كلها موانع مادية وأدبية حالت بينه وبين المطالبة بأتعابه في المدة السابقة على تقديم طلب تقديرها للنقابة فلما أقام المطعون عليه ضده الدعوى رقم 4616 سنة 1964 مدني كلي القاهرة يطالبه فيها برد بعض المبالغ التي كان قد قبضها نيابة عنه دفع تلك المطالبة بأن ما قبضه كان جزءاً من أتعابه التي يستحقها عن دفاعه في قضية الجنحة المشار إليها وهذا الدفاع قاطع للتقادم وإذ أغفل الحكم الرد على هذا الدفاع الجوهري فإنه يكون مشوباً بالقصور الذي يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه بسقوط حق الطاعن في المطالبة بالأتعاب بالتقادم الخمسي على أن التوكيل الصادر له توكيل خاص بأداء عمل معين نص عليه فيه وأن هذا العمل وإن كان قد انتهى في 31/ 5/ 1953 بصدور الحكم الاستئنافي في الجنحة رقم 5707 سنة 1951 إسكندرية إلا أنه لما كان التقادم ينقطع بإقرار المدين بحق الدائن صراحة أو ضمناً فإن دفع الموكل للوكيل (الطاعن) بعض المبالغ بموجب إيصالات آخرها 24/ 9/ 1955 يجعل هذا التاريخ بداية لسريان التقادم الخمسي، وإذ كان قد مضى عليه حتى تاريخ رفع الدعوى رقم 4616 سنة 1964 ك القاهرة - التي يقول الطاعن بأن دفاعه فيها قاطع للتقادم أكثر من خمس سنوات، فإن الحق في المطالبة بالأتعاب يكون قد سقط بالفعل قبل رفعها، لما كان ذلك، وكانت محكمة الموضوع ليست ملزمة من بعد بتتبع جميع حجج الخصوم وأوجه دفاعهم والرد على كل منها استقلالاً لأن قيام الحقيقة التي استخلصتها واقتنعت بها فيه الرد الضمني المسقط لكل حجة تخالفها ويكون النعي على الحكم المطعون فيه بالقصور في غير محله.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.